الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فآمنوا به واتّبعوه، وكانوا كلهم اثنى عشر رجلا، أربعة منهم كانوا يصيدون السمك، وثمانية يقصّرون الثياب. وكان من القصّارين رجل أسفل النهر يقال له يوذا «1» لم يسمع كلام عيسى. فلمّا رأى أصحابه اتّبعوه لحق بهم، وهو الذى ارتدّ بعد ذلك ودلّ اليهود على عيسى، فصاروا به قبل ارتداده ثلاثة عشر.
ذكر الخصائص والآيات والمعجزات التى أظهرها الله تعالى على يد عيسى عليه السلام بعد مبعثه
قال الله تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي «2»
الآيات. قوله تعالى:
اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ
قال الحسن: ذكر النعمة: شكرها، وأراد بقوله: نِعْمَتِي
نعمى، كقوله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها «3»
. ثم ذكر تعالى النعم فقال:
إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ
وقال: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ «4»
. واختلفوا فى روح القدس ما هو؟ فقال الربيع بن أنس: هو الرّوح الذى نفخ فيه، أضافه سبحانه الى نفسه
تكرّما وتخصيصا، نحو: بيت الله، وناقة الله. والقدس: هو الله تعالى يدلّ عليه قوله: وَرُوحٌ مِنْهُ
وقوله تعالى: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا «1»
. وقال آخرون:
أراد الله تعالى بالقدس: الطهارة، يعنى الروح الطاهرة، سمّى روحه قدسا لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحولة إنما كان أمرا من الله تعالى. وقال السّدّىّ وكعب:
روح القدس هو جبريل، وتأييد عيسى بجبريل عليهما السلام هو أنه كان رفيقه وقرينه يوحى اليه ويعينه ويسير معه حيثما سار الى أن صعد به الى السماء. وقال سعيد بن جبير وعبيد بن عمير: هو اسم الله الأعظم، وبه كان يحيى الموتى ويرى الناس تلك العجائب.
وقوله: وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ
يعنى الخطّ، وَالْحِكْمَةَ
يعنى العلم والفهم.
وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ
كان يقرؤهما من حفظه. وقوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي
. قوله: تَخْلُقُ
أى تجعل وتصوّر وتقدّر مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ
أى كصورة الطير. فكان عيسى يصوّر من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيصير طيرا بإذن الله تعالى. قالوا: ولم يخلق غير الخفّاش.
وانما خص بالخفّاش لأنها أكمل الطير خلقا، فتكون أبلغ فى القدرة، لأن لها ثديا وأسنانا، وهى تلد وتحيض وتطهر. قال وهب: كان يطير ما دام الناس ينظرون اليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا ليتميّز فعل الخلق من فعل الله تعالى، وليعلم أنّ الكمال لله عز وجل. وقوله تعالى: وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي.
الأكمه: الذى ولد أعمى ولم ير الضوء قط. قالوا: ولم يكن فى الإسلام أكمه غير قتادة. والأبرص: الذى به وضح، وكان الغالب على زمن عيسى الطبّ، فأراهم الله تعالى المعجزة من جنس ذلك.