الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رثاء المنعم العلامة الشيخ محمد الخضر حسين نظم الشيخ المنعم على النيفر
قال الشيخ في رثاء شيخه العلّامة الإمام محمّد الخضر حسين هذه القصيدة، التي كان يعتزم المشاركة بها في حفل الأربعينية الذي أقامته (الجمعية الخلدونية) لتأبينه، إلا أنه يذكر أنه لم يتمكن من ذلك؛ لأنه لم يتمها. وهذه هي القصيدة:
ليَوْمِك خَطْبٌ صيَّر الدمعَ جامدا
…
وساءَ أحبّاءً كما سرَّ حاسدَا
ومثلُكَ من تَهْمي عليه مدامعٌ
…
ولكنَّ هوْلَ الخطْبِ قد لجَّ جاهِدا
إذا ذُكِرَ الأعلامُ في الشَّرْعِ واللُّغى
…
عددناكَ ألْفاً لسْتَ في العَدِّ واحدا (1)
لكُمْ في صراع المبْطِلينَ موَاقفٌ
…
تَرُدُّ عن الحقِّ الجريءِ المُجالِدا
لكَ اللهُ كَمْ أفحمْتُمُ مِنْ مُعانِدٍ
…
لكَ اللهُ نِحْريراً لكَ اللهُ ناقِدا
لقد كنْتَ في ماضي حياتِك عِبرْةً
…
وإنّك في ذا اليَوم أوعَظ هاجِدا
لئن مُتَّ ما ماتتْ مآثرُك التي
…
تخطّتْ بحاراً للدُّنا وفَدافِدا
وما ماتَ من أبْقى جميلاً مخلَّداً
…
ولا ماتَ من أولى عُلاً ومَحامِدا
لقد شِدْتَ للخضراءِ مَجْداً وسُؤدَداً
…
وأبقيْتَ للزَّيْتونةِ الفَخْرَ خالِدا
(1) اللُّغى: جمع اللغة.
وكم أبرزتْ زيتونةُ العِلْمِ تلكَ مِنْ
…
فطاحلَ في جيدِ الزمانِ قلائِدا
كمثْلِ ابنِ خلدونٍ ومثلِ ابْن عَرْفةٍ
…
وغيرهما ممن تجلّوْا فرائِدا
وكم بهمُ فاخرتَ دهراً وحسب ذي الْـ
…
ـحِفاظ وفاءً ذكرُه ما تباعَدا
بِهَدْيِهمُ ما بيننا كنتَ تهتدي
…
ومَنْهَلَهم منه لقد كنتَ وارِدا
بـ (زيتونةِ) العرفانِ و (الصادقية) انْـ
…
ـبَرَيْتَ لِبَثِّ العلْمِ تُلْقي فَرائِدا
وأنشأتمُ سِفْراً بـ"عظمى سعادة"
…
يضُمُّ علوماً جَمَّةً وفوائِدا
وفي (ثغرِ بنزرتٍ) وليتُمْ (قضاءه)
…
فأنصفتَ مظلوماً يَؤُمُّك قاصِدا
لقد زِنْتَ ما وُلِّيتَه من مناصبٍ
…
وحسْبُكَ ما يروي البريةُ شاهِدا
وأزمعتَ عنّا بعد ذاكَ ترحُّلاً
…
إلى حيثُ قد لاقيتَ حَظّاً مساعِدا
وما الذنبُ يُعْزَى إذْ رحلتُم لتونسٍ
…
ولكنَّ دهراً للكرامِ مُعانِدا
ففضلُكَ يتلوه الزمانُ ولا ترى
…
بذا القطْرِ من يُلفي له الدهرُ جاحِدا
قضيتَ وخَلَّفْتَ الثناءَ معطّراً
…
إلى مصرَ حيثُ الضيفُ يكرمُ وارِدا
ثويتَ بها في خير مَثْوىً يحل مَنْ
…
أوى لحماه من ذوي الفضل وافِدا
فثابرتَ في نصْرِ الحقيقةِ جاهداً
…
وفي نصر دينِ الحقِّ كنتَ مُجاهِدا
وأنشأتَ فيها (للهدايةِ) نادياً
…
يردُّ إلى الحقِّ الجَحودَ المُعانِدا
وأصبحتَ فيها من كبارِ هداتِها
…
و"أعلامِها" تهدي إلى الرُّشْدِ حائِدا
وللأزهَرِ المعمورِ صِرْتَ "عَميدَه"
…
وأعظِمْ بكُمْ فيهم رئيساً وقائِدا
وللَّغةِ الفُصْحَى لقد زِنْتَ مجمعاً
…
وأيقظْتَ منها فيه ما كان هامِدا
علي النيفر