المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما جاء فى الديكة من الأحاديث وما عد من فضائلها وعاداتها ومنافعها - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٠

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌[تتمة الفن الثالث في الحيوان الصامت]

- ‌[تتمة القسم الثالث من الفن الثالث في الدواب والأنعام]

- ‌[تتمة الباب الأول من هذا القسم في الخيل]

- ‌ذكر ما وصفت به العرب الخيل:

- ‌أما ترتيبها فى السنّ

- ‌وأما ما قيل فى تسميتها

- ‌وأما الوجه وما فيه مما لم يذكر فى خلق الإنسان

- ‌وأما العنق وما فيه

- ‌وأما الظهر وما اتصل به من الوركين

- ‌وأما الصدر وما اتصل به من البطن

- ‌ و‌‌أما ألوانهاوشياتها وغررها وحجولها وعصمها وما فيها من الدوائر

- ‌أما ألوانها

- ‌من ألوانها: «البهيم والمصمت» :

- ‌ومن ألوان الخيل: «الدّهم»

- ‌ومنها الخضر

- ‌ومنها الكميت

- ‌ومنها الوراد

- ‌ومنها الشّقر

- ‌ومنها الصّفر

- ‌ومنها الشّهب

- ‌ومنها الجون

- ‌ومنها الصّنابىّ

- ‌ومنها الأغبر

- ‌ومنها الأبرش

- ‌ومنها العرسىّ

- ‌ومنها الأنمر

- ‌ومنها الأبلق

- ‌ومنها الأغشى

- ‌ومنها الأبيض

- ‌ وأما الشّية

- ‌فالغرّة

- ‌وأما القرحة

- ‌وأما الرّثمة

- ‌واللّمظة

- ‌واليعسوب

- ‌ ومن الشّية التحجيل

- ‌ومنها العصم

- ‌ وأما ما فى الفرس من الدوائر

- ‌وأما ما قيل فى طبائعها، وعاداتها، والمحمود من صفاتها، ومحاسنها، والعلامات الدالّة على جودة الفرس ونجابته:

- ‌فصل

- ‌ومما يستحبّ من أوصافها فى الخلق

- ‌ وأما عيوبها التى تكون فى خلقتها، وفى جريها، والتى تطرأ عليها وتحدث فيها

- ‌فأما التى فى خلقتها

- ‌ وأما العيوب التى فى جريها

- ‌ وأما العيوب التى تطرأ عليها وتحدث فيها

- ‌ذكر أسماء خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أسماء كرام الخيل المشهورة عند العرب

- ‌ذكر ما قيل فى أوصاف الخيل وتشبيهها نظما ونثرا

- ‌طرائف فى ذم الخيل بالهزال والعجز عن الحركة

- ‌الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الثالث فى البغال والحمير

- ‌ذكر ما قيل فى البغال

- ‌ذكر بغلات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شىء مما وصفت به البغال

- ‌فأمّا ما جاء فى ذمها

- ‌ذكر ما قيل فى الحمر الأهلية

- ‌ذكر ما يتمثل به مما فيه ذكر الحمار

- ‌ذكر شىء مما وصفت به الحمير على طريقى المدح والذم

- ‌[أما ما جاء فيها على سبيل المدح]

- ‌ وأمّا ما جاء فيها على سبيل الذم

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفنّ الثالث فى الإبل والبقر والغنم

- ‌ذكر ما قيل فى الإبل

- ‌ وأمّا أسماء ما يركب منها ويحمل عليه

- ‌ وأمّا ما اختصّت به النوق من الاسماء والصّفات

- ‌ ومن أوصافها فى السّير

- ‌وأمّا ألوان الإبل

- ‌ وأمّا ترتيب سيرها

- ‌وأما ما قيل فى المسير عليها والنزول للرّاحة والإراحة

- ‌ذكر أصناف الإبل وعاداتها وما قيل فى طبائعها

- ‌ذكر ما ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإبل

- ‌ذكر شىء مما وصفت به الإبل نظما ونثرا

- ‌ذكر ما قيل فى البقر الأهلية

- ‌ذكر ما قيل فى الجاموس

- ‌ذكر ما قيل فى الغنم الضّأن والمعز

- ‌ذكر ترتيب سنّ الغنم

- ‌القسم الرابع من الفن الثالث فى ذوات السموم

- ‌الباب الأوّل من هذا القسم فى ذوات السموم القواتل

- ‌ذكر ما قيل فى الحيّات

- ‌ذكر أسماء الحيّات وأوصافها

- ‌ذكر ما فى لحوم الحيّات من المنافع والأدوية

- ‌ذكر شىء مما وصفت به الأفاعى

- ‌ذكر ما قيل فى العقارب

- ‌وقد وصف الشعراء العقرب وشبّهوها فى أشعارهم

- ‌الباب الثانى من القسم الرابع من الفن الثالث فيما هو ليس قاتلا بفعله من ذوات السموم

- ‌ فأمّا الخنافس وما قيل فيها

- ‌ومنها «الجعل»

- ‌ومن أصناف الخنافس صنف يقال له «حمار قبّان»

- ‌ ومنها «الصّراصر والجنادب»

- ‌ وأمّا الوزغ وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الضبّ وما قيل فيه

- ‌وأما الحرباء وما قيل فيها

- ‌ وأمّا ابن عرس وما قيل فيه

- ‌ وأمّا القنافذ وما قيل فيها

- ‌وقد وصفه البلغاء والشعراء فى رسائلها وأشعارها

- ‌ وأمّا الفئران وما قيل فيها

- ‌فأمّا الجرذ والفأر

- ‌وأمّا الزّباب

- ‌وأمّا الخلد

- ‌ وأما اليربوع

- ‌ وأما فأرة المسك

- ‌ وأما فأرة الإبل

- ‌ وأمّا القراد وما قيل فيه

- ‌ وأمّا النّمل والذّرّ وما قيل فيهما

- ‌ وأمّا القمل والصّؤاب وما قيل فيهما

- ‌القسم الخامس من الفن الثالث فى أجناس الطير وأنواع السمك

- ‌الباب الأوّل من القسم الخامس من الفن الثالث فى سباع الطير

- ‌ذكر ما قيل فى العقاب

- ‌فأما العقاب

- ‌ وأمّا الزّمّج

- ‌ذكر ما قيل فى البازى

- ‌فأمّا البازى

- ‌ وأما الزّرّق

- ‌ وأمّا الباشق

- ‌ وأمّا العفصىّ

- ‌ وأمّا البيدق

- ‌ذكر ما قيل فى الصقر

- ‌فأمّا الصقر

- ‌ وأمّا الكونج

- ‌وأمّا اليؤيؤ

- ‌ذكر ما قيل فى الشاهين

- ‌فأما الشاهين

- ‌ وأمّا الأنيقىّ

- ‌وأمّا القطامىّ

- ‌فصل

- ‌هذا ما ظفرت به فى أثناء المطالعة من سباع الطير ممّا تكلّم عليه أرباب هذا الفن. وقد أهملوا أصنافا

- ‌والسّنقر

- ‌وممّا أهملوا الكلام فيه «الكوهيّة» و «الصيفيّة» و «الزغزغى»

- ‌الباب الثانى من القسم الخامس من الفن الثالث فى كلاب الطّير

- ‌ذكر ما قيل فى النّسر

- ‌ذكر ما قيل فى الرخم

- ‌ذكر ما قيل فى الحدأة

- ‌ذكر ما قيل فى الغراب

- ‌الباب الثالث من القسم الخامس من الفن الثالث فى بهائم الطير

- ‌فأمّا الدّرّاج وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الحبارى وما قيل فيه

- ‌وأما الطاوس وما قيل فيه

- ‌ وأما الدّيك والدّجاج وما قيل فيهما

- ‌ذكر ما جاء فى الدّيكة من الأحاديث وما عدّ من فضائلها وعاداتها ومنافعها

- ‌ ذكر شىء مما وصفت به الشعراء البيضة والدّجاجة والدّيك

- ‌ومما قيل فى الدّجاجة والدّيك

- ‌وأما الحجل وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الكركىّ وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الإوزّ وما قيل فيه

- ‌ وأمّا البطّ وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الأنيس وما قيل فيه

- ‌ وأمّا القاوند وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الخطّاف وما قيل فيه

- ‌ وأمّا القيق والزّرزور وما قيل فيهما

- ‌ وأمّا الزّرزور

- ‌ وأمّا السمانى وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الهدهد وما قيل فيه

- ‌ وأمّا العقعق وما قيل فيه

- ‌ وأمّا العصافير وما قيل فيها

- ‌فأمّا العصفور البيوتىّ

- ‌ وأما عصفور الشّوك

- ‌ وأما عصفور النّيلوفر

- ‌ وأما القبّرة

- ‌ وأما حسّون

- ‌وأما البلبل

- ‌الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الثالث فى بغاث الطير

- ‌ أمّا القمرىّ وما قيل فيه

- ‌ وأمّا الدّبسىّ وما قيل فيه

- ‌وأمّا الورشان وما قيل فيه

- ‌وأمّا الفواخت وما قيل فيها

- ‌وأمّا الشّفنين وما قيل فيه

- ‌وأمّا اليعتبط وما قيل فيه

- ‌وأمّا النّوّاح وما قيل فيه

- ‌ وأمّا القطا وما قيل فيه

- ‌ذكر شىء من الأوصاف والتشبيهات الشعريّة الجامعة لمجموع هذا النوع الذى ذكرناه

- ‌وأمّا اليمام وأصنافه وما وصف به وما قيل فيه

- ‌فأمّا الرّواعب

- ‌وأمّا المراعيش

- ‌وأمّا العدّاد

- ‌وأمّا المسياق

- ‌وأمّا الشدّاد

- ‌وأمّا القلّاب

- ‌وأمّا المنسوب

- ‌ذكر ما قيل فى طوق الحمامة

- ‌ذكر شىء مما وصف به هذا النوع نظما ونثرا

- ‌وقال أبو هلال العسكرىّ فى حمام أبلق:

- ‌وأما الببّغاء وما قيل فيها

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الثالث فى الطير الليلىّ

- ‌فأمّا الخفّاش وما قيل فيه

- ‌وأمّا الكروان وما قيل فيه

- ‌وأمّا البوم وما قيل فيه

- ‌وأما الصّدى وما قيل فيه

- ‌الباب السادس من القسم الخامس من الفن الثالث فى الهمج

- ‌فأمّا النحل وما قيل فيه

- ‌وأمّا الزّنبور وما قيل فيه

- ‌وأمّا العنكبوت وما قيل فيه

- ‌وأمّا الجراد وما قيل فيه

- ‌وأمّا دود القزّ وما قيل فيه

- ‌وأمّا الذّباب وما قيل فيه

- ‌وأمّا البعوض وما قيل فيه

- ‌وأمّا البراغيث وما قيل فيها

- ‌وأمّا الحرقوص وما قيل فيه

- ‌الباب السابع من القسم الخامس من الفن الثالث فى أنواع الأسماك

- ‌ذكر شىء من أنواع الأسماك

- ‌فأمّا الدّلفين

- ‌وأمّا الرّعّاد

- ‌وأمّا التّمساح

- ‌وأمّا السّقنقور

- ‌وأمّا السّلحفاة واللّجأة

- ‌وأمّا الفرس النّهرىّ

- ‌وأمّا الجند بيدستر

- ‌وأما الضفادع

- ‌وأمّا السّرطان وما قيل فيه

- ‌ذكر شىء من عجائب الحيوان المائىّ

- ‌الباب الثامن وهو الذيل على القسم الخامس من الفن الثالث

- ‌ذكر شىء مما قيل فى رماة البندق

- ‌ومما ورد فى وصف الجلاهق نظما

- ‌ذكر شىء مما قيل فى سبطانة

- ‌ذكر شىء مما قيل فى عيدان الدّبق

- ‌ذكر شى مما قيل فى الشّباك

- ‌ذكر ما قيل فى الشّصّ، وهو الصّنانير

الفصل: ‌ذكر ما جاء فى الديكة من الأحاديث وما عد من فضائلها وعاداتها ومنافعها

من الفزع منه ما تلقى [به «1» ] نفسها إليه. وهى إذا قابلت الدّيك تشهّته «2» ورامت السّفاد. والدّجاجة توصف بقلّة النوم. والفرّوج يخرج من البيضة كاسيا كاسبا، سريع الحركة، يدعى فيجيب ويتبع من يطعمه؛ ثم هو كلّما كبر ماق وحمق وزال كيسه. وهو مشترك الطبيعة: يأكل اللّحم، ويحسو الدّم، ويصيد الذّباب، وذلك من طباع الجوارح؛ ويلقط الحبوب، ويأكل البقول، وذلك من طباع بهائم الطير.

والله أعلم بالصواب.

‌ذكر ما جاء فى الدّيكة من الأحاديث وما عدّ من فضائلها وعاداتها ومنافعها

جاء فى الحديث عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أنّ ديكا صرخ عند النبىّ صلى الله عليه وسلم، فسبّه بعض أصحابه، فقال:«لا تسبّه فإنّه يدعو إلى الصلاة» .

وعن زيد بن خالد الجعفىّ: أن النبىّ صلى الله عليه وسلم نهى عن سبّ الدّيك وقال: «إنّه يؤذّن للصلاة» . وعن سالم بن أبى الجعد يرفعه: أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ ممّا خلق الله لديكا عرفه تحت العرش وبراثنه فى الأرض السّفلى وجناحاه فى الهواء فإذا ذهب ثلثا الليل وبقى ثلث ضرب بجناحيه ثم قال سبّحوا الملك القدّوس سبّوح قدّوس لا شريك له فعند ذلك تضرب الطير بأجنحتها وتصيح الدّيكة» . وعن كعب: «إنّ لله ديكا عنقه تحت العرش وبراثنه فى أسفل الأرض فإذا صاح صاحت الدّيكة يقول سبحان القدّوس الملك الرحمن لا إله غيره» .

وروى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنّ الدّيك الأبيض صديقى

ص: 219

وعدوّ عدوّ الله يحرس دار صاحبه وسبع دور» . وكان النبىّ صلى الله عليه وسلم يبيّته معه فى البيت. وروى أنّ أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون بالدّيكة.

قال الجاحظ: وزعم أصحاب التّجربة أن كثيرا ما يرون الرجل إذا ذبح الدّيك الأبيض الأفرق «1» إنه لا يزال ينكب فى أهله وماله.

وقال فى كتاب الحيوان فى المناظرة بين الدّيك والكلب: وفى الديك الشّجاعة والصبر والجولان والثّقافة والتّسديد؛ وذلك أنه يقدّر إيقاع صيصيته «2» بعين الديك الآخر أو مذبحه فلا يخطئ. قال: ثم معرفته بالليل وساعاته وارتفاق بنى آدم بمعرفته وصوته، يتعرّف آناء الليل وعدد الساعات ومقادير الأوقات ثم يقسّط أصواته على ذلك تقسيطا موزونا لا يغادر منه شيئا. فليعلم الحكماء أنه فوق الإسطرلاب وفوق مقدار الجزر»

والمدّ على منازل القمر، حتى كأن طبعه فلك [على حدته «4» ] .

ومن عجيب أحوال الدّيكة أنها إذا كانت فى مكان ثم دخل عليها ديك غريب سفدته جميعا. والدّيك يضرب به المثل فى السخاء، وذلك أنه ينقر الحبّ ويحمله بطرفى منقاره إلى الدّجاج، فإذا ظفر بشىء من الحبّ والدّجاج غيب دعاهنّ إليه وقنع منه بدون حاجته توفيرا «5» عليهنّ. قالوا: والدّيكة تعظم بدبيل «6» السّند حتى تكون مثل النّعام.

ص: 220

وقال الشيخ الرئيس أبو علىّ بن سينا: إنّ مرقة الديوك العتق لها خاصّيّات، سنذكرها. قال: والوجه الذى ذكره جالينوس فى طبخها أن تذبح بعد علفها وبعد إعدائها إلى أن تنبتّ «1» فتسقط فتذبح، ثم يخرج ما فى بطنها ويملأ بطنها ملحا ويخاط ويطبخ بعشرين قسطا ماء حتى ينتهى إلى الثّلث ويشرب. قال: ثم يزاد فى ذلك ما نذكره. قال: وأجود الدّيكة ما لم يصقع «2» بعد. وأجود الدّجاج ما لم يبض، والعتيق ردىء. قال: ولحم الفراريج أحرّ من لحم الدّجاج الكبير. وخصىّ الدّيوك محمود سريع الهضم. ومرقة الدّيوك المذكورة توافق الرّعشة ووجع المفاصل. ولحم الدّجاج الفتىّ يزيد فى العقل، ودماغها يمنع النّزف الرّعافىّ العارض من حجب الدّماغ. ومرقة الدّيوك المذكورة نافعة من الرّبور. ولحم الدّجاج يصفّى الصوت. ومرقة الدّيك الهرم المعمولة بالقرطم والشّبث تنفع من جميع ذلك.

ومرقة الديوك نافعة لوجع المعدة من الرّيح، وتنفع القولنج جدّا. ولحم الدّجاج الفتىّ يزيد فى المنىّ؛ والمرقة المذكورة [مع البسفايج «3» ] تسهّل السّوداء، ومع القرطم تسهّل البلغم. وقد تطبخ بالأدوية القابضة للسّحج «4» ، وباللّبن لقروح المثانة.

والمرقة نافعة من الحميّات المزمنة. قال: والدّجاج المشقوق عن قلبه أو الديك يوضع على نهش الهوامّ ويبدّل كلّ ساعة فيمنع من فشوّ السمّ. وفى السموم المشروبة يتحسّى طبيخه «5» بالشّبث والملح ويتقيّأ.

ص: 221

ومن الحكايات التى تعدّ من خرافات العرب ما حكاه بعضهم عن الرّياشىّ «1» قال: كنّا عند الأصمعىّ، فوقف عليه أعرابىّ فقال: أنت الأصمعى؟ قال: نعم؛ قال: أنت أعلم أهل الحضر بكلام العرب؟ قال: يزعمون؛ قال: ما معنى قول أميّة بن أبى الصلت:

وما ذاك إلّا الدّيك شارب خمرة

نديم غراب لا يملّ الحوانيا «2»

فلما استقلّ الصبح نادى بصوته

ألا يا غراب هل رددت ردائيا

فقال الأصمعىّ: إنّ العرب كانت تزعم أنّ الدّيك كان ذا جناح يطير به فى الجوّ وأنّ الغراب كان ذا جناح كجناح الدّيك لا يطير به وأنهما تنادما ليلة فى حانة يشربان فنفد شرابهما؛ فقال الغراب للدّيك: لو أعرتنى جناحك لأتيتك بشراب؛ فأعاره جناحه، فطار ولم يرجع إليه؛ فزعموا أنّ الديك إنما يصيح عند الفجر استدعاء لجناحه من الغراب؛ فضحك الأعرابىّ وقال: ما أنت إلا شيطان.

وهذه الحكاية ذكرها الجاحظ فى كتاب الحيوان بنحو ما حكى عن الأصمعىّ، وساق أبيات أميّة بن أبى الصّلت، وهى:

ولا «3» غرو إلّا الديك مدمن خمرة

نديم غراب لا يملّ الحوانيا

ومرهنه عند الغراب جبينه

فأوفيت مرهونا وخان مسابيا «4»

أدلّ علىّ الدّيك أنّى كما ترى

فأقبل على شأنى وهاك ردائيا

ص: 222

أمنتك «1» لا تلبث من الدهر ساعة

ولا نصفها حتى تؤوب مآبيا

ولا تدركنك الشمس عند طلوعها

فأغلق «2» فيهم أو يطول ثوائيا

فردّ الغراب والرداء يحوزه

إلى الدّيك وعدا كاذبا وأمانيا

بأيّة ذنب أو بأيّة حجّة

أدعك فلا تدعو علىّ ولاليا «3»

فإنى نذرت حجّة لن أعوقها

فلا تدعونّى دعوة من ورائيا

تطيّرت منها والدّعاء يعوقنى

وأزمعت حجّا أن أطير أماميا

فلا تيأسن إنى مع الصبح باكرا

أوافى غدا نحو الحجيج الغواديا

كحب امرئ فاكهته قبل حجّتى

وآثرت عمدا شأنه قبل شانيا

هنا لك ظنّ الدّيك أن زال زوله

وطال عليه الليل أن لا مفاديا

فلما أضاء الصبح طرّب صرخة

ألا يا غراب هل سمعت ندائيا

على ودّه لو كان ثم يجيبه

وكان له ندمان صدق مواتيا

وأمسى الغراب يضرب الأرض كلّها

عتيقا «4» وأضحى الدّيك فى القدّ عانيا

فذلك مما أسهت الخمر لبّه

ونادم ندمانا من الطير عاديا «5»

ومن الحكايات التى لا بأس بإيرادها فى هذا الموضع ما حكاه الجاحظ قال:

قال أبو الحسن: حدّثنى أعرابىّ كان نزل البصرة قال: قدم علىّ أعرابىّ من البادية فأنزلته، وكان عندى دجاج كثير ولى امرأة وابنان وابنتان منها؛ فقلت لامرأتى: بادرى واشوى لنا دجاجة وقدّميها إلينا نتغدّها. فلما حضر الغداء جلسنا جميعا أنا وامرأتى

ص: 223

وابناى وابنتاى والأعرابىّ. قال: فدفعنا إليه الدجاجة فقلنا له: اقسمها بيننا، نريد بذلك أن نضحك منه؛ فقال: لا أحسن القسمة، فإن رضيتم بقسمتى قسمتها بينكم؛ قلنا: فإنّا نرضى. فأخذ رأس الدجاجة فقطعه وناولنيه وقال: الرأس للرئيس، وقطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين، ثم قطع الساقين وقال: الساقان للابنتين، ثم قطع الزّمكّى «1» وقال: العجز للعجوز، وقال: الزّور «2» للزائر؛ قال: فأخذ الدجاجة بأسرها وسخر بنا. قال: فلمّا كان من الغد قلت لامرأتى: اشوى لنا خمس دجاجات، فلما حضر الغداء قلنا له: اقسم بيننا؛ فقال: إنى أظن أنكم وجدتم فى أنفسكم؛ قلنا:

لم نجد فاقسم بيننا؛ قال: أقسم شفعا أو وترا؟ قلنا: اقسم وترا؛ قال: أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة، ثم رمى إلينا بدجاجة؛ ثم قال: وابناك ودجاجة ثلاثة، ورمى إليهما بدجاجة؛ ثم قال: وابنتاك ودجاجة ثلاثة، ورمى إليهما بدجاجة؛ ثم قال:

وأنا ودجاجتان ثلاثة وأخذ دجاجتين وسخر بنا. فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال:

ما تنظرون! لعلكم كرهتم قسمتى! الوتر لا يجىء إلّا هكذا، فهل لكم فى قسمة الشّفع؟ قلنا نعم؛ فضمّهنّ «3» إليه ثم قال: أنت وابناك ودجاجة أربعة، ورمى إلينا بدجاجة؛ ثم قال: والعجوز وابنتاها ودجاجة أربعة، ورمى إليهنّ بدجاجة؛ ثم قال: وأنا وثلاث دجاجات أربعة وضمّ إليه الثلاث، ورفع يديه إلى السماء فقال:

اللهمّ لك الحمد، أنت فهّمتنيها. هكذا ساقها أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ.

وحكى غيره هذه الحكاية عن الأصمعىّ وفيها زيادة، قال: حكى الأصمعىّ: بينا

ص: 224

أنا فى البادية إذا أنا بأعرابىّ على ناقة وهى ترقص به فى الآل؛ فلمّا دنا منّى سلّم علىّ، فسلّمت عليه وقلت: يا أخا العرب

قوم بخفّان «1» عهدناهم

سقاهم الله من النّو

ما النّو؟ فقال:

نوء السّماكين وريّاهما

نور تلالا بعد إيماضه ضو «2»

فقلت: ما الضّو يا أخا العرب؟ فقال:

ضوء تلالا فى دجى ليلة

مقمرة مسفرة لو

فقلت: لو إيش يا أخا العرب؟ فقال:

لو مرّ فيها سائر راكب

على نجيب الأرض منطو

فقلت: منطو إيش يا أخا العرب؟ فقال:

منطوى الكشح هضيم الحشى

كالباز ينقضّ من الجوّ

فقلت: ما الجوّ يا أخا العرب؟ فقال:

جوّ السما والريح تعلو به

فاشتمّ ريح الأرض فاعلوّ

فقلت: فاعلو إيش يا أخا العرب؟ فقال:

فاعلو لما قد فات من صيده

لا بدّ أن تلقى ويلقوا

فقلت: ماذا يلقوا يا أخا العرب؟ فقال:

يلقوا بأسياف يمانيّة

وعن قليل سوف يفنوا

ص: 225