الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى طبع الجمل الاهتداء بالنّجم، ومعرفة الطّرق، والغيرة، والصولة، والصبر على الحمل الثقيل وعلى العطش. والإبل تميل إلى شرب المياه الكدرة الغليظة؛ وهى إذا وردت ماء الأنهار حرّكته بأرجلها حتى يتكدّر. وهى من عشّاق الشمس.
وهى تتعرّف النبات المسموم بالشّمّ من مرّة واحدة فتتجنّبه عند رعيه ولا تغلط إلا فى اليبيس «1» خاصّة. وزعم أرسطو: أنها تعيش ثلاثين سنة فى الغالب.
وقال صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر ينقل عن غيره: وقد رئى منها ما عاش مائة سنة. وكانت للعرب عوائد فى إبلها أنها اذا أصاب إبلهم العرّ «2» كووا السليم ليذهب العرّ عن السقيم. وكانوا إذا كثرت إبلهم فبلغت الألف فقئوا عين الفحل؛ فإن زادت على الألف فقئوا عينه الأخرى. وقد ذكرنا ذلك فى أوابد العرب، وهو فى الباب الثانى من الفن الثانى من هذا الكتاب فى السفر الثالث من هذه النسخة. والله أعلم بالصواب.
ذكر ما ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإبل
كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال لها «القصواء» . ذكر ابن سعد عن محمد بن عمر قال حدثنى موسى بن محمد بن إبراهيم التّيمىّ عن أبيه قال: كانت القصواء من نعم بنى الحريش، ابتاعها أبو بكر رضى الله عنه وأخرى معها بثمانمائة درهم فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه بأربعمائة؛ فكانت عنده حتى نفقت «3» . وهى التى هاجر عليها صلى الله عليه وسلم. وكانت حين قدم المدينة رباعية، وكان اسمها «القصواء» و «الجدعاء» و «العضباء» ، وكان فى طرف أذنها جدع «4» ، وكانت لا تسبق
كلما دفعت فى سباق. فلما كان فى سنة ستّ من الهجرة سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرّواحل، فسبق قعود لأعرابىّ «القصواء» ، ولم تكن تسبق قبلها؛ فشقّ ذلك على المسلمين؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«حقّ على الله ألّا يرفع شيئا من الدنيا إلّا وضعه» . وعن قدامة بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجّته يرمى على ناقة صهباء. وعن سلمة بن نبيط عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجّته بعرفة على جمل أحمر. وذكر أبو إسحاق أحمد ابن محمد بن إبراهيم الثّعلبىّ فى تفسيره: أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم بعث يوم الحديبية خراش بن أميّة الخزاعىّ قبل عثمان «1» إلى قريش بمكة، وحمله على جمل له يقال له «الثّعلب» ؛ ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له؛ فعقروا جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله؛ فمنعته الأحابيش،»
فخلّوا سبيله. وكان للنبىّ صلى الله عليه وسلم عشرون لقحة «3» بالغابة (وهى على بريد من المدينة من طريق الشام) وكان فيها أبو ذرّ، وكان فيها لقائح غزر «4» : الحنّاء» و «السّمراء» و «العريس» «5» و «السّعديّة» و «البغوم» «6»
و «اليسيرة» «1» و «الرّيّا» «2» . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرّقها على نسائه؛ فكانت «السّمراء» لقحة غزيرة لعائشة؛ وكانت العريّس لأمّ «سلمة» ؛ فأغار عليها عيينة بن حصن فى أربعين فارسا فاستاقوها وقتلوا ابن «3» أبى ذرّ؛ ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى انتهوا إلى ذى قرد «4» فاستنقذوا منها عشرا وأفلت القوم بما بقى؛ وقيل: بل استنقذها كلّها منهم سلمة بن «5» الأكوع حين يقول:
ما خلق الله شيئا من ظهر «6» النبىّ صلى الله عليه وسلم إلا خلّفته وراء ظهرى واستنقذته منهم؛ وذلك فى شهر ربيع الأوّل سنة ستّ.
وكانت لقاحه صلى الله عليه وسلم، التى كان يرعاها يسار مولاه بذى الجدر ناحية قباء قريبا من عير «7» على ستة أميال من المدينة، خمس عشرة لقحة غزارا استاقها
العرنيّون «1» وقتلوا يسارا وقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك فى لسانه وعينيه حتى مات.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى إثرهم كرز «2» بن جابر الفهرىّ فى عشرين فارسا؛ فأدركوهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة، فقطّعت أيديهم وأرجلهم وسملت «3» أعينهم وصلبوا. وفيهم نزل:(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)
الآية؛ وذلك فى شوّال سنة ستّ. وفقد النبىّ صلى الله عليه وسلم منها لقحة تدعى «الحنّاء» ؛ فسأل عنها فقيل: نحروها.
وقيل: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سبع «4» لقائح تكون بذى الجدر؛ وتكون بالجمّاء «5» : لقحة تدعى «مهرة» وكانت غزيرة، أرسل بها سعد بن عبادة من نعم بنى عقيل، ولقحة تدعى «بردة» تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان، أهداها له الضحّاك بن سفيان الكلابىّ، «والشّقراء» و «الرّيّا» «والسّمراء» «والعريّس» «واليسيرة» «والحنّاء» يحلبن ويراح إليه بلبنهنّ كلّ ليلة.
وفى غزاة بدر غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمل «6» أبى جهل وكان مهريّا يغزو عليه ويضرب فى لقاحه. ذكره الطبرىّ.