الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما كان قوام أمر بنى إسرائيل بالاجتماع على الملوك وطاعة الملوك أنبياءهم، وكان الملك هو الذى يسير بالجنود ويقاتل العدوّ، والنبىّ يقيم له أمره ويشير عليه ويرشده، ويأتيه بالخبر من الله تعالى.
قال وهب: بعث الله تعالى أشمويل نبيّا، فلبثوا أربعين سنة بأحسن حال، وكان من أمر جالوت الملك والعمالقة ما كان، فسألوه أن يبعث لهم ملكا؛ فقال لهم: هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا
. فأجابوه بما قصّ الله تعالى فى كتابه: قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
«1» الآية.
قال: فلمّا أخذ أشمويل ميثاقهم فى الطاعة والجهاد سأل الله تعالى أن يبعث لهم ملكا. والله أعلم بالصواب.
ذكر خبر الملك طالوت وإتيان التابوت وخبر جالوت
قالوا: ولما سألوا أشمويل أن يبعث لهم ملكا، سأل الله تعالى فى ذلك، فأتى بعصا وقرن «2» فيه دهن القدس، وقيل له: إنّ صاحبكم الذى يكون ملكا طوله طول هذه العصا؛ وقيل له: أنظر إلى القرن الذى فيه الدّهن فإذا دخل عليك رجل فنشّ «3» الدّهن الذى فى القرن فهو ملك بنى إسرائيل، فادهن به رأسه، وملّكه عليهم؛ فقاسوا أنفسهم بالعصا فلم يكونوا مثلها؛ وكان طالوت- واسمه بالسّريانيّة «شارك «4» »
وبالعبرانيّة شاول «1» بن قيس بن أنيال بن ضرار بن أحرب بن أفيح بن آيش بن بنيامين ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم- رجلا دبّاغا يعمل الأدم. قال وهب وعكرمة والسّدّى: كان سقّاء يسقى على حمار من النّيل، فضّل حماره، فخرج فى طلبه. وقال وهب: بل ضلّت حمر لأبى طالوت، فأرسله وغلاما له يطلبانها، فمرّا ببيت أشمويل فقال الغلام لطالوت: لو دخلنا على هذا النبىّ فسألناه عن أمر حمرنا ليرشدنا ويدعو لنا بخير. فقال نعم. فدخلا عليه، فبينما هما عنده يذكران شأن الحمر إذ نشّ الدّهن فى القرن فقام أشمويل وقاس طالوت بالعصا، فكانت على طوله، فقال لطالوت: قرّب رأسك. فقرّبه فدهنه بدهن القدس، ثم قال له: أنت ملك بنى إسرائيل، وقد أمرنى الله تعالى أن أملّكك عليهم. فقال طالوت: أنا؟ قال نعم. قال: أو ما علمت أن سبطى»
أدنى الأسباط فى بنى إسرائيل؟ قال بلى.
قال: أفما علمت أن بيتى أدنى بيوت بنى إسرائيل؟ قال بلى. قال: فبأىّ آية أكون ملكا؟ قال: بآية أنك ترجع وقد وجد أبوك حمره. فكان كذلك.
ثم قال لبنى إسرائيل: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ
«3» ؛ وإنما قالوا ذلك لأنه كان فى بنى إسرائيل سبطان: سبط نبوّة، وسبط مملكة؛ فكان سبط النبوّة سبط لاوى بن يعقوب،