الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين
(1)
عُين الشيخ الخضر حسين شيخاً للأزهر في يوم الأربعاء (27 من ذي الحجة 1271 هـ 17 سبتمبر 1952 م).
وكان أحمد تيمور في مقدمة الذين قدّروا فضيلة الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر السابق حين قدم مصر من أكثر من ربع قرن.
وقد عشر السيد خليل ثابت رئيس لجنة نشر المؤلفات التيمورية بين آثار العلامة أحمد تيمور على ترجمة لحياة محمد الخضر حسين هذا نصها:
ولد بمدينة "نفطقه بالقطر التونسي في (27 رجب سنة 1293 هـ)، واشتغل بالعلم، وحفظ القرآن الكريم، وقرأ بعض الكتب الابتدائية في بلده، وفي آخر سنة 1306 هـ رحل مع أبيه وأسرته إلى القاعدة التونسية، فاشتغل بالطلب، ثم دخل الكلية الزيتونية سنة 1307 هـ، فقرأ على أشهر أساتذتها، وتخرج عليهم في العلوم الدينية واللغوية، ونبغ فيها وفي غيرها، فطُلب لتولي
(1) من كتاب "الأزهر في ألف عاماً"، الجزء الأول، للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، الطبعة الثانية (1408 هـ - 1988 م).
بعض الخطط العلمية قبل إتمام دراسته، فأبى، وواظب على حضور حلقات الأكابر؛ مثل: الشيخ عمر بن الشيخ، والشيخ محمد النجار، وكانا يدرِّسان التفسير، والشيخ سالم بو حاجب، وكان يدرس "صحيح البخاري".
ثم رحل إلى الشرق في سنة 1317 هـ، ولكنه لم يبلغ طرابلس حتى اضطر إلى الرجوع بعد أن أقام بها أياماً، فلازم جامع الزيتونة يفيد ويسفيد، إلى سنة 1321 هـ، فأنشأ فيها مجلة "السعادة العظمى"، ولاقى في سبيل بث رأيه الإسلامي ما يلاقيه كل من سلك هذا السبيل.
وفي سنة 1323 هـ ولي القضاء في مدينة "بنزرت"، والتدريس والخطابة بجامعها الكبير، ثم استقال، ورجع إلى القاعدة التونسية، وتطوع للتدريس في جامع الزيتونة، ثم أحيل إليه تنظيمُ خزائن الكتب بالجامع المذكور.
وفي سنة 1325 هـ اشترك في تأسيس جمعية زيتونية، وفي هذه المدة جعل من المدرسين المعينين بالجامع المذكور.
وفي سنة 1326 هـ جعل مدرساً بالصادقية، وكلف بالخطابة في مواضيع إنشائية بالخلدونية، ولما قامت الحرب الطرابلسية بين الطليان والعثمانيين، كان من أعظم الدعاة لإعانة الدولة، ونشر بجريدة الزاهرة قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
رُدُّوا على مَجْدِنا الذِّكْرَ الذي ذَهبا
…
يكفي مضاجعنَا نومٌ دَهَى حِقَبا
ثم رحل إلى الجزائر، فزار أمهات مدنها، وألقى بها الدروس المفيدة، ثم عاد إلى تونس، وعاود دروسه في جامع الزيتونة، ونشر المقالات العلمية والأدبية في الصحف.
وفي سنة 1230 هـ سافر إلى دمشق ماراً بمصر، ثم سافر إلى القسطنطينية،
فدخل يوم إعلان حرب البلقان، فاختلط بأهلها، وزار مكاتبها، ثم عاد إلى تونس في ذي الحجة من هذه السنة، ونشر رحلته المفيدة عنها، وعن الحالة الاجتماعية بها ببعض الصحف، ثم جُعل عضواً في اللجنة التي ألفتها حكومة تونس للبحث عن حقائق في تاريخ تونس، ثم ترك ذلك لما عزم على المهاجرة إلى الشرق، فرحل إليه، ونزل مصر، وعرف بعض فضائلها، ثم سافر إلى الشام، ثم للمدينة المنورة، ثم إلى القسطنطينية، ثم عاد معيناً مدرساً للغة العربية والفلسفة بالمدرسة (السلطانية) بدمشق، وبقي كذلك إلى أن اتهمه مدة الحرب العظمى جمال باشا حكم سورية بكتم حال المتآمرين على الدولة، واعتقله ستة أشهر وأربعة عشر يوماً، ثم حوكم، فبرئ من التهمة، فأطلق سبيله في شهر ربيع الثاني سنة 1335 هـ.
ومن شعره في حبسه، وكانوا حالوا بينه وبين أدوات الكتابة:
غَلَّ ذا الحبسُ يدِي عن قلمٍ
…
كان لا يَصْحو عن الطِّرْسِ فناما
هل يذودُ الغمض عن مقلته
…
أو يلاقي بعدَه الموتَ الزؤاما
أنا لولا همةٌ تحدو إلى
…
خدمة الإسلام آثرتُ الحِماما
ثم استمر على التدريس بالمدرسة بدمشق إلى أن دُعي إلى القسطنطينية سنة 1136 هـ. ثم هاجر إلى إستنبول بعد عام، وعمل محرراً بالقلم العربي بوزارة الحربية، ثم أرسلته الحكومة إلى ألمانيا للقيام بعمل سياسي، وهو تذكير الأسرى هناك بظلم فرنسا، ثم رجع إلى الشام، فدرس الفقه بالمدرسة السلطانية العربية
…
وبعد أن احتلت فرنسا الشام بعشرة أيام هاجر إلى مصر في عام 1329 هـ، ثم نال الشهادة العالمية بالأزهر، وتولى التدريس بكلية أصول الدين والتخصص اثنتي عشرة سنة.
وتولى رئاسة تحرير "مجلة الأزهر"، و"لواء الإسلام"، ورئاسة (جمعية الهداية الإسلامية)، واختير عضواً بهيئة كبار العلماء 1951 م، وهو إلى ذلك عضو بمجمع اللغة العربية منذ أنشئ. وقد استقال فضيلته من المشيخة في (2 جمادى الأولى 1373 هـ - 8 يناير 1954 م)، وتوفي رحمه الله في 14 رجب عام 1377 هـ.
وقد نعى الأزهر في يوم الاثنين 14 رجب سنة 1377 هـ عالماً إسلامياً جليلاً، ومجاهداً من الرعيل الأول، ممن أبلوا البلاء الحسن في كفاح الاستعمار: الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر السابق، ورئيس (جمعية الهداية الإسلامية) عن نيف وثمانين عاماً، قضى معظمها في التدريس، وفي الكتابة والتأليف، وفي جهاد مرير في شبابه دفاعاً عن حقوق عرب شمال أفريقية وغيرهم من أقطار العروبة.
ولد الفقيد الجليل في وطنه الأول في بلدة "نفطة" من مقاطعة الجريد بتونس، ونشأ في بيت علم ينتمي أصله إلى الجزائر، وشرع في طلب العلم في بلدته، ثم أتم تعليمه في جامعة الزيتونة، وتخرج منها، ومارس بعد تخرجه التدريس، ثم القضاء، كما قام وإنشاء أول مجلة علمية أدبية بالمغرب، ثم رحل إلى تركيا، وأقام بها وقتاً قصيراً، ثم حضر إلى دمشق؛ حيث عين مدرساً بمدرستها الثانوية الوحيدة يومذاك -وكانت تعرف بمدرسة عنبر-، وطل في دمشق إلى أوائل الحرب العالمية، ثم رجع إلى إستانبول، فانتدبته الدولة العثمانية إلى برلين مع بعثة مؤلفة من كبار علماء شمال إفريقية للاتصال بأبناء شمال إفريقية ممن وقعوا في أسر الألمان في أثناء الحرب، وبانتهاء الحرب عاد إلى دمشق مدرساً في نفس المدرسة، وكان العهد عهد
الحكومة الفيصلية الوطنية.
وكانت الحكومة الفرنسية قد حكمت عليه بالإعدام؛ لانضمامه إلى الدولة العثمانية، ولذهابه إلى ألمانيا -كما مر ذكره-، فما إن دخلت فرنسا سورية حتى غادرها جميع الأحرار من المجاهدين العرب، وكان منهم الفقيد الشيخ الخضر، فجاء إلى مصر حوالي عام 1920 م، وظل فيها بعض الوقت مغموراً، ثم عرف فضله ومكانته، فعين أولاً مصححاً بدار الكتب المصرية.
وفي هذه الأثناء صدر في مصر كتابان شهيران أحدثا دوياً في ذلك الوقت في الأوساط الفكرية، وهما: كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للعالم الأزهري الشيخ علي عبد الرازق، وكتاب "في الشعر الجاهلي" للدكتور طه حسين، ونظراً لما اشتمل عليه هذان الكتابان من آراء مضللة، تصدى بعض كبار الباحثين للرد على كل منهما، وكان للمرحوم الشيخ محمد الخضر حسين فضل الرد على كلا الكتابين حينئذ؛ حيث أفرد لكل منهما كتاباً مستقلاً، كانا من خير ما كتبه الكاتبون في هذا المجال.
وظل الفقيد يعمل مصححاً بدار الكتب بضع سنوات إلى أن مُنح شهادة العالمية الأزهرية، ثم تعين مدرساً بالأزهر، وكان ذلك في عهد الشيخ المراغي
…
وأخيراً تعين عضواً في هيئة كبار العلماء، وهو المنصب الذي أهله -فيما بعد- لأن يصبح شيخاً للأزهر.
وعقب تعيينه مدرساً بالأزهر أنشأ (جمعية الهداية الإسلامية) بمصر، وظل يرأسها، ويرأس "مجلتها" إلى عهد قريب، كما كان أول رئيس تحرير لمجلة "نور الإسلام "، وهي المجلة التي أصدرتها مشيخة الأزهر سنة 1349 هـ.
وللشيخ محمد الخضر حسين يرجع الفضل في تكوين جمعية (تعاون جاليات إفريقية الشمالية) في مصر قبل حوالي عام 1924 م، وكان يرأس هذه الجمعية بنفسه، وهدفها: رفع مستوى تلك الجاليات من الناحيتين الثقافية والاجتماعية.
غير أن هذه الجمعية لم تعش طويلاً؛ لأن استعماراً ثلاثياً: إيطالياً، وفرنسياً، وإسبانياً كان لها بالمرصاد، فقضى عليها في سنواتها الأولى.
وللفقيد الكبير -عدا كتابيه السالفي الذكر- محاضرات، ورسائل عديدة مطبوعة ومتداولة، وهو كاتب بليغ، وله ديوان شعر مطبوع، وقد اشتهر بمقالاته وبحوثه في كبرى المجلات الإسلامية.
وعندما صدرت مجلة "لواء الإسلام" لصاحبها الوزير السابق الأستاذ أحمد حمزة، كان الشيخ الخضر يرأس تحريرها، وظل بها إلى عين شيخاً للأزهر، ثم استأنف نشر مقالاته فيها بعد تنحيه من المشيخة، وآخر مقالاته فيها في جزء رجب الأخير.
كما كان عضواً في (مجمع اللغة العربية) بمصر منذ إنشائه قبيل الحرب العالمية الثانية.
وكتب الأستاذ أنور الجندي عن محمد الخضر حسين يقول:
"كان نظام التعليم في المعهد الزيتوني من أسباب تنافس أصحاب المذهبين: المالكي، والحنفي في ميدان العلم، وقد أخرج جامع الزيتونة فقهاء يعتزون بعلمهم، ويزهدون في المناصب، أدركت من هؤلاء فقهاء وأساتذة بلغوا الغاية في سعة العلم، وتحقيق البحث؛ مثل: عمر بن الشيخ، وأحمد بن الخوجة، ومحمد النجار، ومن نظر في فتاوى هؤلاء الأساتذة،
أو رسائلهم التي حرروا بها بعض المسائل العويصة، رآهم كيف يرجعون إلى الأصول والقواعد ومراعاة المصالح، ولا يقنعون بنقل الأقوال دون أن يتناولوها بالنقد والمناقشة.
ويدلنا التاريخ القريب على أن بعض رجال الدولة التونسية عندما اتجهوا إلى إصلاح الحالة السياسية أو العلمية أو الاجتماعية، وجدوا فقهاء يدركون مقتضيات العصر، ويعرفون كيف تسعها أصول الشريعة بحق، فكانوا يعقدون منهم بعض لجانهم، ويستنيرون بآرائهم؛ مثل أساتذتنا: عمر بن الشيخ، وسالم أبو حاجب، ومصطفى رضوان، ومازال الرسوخ في الفقه، وربط الأحكام بأصولها، من مواضع عناية الأساتذة في جامعة الزيتونة لهذا العهد، يشهد بهذا: ما نقرؤه في محاضراتهم ومقالاتهم التي تنشر في الصحف التونسية والمصرية.
كانوا يدرسون الفقه بأنظار مستقلة، وآراء تستضيء بالأدلة، ويتفاضلون فيها على قدر تفاضلهم في العبقرية وسمو الهمة
…
".
لاشك كان محمد الخضر حسين علماً من أعلام الفكر المغربي الاسلامي، مكافحاً وطنياً، ومغترباً في سبيل الحفاظ على حرية الكلمة، وأقام كابن خلدون بقية عمره في مصر، ورقي فيها إلى أعلى المناصب، وعمل في ميداني الاصلاخ الإسلامي، والقياسي اللغوي، وعمل في التدريس والصحافة والكفاح الوطني، ولقد أتيح له أن يقاوم حركات التغريب بدعوته إلى إنشاء (جمعية الشبان المسلمين)، وكانت مجلته وقلمه من ألسنة الدفاع عن المغرب وقضاياه، ومعلماً قوياً يستصرخ المشارقة حين يكشف لهم عن مؤامرات الاستعمار، ويدعوهم إلى مقاومة التغريب، والتجنيس والفرنسة،
فهو منذ أقام في مصر بعد الحرب العالمية الأولى يحمل هذه الرسالة، ويعمل في كل هذه الميادين: الإسلام، واللغة، والكفاح السياسي.
وكان محمد الخضر حسين مستنيراً، متفتح الذهن، يدعو إلى الإصلاح على أسس قاعدة علمية واضحة، فهو يعتمد الرأي حيث يثبته الدليل، ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة، ويثق بالرواية، بعد أن يسلمها النقد إلى صدق الغاية.
ومن رأيه: أن على العلماء قول كلمة الحق لأهل الحل والعقد دائماً، وعدم التوقف عنها.
"لا ينبغي لأهل العلم أن يغفلوا عن سير أرباب المناصب والولايات، فمن واجبهم أن يكونوا على بينة من أمرهم، حتى إذا أبصروا عوجاً، نصحوا لهم بأن يستقيموا، أو رأوا حقاً مهماً، لفتوا إليه أنظارهم، وأعانوا على إقامته.
ومن أدب العلماء: أن ينصحوا للأمة فيما يقولون أو يفعلون، ويحتملوا ما ينالهم في سبيل النصيحة من مكروه، وكم من عالم قام في وجه الباطل، فأوذي، فتجلد للأذى! ".
وقد كانت حياة الخضر حسين رمزاً على هذا المعنى، معنى: طلب الحرية، والهجرة من بيئة الظلم؛ فقد فر من تونس، ومن الشام، ومن تركيا، وكان فراره؛ ليحتفظ لنفسه بحقه في الكلمة، يقول:"نشأت في بلدة من بلاد الجريد بالقطر التونسي يقال لها: "نفطة"، وكان للأدب المنظوم والمنثور في هذه البلدة نفحات تهب من مجالس علمائها، كان حولي من أقاربي وغيرهم من يقول الشعر، فتذوقت الأدب من أولى نشأتي. وحاولت وأنا
في سن الثانية عشرة نظمَ الشعر. وفي هذا العهد انتقلت أسرتي إلى مدينة تونس، والتحقتُ بطلاب العلم بجامع الزيتوطا)، وكان ذلك عام 1899 م، أحب أستاذَه الشيخ سالم بو حاجب الذي كان يحثه على البحث، ويلاقي السؤال المهم بابتهاج، ويدعو للطالب بالتفتح، يقول:"كان يقول الشعر، مع كونه يغوص على المسائل العلمية بفكر ثاقب"، وكان الشيخ بو حاجب قد رفض وِسَام السلطان، ووسام الباي، فأحب منه الشيخ الخضر هذا الاعتداد بالنفس، "بعد أن نلت درجة العالمية، أنشأت مجلة علمية أدبية، وهي أول مجلة أنشئت بالمغرب، فأنكر علي بعضُ الشيوخ، وظن أنها تفتح باب الاجتهاد، وشجعني على إنشائها شيخنا بو حاجب، كما شجعني عليها الوزير محمد بو عتور".
كانت خطته: الإصلاح الاجتماعي والديني، والعمل لإعادة مجد الإسلام، ولكنه لم يلبث أن اختلف مع السلطات بشأن العمل في القضاء، بعد أن وليّه في "بنزرت" 1905 م؛ إذ فضل العودة إلى التدريس في الزيتونة، فلما خاطبته المحكمة الفرنسية 1325 هـ بالعمل في المحكمة عضواً؛ ليحضر حكمها بين الوطني والفرنسي، امتنع، ولم يقبل أن يصدر الحكم الجائر.
واستقر رأيه إثر ذلك على الهجرة إلى الشرق، فاستوطن دمشق عام 1912 م، وكانت تحت سلطات العثمانيين، فنصب للتدريس في المدرسة السلطانية في كرسي الشيخ محمد عبده.
ثم اعتقله جمال باشا حاكمُ الشام، ورحل إلى الآستانة، فأُسند إليه التحرير بالقسم العربي بوزارة الحربية، وحين احتل الحلفاء الآستانة، رحل
مع زعماء الحركة الإسلامية: عبد العزيز شاويش، وعبد الحميد سعيد، والدكتور أحمد فؤاد.
وعاد إلى دمشق 1918 م في عهد الحكومة العربية لفيصل، وعهد إليه بالتدريس في المدرسة السلطانية، ولكن فرنسا لم تلبث أن بسطت سلطانها على سورية، فترك دمشق إلى القاهرة 1919 م، وفي مصر عرف الشيخ أحمد تيمور باشا، الذي كان خير رفقائه، وكان له فضل واضح في إنشاء (جمعية الشبان المسلمين) مع السيد محب الدين الخطيب صاحب "الفتح". كما أنشأ من بعد (جميعة الهداية الإسلامية)، ومجلة "الهداية الإسلامية"، وتولى ثمة مجلة "لواء الإسلام"، ومجلة "الأزهر"، واتصل بالأزهر، ونال إجازته، وعمل في كلياته، واختير عضواً في جماعة كبار العلماء، فشيخاً للأزهر عام 1952 م، وعضواً في (مجمع اللغة العربية).
وتطلع إلى مجد المغرب وحريته.
وقد كانت مجلة "الهداية": مجلة مغربية واضحة الدلالة في كتابتها وأبحاثها، ودفاعها عن مختلف المواقف الوطنية والإسلامية والعربية، ورأس (جبهة شمال إفريقية)، التي ضمت الرجال الذين سعوا نحو مصر من أجزاء المغرب العربي.
وكان الشيخ الخضر كاتباً، وشاعراً له شعر كثير جيد، وقد وصفه الفاضل ابن عاشور (1)، فقال: كان كاتباً بليغاً، ذا طبع خاص، وأسلوب قوي الروح الأدبية، فصيح العبارة، بليغ التركيب، ينزع إلى طرائق كتاب
(1)"الحركة الفكرية والأدبية في تونس".
الترسل الأولين، رحل عام 1912 م إلى مصر وسورية وتركية، فكتب رحلة بديعة نشرت في مجلة "الزهرة"، طافحة بانتقاداته وأفكاره.
وأشار إلى مجلة "السعادة العظمى"(التي أصدرها في تونس 1904)، فقال: إنها كانت مركزًا للحركة الفكرية، وقوة توجيهية متصلة بجميع أهل الثقافة العربية، يجتمع تحتها شقان متباعدان
…
ولم تدم إلا عاماً ناقصاً.
وللخضر حسين مؤلفات عديدة، أهمها:
"محمد رسول الله"، "رسائل الإصلاح"، "آداب الحرب في الإسلام"، "القياس في اللغة العربية"، هذا بالإضافة إلى عشرات الفصول والمقالات في صحف مصر والمغرب والشام
…