الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما قيل فى العقارب
قال الجاحظ: والعقارب أصناف: منها الجرّارة، والطيّارة، وماله ذنب كالحربة، وماله ذنب معقّف؛ وفيها السّود، والخضر، والصّفر. وهى من ذوات الذّرو «1» . ويقال: إنّ الأنثى من هذا النوع إذا حملت يكون حتفها فى ولادتها؛ لأن أولادها إذا استوى خلقها أكلت بطون الأمّهات حتى تنقبها، وتكون الولادة من ذلك النّقب، فتخرج والأمهات ميتة. وفى ذلك يقول الشاعر:
وحاملة لا تحمل الدّهر حملها
…
تموت ويحيا «2» حملها حين تعطب
وقال أيضا: إنها تلد من فيها مرّتين، وتحمل أولادها على ظهرها وهى فى قدر القمل كثيرة العدد. قال: والعقرب شرّ ما تكون إذا كانت حبلى؛ ولها ثمان أرجل لها أظلاف مثل أظلاف الثور، وعيناها فى ظهرها. ومن عجيب أمرها أنها لا تضرب الميت ولا المغشىّ عليه ولا النائم، إلا أن يتحرّك شىء من بدنه؛ فإنها عند ذلك تضربه؛ وضربها له إنما هو من خوفها منه. وهى تأوى إلى الخنافس وتسالمها، وتصادق من الحيّات كلّ أسود سالخ. وربما لسعت الأفعى فتموت.
وفيها ما يلسع بعضه بعضا فيموت الملسوع. ويقال: إنها تستخرج من بيوتها بالجراد؛ لأنها تحرص على أكله. ومتى أدخل الكّرّاث فى حجرها وأخرج تبعته وما معها من نوعها. وهى إذا خرجت من جحرها تضرب كلّ ما لقيته من حيوان أو نبات أو جماد.
وقيل لبعض الأطبّاء: إنّ فلانا يقول: إنما أنا مثل العقرب أضرّ ولا أنفع؛ فقال: ما أقلّ علمه بها! إنها تنفع إذا شقّ بطنها ووضعت على مكان اللّسعة. وقد تجعل فى جوف فخّار مسدود الرأس مطيّن الجوانب، ثم توضع الفخّارة فى تنّور؛ فإذا صارت العقرب رمادا سقى من ذلك الرماد من به حصاة نصف دانق فتفتّتها من غير أن تضرّ شيئا من الأعضاء. وقد تلسع من به حمّى عتيقة فتقلع عنه. وقد تلسع المفلوج فيذهب عنه الفالج. وقد تلقى العقرب فى الدّهن وتترك فيه حتى يأخذ منها ويجتذب قواها، فيكون ذلك الدّهن مصرّفا للأورام الغليظة. وقال الشيخ الرئيس: زيت العقارب نافع من أوجاع الأذن. فهذه منافعها.
وقال الجاحظ: ومن أعاجيب العقرب أنها لا تسبح ولا تتحرّك إذا ألقيت فى الماء، كان الماء جاريا أو ساكنا. قال: وهى تطلب الإنسان وتقصده؛ فإذا قصدها فرّت منه. وهى إذا ضربت الإنسان هربت هرب من قد أساء.
قال: ومن أعاجيب ما فى العقرب أنا وجدنا عقارب القاطول «1» يموت بعضها من لسع بعض، ثم لا يموت عن لسعتها شىء [غير العقارب «2» ]، ونجد العقرب تلسع إنسانا فيموت وتلسع آخر فتموت هى؛ فدلّ ذلك على أنها كما تعطى تأخذ. ويقال: إن الذى تموت هى إذا لسعته تكون أمّه قد لسعت وهى حامل به. قال: ومن أعاجيبها أنها تضرب الطّست والقمقم النّحاس فتخرقه، وربما ضربته فثبتت إبرتها فيه.
قال: والعقارب القاتلة تكون فى موضعين: بشهرزور من بلاد الجبل، وعسكر مكرم «3» من بلاد الأهواز، وهى جرّارات؛ وإذا لسعت قتلت؛ وربما تناثر لحم من