الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جئت أخطب إليك ابنتك، فأمر به فضرب وأخرج. ورجع الفتى إلى عيسى فأخبره، فقال له: إذا كان الغد فاذهب إليه واخطب إليه فإنه ينالك بدون ذلك.
ففعل ما أمره عيسى، فضربه الملك دون ذلك. فرجع الى عيسى فأخبره، فقال:
إرجع اليه واخطبها فإنه سوف يقول لك: إنى أزوّجك إياها على حكمى، وحكمى قصر من ذهب وفضّة، وما فيه من فضّة وزبرجد، فقل له: أفعل ذلك. فاذا بعث معك فاخرج فإنك سوف تجده فلا تحدث فيه شيئا. فدخل عليه فخطب اليه، فقال: تصدقها حكمى؟ فقال: وما حكمك؟ فحكم الذى سمّى [له «1» ] عيسى.
فقال له: نعم، ابعث من يقبض ذلك. فبعث معه [قوما «2» ]، فدفع إليهم ما سأله الملك. فعجب الملك من ذلك وسلّم اليه ابنته. فتعجّب الفتى وقال لعيسى: يا روح الله، تقدر على مثل هذا وأنت على مثل هذه الحال!. قال عيسى: لأننى آثرت ما يبقى على هذا الفانى. فقال الفتى: وأنا أدعه وأصحبك. فتخلّى من الدنيا واتّبع عيسى. فأخذ بيده وأتى أصحابه وقال: هذا هو الكنز الذى قلت لكم. فكان ابن العجوز مع عيسى حتى مات. والله أعلم.
ذكر خبر يجمع عدّة معجزات من معجزات عيسى عليه السلام
حكى أبو إسحاق الثعلبىّ رحمه الله قال وهب: خرج عيسى عليه السلام يسيح فى الأرض، فصحبه يهودىّ، وكان مع اليهودىّ رغيفان، ومع عيسى رغيف. فقال له عيسى: تشاركنى فى طعامك؟ قال اليهودىّ نعم. فلمّا رأى اليهودىّ أنّ عيسى ليس معه إلا رغيف واحد ندم. فقام عيسى الى الصلاة فأكل اليهودىّ رغيفا.
فلما قضى عيسى صلاته قدّما طعامهما، فقال عيسى لليهودىّ: أين الرغيف الآخر؟
فقال: ما كان إلّا رغيف واحد، فأكل عيسى رغيفا وصاحبه رغيفا، ثم انطلقا فجاءا الى شجرة، فقال عيسى لصاحبه: لو أننا بتنا تحت هذه الشجرة!. فناما ثم أصبحا.
فانطلقا فلقيا أعمى، فقال له عيسى: أرأيت إن عالجتك حتى ردّ الله عليك بصرك هل تشكره؟ قال نعم. فمسّ عيسى عليه السلام بصره ودعا الله تعالى فإذا هو صحيح.
فقال عيسى لليهودىّ: بالذى أراك الأعمى بصيرا كم كان معك من رغيف؟ فقال:
والله ما كان إلّا رغيف واحد، فسكت عيسى عنه. ومرّا فإذا هما بمقعد، فقال له عيسى: أرأيت إن عالجتك فعافاك الله تعالى هل تشكره؟ قال بلى. فدعا الله عيسى فإذا هو صحيح قائم على رجليه. فقال صاحب عيسى: ما رأيت مثل هذا قط!. فقال عيسى: بالذى أراك الأعمى بصيرا والمقعد صحيحا، من صاحب الرغيف الثالث؟
فحلف له اليهودىّ ما كان معه إلّا رغيف واحد، فسكت عيسى. وانطلقا حتى انتهيا الى نهر عجّاج جرّار، فقال عيسى: لا أرى جسرا ولا سفينة، فخذ بحجزتى «1» من ورائى وضع قدمك موضع قدمى، ففعل ومشيا على الماء. فقال له عيسى: بالذى أراك الأعمى بصيرا والمقعد صحيحا وسخّر لك هذا البحر حتى مشيت عليه، من صاحب الرغيف الآخر؟ فقال: لا والله ما كان إلّا رغيف واحد، فسكت عيسى. وانطلقا فإذا هما بظباء يرعين، فدعا عيسى بظنى فأتاه فذبحه وشوى منه بعضا وأكلاه، ثم ضرب عيسى بقية الظبى بعصاه وقال: قم بإذن الله عز وجل فإذا الظبى يعدو. فقال الرجل: سبحان الله!. فقال عيسى: بالذى أراك هذه الآية، من صاحب الرغيف الآخر؟ فقال: ما كان إلّا رغيف واحد. فانطلقا فمرّا بصاحب بقر، فنادى عيسى:
يا صاحب البقر، اجزر لنا من بقرك هذه عجلا. قال: ابعث صاحبك يأخذه.
فانطلق اليهودىّ فجاء به، فذبحه وشواه وصاحب البقر ينظر إليه. فقال له عيسى:
كل ولا تكسر له عظما، ففعل. فلمّا فرغ قذف بعظامه فى جلده وضربه بعصاه وقال: قم بإذن الله تعالى، فقام العجل وله خوار. فقال: يا صاحب البقر خذ عجلك. قال: ويحك! من أنت؟ قال: أنا عيسى بن مريم. قال: عيسى السحّار! ثم فرّ منه. فقال عيسى لصاحبه: بالذى أحيا لك العجل، كم كان معك من رغيف؟
قال: ما كان معى إلا رغيف واحد، فسكت عيسى. ومضيا حتى دخلا قرية، فنزل عيسى فى أسفلها واليهودىّ فى أعلاها، فأخذ اليهودىّ عصا عيسى وقال: أنا الآن أبرئ المرضى وأحيى الموتى. قال: وكان ملك تلك المدينة مريضا مدنفا.
فانطلق اليهودىّ ينادى: من يبتغى طبيبا، حتى أتى قصر الملك، فأخبر بوجعه، فقال:
أدخلونى عليه فأنا أبرئه، وإن لقيتموه قد مات فأنا أحييه. فقيل له: إنّ وجع الملك قد أعيا الأطبّاء قبلك، فليس من طبيب يداويه ولا يشفيه إلّا صلبه. فقال:
أدخلونى عليه، فأدخلوه فضرب الملك بعصاه فمات. فجعل يضربه بالعصا وهو ميّت ويقول: قم بإذن الله. فأخذ ليصلب. فبلغ ذلك عيسى، فأقبل اليه وقد رفع على الخشبة، فقال لهم: أرأيتم إن أحييت لكم الملك أتتركون لى صاحبى؟ قالوا نعم.
فدعا الله تعالى عليه السلام فأحياه وقام وأنزل اليهودىّ من الخشبة، فقال: يا عيسى، أنت أعظم الناس على منّة، والله لا أفارقك أبدا. فقال له عيسى: أنشدك الله الذى أحيا الظبى والعجل بعد ما أكلناهما، وأحيا هذا بعد ما مات، وأنزلك من الجذع بعد ما صلبت، كم كان معك من رغيف؟ قال: والله ما كان معى إلّا رغيف واحد، قال: لا بأس. ثم انطلقا حتى أتيا قرية عظيمة خربة فيها كنز وفيها ثلاث لبنات من ذهب. فقال الرجل لعيسى: هذا المال لك؟ فقال: أجل! واحدة لى، وواحدة لك، وواحدة للذى أكل الرغيف الثالث. فقال اليهودىّ: أنا والله أكلته وأنت تصلى.
فقال عيسى: هى لك كلها. فانطلق عيسى وتركه قائما ينظر وهو لا يستطيع أن