الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما جوانب نظريته التى تتطابق تطابقًا تامًا مع منظومة ابن المعتز ومع أفكار نقاد القرنين الثانى والثالث الهجريين السابقين عليه. فقد كانت موضع قبول من الباحثين وبصفة خاصة تعريفه للمصطلحات الخاصة بالصور البلاغية، وقد تم الجمع بين الصور البلاغية كما قدمها قدامة والصور البلاغية كما قدمها ابن المعتز وأصبح يطلق على مجموعهما اسم "البديع وإن كان من العسير تحديد مدى تأثير قدامة -على وجه الدقة- نظرًا لأن حالات الاقتباس الضمنى أو غير المعترف بها نقلًا عن قدامة تفوق بكثير تلك الحالات التى اقتبست عنه صراحة. وثمة فئة ثالثة من الاقتباسات أخذت عن قدامة دون أن يعرف المؤلفون أنها مقتبسة من نص معين له. وهناك كتاب بعنوان "نقد النثر" نسب خطأ إلى قدامة ولكن أمكن فى عام 1949 م تحديد عنوانه الصحيح وهو "كتاب البرهان فى وجوه البيان" لمؤلفه "أبو الحسين اسحق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب" الكاتب وإن كان لا يزال يشار إلى هذا الكتاب باسمه القديم فى بعض الأحيان.
المصادر:
ورد معظمها فى المتن بالإضافة إلى د. محمد مندور "النقد المنهجى عند العرب" القاهرة (د. ت).
سعيد عبد المحسن [س. أ. بونيكر S.A. Bonebakker]
قدر
قدر Kadar هذه الكلمة مشتقة من الجذر ق د ر، ويبدو أن معناها الأساسى "يقيس أو يقدِّر" ومن ثم فإن اللَّه سبحانه وتعالى إذا قضى وقدّر، فإن المعنى الأساسى يشير إلى أن قضاءه سبحانه وقدره تمَّ بناء على حكمة وتقدير.
هناك رؤيتان متطرفتان ورؤيتان معتدلتان فى هذا الموضوع. والأخيرتان هما المقبولتان فى نظر المسلمين التقليديين، وكلها ترجع إلى نصوص قرآنية وأحاديث نبوية. وتوجد هذه الأحاديث فى كتاب القدر وفى جزء من كتاب الطب فى صحيح البخارى، (انظر أيضًا كتاب الإبانة للأشعرى طبعة حيدر أباد صفحة 84 وما بعدها) و (باب الروايات فى القدر) وهناك
الجبرية وهم مؤمنون بالقدر تمامًا. فالإنسان ليس له دور على الإطلاق فى الأفعال التى تصدر عنه، وهذا الرأى يعتبر فى نظر الإسلام بدعة. أما الرأى المتطرف من الناحية الأخرى فهو رأى القدرية Karlarites الذين اندمجوا فى آخر الأمر فى المعتزلة. وفى البداية لم يجازفوا باستخدام كلمة الخلق -فاللَّه وحده هو الخالق- وإنما استخدموا كلمات أخف وقعًا مثل الإيجاد والاختراع، ولكنهم فى النهاية قالوا: إن الإنسان "يخلق" أفعاله. أما المذهبان المتوسطان أو التقليديان فهما مذهبا الأشعرية ومذهب الماتريدية. ويرى الأشعرية أن رأيهم هو الأقرب إلى المنطق، بينما اكتفى الماتريدية بذكر الحقائق الواضحة، ومن الواضح أن الأسس التى بنى عليها المؤيدون للإرادة الحرة رأيهم أسس أخلاقية، فإن عدل اللَّه عز وجل يقتضى أن يكون الإنسان حرًّا، والإسلام التقليدى لا يهتم كثيرًا بهذه القضية، فاللَّه جل جلاله أن يفعل ما يشاء.
وإن كان التفتازانى والرازى قد ناقشا هذا المبدأ، وكانت الصعوبة التى واجهت التقليديين هى إحساس الإنسان بالحرية، وقد حل الماتريدية هذه المشكلة بقولهم إن الإنسان له أفعال اختيارية يثاب عليها أو يعاقب، ومنذ القِدَمْ ميّز الإنسان بين أن يقبض على شئ باختياره وأن يتركه رغمًا عنه، ولكنهم لم يجدوا حلًا للتناقض بين هذا القول وقدرة اللَّه الخلاقة المطلقة. وجاء الأشعرى فقدم مبدأ الاكتساب، فالإنسان يرضى بقضاء اللَّه، وهذا الرضى هو إحساس الإنسان بالحرية، ومن الواضح أن الأشعرى يعنى أن هذا الإحساس بالحرية هو أيضًا من خلق اللَّه، وبهذا التصوير لا يزال الإنسان آليًا وإن كان من آليته أن يظن نفسه حرًا. وما بين الرأيين هناك مجال كبير للمناقشة حتى مع المسلمين التقليديين، وقد كان لهذا الرأى تأثير عميق حتى أن الغزالى فى نهاية التحليل النفسى الرائع "بعجائب القلب" فى كتاب الإحياء ذكر حديث "هؤلاء إلى الجنّة ولا أبالى وهؤلاء إلى النار ولا أبالى".