الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تسمى «اليمن» . وذكر بعض المتأخّرين من أهل الحديث أنّ مكحولا سئل عن جلد الميتة، فقال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة تسمى «قمر» ؛ ففقدها فقال: «ما فعلت قمر» ؟ فقالوا: ماتت يا رسول الله؛ قال: «ما فعلتم بإهابها» ؟
قالوا: ميتة؛ قال: «دباغها طهورها» .
قال الشيخ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدّمياطى رحمه الله تعالى فى كتاب [فضل] الخيل: وكانت منائح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم سبعا: «عجرة» و «زمزم «1» » و «سقيا» و «بركة» و «ورشة» و «أطلال» و «أطراف «2» » . وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سبع أعنز منائح ترعاهنّ أمّ أيمن. قال: والمنيحة: الناقة والشاة تعطيها غيرك فيحلبها ثم يردّها عليك. قال أبو عبيد: للعرب أربعة أسماء تضعها مواضع العارية، وهى: المنيحة، والعريّة، والإفقار «3» ، والإخبال «4» .
ذكر ترتيب سنّ الغنم
ولد الشاة حين تضعه ذكرا كان أو أنثى «سخلة» و «بهمة» . فإذا فصل عن أمّه فهو «حمل» و «خروف» . فإذا أكل واجترّ فهو «بذج» «5» و «فرفور» . فإذا
بلغ النّزو فهو «عمروس» . وكلّ أولاد الضأن والمعز فى السنة الثانية «جذع» ؛ وفى الثالثة «ثنىّ» ؛ وفى الرابعة «رباع» ؛ وفى الخامسة «سديس» ؛ وفى السادسة «سالغ «1» » . وليس له بعد هذا اسم. ويقال لولد المعز: «جفر» ثم «عريض» «وعتود» و «عناق» . والغنم، الضأن والمعز، تضع حملها فى خمسة أشهر. وتلد النعجة رأسا إلى ثلاثة، والعنز من الرأس إلى أربعة. وينزو الذكر بعد مضىّ ستة شهور من ميلاده. وتحمل الأنثى بعد مضىّ خمسة أشهر من يوم ولدت. ويجزّ صوف الضأن عنها فى كل سنة. ولحوم الضأن من أطيب اللّحمان؛ وكذلك ألبانها.
وقد أطنب الجاحظ فى المفاخرة بين الضأن والمعز وأطال وأتى بالغثّ والسّمين.
وكتب أبو الخطّاب الصابى إلى الحسين بن صبرة جوابا عن رقعة أرسلها إليه فى وصف حمل أهداه إليه، جاء منها:
«وصلت رقعتك؛ ففضضتها عن خطّ مشرق، ولفظ مؤنق؛ وعبارة مصيبة، ومعان غريبة؛ واتّساع فى البلاغة يعجز عنه عبد الحميد فى كتابته، وسحبان فى خطابته. وذكرت فيها حملا، جعلته بصفتك جملا؛ وكان كالمعيدىّ أسمع به ولا أراه «2» . وحضر، فرأيت كبشا متقام الميلاد، من نتاج قوم عاد؛ قد أفنته الدهور، وتعاقبت عليه العصور؛ فظننته أحد الزوجين «3» اللذين حملهما نوح فى سفينته، وحفظ بهما جنس الغنم لذريّته. صغر عن الكبر، ولطف فى القدر؛ فبانت دمامته،
وتقاصرت قامته؛ وعاد نحيفا ضئيلا، باليا هزيلا؛ بادى السّقام، عارى العظام؛ جامعا للمعايب، مشتملا على المثالب؛ يعجب العاقل من حلول الروح فيه؛ لأنه عظم مجلّد، وصوف ملبّد؛ لا تجد فوق عظامه سلبا «1» ، ولا تلقى اليد منه إلا خشبا؛ لو ألقى للسّبع لأباه، أو طرح للذئب لعافه وقلاه؛ وقد طال للكلأ فقده، وبعد بالمرعى عهده؛ لم ير القتّ «2» إلّا نائما، ولا الشعير إلا حالما. وقد خيّرتنى بين أن أقتنيه فيكون فيه غنى الدهر، أو أذبحه فيكون فيه خصب الشّهر؛ فملت إلى استبقائه؛ لما تعلمه من محبّتى فى التوفير، ورغبتى فى التّثمير؛ وجمعى للولد، وادّخارى لغد؛ فلم أجد فيه مستمتعا للبقاء، ولا مدفعا للفناء؛ لأنه ليس بأنثى فيحمل، ولا بفتىّ فينسل، ولا بصحيح فيرعى «3» ، ولا بسليم فيبقى؛ فملت إلى الثانى من رأييك، وعملت بالآخر من قوليك؛ وقلت: أذبحه فيكون وظيفة للعيال، وأقيمة رطبا مقام قديد الغزال؛ فأنشدنى وقد أضرمت النار، وحدّدت الشّفار، وشمّر الجزّار:
أعيذها نظرات منك صادقة
…
أن تحسب الشّحم فيمن شحمه ورم
وما الفائدة لك فى ذبحى! وإنما أنا كما قيل:
لم يبق إلّا نفس خافت
…
ومقلة إنسانها باهت
ليس لى لحم يصلح»
للأكل، فإنّ الدهر أكل لحمى؛ ولا جلد يصلح للدّبغ، فإن الأيام مزّقت أديمى؛ ولا صوف يصلح للغزل، فإن الحوادث حصّت «5» وبرى.
وإن أردتنى للوقود فكفّ بعر أدفأ من نارى، ولم تف حرارة جمرى برائحة قتارى «1» .
ولم يبق إلّا أن تطالبنى بذحل «2» أو بينى وبينك دم. فوجدته صادقا فى مقالته، ناصحا فى مشورته. ولم أعلم من أىّ أموره أعجب: أمن مماطلته الدّهر على البقاء، أم من صبره على الضّر والبلاء، أم من قدرتك عليه مع عوز مثله، أم من إتحافك الصديق به على خساسة قدره. ويا ليت شعرى إذا «3» كنت والى سوق الأغنام، وأمرك ينفذ فى المعز والضأن؛ وكلّ حمل سمين، وكبش بطين؛ مجلوب «4» إليك، وموقوف عليك، تقول فيه فلا تردّ، وتريد فلا تصدّ؛ وكانت هديّتك هذا الذى [كأنه «5» ] انشر من القبور، أو أقيم عند النّفخ فى الصّور؛ فما كنت مهديا لو أنك رجل من عرض الكتّاب، كأبى علىّ وأبى الخطّاب! ما تهدى إلّا كلبا أجرب، أو قردا أحدب.
وقال شاعر فى هذا المعنى:
ليت شعرى عن الخروف الهزيل
…
ألك الذّنب فيه أم للوكيل
لم أجد فيه غير جلد وعظم
…
وذنيب له دقيق طويل
ما أرانى أراه يصلح إذ أص
…
بح رسما على رسوم الطّلول
لا لشيّ ولا لطبخ ولا بي
…
ع ولا برّ صاحب وخليل
أعجف لو مطفّل نال منه
…
لغدا تائبا عن التّطفيل «6»
وقال شرف الدّين بن عين وقد أهدى له بعض أصدقائه خروفا بعد ما مطله به:
أتانى خروف ما تشكّكت أنّه
…
حليف جوى قد شفّه الهجر والمطل
إذا قام فى شمس الظهيرة خلته
…
خيالا سرى فى ظلمة ماله ظلّ
فناشدته: ما تشتهى؟ قال: قتة
…
وقاسمته «1» : ما شفّه؟ قال لى: الأكل
فأحضرتها خضراء مجّاجة الثرى
…
منعّمة ما خصّ أطرافها فتل
وظلّ يراعيها بعين ضعيفة
…
وينشدها والدّمع فى الخدّ منهلّ:
«أتت وحياض الموت بينى وبينها
…
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل»
وقال الحمدونىّ فى المعزى:
أبا سعيد لنا فى شاتك العبر
…
جاءت وما إن بها بول ولا بعر
وكيف تبعر شاة عندكم مكثت
…
طعامها الأبيضان: الشمس والقمر
لو أنّها أبصرت فى نومها علفا
…
غنّت له ودموع العين تنحدر:
«يا مانعى لذّة الدنيا بما رحبت
…
إنى ليقنعنى من وجهك النظر»
وقال أيضا:
ما أرى إن ذبحت شاة سعيد
…
حاصلا فى يدىّ غير الإهاب
ليس إلّا عظامها، لو تراها
…
قلت هذى أرازن «2» فى جراب
وقال فيها:
لسعيد شويهة
…
سلّها الضّرّ والعجف
قد تغنّت وأبصرت
…
رجلا حاملا علف:
بأبى من بكفّه
…
برء دائى من الدّنف
فأتاها مطمّعا
…
فأتته لتعتلف
فتولّى وأقبلت
…
تتغنّى من الأسف:
ليته لم يكن وقف
…
عذّب القلب وانصرف