الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللّقاح بفيه، ويبيض كما تبيض الحيّة. وقيل: إنّ نصيبه من السّم نصيب متوسّط، لا يكمل أن يقتل، ومتى دبر «1» جاء منه سمّ قاتل. ومتى قتل ووضع على جحر حيّة هربت منه. وهو يقيم فى حجره أربعة أشهر الشتاء.
وقال الشيخ الرئيس: إذا ضمد به على الشوك والسّلّاء «2» جذبه، وعلى الثآليل «3» يقلعها. قال: وقيل: إنّ المجفّف منه إذا خلط بالزيت أنبت الشعر على القرع.
وبوله ودمه عجيب النّفع من فتق الصّبيان إذا جلسوا «4» فى طبيخه. وقد يجعل فى بوله أو دمه شىء من المسك ويجعل فى إحليل الصبىّ فيكون بالغ النفع فى الفتق.
وقيل: إنّ كبده تسكّن وجع الضّرس، وتشقّ وتوضع على لسع العقرب فيسكن.
***
وأمّا الضبّ وما قيل فيه
- قال الجاحظ فى كتاب الحيوان:
إنّ من أعاجيب الضبّ أنّ له أيرين وللضبّة حرين؛ قال: وهذا شىء لا يعرف إلّا لهما. هذا قول الأعراب فى تخصيصهما بذلك. وقالت الحكماء: إنّ السّقنقور «5»
له أيران، والحرذون «1» كذلك. قال: وقال جالينوس: الضب الذى له لسانان يصلح لحمه لكذا وكذا. ومما يستدلّ به على أنّ للضبّ أيرين قول الفزارىّ:
سبحل «2» له نزكان كانا فضيلة
…
على كل حاف فى البلاد وناعل
واسم أير الضبّ: النّزك. وسئل أبو حيّة النّميرىّ عن ذلك، فزعم «3» أنّ أير الضبّ كلسان الحيّة، الأصل واحد والفرع اثنان. وللأنثى مدخلان. وعلى ذلك أنشد الكسائىّ رحمه الله تعالى:
تفرّقتم لا زلتم قرن واحد
…
تفرّق أير الضبّ والأصل واحد
ويقال: إنّ الضبّة إذا أرادت أن تبيض حفرت فى الأرض حفرة ثم رمت بالبيض فيها وطمّته بالتراب، وتتعاهده كل يوم حتى يخرج، وذلك فى أربعين يوما.
وهى تبيض سبعين بيضة وأكثر. وبيضها يشبه بيض الحمام. ويخرج الحسل وهو مطيق للكسب.
قالوا: والضبّ يخرج من جحره كليل البصر، فيجلوه بالتحدّق فى الشمس.
وهو يغتذى بالنسيم، ويعيش ببرد الهواء، وذلك عند الهرم.
قال الجاحظ: وزعم عمرو بن مسافر: أنّ الضبّة تبيض ستين بيضة وتسدّ عليهنّ باب الحجر ثم تدعهنّ أربعين يوما، فيتفقّص «4» البيض ويظهر ما فيه، فتحفر عنهن عند ذلك. فإذا كشفت عنهن أحضرن «5» وأحضرت فى أثرهنّ، فتأكل
ما أدركت منهنّ. ويحفر المنفلت منها لنفسه حجرا، ويرعى من البقل. فلذلك توصف بالعقوق. ويضرب به المثل فى أكل حسوله. وفى ذلك يقول الشاعر:
أكلت بنيك أكل الضبّ حتى
…
تركت بنيك ليس لهم عديد
قالوا: وفى ذنب الضبّ من القوّة ما يضرب به الحيّة فربما قطعها. والضبّ طويل العمر. وفى طبعه أنه يرجع فى قيئه. وهو شديد الإعجاب بالتمر. ويقال:
إنه يمكث ليلة بعد الذّبح ثم يقرّب إلى النار فيتحرّك.
قال الجاحظ: وزعمت العرب أنّ الضبّ يعدّ العقرب فى جحره؛ فإذا سمع صوت الحرش «1» استثفرها «2» فألزقها بأصل عجب «3» ذنبه وضمّه عليها، فإذا أدخل الحارش يده ليقبض على أصل ذنبه لسعته. وقيل: بل العقارب تألف الضّباب وتسالمها وتأوى إليها. قال التّميمىّ:
أتأنس بى ونجرك غير نجرى
…
كما أنس «4» العقارب والضّباب
والضبّ من الحيوان المأكول؛ إلّا أنّ العرب تعيّر بنى تميم بأكل لحم الضبّ.
والدليل على إباحته ما جاء فى الحديث الصحيح: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى بيت ميمونة «5» رضى الله عنها، فقدّمت له مائدة وعليها ضبّ مشوىّ، فأهوى بيده ليأكل منه؛ فقيل له: يا رسول الله، إنه ضبّ؛ فرفع يده. فقال له
خالد بن الوليد: يا رسول الله، أحرام هو؟ قال:«لا ولكنه ليس فى بلاد قومى فأنا لا آكله» ؛ فأكله خالد بن الوليد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهه؛ ولو كان حراما لنهاه صلى الله عليه وسلم عن أكله ولأخبر بتحريمه لمّا سئل عنه.
وقال أبو نواس يعيّر بأكل الضبّ:
إذا ما تميمىّ أتاك مفاخرا
…
فقل عدّ عن ذا «1» كيف أكلك للضّبّ
وقال عمرو «2» بن الأهتم من أبيات:
ورددناهم إلى حرّتيهم «3»
…
حيث لا يأكلون غير الضّباب
وقال الشيخ الرئيس أبو علىّ بن سينا: زبل الضبّ نافع لبياض العين، وينفع من نزول الماء.
وقد وصفه الحمّانىّ فقال وذكر أرضا:
ترى ضبّها مطلعا رأسه
…
كما مدّ ساعده الأقطع
له ظاهر مثل برد موشّى «4»
…
وبطن كما حسر الأصلع
هو الضبّ ما مدّ سكّانه
…
وإن ضمّه فهو الضّفدع