الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة
مذهب الجماهير امتناع ارتداد كل الأمة
.
وقال قوم يجوز ذلك.
احتج الجماهير بوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى أوجب على المكلفين اتباع سبيل المؤمنين مطلقًا، لآية المشاقة، ووجوب اتباع سبيلهم مشروط بوجود سبيلهم، لامتناع الأمر باتباع المعدوم، وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب، فوجود سبيلهم واجب بمعنى أنه لا بد من وجوده، وإلا لم يكن الأمر باتباع سبيلهم مطلقًا بل مقيد بحالة وجوده وهو خلاف آية المشاقة، فيمتنع ارتداد كل الأمة في زمن من الأزمان.
وثانيهما: التمسك بنحو قوله عليه السلام: "لا تجتمع أمتي على الخطأ" و"لا تجتع أمتي على الضلالة" و"لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق".
ووجه التمسك به ظاهر؛ فإن هذه الأحاديث ونحوها تقتضي عصمة مجموع الأمة عن الخطأ والضلالة وذلك يقتضي امتناع ارتدادهم.
واحتج المجوزون: بأن الأمة إذا ارتدت لم يكن سبيلهم إذ ذاك سبيل المؤمنين، ولا إجماعهم على الضلالة إجماع الأمة على الضلالة بخروجهم عن أن يكونوا أمة الرسول عليه السلام إذ ذاك لما تقدم من أن أمته في عرف الشرع من آمن به وصدقه، وإذا كان كذلك لم تكن هذه الأحاديث ونحوها متناولة لهم حتى تدل على عصمتهم.
وأما بقية أدلة الإجماع فإنما تدل على عصمة المؤمنين ولم يكونوا إذ ذاك مؤمنين، فلا تدل على عصمتهم فتبقى على الجواز الأصلي العقلي، إذ لا نزاع في أن ذلك جائز عليهم عقلاً، وإنما النزاع في جوازه بحسب الشرع فإن من منع فإنما منع لأدلة شرعية، وقد بينا أنه لا دليل على امتناعه شرعًا فوجب أن يبقى على الجواز العقلي.
وجوابه: أنهم كانوا قبل الارتداد مؤمنين، وأمة الرسول، فلو اتفقوا على الارتداد لصدق عليهم أن أمة محمد كلهم اتفقوا على الكفر والضلالة وكذا يصدق أن المؤمنين كلهم اتفقوا على الباطل والكفر وأدلة الإجماع تنفيه.