الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ميلاد سليمان بن داود عليهما السلام
قال الكسائىّ: كان لداود- عليه السلام عدّة من الولد، فسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا يرث ملكه؛ فرزقه الله تعالى سليمان. فنودى إبليس عند ما حملت به أمه: يا ملعون، قد حمل فى هذه الليلة برجل يكون طول حزنك على يديه، ويكون أولادك له خدّاما. ففزع من ذلك وجمع الشياطين وأخبرهم بأمر المولود وما سمعه وقال: إنه لا يكون إلّا من داود، فإنه خير أهل الأرض.
قال: فلما وضعته أمه أتت الملائكة إلى داود وقالوا: أقرّ الله عينك به.
فبادر داود إلى منزله فرأى أعلام الملائكة منصوبة، فخرّ داود شكرا لله تعالى، وقرّب قربانا عظيما. ثم جاءه إبليس وقال: يا داود، أقرّ الله عينك بولدك، غير أنه يقتلك ويسلبك ملكك، فاقتله صغيرا وإلّا قتلك كبيرا، فغضب منه ولعنه، فانصرف وقد خاب أمله.
قال: ونشأ سليمان، فكان داود إذا تلا الزبور حفظ ما يتلوه لوقته، وحفظ التوراة، وكان يحكم بحضرة أبيه.
ذكر خبر أبشالوم بن داود
قال الكسائىّ: كان من خبر «أبشالوم «1» » أنه لما كان من أمر فتنة داود- عليه السلام ما قدّمناه، تكلّم بعض بنى إسرائيل فى ذلك وجاءوا إلى «أبشالوم» وهو ابن بنت طالوت، وقالوا: إنّ أباك قد كبر وعجز عن سياستنا، وقد وقع
فى هذه الخطيئة، وأنت أكبر أولاده، والرأى أن ندعو الناس إليك وتقوم مقامه، فتبع رأيهم وتولّى الملك. فخاف داود على نفسه من سفهاء بنى إسرائيل، ففارق منزله واعتزل القوم برجلين من أصحابه. ثم جاء رجل من بنى إسرائيل اسمه أحيتوفل «1» إلى أبشالوم وقال: إنه لا يستقيم أمرك إلّا بعد وفاة أبيك، والرأى أن تعاجله وتقتله ما دام فى الخطيئة، فهمّ بذلك ثم صرفه الله عنه. فلما غفر الله تعالى لداود ورجع إلى قومه اعتزل ابنه «أبشالوم» فى طائفة من بنى إسرائيل. فلمّا ولد سليمان أرسل داود ابن أخت «2» له يقال له:«يوآب «3» » إلى ابنه «أبشالوم» وقال:
سر إليه فإنه اعتزلنى خوفا على نفسه، وما كنت بالذى أقتل ولدى وقد تاب الله تعالى علىّ ورزقنى هذا الولد المبارك، فإن ظفرت به فائتنى به مكرّما، وإيّاك أن تقتله، فإنك إن قتلته قتلتك به. فسار إليه فى نفر من أصحابه، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم أبشالوم ومن معه. فبينا هو فى هزيمته إذ مرّ بشجرة فعلق برنسه بها، وخرج الفرس من تحته، فأدركه يوآب فحمله الحرج «4» على قتله فقتله وتركه معلّقا فى الشجرة، ورجع إلى داود فأخبره الخبر، فغضب وقال: إنى قاتلك به لا محالة عاجلا أو آجلا.
قال الثعلبىّ: فلما حضرت داود الوفاة أمر سليمان أن يقتله، فقتله بعد فراغه من دفن أبيه.