الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله تعالى قد بعثه رسولا إلى بنى إسرائيل. فخرّ زكريّا ساجدا لله تعالى على ذلك، وخرج إلى بنى إسرائيل ودعاهم، فكذّبه بعضهم وصدّقه آخرون. فأقام زكريّا فى بنى إسرائيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وعمران يعبد الله. وكان زكريّا وعمران لم يرزقا الولد. فبينا حنّة ذات يوم جالسة إلى جانب عمران إذ رأت حمامة تزقّ فرخا لها، فبكت شوقا منها إلى ولد، وذكرت ذلك لزوجها عمران فقال:
قومى ندعو الله ربّنا فى ذلك، فقاما جميعا وصلّيا ودعوا الله تعالى أن يرزقهما ولدا، فرأى عمران فى منامه إن الله قد استجاب دعاءك. فقام إلى زوجته فواقعها فحملت منه، وقالت ما أخبر الله تعالى عنها. قال الله تعالى: إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «1» .
قال: وكان الناس فى ذلك الزمان يتقرّبون إلى الله عز وجل بتحرير أولادهم، وكانوا يخدمون بيت المقدس فى صغرهم إذا بلغوا، فمن أحبّ أن يقم على الخدمة أقام، ومن اختار الانصراف انصرف.
ذكر ميلاد مريم بنة عمران عليه السلام
قال الكسائىّ: ولمّا حرّرتها أمّها لله تعالى قال لها زوجها: إنك حرّرت ما فى بطنك، فإن كان أنثى كيف يكون محرّرا؟ فاغتمّت لذلك حتى وضعت مريم.
قال الله تعالى: فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ «2»
ثم قالت: «ربّ إنّى كنت نذرت لك ما فى بطنى محرّرا فتقبلّها منّى» . قال
الله تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً «1»
. قال: ثم حملتها حتى دخلت بيت المقدس وزكريّا هناك فى نفر من عبّاد بنى إسرائيل، فقال لها: ما هذه يا حنّة؟ قالت: هذه ابنتى مريم، قد جعلتها محرّرة وقد قبلها الله منّى فاقبلوها ولا تردّوها، فأقبل بنو إسرائيل على زكريّا وقالوا: ما تقول فى هذه؟ قال: لابدّ لها من مكفّل إلى أن تبلغ مبلغ الخدمة ثم تكون خادمة فى المسجد. قالوا: أيّنا يكفلها؟ قال زكريّا: أنا أولى بها لأنّى زوج خالتها، ولكنّا نقترع، فأخذوا أقلامهم وصاروا إلى عين سلوان «2» وقالوا: نرمى بأقلامنا فيها فأيّنا وقف قلمه فهو الذى يكفلها؛ فألقوها فرسبت أقلامهم جميعا إلّا قلم زكريّا فإنه طفا وغالب الجرية، فأخذها واسترضع لها بعض نساء بنى إسرائيل. ثم مات عمران والد مريم. قال:
وبنى لها زكريّا بيتا لا يصعد إليه إلّا بسلّم، وكان لا يصعد إليها إلّا زكريّا يحمل إليها الطعام، وابن خال لها يقال له يوسف بن يعقوب النجّار، وكان من العبّاد المحرّرين، وكان زكريّا إذا صعد إليها وجد عندها فى الصيف فواكه الشتاء، وفى الشتاء فواكه الصيف، فيعجب من ذلك. قال الله تعالى: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «3» .