الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ محمد الخضر حسين
(1)
[1]
في ظهر الاثنين (14 رجب 1377 هـ - 3 فبراير 1958 م) شيعنا جنازة شيخ من شيوخ الإسلام، وإمام من أئمة الدين، هو: المغفور له الشيخ محمد الخضر حسين -طيب الله ثراه-.
تولى الشيخ الخضر مشيخة الأزهر الشريف في ظلال الثورة المصرية، وبعطف ثوار مصر الأحرار، وذلك يوم الأربعاء (27 من جمادى الأولى 1371 هـ -17 سبتمبر 1952 م)، وكان خلال توليه لهذا المنصب الإسلامي الجليل يضرب الأمثلة الرفيعة في العزة والسمو، والكرامة والغيرة على الأزهر ورجاله، وعلى الإسلام ومستقبل المسلمين، واستقال من المشيخة لظروفه الصحية في الثاني من (جمادى الأولى عام 1373 هـ - 8 يناير 1954 م).
وتولى تحرير مجلة "نور الإسلام" منذ أصدرها الأزهر الشريف، كما كان رئيساً لتحرير مجلة "لواء الإسلام".
وعين عضواً في (المجمع اللغوي) بالقاهرة منذ إنشائه، واختير عضواً في (جماعة كبار العلماء) بالأزهر الشريف عام 1951 م، وهو منشئ مجلة
(1) من كتاب "من تاريخنا المعاصر" للأستاذ محمد عبد المنعم الخفاجي - الطبعة الأولى (1377 هـ - 1958 م).
"الهداية الإسلامية"، وجمعيتها، وقد تولى التدريس في كلية أصول الدين سنين عديدة قبل اختياره لمنصب المشيخة الرفيع.
[2]
ولد الشيخ الخضر بمدينة "نفطة" بالقطر التونسي في (27 رجب عام 1293 هـ)، وتلقى ثقافته الأولى، وحفظ القرآن الكريم في بلاده، وفي هذا الحين كان قد انتقل مع أسرته إلى العاصمة "تونس" عام 1306 هـ، ودخل الكلية الزيتونية عام 1307 هـ ، وتلقى تعليمه الديني فيها على شيوخ أجلاء.
وفي عام 1317 هـ رحل إلى طرابلس، ثم عاد إلى تونس، ووالى دراسته في الزيتونة إلى عام 1321 هـ، وأنشأ فيها مجلة "السعادة العظمى"، ثم ولي القضاء في مدينة "بنزرت" عام 1323 هـ، وعمل كذلك في الخطابة والوعظ والتدريس في جامعها الكبير، وسرعان ما استقال، ورجع إلى العاصمة، وتطوع للتدريس في الزيتونة، وأشرف على خزائن الكتب فيها.
وفي عام 1323 هـ اشترك في تأسيس جمعية زيتونية، وعين مدرساً رسميًا بالمدرسة الصادقية، وفي المدرسة الخلدونية.
وأخذ يكافح الاستعمار، واشترك في الكفاح في الحرب الطرابلسية التي نشبت بين الطليان والعثمانيين، ونشرت له قصيدته:
رُدُّوا على مجدِنا الذِّكْرَ الذي ذَهَبا
…
يكفي مضاجِعَنا نومٌ دَهَى حِقَبا
ورحل إلى الجزائر، فزار مدنها، وألقى الدروس في مساجدها، ثم عاد إلى تونس يوالي تدريسه في الزيتونة.
وفي عام 1330 هـ سافر إلى دمشق ماراً بمصر، ومنها سافر إلى القسطنطينية، وأقام فيها وقتاً قليلاً، ثم عاد إلى تونس في آخر هذه السنة،
ونشر رحلته المفيدة عن عاصمة الخلافة، وعين عضواً في اللجنة التي أُلفت لكتابة التاريخ التونسي وتحقيقه.
ثم هاجر إلى مصر، وسافر إلى دمشق، فالمدينة المنورة، فالقسطنطينيهَ، ثم عاد إلى دمشق، وعمل مدرساً بالمدرسة السلطانية فيها، ونشبت الحرب، وثار الشيخ مع الأحرار ضد الاستبداد التركي، فاتهمه جمال باشا حاكم سورية بالتآمر، واعتقله أكثر من ستة شهور، وحوكم، فبرأته المحكمة، وأطلق سراحه في ربيع الثاني عام 1335 هـ، فعين محرراً بالقلم العربي بوزارة الحربية، ثم أرسلته الحكومة إلى ألمانيا؛ ليعظ الجنود المسلمين فيها، ورجع إلى الشام مدرساً بالمدرسة السلطانية، ولما احتلت فرنسا الشام عام 1336 هـ ، هاجر إلى مصر، وأقام فيها مكرماً من شعبها وحكومتها، وشتى الهيئات العلمية والدينية والأدبية فيها.
وألَّف عدة كتب مرموقة، منها:"الرد على آراء الدكتور طه حسين في الشعر الجاهلي".
وظلَّ عاكفاً على المحاضرة في (جمعية الهداية)، والكتابة في المجلات التي تولى التحرير فيها، والتدريس في كلية أصول الدين بالأزهر الشريف، والبحث في المجمع اللغوي، حتى اختير عضواً في جماعة كبار العلماء، فشيخاً للأزهر الشريف.
ولما ترك الأزهر، عاد إلى نشاطه العلمي والإسلامي مبجَّلاً مهيباً مرموقاً، حتى توفاه الله إلى رحمته ورضوانه، مذكوراً بالخير والتقدير والإكبار من جميع عارفي فضله، ومبجِّلي علمه، ومن تلامذته ومريديه والمستفيدين من تفكيره رحمه الله، وأكرم مثواه-.
محمد الخضر حسين (1)(1877 - 1958 م)
عَلَمٌ من أعلام الإسلام والعروبة، جمع بين التفقه في الدين واللغة والأدب.
ولد المرحوم الشيخ الأكبر محمد الخضر حسين في سنة 1877 م في بلد من أعمال تونس، وحفظ القرآن الكريم، وشدا شيئاً من الأدب في بلدته على أيدي علمائها، فتذوق طعم الأدب منذ نشأته، بل حاول نظم الشعر وهو في الثانية عشرة، وبعدها التحق بجامع الزيتونة سنة (1307 هـ / 1889 م) بعد أن نال منه درجة العالمية، ودخل بعد ذلك معترك الحياة، فأنشأ مجلة "السعادة العظمى"، وهي أول مجلة أنشئت ببلاد المغرب العربي، وكانت مجلة علمية أدبية، ثم تولى القضاء في "بَنْزَرْت" سنة 1905 م، وتركه ليعمل بالتدريس في جامع الزيتونة، ثم رحل عن تونس إلى دمشق إثر ثورات وطنية؛ حيث صمم الفرنسيون على التنكيل بكل من يوقظ روح الوطنية ضد المستعمر الفرنسي.
وعمل في دمشق بالتدريس بالمدرسة السلطانية سنة 1912 م، ثم رحل بعدها إلا الآستانة، وسافر بعد ذلك إلى ألمانيا مرتين، كانت المرة الأخيرة
(1) من كتاب "المعجميون في خمسة وسبعين عاماً" للدكتور محمد مهدي علام، والدكتور حسن عبد العزيز - طبع (1428 هـ - 2007 م)
حين احتل الحلفاء الآستانة، وهناك المنتقى بزعماء الحركة الإسلامية، كالشيخ عبد العزيز جاويش، والدكتور عبد الحميد سعيد، والدكتور أحمد فؤاد، وانتقل الشيخ بعد ذلك إلى مصر، وقام فيها بأعمال جليلة، فاشترك في تأسيس مجلة "نور الإسلام"، وهي التي أصبح الآن اسمها مجلة "الأزهر".
وضمه الأزهر إلى علمائه أستاذاً في كلياته، واختير عضواً في جماعة كبار العلماء، ثم عين شيخاً للأزهر سنة 1952 م. وعندما أنشئ (مجمع اللغة العربية) بالقاهرة سنة 1932 م كان من الرعيل الأول الذين اختيروا لعضويته سنة 1933 م.
وقد كانت حياة الشيخ كلها دفاعاً عن الدين والوطن العربي، ولقي في سبيل ذلك تغربه عن موطنه.
يقول الشيخ في بعض حديثه: "خاطبتني المحكمة الفرنسية سنة 1325 هـ -بإشارة من شيخ المدينة- أن أكون عضواً في المحكمة؛ لأحضر حكمها بين الوطني والفرنسي، فامتنعت عن هذه العضوية، ولم أرض أن يصدر الحكم الجائر بحضوري".
وكان يرى أن الطريق إلى إعادة مجد المسلمين الضائع هو الإيمان، والاتجاه إلى الصناعة والعلوم المادية وفي ذلك يقول:
أبناءَ هذا العصر هل من نَهضةٍ
…
تَشْفِي غليلاً حَرُّه يَتَصَعَّدُ
هَذي الصَّنائعُ ذُلّلتْ أدواتها
…
وسبيلُها للعالمينَ مُمَهَّدُ
إنَّ المعارفَ والصَّنائعَ عُدَّةٌ
…
بابُ التَّرقي من سواها مُوصَدُ
قال عنه الأستاذ محمد علي النجار في حفل تأبينه:
"وجملة القول: إن الشيخ اجتمع فيه من الفضائل ما لم يجتمع في غيره
إلا في النَّدْرَى، فقد كان عالماً ضليعاً، وكان -مع ذلك- عالماً بأحوال المجتمع ومراميه، لا يشذ عنه مقاصدُ الناس ومعاقد شؤونهم، حفظاً على العربية والدين، يردُّ ما يوجه إليهما، وما يصدر من الأفكار منابذاً لهما، قوي الحجة، حسن الجدال. وكان عفَّ اللسان والقلم، لا يتناول المنقود بما يُخزيه، وما يَثْلم عرضه، وكان يكره ذلك لمجادله وخصمه". مجلة "المجمع" (ج 14).
وله مؤلفات كثيرة، منها:
1 -
"بلاغة القرآن".
2 -
"العظمة".
3 -
"تونس وجامع الزيتونة".
4 -
"الموافقات في أصول الأحكام".
5 -
"علماء الإسلام في الأندلس".
6 -
"الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان".
7 -
"نقض كتاب في الشعر الجاهلي"، المكتبة العلمية - بيروت.
8 -
"حياة اللغة العربية".
9 -
"الدعوة إلى الإصلاح".
10 -
"الخطابة عند العرب".
11 -
"تراجم الرجال".
12 -
"خواطر الحياة"، (ديوان الشعر).
13 -
"رسائل الإصلاح".
14 -
"محمد رسول الله وخاتم النبيين".
15 -
"مدارك الشريعة الإسلامية وسياستها".
16 -
"الخيال في الشعر العربي".
17 -
"نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم".
18 -
"دراسات في العربية وتاريخها".
* أعماله المجمعية:
أ - اللجان التي اشترك فيها:
اشترك في كثير من لجان المجتمع؛ مثل:
لجنة اللهجات، ولجنة الآداب والفنون الجميلة، ولجنة دراسة معجم (فيشر)، ولجنة الأعلام الجغرافية، ولجنة الأصول، ولجنة معجم ألفاظ القرآن الكريم، ولجنة المساحة والعمارة، ولجنة المعجم الوسيط.
ب - البحوث والمقالات:
البحوث والمقالات التي ألقاها أو نشرها بالمجلة كثيرة، نذكر منها:
1 -
التضمين. (محاضر جلسات دور الانعقاد الأول).
2 -
نيابة بعض الحروف عن بعض. (محاضر جلسات دور الانعقاد الأول).
3 -
المجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة العربية. (مجلة "مجمع اللغة العربية" ج 1).
4 -
شرح قرارات المجمع والاحتجاج لها (تكملة مادة لغوية ورد بعضُها في المعجمات، ولم ترد بقيتها). (مجلة "مجمع اللغة العربية" ج 2).
5 -
الاستشهاد بالحديث في اللغة. (مجلة "مجمع اللغة العربية" ج 3).
6 -
وصف جمع العاقل بصيغة فعلاء. (د 14، جلسة 11 للمؤتمر - مجلة "مجمع اللغة العربية"ج 7).
7 -
اسم المصدر في المعاجم. (د 16، جلسة 9 للمؤتمر- مجلة "مجمع اللغة العربية" ج 8).
8 -
طرق وضع المصطلحات الطبية وتوحيدها في البلاد العربية. (د 17، جلسة 12 للمؤتمر- مجلة "مجمع اللغير العربية" ج 8).
9 -
الشعر البديع في نظر الأدباء. (د 21، جلسة 8 للمؤتمر- مجلة "مجمع اللغة العربية" ج 11).
10 -
من وثق من علماء العربية ومن طُعن فيه. (د جلسة 2 للمؤتمر - مجلة "مجمع اللغة العربية"ج 12).
وقد صدرت له في تونس ترجمة وافية في كتاب "أعلامنا: محمد الخضر حسين" للأستاذ أبي القاسم محمد كرو. وقد وصلني هذا الكتاب وأنا أقدم: "المجمعيون في خمسين عاماً" للمطبعة.