الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكانُوا مُسْلِمِينَ «1»
. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف ركبانا ومشاة وعلى وجوههم» . قيل:
يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال:«إنّ الذى أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنهم يتّقون بوجوههم كلّ حدب «2» وشوك» .
وفى حديث مسلم بن الحجّاج عن أنس أنّ رجلا قال: يا رسول الله، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال:«أليس الذى أمشاه على رجليه فى الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» . والأحاديث الصحيحة فى هذا الباب كثيرة جدّا لو استقصيناها لطال الكلام وانبسط القول، وخرج التأليف عن شرطه الذى قدّمناه، فلنختم هذا الباب ب
حديث لقيط بن عامر
العقيلىّ فإنه حديث جامع لأكثر ما فى هذا الباب.
حديث لقيط بن عامر
قال أبو بكر بن أبى خيثمة بإسناده الى لقيط بن عامر العقيلىّ قال: خرجت أنا وصاحب «3» لى حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لانسلاخ «4» رجب، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، [فوافيناه «5» ] حين انصرف من صلاة «6» الغداة
فقام [فى الناس «1» ] خطيبا فقال: «أيها الناس! ألا إنى قد خبأت لكم صوتى منذ أربعة أيام لأسمعكم اليوم. ألا فهل من امرئ بعثه قومه [فقالوا اعلم لنا ما يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم. ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضّلال «2» ] . ألا إنى مسئول هل بلّغت. ألا اسمعوا تعيشوا «3» ألا اجلسوا «4» » فجلس الناس وقمت أنا وصاحبى، حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت: يا رسول الله، ما عندك من علم الغيب؟ [فضحك لعمر الله وهزّ رأسه وعلم أنّى أبتغى لسقطه «5» ] فقال:«ضنّ ربك عز وجل بمفاتيح خمس «6» من الغيب لا يعلمها إلا الله «7» » . فقلت: وما هنّ يا رسول الله؟ قال: «علم المنية [قد علم متى منيّة أحدكم ولا تعلمونه «8» ] . وعلم المنّى حين «9» يكون فى الرّحم [قد علمه ولا تعلمونه «10» ] وعلم ما فى غد وما أنت طاعم غدا ولا تعلمه «11» . وعلم يوم الغيث يشرف عليكم آزلين مسنتين «12» فيظّل يضحك قد علم أنّ غوثكم قريب» . قال لقيط:
لم لن نعدم من ربّ يضحك خيرا. «وعلم يوم الساعة» . قلت: يا رسول الله، إنى سائلك عن حاجتى «13» . قال:«سل عمّا شئت» . قلت: يا رسول الله،
علّمنا مما لا يعلم الناس «1» ومما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحدا من مذحج التى تدنو إلينا، وخثعم التى توالينا، وعشيرتنا التى نحن منها «2» ] . قال:«تلبثون ما لبثتم ثم يتوفّى نبيّكم ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصحيحة، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شىء إلّا مات والملائكة الذين مع ربك، فأصبح «3» ربك يطوف فى الأرض وقد خلت «4» عليه البلاد، فأرسل ربك السماء [بهضب «5» ] من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميّت إلا شقّت القبر عنه حتى تخلقه من قبل رأسه فيستوى جالسا، فيقول ربك مهم «6» لما كان فيه، فيقول: يا رب أمتّنى «7» أمس اليوم، لعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله» . فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا
بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع؟ قال: «أنبئك بمثل ذلك فى إلّ «1» الله الأرض أشرفت عليها وهى مدرة بالية فقلت لا تحيا أبدا ثم أرسل ربك عليها «2» السماء، فلم تلبث عليها إلا أياما حتى أشرفت عليها فإذا هى شرية «3» واحدة، فلعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأصواء «4» ومن مصارعكم فتنظرون إليه ساعة وينظر اليكم» . قلت: يا رسول الله، [وكيف «5» ] ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر اليه؟ قال:«أنبئكم بمثل ذلك فى إلّ الله الشمس والقمر آية [منه «6» ] صغيرة ترونهما ساعة واحدة «7» ويريانكم لا تضارّون «8» فى رؤيتهما ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وتروه «9» منهما أن تروهما ويرياكم لا تضارّون فى رؤيتهما» . قلت: يا رسول الله، فماذا يفعل بنا ربّنا إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه بادية [له «10» ] صفحاتكم لا يخفى عليه [منكم «11» ] خافية، فيأخذ ربك [بيده «12» ] غرفة من الماء فينضح [بها «13» ] قبلكم، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه واحد منكم منها قطرة، فأمّا المسلم
فتدع وجهه مثل الرّيطة «1» البيضاء، وأمّا الكافر فتخطمه بمثل الحمم «2» الأسود. ألا ثمّ ينصرف [نبيّكم «3» ] ويتفرّق على أثره الصالحون، فتسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة يقول حسّ «4» ، فيقول ربك وإنّه «5» . ألا فتطلعون على حوض الرسول لا يظمأ والله ناهله فلعمر إلهك ما يبسط أحد منكم يده إلّا وقع عليها قدح يطهّره «6» من الطّوف والبول «7» والأذى. وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحدا» . قلت: يا رسول الله، فبم نبصر الأرض «8» ؟ قال:«بمثل ساعتك هذه» وذلك مع طلوع الشمس فى يوم أشرقته «9» الأرض وواجهته الجبال. قلت: يا رسول الله، فبم نجزى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال «الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلّا أن يعفو الله» . قلت:
يا رسول الله، ما الجنة وما النار «1» . قال:«لعمر إلهك إن «2» للنار لسبعة أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما. وإن للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان إلّا يسير الراكب بينهما سبعين عاما» . قلت: يا رسول الله، فعلام نطّلع من الجنّة؟
قال: «على أنهار من عسل مصفّى، وأنهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه، وماء غير آسن، [وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون «3» ] وخير من مثله معه وأزواج مطهّرة» . قلت: يا رسول الله، ولنا فيها أزواج أو منهنّ مصلحات «4» ؟
قال: «الصالحات للصالحين تلذّونهنّ مثل لذّاتكم فى الدنيا ويلذذنكم غير أن لا توالد فيها» .
انتهى التذييل على القسم الثالث بعون الله وتعالى وحسن توفيقه. والله الموفّق.
للصواب.