الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر إتيان التابوت إلى بنى إسرائيل وسبب عوده
قال أبو إسحاق: لمّا سلب العمالقة قوم جالوت التابوت كان جالوت صغيرا، فأتوا بالتابوت قرية من قرى فلسطين يقال لها أشدود «1» ، وجعلوه فى بيت صنم لهم ووضعوه تحت الصنم الأعظم، فأصبحوا من الغد والصنم تحته، فأخذوه ووضعوه فوقه، وسمّروا قدمى الصنم على التابوت، فأصبحوا من الغد وقد قطعت يد الصنم ورجلاه، وأصبح ملقّى تحت التابوت وأصبحت أصنامهم كلّها منكّسة، فأخرجوه من بيت الصنم ووضعوه فى ناحية من مدينتهم، فأخذ أهل تلك الناحية وجع فى أعناقهم حتى هلك أكثرهم، فقال بعضهم لبعض: أليس قد علمتم أن إله بنى إسرائيل لا يقوم له شىء، فأخرجوه عن مدينتكم، فأخرجوه إلى قرية أخرى، فبعث الله- عز وجل على تلك القرية فأرا، يبيت «2» الرجل صحيحا فيقرضه الفأر فيصبح ميّتا قد أكلت ما فى جوفه، فأخرجوه منها إلى الصحراء ودفنوه فى مخرأة لهم، فكان كلّ من تبرّز هناك أخذه الباسور والقولنج «3» ؛ فتحيّروا؛ فقالت لهم امرأة كانت عندهم من سبى بنى إسرائيل من أولاد الأنبياء: لا تزالون ترون ما تكرهون ما دام هذا التابوت فيكم، فأخرجوه عنكم، فأتوا بعجلة بإشارة تلك المرأة فحملوا التابوت عليها، ثم علّقوها على ثورين، ثم ضربوا جنوبهما، فأقبل الثوران يسيران، ووكّل الله تعالى بهما أربعة من الملائكة يسوقونهما، فلم يمرّ التابوت
بشىء من الأرض إلّا كان مقدّسا، فأقبلا حتى وقفا على أرض فيها حصاد لبنى إسرائيل فكسرا برتهما وقطعا حبالهما، ووضعا التابوت فيها ورجعا إلى أرضهما، فلم يرع بنى إسرائيل إلّا التابوت، فكبّروا وحمدوا الله تعالى.
وقال الكسائىّ: إنهم لمّا دفنوه إلى جنب الحشّ «1» وأخذهم الباسور أعادوه إلى الكنيسة. فغزاهم بعض الفراعنة فهزمهم ودخل الكنيسة، وأخذوا التابوت وهمّوا بفتحه فلم يقدروا فهمّوا «2» بكسره فلم يقدروا، فتركوه؛ فكان القوم يتشاءمون به لما كان يصيبهم من البلاء، فحوّلوه إلى خمس مدائن، فقال أهل المدينة الخامسة:
إن هذا البلاء يصيبكم بسبب هذا التابوت فأخرجوه. وساق نحو ما تقدّم.
وقوله تعالى: تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ
أى تسوقه. فعند ذلك أقرّوا بملك طالوت.
وقال ابن عبّاس- رضى الله عنهما-: جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعوه فى دار طالوت، فأقرّوا بملكه. قال الله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
«3» .
قال ابن عبّاس- رضى الله عنهما- إنّ التابوت وعصا موسى فى بحيرة «4» طبريّة، وإنهما يخرجان يوم القيامة. والله أعلم.