الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجعلونها برسم حمل الزّبل. أخبرنى قاضى القضاة جمال الدين أبو محمد بن سليمان بذلك، وقال: وإذا طلب ولىّ الأمر البغل لأحد كان ذلك دلالة على إشهاره «1» وتجريسه «2» عليه. قال: فلا يركب البغل الذكر عندنا إلا زبّال أو مجرّس. وأعظم ما تفضّل به إناث البغال على ذكورها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبها وملكها؛ وما ورد أنه ملك بغلا ولا ركبه.
ولن
ذكر بغلات رسول الله صلى الله عليه وسلم
تفضيلا لهذا الحيوان وتشريفا، وتنويها بذكره وتعريفا؛ والله أعلم.
ذكر بغلات رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء يقال لها «دلدل» ، أهداها له المقوقس. ذكر ذلك ابن قتيبة وابن سعد؛ فقال ابن سعد ما هذا نصه:«وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبى بلتعة اللّخمى، وهو أحد الستة «3» ، إلى
المقوقس صاحب الإسكندريّة عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتابا «1» ؛ فأوصل إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأه وقال له خيرا؛ وأخذ الكتاب فجعله فى حقّ من عاج وختم عليه ودفعه إلى جاريته؛ وكتب إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم:«قد علمت أن نبيّا قد بقى، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان فى القبط عظيم، وقد أهديت إليك كسوة وبغلة تركبها» . ولم يزد على هذا ولم يسلم. فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هديّته، وأخذ الجاريتين: مارية أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأختها سيرين، وبغلة بيضاء لم يكن فى العرب يومئذ غيرها وهى «دلدل» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ضنّ الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه» .
وذكر ابن سعد أيضا قال: كانت «دلدل» بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل بغلة رئيت فى الإسلام، أهداها له المقوقس وأهدى معها حمارا يقال له «عفير» ؛ فكانت البغلة قد بقيت حتى كان زمن معاوية. وفى لفظ: وكانت
شهباء، وكانت بينبع حتى ماتت ثمّ. وفى لفظ: وكانت قد كبرت حتى زالت أستانها، وكان يجشّ لها الشعير.
وروى ابن سعد أيضا عن محمد بن عمر الأسلمىّ قال: حدّثنا أبو بكر بن عبد الله ابن أبى سبرة عن زامل بن عمرو قال: أهدى فروة بن عمرو إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم بغلة يقال لها «فضّة» فوهبها لأبى بكر. وكذلك قال البلاذرىّ.
وقد يقال: إن «دلدل» من هديّة فروة، وإن «فضّة» من هدية المقوقس.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: أهدى للنبىّ صلى الله عليه وسلم بغلة أهداها له كسرى؛ فركبها بجلّ «1» من شعر ثم أردفنى خلفه. رواه الثّعالبىّ فى تفسيره فى قوله تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) *
. قال الشيخ شرف الدين عبد المؤمن الدّمياطى رحمه الله: قوله «أهداها له كسرى» بعيد؛ لأنه مزّق كتاب النبىّ صلى الله عليه وسلم وأمر عامله باليمن بقتله وبعث رأسه إليه؛ فأهلكه [الله] بكفره وطغيانه.
وروى مسلم بن الحجّاج رحمه الله من حديث أبى حميد الساعدىّ قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك؛ فذكر الحديث؛ وقال فيه: وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء؛ فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بردا. رواه البخارىّ فى كتاب الجزية والموادعة بعد الجهاد؛ ورواه أبو نعيم فى المستخرج.
ولفظهما: «وأهدى ملك أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء فكساه بردا» ؛ وقال أبو نعيم: بردة.
وقال ابن سعد: وبعث صاحب «1» دومة الجندل «2» لرسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبّة من سندس.
وروى إبراهيم الحربىّ فى كتاب الهدايا عن علىّ رضى الله عنه قال: وأهدى يحنّة «3» بن روبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلته البيضاء.
وروى يوسف بن صهيب عن ابن «4» بريدة عن أبيه قال: انكشف الناس عن النبىّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته الشّهباء التى أهداها له النّجاشىّ وزيد آخذ بركاب بغلته. وذكر علىّ بن محمد بن حنين «5» بن عبدوس الكوفىّ فى أسماء خيله وسلاحه وأثاثه: وكان اسم بغلته «دلدل» أهداها إليه المقوقس صاحب الإسكندريّة وكانت شهباء؛ وهى التى قال لها يوم حنين: «اربضى» فربضت. ويقال: إن عليّا ركبها بعد النبىّ صلى الله عليه وسلم ثم ركبها الحسن ثم ركبها الحسين ثم ركبها محمد بن الحنفيّة
رضى الله عنهم؛ ثم كبرت وعميت، فوقعت فى مبطخة «1» لبعض بنى مدلج فخبطت «2» فيها، فرماها بسهم فقتلها.
وكانت له بغلة يقال لها «الأيليّة» ؛ أهداها إليه ملك أيلة، وكانت طويلة مخندفة»
كأنما تقوم على رمال حسنة السير؛ فأعجبته ووقعت منه. وهى التى قال له فيها علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه حين خرج عليها: كأنّ هذه البغلة قد أعجبتك يا رسول الله؟ قال: «نعم» قال: لو شئنا لكان لك مثلها؛ قال:
«وكيف» ؛ قال: هذه أمّها فرس عربيّة وأبوها حمار، ولو أنزينا حمارا على فرس لجاءت بمثل هذه؛ فقال:«إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» .
وعن دحية بن خليفة الكلبىّ رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ألا أحمل لك حمارا على فرس فتنتج لك بغلة؟ فقال:«إنما يفعل ذلك الذين لا يعقلون» . رواه ابن منده فى كتاب الصحابة.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا مأمورا، ما اختصّنا دون الناس بشىء إلا بثلاث: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وألّا نأكل الصّدقة، وألا ننزى حمارا على فرس. رواه التّرمذىّ فى الجهاد. وفى لفظ آخر عنه رضى الله عنه: كان عبدا مأمورا بلّغ ما أرسل به، وما اختصّنا دون الناس بشىء إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وألّا نأكل الصّدقة، وألا ننزى الحمار على الفرس. وهذا على هذين الحديثين يختصّ بآل النبىّ صلى الله عليه وسلم دون غيرهم.