الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
المسألة الثانية عشرة"
الاتفاق الحاصل من الأكثر ليس بإجماع ولا حجة عند الأكثرين، وهو المختار
.
وقال قوم منهم محمد بن جرير الطبري، وأبو بكر الرازي وأبو الحسين الخياط. وهو رواية عن الإمام أحمد رحمهم الله: أنه إجماع وحجة.
ومنهم من قال: إنه حجة وليس بإجماع.
ومنهم من قال: إنه ليس بحجة ولا بإجماع لكن الأولى اتباع الأكثر وإن كان لا يحرم مخالفتهم.
ومنهم من فصل وذكر فيه وجهين:
أحدهما: أن الجماعة إن سوغت اجتهاد الأقل وخلافه كان خلافه معتدًا به، وهو كخلاف ابن عباس في مسألة العول.
وإن أنكرت الجماعة اجتهاده وخلافه لم يكن معتدًا به، وهو كخلاف ابن عباس في تحريم ربا الفضل وتحريم نكاح المتعة، وهو اختيار
أبي عبد الله الجرجاني.
وثانيهما: أنه إن بلغ عدد الأقل عدد التواتر لم يكن إجماعًا وإلا فهو إجماع.
[ثم من الظاهر أن كل من يقول بأنه إجماع، فإنما يقول أنه إجماع ظني لا قطعي، وبه يشعر إيراد بعضهم].
لنا وجوه:
أحدها: أن الأدلة الدالة على كون الإجماع حجة إنما هي واردة بلفظ الأمة والمؤمنين، وهما متناولان لكل الأمة والمؤمنين وظاهران فيه وحيث استعملا في الأكثر فإنما هو بطريق التجوز، وهو متفق عليه على القول بتعميمهما، وإذا كان كذلك لم يكن لتلك الأدلة دلالة على أن إجماع الأكثر حجة؛ لأن الأصل عدم التجوز وعدم دليل آخر.
وثانيها: أن المسألة غير متفق عليها بل مختلف عليها ومنازع فيها فيجب رده إلى الله والرسول لقوله تعالى: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} .
وقوله: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} فلم يكن مجمعًا عليه، وليس الرد إلى قول الأكثر ردًا إلى الكتاب والسنة، إذ ليس فيهما ما يدل على حجيته حتى يكون ذلك ردًا إلى الكتاب والسنة، بخلاف الرد إلى الإجماع لما تقدم في بعض المسائل ضرورة أن الكتاب والسنة دلان على حجيته.
وثالثها: أن الصحابة لم ينكروا على المخالف للأكثر في الحكم والاجتهاد، ولم ينسبوه إلى مخالفة جماعة المسلمين، كما عهد منهم فيمن يخالف ما أجمع عليه مجموع الأمة، بل سوغوا اجتهادهم، بل ربما رجعوا إلى اجتهاده كما في قتال مانعي الزكاة، فإن الصحابة كلهم غير أبي بكر رضي الله عنه كانوا متفقين على ترك قتال مانعي الزكاة وهو كان مخالفهم فيه، ولم ينكروا عليه بل رجعوا كلهم في الأخير إلى قوله، وبقى ذلك الحكم إلى الآن معمولاً به.
وكذلك خالف ابن عباس وابن مسعود سائر الصحابة في بعض مسائل
الفرائض ولم ينكروا عليهما ذلك، بل بقى مذهبهما إلى الآن معمولاً به، ولو كان ذلك إجماعًا لأنكروا على المخالف، وشددوا النكير عليه كما في الإجماع المتفق عليه.
فإن قلت: لعلهم إنما لم ينكروا عليه؛ لأنه وإن كان إجماعًا لكنه ظني غير مقطوع به بخلاف الإجماع المتفق عليه فإنه قطعي، ثم لا نسلم أنهم ما أنكروا عليه بل أنكروا: ألا ترى أنهم أنكروا على ابن عباس إنكار ربا الفضل، وتجويز نكاح المتعة.
وأنكرت عائشة على زيد بن أرقم في مسألة العينة.
أنكروا على أبي موسى الأشعري خلافه للجماعة في أن النوم لا ينقض الوضوء.
وأنكروا على أبي طلحة قوله بأن أكل البرد لا يفطر، وغير ذلك من الاجتهادات لانفرادهم وشذوذهم.
قلت: لو قيل: إن الإجماع المتفق عليه حجة ظنية اندفع الفرق، وأما إن لم نقل به فإن قيل بقطعية هذا فكذلك، وأما إن قيل بظنيته وهو الظاهر من مذهبهم فهذا وإن اقتضى أن لا يكون النكير عليه، فما يكون النكير في مخالفة المقطوع به، لكن نعلم من مذهبهم أنهم كانوا ينكرون أيضًا مخالفة الدليل الظني إذا كان ظاهرًا جليًا كخبر الواحد والقياس الجلي ولذلك قال ابن عباس: "ألا يتقي الله زيد بن ثابت جعل ابن الابن ابنًا ولا يجعل
أب الأب أبًا" وأنكروا على ابن عباس مخالفة خبر ربا الفضل، وأنكروا على أبي موسى الأشعري في أن النوم لا ينقض الوضوء، لمخالفة دليله وغيره من الصور التي ذكرها الخصم، فلو كان إجماع الأكثر حجة لكان حجة ظاهرة لا شك فيها، فكان يجب تحقق النكير على مخالفه جريًا على العادة، ولما لم ينكروا المخالفة، بل جوزوها وبحثوا عن مأخذها، فإن كان ظاهرًا جليًا تبعوه كما في قتال مانعي الزكاة، وإلا فإن كان مرجوحًا جدًا أنكروا عليه المخالفة، وإلا تركوه علمنا أنه ليس بإجماع، وبه خرج الجواب عن الثاني؛ لأنا لا نسلم أن الإنكار فيما ذكروه من الصور إنما كان لمخالفة الأكثر وإلا لا طرد، بل لمخالفة الدليل الظاهر الذي كان متمسك الأكثر وهو صريح في بعضها، وليس في بعضها إشعار ورمز إلى أن الإنكار إنما كان لمخالفة الأكثر.
ورابعها: لو انعقد إجماع مع مخالفة الواحد والاثنين، فأما أن يكون ذلك لخصوصية كون المخالف واحدًا أو اثنين، أو لعموم كونه أقل، والقسمان باطلان فبطل القول بالانعقاد.
أما الأول: فبالإجماع، إذ لم/ (39/ أ) يجعل الخصم الحكم مقصورًا على ما إذا خالف الواحد والاثنان فقط هكذا أشعر إيراد البعض، ولأن قصر الحكم على خصوصية الواحد والاثنين تحكم محض.
وأما الثاني: فلأنه حينئذ يلزم أن ينعقد الإجماع إذا زاد المجمعون على النصف بواحد ولا قائل به، ولو جعل ذلك لعموم كونه أقل من عدد التواتر فهذا مع كونه باطلاً يساعده أكثر الخصوم فهو أيضًا باطل لكونه قولاً من غير دليل.
وخامسها: أنه لو انعقد إجماع الأكثر مع مخالفة الأقل فإما أن ينعقد إجماعًا قطعيًا، أو ظنيًا، والأول باطل؛ لأنه مختلف فيه، والأكثرون على عدم حجيته، ولا يبدع المخالف فيه ولا يضلل، فكيف يكون مقطوعًا به.
وأصل الإجماع وإن خالف في حجيته شذوذ من الناس لكنه يبدع المخالف فيه ويضلل وهو حادث مسبوق بإجماع الصحابة والتابعين، ولذلك أول النظام الإجماع وقال:"هو كل قول قامت حجيته" فالخصم معترف بذلك وهذا الإجماع ليس كذلك، ودعوى إجماع الصحابة والتابعين عليه بهت صريح والخصوم ربما يساعدون عليه على ما يشعر به إيراد البعض فيتعين أن يكون ظنيًا، وهو أيضًا باطل؛ لأنه حينئذ إما أن ينعقد على المخالف وغيره، أو ينعقد على الغير فقط.
والأول باطل، لأن فيه أمر المجتهد بالتقليد وترك العمل، والاعتقاد بما أدى إليه اجتهاده في المسألة الاجتهادية، وهو باطل في حق المجتهد، وأنه لا يجوز له أن يقلد مجتهدًا آخر، وبقولنا في المسألة الاجتهادية خرج عنه: ما إذا اتفق عليه مجموع الأمة [ثم خالف فيه مجتهد آخر فأنا نأمره بترك اجتهاده، والرجوع إلى ما اتفق عليه المجموع] لأن المسألة لم تكن اجتهادية إذ ذاك.
والثاني باطل أيضًا، أما أولاً فلمساعدة الخصم عليه، إذ لا يعرف أن من يسبق من المخالفين قال بذلك، بل كل من قال بحجيته قال بحجيته على المخالف وغيره. وأما ثانيًا فلإلحاق الفرد بالأعم والأغلب وإذا بطل القسمان بطل أن يكون إجماعًا.
واحتجوا بأمور:
أحدها: أن الأدلة التي تدل على أن إجماع مجموع الأمة حجة بعينها تدل
على أن إجماعهم مع مخالفة الواحد والاثنين حجة أيضًا لأنها تتناولهم كتناوله لهم، بدليل ما يقال: بنو تميم يحبون الجار، ويكرمون الضيف، وإن كان فيهم من لا يفعل ذلك على الندور.
وكذلك البقرة التي فيها شعيرات بيض تسمى بالسوداء كتسميتها به إذا لم يكن فيها تلك الشعيرات، وإذا كان كذلك وجب أن يكون إجماع الأكثر مع مخالفة الواحد والاثنين حجة كإجماع الكل تسوية بين متناول الدليل.
وجوابه: أنها تتناولهم بطريق التجوز، لما ثبت أن لفظ الأمة والمؤمنين حقيقة في العموم، وإرادة المجاز على خلاف الأص لا يثبت إلا بقرينة والأصل عدمها، كيف وقد وجد ما يدل على عدم إرادته، وهو إرادة الحقيقة منها وفاقًا، فلو أريد منها المجاز أيضًا إذ ذاك لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وهو غير جائز.
وثانيها: قوله عليه السلام: "عليكم بالسواد الأعظم". "عليكم بالجماعة""يد الله على الجماعة""إياكم والشذوذ""الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد" فهذه الأخبار ونحوها كما تدل على أن إجماع الكل حجة، فكذا تدل على أن إجماع الأكثر مع مخالفة الواحد والاثنين شاذ، وكون الشيطان مع الواحد قرينة دالة على عدم إصابته الحق.
وجواب الأول: أن السواد الأعظم على الإطلاق هو كل الأمة، لأنه ليس
شيء أعظم منه، وهو أعظم من كل ما عداه، ولو لم يرد هذا بل ما صدق عليه أنه أعظم من غيره لدخل تحته النصف الزائد بواحد على النصف الآخر وبه خرج الجواب عن الثالث والرابع، فإن الجماعة على الإطلاق إنما هو مجموع الأمة لما سبق.
وأيضًا: فإن الألف واللام في الجماعة إما للعهد، أو للجنس، لأن الاشتراك والمجاز على خلاف الأصل فكان تقليله أوفق للأصل، ودلالتهما عليهما وعلى غيرهما لا يخلوا عن هذين الوجهين، إذ لا يمكن جعلهما [متواطئًا في جميع موارد استعمالهما ولو أمكن لكن كون اللفظ] متواطئًا بين المعنيين أولى من أن يكون متواطئًا بين الأكثر من ذلك، ثم هما ليسا للجنس؛ لأن كل جماعة ليس يد الله عليها، ولا كل جماعة أمر الشارع باتباعها، وإلا لكان ذلك أمرًا لكلا الخصمين لمتابعة الآخر، ضرورة أن كل واحد منهما جماعة فيتعين أن يكون للعهد، والمعهود بحسب الشرع إنما هو مجموع الأمة دون الأكثر لعدم ما يدل عليه وضبطه.
وأما قوله عليه السلام: "الاثنان فما فوقهما جماعة" فليس تلك الجماعة المعهودة مرادة هنا بالإجماع، بل المراد منها جماعة الصلاة، أو جماعة السفر.
وأما الخامس، فالمراد منه: الانفراد عن الجماعة بعد الموافقة، فإن كان هذا ظاهرًا للفظ فذاك، وإلا فلا شك أنه من محتملاته، فيجب الحمل عليه جميعًا بين الدليلين.
وعن السادس من وجهين: أحدهما: أنه ليس بعام، لأن المفرد المعرف لا يعم فيحمل على ما سيأتي ذكره.
سلمناه لكن مخصوص بالإجماع، فإن الشيطان ليس مع كل واحد وإلا لم يكن قول النبي حجة فيحمل على الواحد الذي خالف بعد الإجماع والواحد الذي دليله مرجوح.
وثانيهما: أنه عليه السلام أراد به التحذير عن السفر وحده والحث على طلب الرفيق فيه، ولهذا قال:"والثلاثة ركب".
سلمنا دلالة هذه الأخبار على ما ذكرتم لكنه معارض بما يدل على قلة أهل الحق نحو قوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} ، {بل أكثرهم لا يعقلون} ، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة} .
ونحو قوله عليه السلام حيث قال: "وهم يومئذ الأقلون".
ونحو/ (40/ أ) قوله عليه السلام: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ".
وثالثها: أن الأمة اعتمدت في خلافة أبي بكر رضي الله عنه على الإجماع مع أنه لم يحصل اتفاق الكل عليه، فإن عليًا وسعد بن عبادة مقدم الأنصار لم يوافقا في ذلك بل؛ لأنه حصل اتفاق الأكثر عليه.
وجوابه: منع اعتماد الأمة عليه، بل على البيعة؛ وهذا لأن انعقاد الإمامة لا يتوقف على الإجماع بل على البيعة، وهي لا تتوقف على الإجماع.
وأجيب أيضًا بمنع عدم حصول الإجماع في ذلك وفيه نظر.
ورابعها: [أن الإجماع حجة على المخالف فيستدعي تحقق المخالف ليتحقق كونه حجة على المخالف وإلا لم يتحقق هذا المعنى].
وجوابه: [أن الإجماع حجة على المخالف الذي يوجد بعد انعقاد الإجماع في العصر أو في غيره على تقدير عدم اعتبار انقراض العصر، وعلى تقدير اعتباره فهو حجة على المخالف الذي يوجد بعد انقراض العصر].
سلمنا أنه لا بد وأن يكون المخالف موجودًا معه حتى يكون حجة، لكنه منقوض بالإجماع الذي ليس فيه مخالف فإنه بالإجماع حجة مع أنه ليس له مخالف.
وخامسها: أن الصحابة أنكرت على ابن عباس خلافه للباقين في ربا الفضل والعول، ونكاح المتعة ولولا أن اتفاقهم حجة لما أنكروا عليه.
وجوابه: أنا لا نسلم أن الإنكار للمخالفة، بل لأنه خالف صريح الحديثين أعنى الذي ورد في ربا الفضل، ونكاح المتعة على زعمهم، وأما في مسألة العول فلما أنه لما أظهر ذلك في زمن عمر رضي الله عنه وأظهره بعد ذلك مع أن دليل صحته ظاهر جدًا.
وسادسها: أن ما اتفق عليه الأكثرون يعلم أنه طريقة المؤمنين قطعًا، ضرورة أنهم أخبروا عن أنفسهم أنهم مؤمنون، ويستحيل أن يكون إخبار الجمع الكثير كلها كذبًا سواء كان مخبر خبرهم واحدًا أو أكثر.
وما ذهب إليه الواحد والاثنان لا يعلم قطعًا أنه سبيل المؤمنين لجواز اتفاقهم
على الكذب فيما أخبروا عن أنفسهم أنهم مؤمنون، وإذا كان كذلك [وجب أن يكون إجماعهم حجة؛ لأن مخالفه مخالف لسبيل المؤمنين.
وجوابه:] هب أن إخبارهم عن أنفسهم أنهم مؤمنون صادقة لكن لا يلزم منه المقصود، فإنه ليس مخالفة سبيل كل من يقطع بأنه من المؤمنين محظورة، ألا ترى أنا لو قطعنا بإيمان شخص بأخبار نبي، أو ولي أو بقرائن، فإنه لا يحرم علينا مخالفته، بل الذي يحرم إنما هو مخالفة سبيل المؤمنين [لا مخالفة سبيل المؤمنين] كيفما كان أعنى أن يكون بعضًا أو كلاً.
وسابعها: القياس على الرواية؛ فإن الرواية ترجح بكثرة العدد فكذا أقوال المجتهدين.
وجوابه: أن المناط مختلف، ومع اختلاف المناط لا يصح القياس، فإن مناط الرواية غلبة ظن صدق الراوي، ومناط الإجماع عصمة المجمعين، ولم تثبت عصمة أكثر الأمة، وقول الأكثر يفيد من الظن ما لا يفيد قول الأقل فلا جرم حصل الترجيح بقول الأكثر، ولم يثبت الإجماع بقول الأكثر، لعدم تحقق المناط.
وثامنها: أن خبر الواحد عن شيء لا يفيد العلم بل يفيد الظن، وخبر جماعة بلغ عددهم عدد أهل التواتر يفيد العلم، وكذا قول المجتهد الواحد يفيد الظن، فليكن قول جماعة منهم بلغ عددهم عدد أهل التواتر يفيد العلم.
وجوابه: أن شرط إفادة اليقين في خبر جماعة بلغ عددهم عدد أهل التواتر الإحساس بالمخبر عنه، وهو ممتنع الثبوت في المجتهدات، وبتقدير صحته فهو منقوض بما إذا كان المجمعون عدد أهل التواتر بدون وصف الأكثرية.
وتاسعها: لو اعتبرنا مخالفة الواحد أو الاثنين لما انعقد إجماع على سبيل القطع لأنه ما من إجماع إلا ويمكن أن يوجد فيه مخالف أو مخالفان.
وجوابه: منعه؛ وهذا لأنه يمكن أن ينعقد مع العلم بعدم المخالف حيث يكون المجتهدون منحصرين كما في زمان الصحابة، وحيث يتعذر العلم به بتعذر العلم بإجماع الأكثر أيضًا، إذ هو مشروط بالعلم بكلهم وهو متعذر.
وعاشرها: أن ظن حقيقة ما ذهب إليه الأكثر أغلب، فوجب العمل به بالأدلة الدالة على أن العمل واجب بالظن الغالب.
وجوابه: أنا لا نسلم أن ظن حقيقته أغلب بالنسبة إلى الكل، فإن الذي خالفه لم يغلب على ظنه ذلك، بل يغلب فساده على ظنه فلم يكن حجة في حقه.
سلمنا ذلك، لكن مثل هذا الظن الغالب لا يوجب العمل على المجتهد بل على العوام.
سلمناه لكنه منقوض بما إذا كان المجمعون أكثر من المخالفين بعدد يحصل به غلبة الظن مع كثرة المخالفين، فإنه ليس بإجماع بالاتفاق مع حصول غلبة الظن به.