الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفراخ لا حراك بها؛ فتجىء الأنثى فتنفخ فى مناقيرها حتى يجرى ذلك النفخ فيها روحا، ثم يتعاون الذّكر والأنثى جميعا على التربية. وإذا قويت الفراخ على الطّعم وأمكنها التكسّب لنفسها طردها الذّكر.
***
وأمّا الأنيس وما قيل فيه
- فقال أرسطو: إنّه حادّ البصر، وصوته يشبه صوت الجمل ويحاكيه. ومأواه فى قرب الأنهار وفى الأماكن الكثيرة المياه الملتفّة الشجر. وله لون حسن وتدبير فى معاشه. والناس يتغالون به إذا وقع لهم ويجعلونه فى بيوتهم.
***
وأمّا القاوند وما قيل فيه
- قال صاحب كتاب مباهج الفكر ومناهج العبر فى كتابه: كنت أسمع بشحم القاوند ولم أدر ما هو: حيوان هوائىّ أم مائىّ أم أرضىّ، حتى وقفت على كتاب موضوع فى طبائع الحيوان وخواصّه ليس عليه اسم المصنّف، فرأيته قد قال:«القاوند طائر يتّخذ وكره على ساحل البحر ويحضن بيضه سبعة أيّام، وفى اليوم السابع يخرج فراخه ثم يزقّها سبعة أيام. والمسافرون فى البحر يتيمّنون بهذه الأيام ويوقنون بطيب الرّيح وحلول أيام السفر» .
***
وأمّا الخطّاف وما قيل فيه
- والخطّاف يسمّى «زوّار الهند» .
وهو من الطيور القواطع التى تقطع البلاد البعيدة إلى الناس رغبة فى القرب منهم والإلف بهم، وهو مع ذلك لا يبنى بيته إلّا فى أبعد المواضع حيث لا تناله أيديهم.
ومن عجيب حاله أنّ عينه تقلع فترجع؛ وهو لا يرى أبدا يقف على شىء يأكله،
ولا يرى يسافد ولا يجتمع بأنثاه. والأنثى تبيض مرّة واحدة فى السنة، وقيل:
مرتين؛ وكلاهما قاله الجاحظ. والخفّاش عدوّ الخطّاف؛ فهو إذا فرّخ وضع فى أعشاشه قضبان الكرفس، فلا يؤذى فراخه إذا شمّ رائحة الكرفس. وهو لا يفرّخ فى عشّ عتيق حتى يطيّنه بطين جديد. وهو يبنى عشّه بالطين والتّبن. فإذا لم يجد طينا مهيّأ ألقى نفسه فى الماء ثم تمرّغ فى التّراب حتى يمتلئ جناحاه ثم يجمعه بمنقاره.
وهو يسوّى فى الطّعم بين فراخه. ولا يترك فى عشّه زبلا بل يلقيه خارجا.
وأصحاب اليرقان يلطّخون فراخ الخطّاف بالزعفران؛ فإذا رآها صفرا ظنّ أنّ اليرقان أصابها من شدّة الحرّ، فيذهب ويأتيها بحجر اليرقان فيطرحه على الفراخ، وهو حجر أصفر، فيأخذه المحتال فيعلّقه على نفسه أو يحكّه ويشرب من مائه [يسيرا «1» ] فيبرأ.
والخطّاف متى سمع صوت الرّعد مات.
وقال الشيخ الرئيس أبو علىّ بن سينا: قال ديسقوريدس: إنّ أوّل بطن للخطّاف إذا شقّ وجد فيه حصاتان، إحداهما ذات لون واحد والأخرى ذات ألوان كثيرة، إذا جعلتا فى جلد عجل قبل أن يصيبه تراب وربط على عضد المصروع ورقبته انتفع به، قال: وقد جرّبت ذلك وأبرأ المصروع. قال: وأكل الخطّاف يحدّ البصر، وقد يجفّف ويسقى. والشربة منه مثقال. وقيل: إنّ دماغه بعسل نافع من ابتداء الماء، وكذلك دماغ الخفّاش. قال: وإن ملّح الخطّاف وجفّف وشرب منه درهمان نفع من الخناق. قال بعض الأطباء: المشهور عند الأطباء أن عشّ الخطاطيف إذا حلّ فى ماء وصفّى وشرب سهّل الولادة.
وقد ألمّ الشعراء فى أشعارهم بوصف الخطّاف؛ فمن ذلك ما قاله أبو إسحاق الصّابى:
وهنديّة الأوطان زنجيّة الخلق
…
مسوّدة الأثواب محمرّة الحدق
كأنّ بها حزنا وقد لبست له
…
حدادا وأذرت من مدامعها العلق «1»
إذا صرصرت صرّت بآخر صوتها
…
كما صرّ ملوى العود بالوتر الحزق «2»
تصيف لدينا ثم تشتو بأرضها
…
ففى كلّ عام نلتقى ثم نفترق
وقال السّرىّ الرّفّاء يصفها من أبيات ويذكر غرفة:
وغرفتنا بين السحائب تلتقى
…
لهنّ عليها «3» كلّة ورواق
تقسّم زوّار من الهند سقفها
…
خفاف على قلب النديم رشاق
أعاجم تلتذّ الخصام كأنها
…
كواعب زنج راعهنّ طلاق
أنسن بنا أنس الإماء تحبّبت
…
وشميتها غدر بنا وإباق
مواصلة والورد فى شجراته
…
مفارقة إن حان منه فراق
وقال أيضا:
وغرفتنا الحسناء قد زاد حسنها
…
بزائرة فى كلّ عام تزورها
مبيّضة الأحشاء حمر بطونها
…
مزبرجة الأذناب سود ظهورها
لهنّ لغات معجمات كأنها
…
صرير نعال «4» السّبت عال صريرها