الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة
في نسخ المفهوم والنسخ به
أما مفهوم الموافقة: فقد اتفق الكل على أنه يجوز به نسخ كل ما يجوز نسخه لأن دلالته إن كانت لفظية فظاهر، وإن كانت معنوية فكذلك، لأنها قطعية غير قابلة للتأويل فهي كدلالة النص.
فأما نسخه مع نسخ الأصل فهذا أيضًا مما لا نزاع فيه وهو ظاهر.
وأما نسخ الأصل بدون الفحوى، أو نسخ الفحوى بدون الأصل فقد اختلفوا فيه: فذهب أصحابنا، والمعتزلة: إلى أن نسخ الأصل يستلزم نسخ الفخوى.
ونقل فيه خلاف الحنفية: وهو غير بعيد "بل هو متجه" لأن المقتضى لثبوته قائم، وهو المقتضى لثبوت حكم الأصل، والناسخ الرافع للأصل غير رافع له حتمًا، لجواز أن يكون مقتصرًا على رفعه فقط. ولهذا يجوز أن يصرح بنفي تحريم التأفيف مع التصريح بتحريم الضرب/ (374/ أ) وإذا كان كذلك وجب أن لا يفيد نسخ الأصل نسخ الفحوى.
وهذا الدليل وإن كان لازمًا على الكل، لكن على من يقول من اصحابنا، كالإمام وغيره: إن نسخ الوجوب لا يستلزم نسخ الجواز ألزم.
وعلى هذا "بنو أن نسخ" قوله عليه السلام: "من قتل عبده قتلناه" لا قتضى نسخ مفهومه، وهو أنه يقتل بقتل عبد غيره بالطريق الأولى.
احتج الجماهير: بأن الفحوى تبع الأصل، فإذا زال المتبوع زال التبع.
وجوابه: أنه تابع له في الثبوت في مثل هذا الخطاب لا مطلقًا ولهذا يعقل ثبوت حكم الفحوى بدون حكم الأصل، وفي مثل هذا التابع لا نسلم أن زوال المتبوع يوجب زوال التابع.
سلمناه: لكنه منقوض بالجواز إذا نسخ الوجوب.
فأما نسخ الفحوى بدون الأصل فغير جائز عند أبي الحسين البصري وهو مختار الأكثر.
وتردد فيه القاضي عبد الجبار، فعلى هذا نسخ الفحوى يستلزم نسخ
الأصل عند أبي الحسين، ولا يستلزم عند القاضي على رأي.
احتج أبو الحسين: بأن نسخ الفحوى مع بقاء الأصل مناقض للغرض، ألا ترى أنه إذا حرم التأفيف إعظامًا للأبوين كانت إباحة ضربهما نقضًا للغرض.
واحتج القاضي: بأن الفحوى، إما تابع، أو غير تابع، بل تحريمه وتحريم الأصل نازل منزلة تحريم شيئين.
فإن كان الأول: وجب أن لا يكون رفعه رفع حكم الأصل، لأن رفع [حكم] التابع لا يستلزم رفع المتبوع.
وإن كان الثاني: لم يكن نسخ تحريمه مستلزمًا لنسخ تحريم الأصل أيضًا: كما في كل شيئين إذا حرما معًا.
وجوابه: أن المتبوع إذا كان ملازمًا للتابع، فلا نسلم أن رفعه لا يستلزم رفع المتبوع.
وأما مفهوم المخالفة: فيجوز نسخه مع نسخ الأصل، وبدونه "هو" ظاهر إذ لا يصير نقضًا على الغرض، كما في مفهوم الموافقة.
وهو كقوله عليه السلام: "الماء من الماء"، نسخ مفهومه بقوله عليه السلام:
"إذا التقى الختانان وجب الغسل" وبقى أصله وهو وجوب الغسل من الإنزال.
فأما نسخ الأصل بدونه فيحتمل أن لا يجوز، ويحتمل أن يجوز، ولا يخفى مأخذهما مما سبق، وإن كان الأظهر هو الاحتمال الأول: لأنه إنما يدل على العدم باعتبار ذلك القيد المذكور فإذا بطل تأثير ذلك القيد بطل ما يبنى عليه.
فعلى هذا نسخ الأصل نسخ للمفهوم، وليس المعنى منه أن يرتفع العدم ويحصل الحكم الثبوتي، بل المعنى فيه أن يرتفع العدم الذي كان شرعيًا ويرجع إلى ما كان/ (374/ ب) عليه من قبل.
"الفصل الثالث"
فيما اختلف فيه أنه ناسخ وليس هو بناسخ
وفيه مسائل: