الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمّا اليعتبط وما قيل فيه
- وإنما سمّى اليعتبط بهذه التسمية لصوته، وهو شريف فى طيور الحجاز. وحاله حال القمرىّ، ولكنه أحرّ منه مزاجا وأعلى صوتا. قال كشاجم:
وناطق لم يخش فى النطق غلط
…
ما قال شيئا قطّ إلا يعتبط
وأمّا النّوّاح وما قيل فيه
- والنوّاح: طائر كالقمرىّ، وحاله كحاله؛ إلّا أنّه أحرّ منه مزاجا وأرطب وأدمث وأشرف «1» . قالوا: يكاد النّوّاح يكون للأطيار الدّمثة ملكا، وهو يهيجها إلى التّصويت لأنه أشجاها صوتا؛ وجميعها تهوى استماع صوته. وهو أيضا يسرّه استماع صوت نفسه. والله أعلم بالصواب.
***
وأمّا القطا وما قيل فيه
- والقطا نوعان: «كدرىّ» و «جونىّ» .
والكدريّة غبر الألوان، رقش الظهور والبطون، صفر الحلوق، قصار الأذناب؛ وهى ألطف من الجون. والجونيّة سود بطون الأجنحة والقوادم بيض اللّبان «2» وفيه طوقان أسود وأصفر؛ وظهورها غبر رقط تعلوها صفرة. وتسمّى الجونيّة غتما «3» ؛ لأنها لا تفصح بصوتها إذا صوّتت إنما تغرغر بصوت فى حلقها. والكدريّة فصيحة تنادى باسمها تقول: قطاقطا؛ ولهذا يضرب بها المثل فى الصدق.
وتوصف القطا بحسن المشى لتقارب خطاها. والعرب تشبّه مشى النّساء الخفرات بمشيها إذا أرادوا مدحهنّ. قال شاعر يصف القطاة- واختلف فى الشاعر من هو، فقيل: هو [أوس بن «1» ] غلفاء الهجيمىّ، وقيل: مزاحم العقيلى، وقيل:
العباس بن يزيد بن الأسود الكندىّ، وقيل: العجير السّلولىّ، وقيل: عمرو بن عقيل بن الحجّاج الهجيمىّ؛ قال أبو الفرج الأصفهانىّ: وهو أصحّ الأقوال-:
أمّا القطاة فإنّى سوف أنعتها
…
نعتا يوافق نعتى بعض ما فيها
سكّاء «2» مخطوبة «3» فى ريشها طرق «4»
…
سود قوادمها صهب خوافيها
منقارها كنواة القسب «5» قلّمها
…
بمبرد حاذق الكفّين باريها
تمشى كمشى فتاة الحىّ مسرعة
…
حذار قوم إلى ستر يواريها
تسقى الفراخ بأفواه مرقّقة
…
مثل القوارير سدّت من أعاليها
كأن هيدبة «6» من فوق جؤجئها
…
أو جرو «7» حنظلة لم يعد راميها «8»
وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسىّ:
ولربّ طيّار خفيف قد جرى
…
فشلا بجار خلفه طيّار
من كلّ قاصرة الخطا مختالة
…
مشى الفتاة تجرّ فضل إزار
مخضوبة المنقار تحسب أنها
…
كرعت على ظمإ بكأس عقار
لا تستقرّ بها الأيادى «1» خشية
…
من ليل ويل أو نهار بوار
وقال المرّار أو العكبّ «2» التغلبىّ- وهى أجود قصيدة قيلت فى القطا-:
بلاد مروراة «3» يحاربها القطا
…
ترى الفرخ فى حافاتها يتحرّق
يظلّ بها فرخ القطاة كأنّه
…
يتيم جفا عنه «4» مواليه مطرق
بديمومة «5» قد بات فيها وعينه
…
على مره «6» تغضى مرارا وترمق
شبيه بلا شىء هنا لك شخصه
…
يواريه قيض «7» حوله متفلّق
له محجر «8» ناب وعين مريضة
…
وشدق بمثل الزعفران مخلّق
تعاجيه «9» كحلاء المدامع حرّة
…
لها ذنب ساج وجيد مطوّق
سماكيّة «1» كدريّة عرعريّة «2»
…
سكاكيّة «3» عفراء سمراء عسلق «4»
إذا غادرته تبتغى ما يعيشه
…
كفاها رذاياها الرّقيع «5» الهبنّق
غدت تستقى من منهل ليس دونه
…
مسيرة شهر للقطا متعلّق
لأزغب مطروح بجوز تنوفة
…
تلظّى سموما قيظه فهو أورق «6»
تراه إذا أمسى وقد كاد جلده
…
من الحرّ عن أوصاله يتمزّق
غدت فاستقلّت ثم ولّت مغيرة
…
بها حين يزهاها الجناحان أولق «7»
تيمّم ضحضاحا من الماء قد بدت
…
دعا ميصه «8» فالماء أطحل «9» أطرق «10»
فلما أتته مقدحرّا «11» تغوّثت «12»
…
تغوّث مخنوق فتطفو وتغرق