الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاضى
القاضى طبقا للشريعة الإسلامية ينظر فى جميع القضايا المتعلقة بالقانون المدنى والجنائى (أمور المعاملات والقصاص وغيرها) ولكن من الناحية العملية، كان فى الشرق الإسلامى منذ زمن بعيد منهجان لتطبيق الشريعة يمكن أن نطلق عليهما -إلى درجة ما من الصحة- المنهج "الدينى" والمنهج "الدنيوى". فالقضايا التى تتصل بالدين (الخلاف فى الأمور التى تتعلق بالأسرة أو الميراث أو المشاكل الشرعية الأخرى. . . الخ) تعرض على القاضى الشرعى ليحكم فيها طبقا لأحكام الشريعة، أما باقى المشاكل -طبقا للنظرة العامة السائدة فى الشرق- فإنها من اختصاص السلطات المدنية التى تحكم فيها عادة طبقا لمعايير أخرى.
وطبقا للشريعة الإسلامية يجب أن يكون القاضى من العلماء العدول (لا يرتكب ما يُلام عليه)، ملما إلى درجة كبيرة بأحكام الشريعة. وفى البداية، كانت معظم المذاهب تطلب أن يكون القاضى مجتهدًا، أى قادرًا على استنباط الأحكام من المصادر الدينية مباشرة. ولكن بعد ذلك لم يعد هناك من يعتبر مؤهلا لأن يفسر الشريعة، فأصبح القضاة مقلدين، أى ملتزمين بما أفتى به العلماء السابقون المجتهدون، فأصبح على القاضى أن يلتزم حرفيًا بالنصوص المذكورة فى كتب الفقه الخاصة بمذهبه.
وتعتبر إقامة العدل واجب دينى فى المجتمع الإسلامى، وعلى السلطة المختصة أن تعيِّن فى كل منطقة شخصًا مناسبًا ليكون قاضيًا، فإن لم يكن هناك إلا شخص واحد يعتبر صالحًا لمنصب القاضى، كان عليه أن يقبله بل كان عليه أن يطلبه إذا تجاهلته السلطة.
وعلى القاضى أن يدير محكمته طبقًا للأسلوب الذى وضعته الشريعة بالضبط، فعليه أن يساوى بين الخصمين فى المعاملة إذا كانا مؤمنين مساواة تامة، فإذا اعترف المدعى عليه أن المدعى على حق، لا يطلب القاضى دليلًا آخر، فإذا أنكر المدعى عليه، فإن
على المدعى أن يؤيد دعواه بالأدلة، ويكون حكم القاضى ملزما للطرفين ولا يُستأنف.
ويمنع الشرع القاضى من أخذ هدايا من الخصوم الذين يعرضون قضاياهم أمامه وذلك لضمان حياده كما يمنع من ممارسة التجارة لا بذاته ولا عن طريق أشخاص يعرف عنهم أنهم أعوانه، لأن الناس قد يحاولون كسبه فى صفهم عن طريق تقديم مميزات خاصة فى التجارة.
وبالرغم من هذه التنظيمات وغيرها التى يقصد بها ضمان نزاهة القضاء بقدر الإمكان، فإن "قاضى السوء" كان دائما محل شكوى المسلمين، فبعض القضاة لم يكونوا على مستوى المنصب حتى أنه عندما كان يتولى القضاء رجال مستقيمون، فإن بعضهم كان يتحايل على الشريعة بما يناسب رغباته أو رغبات الحكام، لهذا سرعان ما ظهر اتجاه فى الدوائر الدينية لرفض منصب القاضى، وتداول الناس الأحاديث التى تشير إلى الحذر من قبول منصب القاضى، وقد رفض بعض الفقهاء الورعون مثل أبى حنيفة أن يتولوا القضاء.
وربما لم يصل قاض مسلم -فى بعض الأحيان- إلى أن يحقق المطالب النظرية لتولى هذا المنصب، لهذا فإن القاضى فى هذه الفترات كان يعتيره العلماء المسلمون "قاضى الضرورة"، الذى يلجأ الناس إليه لعدم وجود من هو أفضل.
وكان الحكام المسلمون يرفضون تولى القضاء بأنفسهم، وكذلك كان يفعل الحكام والولاة فى الولايات المختلفة، وكانت السلطات المحلية فى البلاد الإسلامية هى التى تتولى القضاء على نطاق واسع، وبصفة خاصة رجال الشرطة، وكان ذلك يسمى أحيانًا "النظر فى المظالم".
وفى عهد عمر وعثمان (رضى اللَّه عنهما) وخلفائهما، كان القاضى يعنيه الخليفة، وكان هؤلاء القضاة دائما من الفقهاء. وفى العهود المتأخرة، لم يحظ هؤلاء القضاة بوضع مستقل فى العالم الإسلامى، وكانوا كثيرا ما يُعزلون بعد