الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذكائه وفطنته ما حكى: أنّ رجلا صاد فرخا منها فجعله فى قفص؛ فرأته أمّه فذهبت وعادت بدينار فى فمها فألقته بين يدى الرجل كأنها تريد فداء ولدها منه به، فتركه ولم يتناوله، فذهبت وأتت بدينار آخر فلم يأخذه، فلم تزل تذهب وتعود فى كل مرّة بدينار إلى خمسة دنانير وهو لا يمسك الذهب، فذهبت وعادت بصرّ فارغة وألقتها بين يديه كأنها تقول: إنه لم يبق شىء؛ فلم يطلق ولدها ولا ضمّ الدنانير. فلمّا رأته على ذلك عمدت إلى دينار منها فأخذته وعادت به إلى جحرها؛ فخشى أن تفعل ذلك ببقيّة الدنانير، فأخذها وأطلق فرخها؛ فأعادت إليه الدينار.
وقالت الحكماء: لحم ابن عرس نافع من الصّرع. والله أعلم «1» .
***
وأمّا القنافذ وما قيل فيها
- وواحدها قنفذ. وهى صنفان: قنفذ ودلدل. فالقنفذ يكون بأرض مصر فى قدر الفأر. والدلدل يكون بالشأم والعراق وخراسان فى قدر الكلب القلطىّ «2» . ويقال: إنه يسفد «3» قائما وبطن الأنثى لاصق ببطن الذكر. والأنثى تبيض خمس بيضات؛ وليس هو كالبيض الذى له قشر يابس بل هو شبيه باللّحم. وتصرّف القنافذ بالليل أكثر من تصرّفها بالنهار. قال أيمن بن خريم:
كقنفذ الرّمل لا تخفى مدارجه
…
حتى إذا نام عنه الناس لم ينم
والقنفذ يستأنس فى البيوت، ويختفى أياما ثم يظهر. وهو إذا جاع صعد إلى الكروم وقطع العناقيد ورمى بها ثم ينزل فيأكل منها ما أطاق؛ فإن كان له فراخ تمرّغ على ما بقى فيشتبك فى شوكه، وذلك بعد تفريطه من عمشوشه «1» ، ويذهب به إلى فراخه. وهو مولع بأكل الأفاعى، ولا يبالى قبض على رأسها أو غيره من بدنها، فإنه إن قبض على رأسها أكلها بغير كلفة عليه ولا مشقّة؛ وإن قبض على وسطها أو ذنبها استدار وتجمّع ونفخ بدنه، فمتى ضربته أصابها شوكه، فهى تهرب منه؛ وطلبه لها بقدر هربها منه.
والدّلدل إذا رأى ما يكرهه انقبض فيخرج منه شوك كالمدارى فى طول الشّبر، فيجرح ما يصيبه من الحيوان. ويقال: إنّ شوكه شعر، وإنما لمّا غلظ وغلب عليه اليبس صار شوكا.
وقال ابن سينا: فى رماد القنفذ جلاء وتحليل. وملحه ينفع «2» من داء الفيل.
ولحمه ينفع من الجذام؛ لشدّة تحليله وتجفيفه. ولحمه المملّح ينفع من الفالج والتّشنّج وأمراض العصب كلّها وداء الفيل، وينفع من السّلّ ومن سوء المزاج. ومملوحه مع السّكبينج «3» جيّد للاستسقاء ووجع الكلى، وينفع من يبول من الصبيان فى الفراش؛ حتى إنّ إدمان أكله ربما عسّر البول. ولحمه ينفع من الحمّيات المزمنة ومن نهش الهوامّ. والله أعلم.