الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في بقية مسائل الإجماع
وفيه مسائل:
المسألة الأولى
الإجماع المروي بطريق الآحاد حجة عند بعض أصحابنا، وأصحاب أبي حنيفة والحنابلة، وهو المختار
.
وذهب الباقون إلى أنه ليس بحجة، وهو اختيار الشيخ الغزالي.
اعلم أن كل من قال: إن خبر الواحد يقبل في القطعيات، وأن أصل الإجماع حجة ظنية، أو أن أصله وإن لم يكن حجة ظنية، لكنه منقسم إلى قطعي وظني، وأن الظني منه مقبول حجة، فإنه يلزمه أن يقول بحجية هذا الإجماع.
وأما من لم يقل بشيء من ذلك بل يقول: هو حجة قطعية وليس منه شيء ظني، فإنه يلزمه أن يرده ولا يقبله. وإذا عرف المأخذ سهل الاستدلال على القولين.
فمن قبله يستدل عليه من النصوص بقوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر
بالظاهر والله يتولى السرائر"، وقوله: "أقضى بالظاهر".
ووجه الاستدلال به ظاهر: فإنه ذكر الظاهر معرفًا باللام، وأنه يتناول جميع الظواهر من مدارك الشرع.
أما إن قيل: إن المفرد المعرف يفيد/ (47/ أ) العموم فظاهر.
وأما إن لم نقل به، فلأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية فيعم الحكم لعموم علته.
ومن المعقول: بأن الإجماع نوع من أنواع الحجج الشرعية فيجوز التمسك بمظنونه، كما يجوز بمعلومه قياسًا على خبر الرسول والقياس.
وبأنه يفيد ظن ثبوته لظن صدق الراوي، فكان العمل به واجبًا دفعًا للضرر المظنون.
ومن رده يستدل عليه: بأنه لا قاطع يدل على حجية هذا الإجماع كما في خبر الواحد والقياس، فإن القواطع دلت على قبولهما [وحجيتهما] على ما ستعرف ذلك إن شاء الله تعالى، وما ذكرتم من الأدلة لا يفيد إلا الظن فلا يثبت بها أصل من أصول الفقه؛ لأن كل واحد من أصل أصول الفقه إنما ثبتت حجيته بقاطع.
وجوابه: بمنع أن أصلاً من أصول الفقه إنما يثبت بالقاطع، وقد عرفت سنده فيما سلف.
سلمناه لكن لا نسلم أنه لا قاطع على حجيته؛ لأن الإجماع القطعي منعقد على وجود العمل بمقتضى الظاهر، والتمسك به فيكون القاطع دالاً على وجوب التمسك به والعمل بمقتضاه.
ولا يقال: إنه وإن دل على ما ذكرتم، لكنه لم يدل على وجوب التمسك بهذا الظاهر على سبيل الخصوصية، لأنه لو اعتبر ذلك لخرجت القواطع التي تدل على حجية القياس مثلاً أن تكون قواطع بالنسبة إلى كل واحد من الأقية فإنها لا تدل عليه على الخصوصية.