الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثانيهما: أن النسخ في اللغة عبارة: عن الإزالة، والنقل، فوجب أن يكون في الشرع كذلك، إذ الأصل عدم التغيير.
وجوابه: منع أنه من حقيقة فيهما، (بل هو حقيقة في أحدهما.
سلمناه: أنه حقيقة فيهما) لكن بطريق البدلية، أو بطريق الجمع.
والأول: مسلم لكنه غير مفيد.
والثاني: ممنوع، وهذا لأنه على ذلك التقدير يكون مشتركا والمشترك لا يدل على مفهومية معا، ولو سلم ذلك لكن بطريق الجواز لا بطريق الوجوب، ولو سلم أنه بطريق الوجوب لكن حيث لا قرينة، وهنا القرينة حاصلة على أنه لا يراد المعنيان منه وهي ما ذكرنا من الصور التي وجد النسخ فيها من غير بدل.
المسألة الثامنة
[في النسخ بالأخف والأثقل]
اتفق الفريقين أعني القائلين: بوجوب البدل في النسخ، وبعدم وجوبه على أن يجوز النسخ ببدل أخف من الحكم المنسوخ، أو يماثل له.
واختلفوا في جوازه ببدل أثقل منه، فذهب الأكثرون منهم: إلى جوازه.
وذهب بعض أصحابنا، وبعض أهل الظاهر: إلى عدم جوازه.
ثم منهم من منع ذلك عقلا، ومنهم من منع سمعا.
لنا: أنه نسخ وجوب صوم عاشوراء بصوم رمضان.
ونسخ التخيير بين صوم رمضان وبين الفداء بتعيين الصوم.
ونسخ وجوب حبس الزواني في البيوت بالجلد والرجم.
ونسخ شرعية عدم التعرض للكفار، بوجوب القتال، مع التشديد العظيم وهو ثبات الواحد للعشرة.
ونسخ جواز تأخير الصلاة عن الوقت في حالة القتال، بوجوب إقامتها في أثناء القتال.
وكل / (362/ أ) ذلك أثقل من الحكم المنسوخ، ولوقوع دليل الجواز عقلاً وشرعًا.
احتجوا بوجهين:
أحدهما: من جهة النص نحو قوله تعالى: {نأت بخير منها} والأثقل ليس بخير، وبقوله:{يريد الله بكم اليسر} {ويريد الله أن يخفف عنكم} {وما جعل عليكم في الدين من حرج} {ويضع
عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} فإن كل هذه النصوص تنفي التكليف بالأثقل والأشق.
وجوابه: منع أن الأثقل ليس بخير، وهذا لأنه يجوز أن يكون المراد من الخير ما هو أجزل ثوابًا وأدفع عقابًا.
وعن باقي الآيات النقض بابتداء التكليف، فإن ما لا يجوز الخصم من الأثقل والأشق بطريق يجوزه ابتداء، ودلالة الايات المذكورة على نفيه ابتداء وبطريق البدلية واحدة إذ لا شعار لها بخصوصية ما بعد النسخ.
وثانيهما: أن نسخ الحكم الأول، وشرع حكم آخر بعده، إن لم يكن لمصلحة أو كان لمصلحة دون مصلحة الحكم الأول، أو لمصلحة مساوية لمصلحته لزم العبث، أو ترجيح المرجوح على الراجح، وهو على الحكيم محال، وإن كان لمصلحة راجحة على مصلحته، وجب أن يكون أخف منه، إذ لو كان أثقل منه وأشق لا كان أرجح منه مصلحة، لما فيه من زيادة التغيير من الانقياد، والقبول بالنسبة إلى الحكم الأول وبالنسبة إلى شرعه ابتداء أيضًا، لئلا ينقص به، وحصول أحد الضررين، أعني العاجل والآجل فإن بتقدير الفعل، يلزم الأول، وبتقدير الترك يلزم الثاني.
وجوابه: أنه مبني على رعاية المصالح في أفعاله تعالى، وهو ممنوع.
سلمناه: لكنه منقوض بالنقل من الصحة إلى السقم، ومن الغني إلى الفقير.
سلمنا: سلامته عن النقض، لكن المعتبر عند الشارع إنما هو المصالح الأخروية وهي في الأثقل أكثر.