الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الحرباء وما قيل فيها
- والحرباء لها أصابع، وأظنها لنبش التراب.
ولونها أسود وأصفر ومختلط الألوان كالفهد. وهذه التسمية تقع على ذكورها وإناثها «1» . والحرباء إذا كان فى الشمس كان كثير التلوّن، فإذا انتقل إلى الظل كان أقل تلوّنا. وإذا قارب الموت أو مات أصفرّ. وهو أبدا يطلب الشمس، فإذا طلعت وجّه وجهه نحوها. فمتى غاب عنه جرمها فلا يراها أصابه نوع من الجنون. وإذا غابت الشمس ذهب ليطلب معاشه ليله كلّه حتى يصبح. ولسانه طويل جدّا، يقال: إنه مقدار ذراع، فهو يبلغ به ما بعد عنه من الذّباب. والأنثى منه تكنى أمّ حبين. وهو يوصف بالحزم لأنه حيث ينظر إلى الشمس يقبض بيده على خوط «2» ، فإذا تقلّب نحو الشمس حيث ما مالت [لا «3» ] يرسل ذلك الخوط من يده حتى يقبض بيده الأخرى خوطا آخر. وفيه يقول الشاعر «4» :
أنّى أتيح له «5» حرباء تنضبة «6»
…
لا يرسل السّاق إلا ممسكا ساقا
وكتب بعض الفضلاء إلى بعض أصدقائه يلومه على مقامه بوطنه حين «1» نبابه؛ فقال من رسالة:
«أعجزت فى الإباء، عن خلق الحرباء؛ أدلى لسانا كالرّشاء، يبلغ به ما يشاء؛ وناط همّته بالشمس، مع بعدها عن اللمس؛ وأنف من ضيق الوجار، ففرّخ فى الأشجار؛ وسئم العيش المسخوط، فاستبدل خوطا بخوط؛ فهو كالخطيب، على الغصن الرّطيب.
وإنّ صواب الرّأى والحزم لامرئ
…
إذا بلغته الشمس أن يتحوّلا
وقال ذو الرّمّة:
كأنّ يدى حربائها متشمّسا
…
يدا مذنب «2» يستغفر الله تائب
وقال فيه أيضا:
وقد جعل الحرباء يصفرّ «3» لونه
…
وتخضرّ من لفح الهجير غباغبه «4»
ويشبح «5» بالكفّين شبحا كأنه
…
أخو فجرة عالى به الجذع صالبه