الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمسى ويصبح لم يفارق بيته
…
ولقد سرى عددا من الأميال
وتراه يكمن بعضه فى بعضه
…
فتطيش عنه أسهم الأهوال
عيناه مثل النقطتين وخطمه
…
يحكى ثدىّ رضاعة الأطفال
وكأنّ أقلاما غرزن بظهره
…
مسّ المداد رءوسها ببلال
تتهارب الحيّات حين يرينه
…
هرب اللصوص رأت سواد الوالى
وكأنّه الخنزير إلّا جلده
…
وصياحه وتقارب الأوصال
***
وأمّا الفئران وما قيل فيها
- قد سمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم الفويسقة. والفأر ضروب تقع على جميعها هذه التّسمية وهى «الجرذ» و «الفأر» معروفان- وهما كالجواميس والبقر- و «الزّباب» و «الخلد» و «اليربوع» و «فأرة البيش» «1» و «فأرة المسك» و «فأرة الإبل» .
فأمّا الجرذ والفأر
- وهما من حيوان البيوت والبرّ. قال المتكلمون فى طبائع الحيوان: إنّ الفأر مما جمع له بين حاسّة السمع والبصر. وليس فى الحيوان أفسد منه. ومن فساده أنه يجد قارورة الدّهن وهى ضيّقة الفم فيدخل ذنبه فيها
ويمتصّه. فإن قصر ذنبه عن بلوغ الدّهن عمد إلى النّوى والأحجار الصّغار فيلقيهما فيها، فيطفو ما فيها فيمتصّه بذنبه، ولا يزال يتعاهد ذلك حتى ينفد جميع ما فيها.
وهو إذا سرق البيض يعجز عن كسره بسنّه، فيدحرج البيضة إلى أن تسقط من مكان مرتفع إلى مستفل فتنكسر؛ فإن عجّزه ذلك استعان بفأر آخر فيعتنقها أحدهما بيديه ورجليه وينقلب على قفاه؛ ويقبض الآخر على ذنبه ويتسلّق به فى حائط؛ فإذا ارتفع به عن الأرض ألقاها الحامل لها فتنكسر فيأكلانها جميعا.
أخبرنى بذلك من شاهده. والمثل يضرب به فى الفساد والسّرقة والنسيان والحذر.
وفى طبع الجرذ البرّىّ وعادته أنه لا يحفر بيته على قارعة الطريق خوفا من الحافر «1» [أن يهدم عليه «2» بيته] . ويقال: إنه يخلق من الطّين، وإنه يتولّد بأرض مصر إذا نضب ماء النيل عنها «3» . وقال صاحب كتاب مباهج الفكر: إنه رأى ذلك عيانا «4» فى سفط «5» ميدوم من جيزة مصر.
وقال الجاحظ: لعمرى إن جرذان أنطاكية لتساجل السّنانير فى الحرب، ولا تقوم لها ولا تقوى عليها إلا الواحد بعد الواحد. قال: وهى بخراسان قويّة جدّا، وربما قطعت أذن النائم. قال: ومن الفأر ما إذا عضّ قتل. قال: ومن الأعاجيب
فى قرض الفأر أنّ قوما من أهل الفراسة ينظرون إلى قرضه ويتفرّسون منه أحوالا.
ويزعمون أنّ أبا جعفر المنصور نزل فى بعض القرى فقرض الفأر مسحا له كان يجلس عليه، فبعث به ليرفأ؛ فقال لهم الرّفّاء: إنّ هاهنا أهل بيت يعرفون بقرض الفأر ما ينال صاحب المتاع من خير وشرّ، فما عليكم أن تعرضوه عليهم قبل إصلاحه؟
فبعث المنصور إلى شيخهم؛ فلما نظر إلى موضع القرض وثب قائما ثم قال: من صاحب هذا المسح؟ فقال المنصور: أنا؛ فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته؛ والله لتلينّ الخلافة أو أكون جاهلا أو كذّابا.
وفى الفأر منافع ذكرها الشيخ الرئيس ابن سينا، فقال: دم الفأر يقلع الثآليل، وزبله نافع على داء الثعلب وخصوصا لطخا بالعسل، وخصوصا المحرق. قال:
وإذا شوى الفأر وجفّف وأطعم الصبىّ انقطع سيلان اللّعاب من فمه. قال: واتّفق الناس أنّ الفأر إذا شقّ ووضع على لدغ العقرب نفع. والله أعلم.
وقد وصف الشعراء الفأر وشبّهوه فى أشعارهم وذكروا سوء فعله. فمن ذلك قول أعرابىّ [وقد دخل البصرة فاشترى خبزا فأكله الفأر «1» ] :
عجّل ربّ الناس بالعقاب
…
لعامرات البيت بالخراب
حتى يعجّلن إلى التّباب
…
كحل العيون وقص «2» الرّقاب
مجرّرات فضل الأذناب
…
مثل مدارى «3» الطّفلة الكعاب
كيف لها بأنمر وثّاب «1»
…
منهرت الشّدق حديد النّاب
كأنما يكشر عن حراب
…
يفرسها كالأسد الوثّاب
وقال أبو بكر «2» الصّنوبرىّ:
يالحدب الظّهور قعس «3» الرّقاب
…
لدقاق الخرطوم والأذناب
للطاف آذانها «4» والخراطي
…
م حداد الأظفار والأنياب
خلقت للفساد مذخلق الخل
…
ق وللعيث والأذى والخراب
ناقبات فى الأرض والسقف والحا
…
ئط نقبا أعيا على النّقّاب
آكلات كلّ المآكل لا تس
…
أمها شاربات كلّ الشّراب
آلفات قرض الثياب وقد يع
…
دل قرض القلوب قرض الثياب
وقال فى فأرة بيضاء:
وفأرة بيضاء لم تبتذل
…
يوما لإطعام السّنانير
إذ فأرة المسك سمعنا بها
…
وهذه فأرة كافور