الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خوابيها زيتا. فلمّا رأوا ذلك عندها قالوا: من أين لك هذا؟ قالت: مرّ بى رجل من حاله كذا وكذا، فوصفت صفته، فعرفوه وقالوا: ذلك إلياس؛ فطلبوه فوجدوه فهرب منهم.
ثم أوى ليلة إلى بيت امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له: اليسع ابن أخطوب به ضرّ، فآوته وأخفت أمره، فدعا له فعوفى من الضرّ الذى كان به، واتّبع اليسع إلياس وآمن به وصدّقه ولزمه، وكان يذهب به حيثما ذهب، وكان إلياس قد أسنّ وكبر، وكان اليسع غلاما شابّا.
ذكر رفع البلاء عن قوم إلياس بدعوته واستمرارهم على الكفر ورفع إلياس وهلاك آجاب الملك وامرأته، ونبوّة اليسع
قال: ثم أوحى الله تعالى إلى إلياس- عليه السلام إنك قد أهلكت كثيرا من الخلق ممن لم يعص سوى بنى إسرائيل من البهائم والدوابّ والطير والهوامّ والشجر بحبس المطر عن بنى إسرائيل. فيزعمون- والله أعلم- أنّ إلياس قال:
يا ربّ دعنى أكن الذى أدعو لهم وآتيهم بالفرج ممّا هم فيه من البلاء الذى أصابهم لعلّهم أن يرجعوا وينزعوا عمّا هم عليه من عبادة غيرك. قيل له: نعم. فجاء إلياس- عليه السلام إلى بنى إسرائيل فقال لهم: إنكم قد هلكتم جوعا وجهدا، وهلكت البهائم والدّوابّ والطير والهوامّ والشجر بخطاياكم، وإنكم على باطل وغرور.
فإن كنتم تحبّون أن تعلموا ذلك فاخرجوا بأصنامكم هذه، فإن استجابت لكم فذلك كما تقولون، وإن هى لم تفعل علمتم أنكم على باطل فنزعتم، ودعوت الله- عز وجل ففرّج عنكم ما أنتم فيه من البلاء. قالوا: أنصفت. فخرجوا بأوثانهم فدعوها
فلم تستجب لهم، ولم تفرّج عنهم ما كانوا فيه [من البلاء «1» ] . ثم قالوا لإلياس:
يا إلياس، إن الله قد أهلكنا، فادع الله لنا. فدعا الله تعالى لهم ومعه «2» اليسع بالفرج ممّا هم فيه وأن يسقوا، فخرجت سحابة مثل التّرس على ظهر البحر وهم ينظرون، فأقبلت نحوهم وطبّقت الآفاق، ثم أرسل الله تعالى عليهم المطر [فأغاثهم «3» ] وحييت بلادهم.
فلمّا كشف الله تعالى عنهم الضّرّ نقضوا العهد ولم ينزعوا عن كفرهم، ولم يقلعوا عن ضلالتهم، وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه. فلمّا رأى إلياس- عليه السلام ذلك دعا الله تعالى أن يريحه منهم؛ فقيل له- كما يزعمون-:
انظر «4» يوم كذا وكذا فاخرج فيه «5» إلى موضع كذا، فما جاءك من شىء فاركبه ولا تهبه. فخرج إلياس ومعه اليسع بن أخطوب، حتى إذا كانا بالموضع الذى أمر إلياس به، أقبل فرس من نار حتى وقف بين يديه، فوثب عليه إلياس، فانطلق الفرس به، فناداه اليسع، يا إلياس: ما تأمرنى؟ فقذف اليه إلياس بكسائى من الجوّ الأعلى، وكان ذلك علامة استخلافه إيّاه على بنى إسرائيل، فكان [ذلك «6» ] آخر العهد به. ورفع الله- عز وجل إلياس من بين أظهرهم، وقطع عنه لذّة المطعم والمشرب، وكساه الرّيش، فكان إنسيّا ملكيّا أرضيّا سماويّا، وسلّط الله على آجاب الملك وقومه عدوّا لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا [به «7» ] حتى رهقهم، فقتل