الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله: يروى أنّ عيسى عليه السلام مرّ بدير فيه عميان، فقال: ما هؤلاء؟ فقيل: هؤلاء قوم طلبوا للقضاء فطمسوا أعينهم بأيديهم.
فقال لهم: ما دعاكم الى هذا؟ فقالوا: خفنا عاقبة القضاء فصنعنا بأنفسنا ما ترى.
فقال: أنتم العلماء والحكماء والأحبار والأفاضل، امسحوا بأيديكم أعينكم وقولوا:
باسم الله. ففعلوا ذلك فإذا هم جميعا يبصرون.
ذكر خبر سام بن نوح وغيره الذين أحياهم عيسى بإذن الله عز وجل
قال الكسائىّ قال وهب: سألت طائفة من بنى إسرائيل عيسى بن مريم عليه السلام أن يحيى لهم سام بن نوح وقالوا: أحى «1» لنا سام بن نوح ليكلّمنا وإلّا قتلناك، وإن فعلت آمنّا بك واتبعناك. فأوحى الله تعالى اليه: ناده ثلاث مرّات فإنه سيجيبك.
فقام عيسى على قبره وناداه ثلاث مرات: يا سام بن نوح قم بإذن الله، فقام فى الثلاثة وهو أشمط «2» الرأس واللحية. فقال له عيسى: أهكذا متّ أبيض الرأس واللحية؟ قال: لا، ولكنىّ سمعت نداءك فخفت أن تكون القيامة فشمطت، وأخبر القوم بما أرادوه وكلمهم، ثم ردّه عيسى الى قبره، وما آمن بعيسى منهم إلّا قليل.
قالوا: وممن أحياه عيسى بن مريم العازر، وكان صديقا له، فأرسل أخته الى عيسى إنّ أخاك العازر يموت فأته، وكان بينه وبين أن يصل إليه مسيرة ثلاثة أيام، فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام، فقال لأخته: انطلقى بنا الى قبره، فانطلقت معهم الى قبره وهو فى صخرة مطبقة. فقال عيسى: اللهمّ ربّ السموات السبع والأرضين السبع إنك أرسلتنى الى بنى إسرائيل أدعوهم الى دينك وأخبرتهم أنى أحيى الموتى بإذنك فأحى العازر. فقام العازر وأوداجه تقطر. فخرج من قبره وبقى وولد له.
قالوا: ومرّ عيسى عليه السلام برجل جالس على قبر وكان يكثر المرور به فيجده جالسا عنده، فقال له: يا عبد الله، أراك تكثر القعود على هذا القبر. فقال:
يا روح الله، امرأة كانت لى وكان من جمالها وموافقتها كيت وكيت ولى عندها وديعة. فقال عيسى: أتحبّ أن أدعو الله تعالى فيحييها؟ قال نعم. فتوضّأ عيسى وصلّى ركعتين ودعا الله عز وجل فإذا أسود قد خرج من القبر كأنه جذع محترق. فقال له: ما أنت؟ قال: يا رسول الله أنا فى عذاب منذ أربعمائة سنة، فلما كانت هذه الساعة قيل لى أجب فأجبت. ثم قال: يا رسول الله، قد مرّ علىّ من أليم العذاب ما إن ردّنى الله الى الدنيا أعطيته عهدا ألّا أعصيه، فادع الله لى. فرقّ له عيسى ودعا الله عز وجل ثم قال له: امض، فمضى. فقال صاحب القبر:
يا رسول الله، لقد غلطت بالقبر، إنما قبرها هذا. فدعا عيسى عليه السلام، فخرج من ذلك القبر امرأة شابّة جميلة. فقال له عيسى: أتعرفها؟ قال: نعم هذه امرأتى.
فدعا عيسى حتى ردّها الله عليه. فأخذ الرجل بيدها حتى انتهيا الى شجرة فنام تحتها ووضع رأسه فى حجر المرأة. فمرّ بهما ابن ملك فنظر اليها ونظرت اليه وأعجب كل
واحد منهما بصاحبه، فأشار اليها فوضعت رأس زوجها على الشجرة واتّبعت ابن الملك. فاستيقظ زوجها ففقدها وطلبها فدلّ عليها، فأدركها وتعلّق بها وقال:
امرأتى، وقال الفتى: جاريتى. فبينما هم كذلك إذ طلع عيسى فقال الرجل: هذا عيسى وقصّ عليه القصّة. فقال لها عيسى: ما تقولين؟ قالت: أنا جارية هذا ولا أعرف هذا. فقال لها عيسى: ردّى علينا ما أعطيناك. قالت: قد فعلت.
فسقطت مكانها ميّتة. فقال عيسى: هل رأيتم رجلا أماته الله كافرا ثم بعثه فآمن!.
وهل رأيتم امرأة أماتها الله مؤمنة ثم أحياها فكفرت!.
قالوا: ومرّوا بميّت على سرير، فدعا عيسى الله تعالى، فجلس الميّت على السرير ونزل عن أعناق الرجال ولبس الثياب وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله وبقى وولد له.
وممن أحياه عيسى بإذن الله تعالى ابنة العازر، قيل له: أتحييها وقد ماتت بالأمس! فدعا الله عز وجل، فعاشت وبقيت وولدت.
قال الكسائىّ: وسأل بنو إسرائيل عيسى عليه السلام أن يحيى لهم عزيرا، فقال: التمسوا قبره فالتمسوه، فوجدوه فى صندوق من حجر، فعالجوه ليفتحوا بابه فلم يستطيعوا ذلك. فرجعوا الى عيسى وأخبروه أنهم عجزوا أن يخرجوه من قبره، فأعطاهم ماء فى إناء وقال: انضحوه بهذا الماء فإنه ينفتح. فانطلقوا ونضحوه بالماء فانفتح طابقه. فأقامه عيسى فى أكفانه فنزعها عنه، ثم جعل ينضح جسده بالماء ولحمه ينبت وشعره وهم ينظرون. ثم قال عيسى: يا عزير احى بإذن الله، فإذا هو جالس. فقالوا: ما شهادتك على هذا الرجل؟ فقال عزير: أشهد أنه روح الله وكلمته ألقاها الى مريم وأنه عبد الله ونبيّه وابن أمته. قالوا: يا عيسى، ادع ربك يحييه لنا فيكون بين أظهرنا. فقال عيسى: ردّوه الى قبره فإنه انقطع رزقه وانقضى أجله، فردّوه الى قبره.