الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك بل المتعلق بأحدهما يصير متعلقا بالآخر وباعتبارهما يختلف عليه هذان الاسمان، وليس هو من المحال في شيء، بل هو كالجواهر يتصف بالبياض مرة وبالسواد أخرى فيتجدد عليه أسم الأبيض والأسود وهما متضادان والذات التي تتصف بهما واحد.
المسألة السابعة
[في جواز النسخ إلي غير بدل]
يجوز نسخ الشيء لا إلى بدل.
خلافا لقوم من أهل الظاهر.
لنا: أنه لو لم يجز ذلك، فإما أن يكون ذلك عقلا، أو شرعا.
فإن كان الأول: فإما أن يعرف بذلك بضرورة العقل، وهو باطل قطعا، أو بنظرة، وهو أيضا باطل.
أما أولا: فلأن الأصل عدم ما يقتضي ذلك.
وأما ثانيا: فلأنه لو كان كذلك فإنما يكون لمخالفته المصلحة، إذ من الظاهر أنه لا تعلق لغيرهما بالمسألة، لكن ذلك باطل أيضا.
أما إن لم يوجب تعليل أفعال الله تعالى بالمصالح والمفاسد الظاهرة.
وأما إن قيل: بوجوبه فكذلك، لأنه قد لا يكون في مخالفة المصلحة، بل قد تكون المصلحة في نسخ الحكم من غير بدل، وإذا كان كذلك لم يكن ممتنعا لأجل مخالفة المصلحة.
وإن كان الثاني: فهو أيضا باطل، لأنه وقع ذلك شرعا على ما نبين ذلك، فلو دل دليل شرعي على امتناعه لزم التعارض بين ما وقع وبين ذلك الدليل، لأن ما وقع دليل الجواز، والتعارض خلاف الأصل، لأنه وقع ذلك.
فإنه نسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول لا إلى بدل.
ونسخ تحريم إدخال لحوم الأضاحي من غير بدل.
وكذا نسخ (وجوب الإمساك بعد الإفطار في ليالي الصيام) من غير بدل.
والوقوع دليل الجواز والزيادة.
واحتجوا بوجهين:
أحدهما: قوله تعالى} ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها {.
فإن الآية تدل على أنه تعالى لا ينسخ / (361/ب) إلا ببدل خيراً منها أو مثلها.
وجوابه: أن نسخ الآية نسخ لفظها لا نسخ مدلولها الذي وقع النزاع فيه، لأن الآية اسم لما يتلى وهو اللفظ، ولذلك قال:} نأت بخير منها {.
وللخصم أن يقول: لما وجب إثبات البدل في نسخ الآية، وجب أيضا في الحكم إذ لا قائل بالفصل.
سلمناه: أنه يدل على نسخ الحكم، ولكنه مخصوص بما ذكرنا من الصور.
سلمناه: أنه غير مخصوص ولكنه لم لا يجوز أن يقال إن نفى ذلك الحكم وإسقاط التعبد به بدل عن ثبوت ذلك الحكم، وهو خير منه في ذلك الوقت لكون المصلحة فيه دون الإثبات.
وفيه نظر.
لأن عدم المحض والتفي الصرف لا يوصف بقوله: (نأت) لأن ما أتى به شيء، ولأن الجزاء متأخر عن الشرط والعدم مع رفع الوجود.
سلمناه: أنه يقتضي بدلا وجوديا، لكن الآية لا تدل على عدم الجواز الذي وقع النزاع فيه، بل لو دل فإنما يدل على عدم الوقوع.
ولقائل: أن يقول: عليه إذا ثبت عدم الوقوع، وجب أن يثبت عدم الجواز، لأن كل من يقول: بالجواز قال: بالوقوع.
فالقول: بعدم الوقوع مع الجواز قول لم يقل به أحد.