الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و 16 و 18، و 21 ثم تقريبًا بعد كل آية حتى نهاية السورة بالآية 78، ومثل الآية {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} التى تتكرر فى سورة المرسلات فى الآيات 15، و 19، و 24، و 28، و 34، و 37، و 40، و 45، و 47، و 49. وقد اختلف المفسرون فى "وظيفة" القرار إذ يقول بيل إنه يعتبر مقدمة للآية التالية، بينما يذهب آربرى إلى أنه ختام للآية السابقة، خصوصًا فيما يسمى بقصص العقاب السبع الواردة فى سورة الشعراء إذ تنتهى كل منها بالآية {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} (8، و 67، و 103، و 121، و 139، و 158، و 174، و 190) وكذلك الآية {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (9، 68، و 104، و 122، و 140، و 159، و 175، و 191) ويبدو أن كُلا منها يمثل قرارًا منفصلًا، وإن كانت الآية الأخيرة تأتى دائمًا عقب الأولى. ويكثر ورود صيغ مماثلة فى القرآن، وإن لم تكن عادة على شكل قرار، وقد تعرض البعض مثل بيل وواط لمناقشة احتمال وجود مقطوعات متكاملة تتسم بوجود القوافى الداخلية فى القرآن، ولكن تلك أحكام أدبية لا تستند إلى الأدلة العلمية الصلبة.
د- النظام الشكلى وتعدد الروايات
والنموذجان الأخيران من "القرار" تتميز بهما القصص التى تشترك فى خصيصة أخرى من خصائص الأسلوب القرآنى، وهى النظام الشكلى، ومعناه تكرار آيات معينة أو صيغ محددة تُنسج نسجًا فى القصة بحيث تخرج لنا نمطًا منتظمًا يتكرر فى قصص مختلفة يقدمها لنا القرآن الكريم باعتبارها مجموعة متسقة. ويوجد نموذج صادق لأحد أنواع النظم الشكلية فى سورة الشعراء، حيث تتسم خمس قصص من "قصص العقاب" بمقدمة من خمس آيات، إلى جانب القرار المذكور آنفًا، والآيات المكررة الأخرى. وتقول مقدمة القصة الأولى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109)} (105 - 109) أما الفارق الوحيد بين هذه
المقدمة وبين الآيات التى تقدم الروايات الأربع التالية فهو اختلاف اسم الشعب (عاد، وثمود الخ) واسم النبى (هود، وصالح، ولوط. . الخ).
ونجد نوعًا آخر من النظام الشكلى فى سورة الأعراف، إذ نجد فيها صورًا أخرى لقصص العذاب الخمس نفسها، حيث يتكرر نحو ثلثى قصة نوح التى وردت فى غضون قصة هود (وتتكرر نسبة قليلة منها فى القصص الأخرى) ولكن الأجزاء المكررة تتخللها جُمل وعبارات وكلمات مفردة تتميز بها كل قصة عن الأخرى. وإيضاحًا لذلك نورد قصة نوح، على نحو ما وردت فى سورة الأعراف أولًا.
وها هى ثانيًا بداية القصة فى سورة هود:
وتتكرر بعض آيات من قصة نوح وقصة هود فى غضون قصص صالح ولوط وشعيب. وتتميز هذه الروايات المتوازية فى القرآن بنوع واحد من أنواع هذا النظام الشكلى، وتترتب على مدى التكرار فى هذه الروايات المتوازية
نتيجة مهمة ولازمة لتفهم طبيعتها والغرض منها، ومن ذلك على سبيل المثال أن يقصد منها ليس تقديم روايات تاريخية وحسب.
ويتجلى فى هذه المجموعات من "قصص العقاب" فى القرآن أحد الملامح القرآنية البارزة، وهو العلاقات المركبة (بل والمعقدة) فيما بين الروايات المتعددة للقصة نفسها، وفيما بين القصص بعضها والبعض. فكثير من القصص تتكرر بصور مختلفة فى سورتين أو أكثر، وتتفاوت هذه الروايات المتعددة للقصة نفسها لا فى الطول والتفاصيل فحسب بل أيضًا فى الهدف منها وعلاقتها بالقصص الأخرى. فعلى سبيل المثال توجد روايات مختلفة لقصص العذاب أو إشارات موجزة إليها فى 16 سورة مختلفة، فتوجد روايات أطول لقصص نوح وهود وصالح ولوط فى سورة القمر، وسورة الشعراء وسورة الأعراف وسورة هود، والقصص الثلاث الأولى تروى كذلك فى سورة الفرقان، وفى سورة الذاريات، وسورة النجم، ويشار إليها فى سورة التوبة، وسورة إبراهيم، وسورة العنكبوت، وتروى كل منها على حدة فى سور أخرى فى هذه. وتوجد روايتان لقصة لوط وعقاب قومه، الأولى فى سورة القمر وسورة الشعراء وسورة الأعراف (وهى الرواية المشار إليها آنفًا) وفى سورة النمل وسورة ص، والثانية التى تتضمن زيارة رسل السماء فى سورة الحجر. ثم يعود القرآن المجيد إلى رواية القصة نفسها، فيقدم الرواية الأولى والرواية الثانية معًا بحيث لا يفصل بينهما إلا صورة مختصرة لقصة إبراهيم الخليل، وهى التى سبق أن وردت بصورة أطول فى سورة الذاريات، وفى سورة الحجر، وفى سورة هود.
ويصدق ذلك أيضًا على قصص الخلق، فقصة سقوط إبليس تروى كقصة مستقلة كاملة فى سورة الحجر، وفى سورة ص، ثم تتكرر يإيجاز فى سورة النمل وسورة الكهف، ثم تروى مع ذكر غواية آدم وسقوطه فى سورة الأعراف، وفى سورة طه، وأخيرًا فى