الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك، فالنماذج التى وجدوها من كل نوع محدودة وهى لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من النص القرآنى. كما أن التعديلات التى أدخلت عليها حتى تتواءم مع أسلوب القرآن ورسالته كبيرة إلى الحد الذى يفقدها دلالتها باعتبارها أنواعًا أدبية متميزة. ويقول "بيل" إن القرآن ينكر أن محمدًا كان شاعرًا، ويؤكد أن مهمة النبى كانت إبلاغ رسالة اللَّه إلى معاصريه، ويخلص "بيل" من ذلك إلى القول بأن علينا استنادًا إلى هذا ألا نبحث عن الأشكال الأدبية فى القرآن بل عن الأشكال التعليمية. لكن الهدف التعليمى لا يصدق إلا على أجزاء معينة فحسب من القرآن، وهو يتضمن الكثير من الأجزاء التحضيضية والبلاغية والتشريعية وغيرها، ولذلك فالأفضل مناقشة الأشكال الأدبية للقرآن فى حدود المادة القرآنية المتميزة. وفيما يلى وصف موجز إلا تصنيف كامل أو منظم) للأشكال الأدبية الرئيسية الموجودة فى القرآن، يتضمن ملخصًا أيضًا لبعض موضوعاته الرئيسية.
أ- شكل القَسَم والأشكال المرتبطة به
تتميز قصار السور بضروب منوعة من القسم والأشكال المرتبطة به، عادة فى بدايتها. ويبدو أن معظم هذه الأشكال (لا جميعها) من أوائل ما نزل من آى الذكر الحكيم. وبعض هذه "الأيمان" غامضة يصعب تفسيرها وتصعب ترجمتها، والمعتقد أن جذورها تضرب فى اللغة العربية القديمة. وفى الحالات الأخرى يُستخدم القَسَم لتقديم الموضوعات القرآنية، وأشد أشكاله شيوعًا هو القَسَم الذى يتكون فى أغلب الحالات من آية أو آيتين، تبدأ بواو القسم، وينتهى بآية واحدة أو أكثر تبدأ بأداة فصل (أو أداة استفتاحية) وهى فى العادة "إن" وأحيانًا "قد" ويتضمن كل منهما معنى التوكيد. ولدينا نموذج صادق لذلك النوع فى أول سورة الليل:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} (1 - 4) فالآيات الثلاث الأولى تبدأ بواو القسم، وتبدأ العبارة التى يختتم بها القسم بالأداة "إن" التى تفيد التوكيد. وأحيانًا نجد أن الآيات التالية
لمفتتح القسم تبدأ بالفاء لا الواو، على نحو ما نرى فى سورة الصافات {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4)} (1 - 4) وتفسير الفاء هنا بأنها فاء العطف، على نحو ما يفعل آربرى فى ترجمته لمعانى القرآن، يؤدى فيما يبدو إلى إضعاف القسم، والأرجح أن الفاء بديل عن الواو على نحو ما يفسرها "بيل"، دعمًا للقسم. وأحيانًا يتكون القسم من عبارتين فقط الأولى هى القسم نفسه والثانية هى "الخبر" مثل فاتحة سورة يس، وسورة العصر. وأحيانًا يتكون الخبر من عدة عبارات تبدأ كل منها بالأداة "إنّ " على نحو ما نرى فى سورة الذاريات:{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8)} . (1 - 8) وكذلك سورة العاديات: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} ، (1 - 8). وتوجد إلى جانب ذلك أشكال أخرى فى سورة الزخرف {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} (2 - 4) وسورة الدخان {وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)} (2 - 3) وسورة الطور {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)} (1 - 7) وسورة النجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} (1 - 4) وغيرها، أما نموذج القسم المتبوع بعبارة تبدأ بالأداة "قد" فهو سورة التين {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)} (1 - 4).
أما أطول قسم فى القرآن فهو الوارد فى سورة الشمس: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)