المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعةفي الفرق بين النسخ والبداء - نهاية الوصول في دراية الأصول - جـ ٦

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأولفي النسخ وتعريف الناسخ والمنسوخ

- ‌المسألة الأولىفي حقيقته لغة

- ‌المسألة الثانيةفي حده بحسب الاصطلاح والناسخ والمنسوخ

- ‌المسألة الثالثةذهب كثير من المحققين كالقاضي والغزالي (إلى): أن النسخ رفع

- ‌المسألة الرابعةفي الفرق بين النسخ والبداء

- ‌المسألة الخامسةفي إثبات النسخ على منكريه

- ‌المسألة السادسة[في نسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به]

- ‌المسألة السابعة[في جواز النسخ إلي غير بدل]

- ‌المسألة الثامنة[في النسخ بالأخف والأثقل]

- ‌المسألة التاسعةفي أنه يجوز نسخ الحكم المؤكد بالتأييد كقوله: أمرتكم بهذا أبدا

- ‌المسألة العاشرةأنه يجوز نسخ التلاوة والحكم معًا

- ‌المسألة الحادية عشرةاختلفوا في ثبوت حقيقة النسخ "وحكمه" في حق من لم يبلغه الخبر حيث ثبت ذلك مع العلم

- ‌المسألة الثانية عشرةاختلفوا في أن كل "واحد" من الأحكام، هل هو قابل للنسخ أم لا

- ‌المسألة الثالثة عشرةفي نسخ الخبر

- ‌الفصل الثانيفي الناسخ والمنسوخ

- ‌المسألة الأولىالقائلون بجواز نسخ القرآن: اتفق أكثرهم على أنه يجوز نسخ القرآن بالقرآن لتساويهما في إفادة العلم ووجوب العمل به

- ‌المسألة الثانية[نسخ الكتاب بالسنة المتواترة]

- ‌المسألة الثالثة[في نسخ السنة المتواترة بالكتاب]

- ‌المسألة الرابعةفي أن الحكم الثابت بالإجماع لا ينسخ به ولا بغيره

- ‌المسألة الخامسةفي نسخ حكم القياس ونسخ حكم غيره "به

- ‌المسألة السادسةفي نسخ المفهوم والنسخ به

- ‌الفصل الثالث"فيما اختلف فيه أنه ناسخ وليس "هو" بناسخ

- ‌المسألة الأولىفي الزيادة على النص هل هو نسخ أم لا

- ‌المسألة الثانيةاتفقوا على أن إسقاط شيء من العبادة، أو شيء من شروطها، أو شيء من سننها ومستحباتها: "نسخ لما سقط

- ‌المسألة الثالثةفي أن نسخ أصل القياس هو نسخ للفرع أم لا

- ‌النوع الثاني عشر: الكلام في الإجماع

- ‌ المقدمة ففي تفسيره لغة، ورسمه شرعًا

- ‌الفصل الأول""في الإجماع

- ‌المسألة الأولى"في إمكان وقوع الإجماع، وإمكان الإطلاع عليه:

- ‌المسألة الثانية""في كون الإجماع حجة

- ‌المسألة الثالثة""في وجه استدلال الشيعة على أن الإجماع حجة

- ‌الفصل الثانيفيما اختلف فيه أنه من الإجماع

- ‌المسألة الأولىإذا اختلفت الأمة في مسألة على قولين فهل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث أم لا

- ‌المسألة/ (24/ أ) الثانيةأهل العصر إذا لم يفصلوا بين المسألتين، فهل يجوز لمن بعدهم الفصل بينهما أم لا

- ‌المسألة الثالثةيجوز حصول الإجماع في المسألة بعد الخلاف فيها

- ‌المسألة الرابعةانقراض العصر ليس بشرط في انعقاد الإجماع عند الأكثرين من الفرق

- ‌المسألة الخامسةإذا قال بعض المجتهدين من أهل العصر قولاً في المسائل التكليفية الاجتهادية، وعرفه الباقون، ولم يظهر منهم في ذلك إنكار عليه فهل يكون ذلك إجماعًا أم لا

- ‌المسألة السادسةأهل العصر الأول إذا استدلوا بدليل على حكم أو استنبطوا منه وجه دلالة، أو ذكروا له تأويلاً، ثم أهل العصر الثاني استدلوا عليه بدليل آخر واستنبطوا منه وجه دلالة أخرى، أو ذكروا له تأويلاً آخر، فأما أن لا يكون الثاني منافيًا للأول بوجه ما

- ‌المسألة السابعةقال مالك رضي الله عنه: إجماع أهل المدينة وحدها حجة خلافًا للباقين

- ‌المسألة الثامنةإجماع العترة - وحدها - ليس بحجة، خلافًا للزيدية، والإمامية

- ‌المسألة التاسعة"إجماع الخلفاء الأربعة ليس بحجة مع مخالفة غيرهم لهم

- ‌المسألة العاشرة"إجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين حالة الإجماع ليس بحجة عند الأكثرين

- ‌المسألة الحادية العاشرة"المجتهد إذا اعتقد في الأصول ما يوجب تكفيره لا يعتبر قوله في انعقاد الإجماع وفاقًا لا نعرف في ذلك خلافًا

- ‌المسألة الثانية عشرة"الاتفاق الحاصل من الأكثر ليس بإجماع ولا حجة عند الأكثرين، وهو المختار

- ‌المسألة الثالثة عشرة"المجتهد الخامل يعتبر قوله في الإجماع عند الجماهير خلافًا لبعض الشاذين

- ‌الفصل الثالثفيما يصدر عنه الإجماع

- ‌المسألة الأولىمذهب الجماهير أنه لا يجوز حصول الإجماع إلا عن مستند شرعي

- ‌المسألة الثانية"القائلون بأنه لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند اتفقوا على جواز وقوعه عن دلالة

- ‌المسألة الثالثة"الإجماع الموافق لدليل إذا لم يعلم له دليل آخر لا يجب أن يكون مستندًا إلى ذلك الدليل عند الجماهير

- ‌الفصل الرابعفي المجمعين

- ‌المسألة الأولىالقائلون بأن الإجماع حجة اتفقوا على أنه لا يعتبر في الإجماع اتفاق جميع الأمة من وقت الرسول عليه السلام إلى يوم القيامة

- ‌المسألة الثانيةذهب الأكثرون إلى أنه لا يشترط في المجمعين أن يكونوا بالغين حد التواتر

- ‌المسألة الثالثةإجماع غير الصحابة حجة خلافًا لأهل الظاهر

- ‌الفصل الخامسفي بقية مسائل الإجماع

- ‌المسألة الأولىالإجماع المروي بطريق الآحاد حجة عند بعض أصحابنا، وأصحاب أبي حنيفة والحنابلة، وهو المختار

- ‌المسألة الثانيةالإجماع الصادر عن الاجتهاد حجة عند الأكثرين خلافًا لبعضهم

- ‌المسألة الثالثةذهب الجماهير إلى أنه لا يجوز أن ينعقد إجماع بعد إجماع أثبت على خلافه، لأنه يستلزم تعارض دليلين قاطعين وأنه ممتنع

- ‌المسألة الرابعةالإجماع لا يعارضه دليل؛ لأن ذلك إن كان ظنيًا نحو القياس وخبر الواحد فظاهر، لأن الظني لا يعارض القطعي

- ‌المسألة الخامسةالإجماع حجة في كل شيء لا تتوقف صحته عليه

- ‌المسألة السادسةمذهب الجماهير امتناع ارتداد كل الأمة

- ‌المسألة السابعةفي أنه هل يجوز أن تنقسم الأمة إلى قسمين، وكل واحد منهما مخطئ في مسألة أخرى غير مسألة صاحبه

- ‌المسألة الثامنةهل يجوز أن تشترك الأمة في عدم العلم بما لم يكلفوا به

- ‌المسألة التاسعةجاحد الحكم المجمع عليه من حيث أنه مجمع عليه بإجماع قطعي لا يكفر عند الجماهير خلافًا لبعض الفقهاء

الفصل: ‌المسألة الرابعةفي الفرق بين النسخ والبداء

‌المسألة الرابعة

في الفرق بين النسخ والبداء

اعلم أن النسخ غير البداء وغير مستلزم له.

أما الأول: فلأن النسخ عبارة عما سبق لغة، واصطلاحًا.

وأما البداء: فهو عبارة عن الظهور بعد أن أن لم يكن كذلك، قال الله تعالى:{وبدا لهم سيئات ما عملوا} ، وقوله:{وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} أي ظهر لهم من الله ما لم يكن كذلك.

ويقال: في عرف الاستعمال: بدا لنا وجه الرأي، وبدا لنا سور المدينة أي ظهر بعد أن لم يكن كذلك، وإذا كان كذلك كان النسخ غير البداء، إذ لا يتفقان في الدلالة على مسمى واحد، لا بحسب اللغة، ولا بحسب الاصطلاح.

ص: 2237

وأما الثاني: فلأنه يجوز أن يكون فعل المأمور مصلحة في وقت، ومفسدة في وقت، فيحس الأمر به في وقت يكون مصلحة فيه، ويحسن النهي عنه في وقت يكون مفسدة فيه، ولا ننكر جواز ذلك، فإن أكثر

الأفعال العادية كذلك.

ألا ترى أن الأكل والشرب حالة الجوع والعطش مصلحة، وحالة الشبع والري مفسدة فلا يلزم من نسخ ما كان مطلوبًا فعله أن يكون ذلك لظهور مفسدة فيه، لما سبق من الاحتمال.

وهذا على رأي من لم يجوز نسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به، وأما من يجوز ذلك فيعلل بأن الأمر بالشيء في وقت قد يكون مصلحة، والنهي عنه (قبيح) فيه وفي وقت آخر يصير الأمر به (فيه) قبيحًا ويصير النهي عنه فيه حسنًا، كما سيأتي تمام تقريره في مسألة جواز نسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به، وحينئذ ينبغي أن يحسن الأمر والنهي كلاهما بحسب وقتين مختلفين، فلا يكون النهي عما أر به أولا قبل حضور وقت عمله مستلزما للبداء، إذ لا يكون دالا على ظهور مفسدة

ص: 2238

فيه، فظهر أن النسخ غير البداء وغير مستلزم له.

وذهبت الروافض، واليهود: إلى أن النسخ يستلزم البداء فلزمهم التسوية بينهما في الجواز وعدم الجواز.

فذهبت اليهود إلى عدم جوازهما، وقالوا: لا يجوز النسخ من الله تعالى لاستحالة البداء عليه.

وذهبت الروافض إلى جوازهما وقالوا: بجواز البدء على الله تعالى لجواز النسخ منه.

فكل واحدًا من المذهبين، وإن كان كفرًا.

إذ الأول يقتضي إنكار نبوة نبينا عليه السلام.

والثاني: يقتضي جواز الجهل على الله تعالى، وكونه محلًا للحوادث.

لكن الثاني: كفر صريح لا يمكن أن يحمل على وجه لا يلزم منه الكفر/ (351/ ب)(بخلاف الأول: فإنه يمكن أن يحمل على وجه لا يلزم منه الكفر)، وذلك بأن يقال: ليس من ضرورة القول بصحة نبوة نبينا عليه

ص: 2239

السلام القول بصحة النسخ حتى يلزم من إنكار النسخ إنكار النبوة، وذلك لاحتمال أن يقال: أن شرع من قبله كان مغيا إلى غاية ظهوره عليه السلام في اللفظ فعند ظهوره عليه السلام زال التعبد بشرع من قبله لانتهاء الغاية وليس ذلك من النسخ في شيء، بل هو جارى مجرى قوله:{ثم أتموا الصيام إلى الليل} وحينئذ لا يلزم من إنكار النسخ إنكار نبوته عليه السلام، وبهذا التأويل أنكر بعض المسلمين النسخ.

ثم كذبت الروافض وبهتوا في نسخة تجويز البداء على الله تعالي إلي أهل البيت حيث نقلوا عن علي رضي الله عنه أنه قال: "لولا البداء لحدثتكم بما هو كائن إلى يوم القيامة".

ونقلوا عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال:"البداء ديننا ودين أبائنا في الجاهلية".

ونقلوا عنه أيضا أنه قال: "ما بدأ الله في شيء كما بدأ له في إسماعيل" أي في أمره بذبحه.

واتخذوا هذه الأكاذيب المخترعة من بعضهم مستندا لمذهبهم الباطل.

ص: 2240

وربما استدلوا عليه من جهة نص الكتاب بقوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} .

واستدلوا عليه من المعقول: بأنه إن علم خلو الفعل من المفسدة حسن الأمر به فقبح النهي عنه، وإن علم اشتماله على المفسدة قبح الأمر به وحسن النهى عنه، فأحدهما حسن والآخر قبيح لا محالة ولم يحسن الأمران معا إلا بحسب اختلاف العلم بذلك.

وأيضا: لو لم يجز عليه البداء لكان فعله على نمط واحد كفعل الطبائع، وذلك ينافي كونه فاعلا مختارا تعالي عن ذلك، إذ الفاعل المختار ما يمكنه الفعل والترك على حسب ما يشاء.

وفي هذا المعني قال قائلهم:

ص: 2241

ولولا البداء سميته غير هائب

وذكر البداء نعت لمن يتقلب

ولولا البداء ما كان فيه تصرف

وكان كنار دهرها يتلهب

وكان كضوء مشرق بطبيعة

وبالله عن ذكر الطبائع يرغب

واعلم أن نصوص الكتاب، نحو قوله تعالي {[و] ما يعزب" عن ربك" [من] مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء} ، ونحو قوله:{عالم الغيب والشهادة} ، وقوله:{وهو بكل شيء عليم} ، وقوله:{ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} ، ونحو قوله:{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} وغيرها من النصوص التي تدل على أن علمه تعالي محيط بجميع الأشياء والأدلة/ (352/ أ) القاطعة العقلية الدالة عليه (و) كلاهما يدل على فساد

ص: 2242

هذا المذهب وليس له مستند، ولا بحسب العقل، ولا بحسب العقل، ولا بحسب النقل سوى تلك الأكاذيب المخترعة.

وأما قوله: {يمحو الله ما يشاء ويثبت} فهو لا يدل عليه، لأن المراد منه المحو والإثبات بطريق النسخ لا بطريق البداء، ويحتمل أيضا أن يكون المراد منه (محو) السيئات بالحسنات، كما قال تعالى:{إن الحسنات يذهبن السيئات} ،أو محو السيئات بالتوبة، ومحو الحسنات بالردة، كما قال تعالي:{ومن يرتد [د] منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم} وغيرها من الاحتمالات التي ذكر المفسرون في تفسيرها.

وأما الوجه الأول من المعقول: فقد عرفت جوابه.

ص: 2243