الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رثاء الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتّور
(1)
كُلُّ امرئٍ برسولِ الموْتِ مَوعودُ
…
وكلُّ أُنْسٍ بذاتِ البَيْنِ مَحدودُ
فأَحْزَمُ القومِ مَنْ يَعنو لخالقِهِ
…
وعزمُه بِعُرى الطّاعاتِ مشدودُ
لا يطمئنُّ بهِ عن شأوها ترفٌ
…
ومورقٌ من خصيبِ العَيْشِ أُملودُ
(1) قصيدة للإمام محمد الخضر حسين في رثاء الوزير الأكبر محمد العزيز بوعتور المولود في تونس في مستهل رجب 1240 وتوفي في غرة محرم 1325 هـ، استلم الوزارة الكبرى سنة 1299، وهو من أهل العلم والأدب والذكاء. انظر ترجمته في: كتاب "تونس وجامع الزيتونة" للإمام محمد الخضر حسين في مقال تحت عنوان: "نظرة في حياة وزير تونسي".
نشرت قصيدة الرثاء في جريدة "المعارف" التونسية العدد السابع من السنة الأولى الصادر يوم الخميس 15 محرم 1225 هـ - 28/ 2/ 1907 م. وهي جريدة إسلامية عمومية أسبوعية لصاحبها محمد صادق المحمودي. وقدمت الجريدة قصيدة الرثاء بقولها: "وردت علينا هذه المرثية البليغة من إنشاء صاحب الفضيلة العالم الأديب صديقنا الماجد السيد الخضر بن الحسين في رثاء فقيد العلم والسياسة المرحوم الوزير الأكبر، ولما اشتملت عليه من نفائس المعاني، وبلاغة القول، نشرناها إشعاراً بفضل صاحبها، وإيماء إلى مكانة الفقيد في نفوس أهل العلم والمعرفة، وهي مرثية أثَّر فينا حسن أسلوبها، واشتمالها على أخص صفات المَرثي، ومحاسن أخلاقه وسياسته العمومية.
ليس المدامةُ في رأي الحكيمِ سوى
…
مرارةٍ قاءَها في الدَّنِّ عنقودُ
وما أعزّ حياةً بانَ صاحبُها
…
وسعيُه بلسانِ الحمدِ معدودُ
هذا الوزيرُ العزيزُ اجتازَ سابلة الْـ
…
ـمحيا وساعدُه في البِرِّ مجهودُ
أَنْسى الخطوبَ ولا أنسى غداةَ حَدا
…
به الحِمامُ ورُكْنُ الصبْرِ مهدودُ
عينُ الشّريعةِ فاضتْ حسرةً بدمٍ
…
وصدرُها بشُواظِ الحُزْنِ مُوْقودُ
كانت عزائمُهُ تَرْعى مصالِحَها
…
إذا تَجافى عن الإصلاحِ جَلْمودُ
وكان جانِبُها السّامي بهمَّتِه
…
عليه دِرْعٌ من الإعزازِ مَسْرودُ
يطاردُ الغَمْضَ عن جفنٍ حراستُه
…
سِتْرٌ على مَعْهدِ العِرفانِ مَمدودُ
ولا يغوصُ على مَنْحى سياستِه
…
إِلا حجًى بثقافِ العِلْمِ مَمْهودُ
وقد يجادلُ في مَعْنى عَدالتها
…
لسانُ خَصْمٍ بأسْرِ الجهلِ مَصفودُ
يبني بفصلِ خطابٍ للحقوقِ حِمىً
…
كما انْتقى سابغاتِ الحربِ داودُ
والنَّصْرُ في شُهُبِ الأرماحِ أولُه
…
وتارةً ببليغِ القَوْلِ معقودُ
إنْ صاغَ لفظاً لدى تقريرِ حادثة
…
لم ينفَلِتْ عن حواشي اللَّفظِ مَقْصودُ
تَخْطو بَراعتُه في طِرْسِه عَنَقاً
…
فلا ترى الدُرَّ إِلا وهو مَنْضودُ
أما الأناةُ فَطودٌ لا يميدُ به
…
سيْلٌ ومَرْكَزُه في الحُكْمِ مَوْطودُ
........................
…
يومٌ كقارعةٍ دهماءَ مَشْهودُ (1)
والناسُ من حولهِ هذا يساعفُه
…
دَمْعٌ وهذا شجيُّ القلبِ مَكْمودُ
(1) الشطر الأول من البيت مطموس في الأصل.
زاروا به مَضْجَعاً ثم انْثنوا زُمَراً
…
وكُلُّهم بينهم في العود مَفْقودُ
بَلْ أوفدوهُ على مَوْلى تواجِهُهُ
…
منه الكرامةُ والرضوانُ والجودُ
سيَنْجلي اليومُ ما لم يدرهِ فئةٌ
…
بالأمْسِ والزُّهْدُ في الموجودِ معهودُ
فالشَّمْسُ لا يقدِرُ الرّائي فضيلَتها
…
إلّا إذا غشِيَتْ أنوارَها السُّودُ
لا غَرْوَ إنْ قالَ ما سوف يؤرخه
…
(ماتَ الوزيرُ فَرُكْن العَدْلِ مَضْهودُ)
سنة 1325