الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ} (1).
2 - عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطّهور شطر الإيمان
، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاة نور
…
)) الحديث (2).
قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة نور))، قال الإمام القرطبي رحمه الله في شرح ذلك:((معناه: أن الصلاة إذا فُعِلَت بشروطها: المصححة، والمكملة نوَّرت القلب؛ بحيث تُشرق فيه أنوار المكاشفات والمعارف، حتى ينتهي أمر من يراعيها حق رعايتها أن يقول ((وجعلت قُرّة عيني في الصلاة)) (3)، أيضاً: فإنها تنوِّر بين يدي مراعيها يوم القيامة في تلك الظلم، وأيضاً: تنوِّر وجه المصلي يوم القيامة، فيكون ذا غُرّةٍ وتحجيل)) (4).
وقال الإمام النووي: ((وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصلاة نور)) فمعناه: أنها تمنع صاحبها من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب، كما أن النور يُستضاء به، وقيل: معناه: أن يكون أجرها نوراً لصاحبها يوم القيامة، وقيل: لإشراق أنوار المعارف، وانشراح القلب، ومكاشفات الحقائق لفراغ القلب فيها، وإقباله إلى الله تعالى، بظاهره وباطنه، وقد قال الله تعالى:{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (5).
(1) سورة النور، الآية:35.
(2)
أخرجه مسلم، في كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، 1/ 203، برقم 223.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في المسند، 3/ 128، 199، 285، والنسائي في كتاب عشرة النساء، باب: حب النساء، 7/ 62.
(4)
المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 1/ 476.
(5)
سورة البقرة، الآية:45.
وقيل: معناه: أنها تكون نوراً ظاهراً على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضاً على وجهه البهاء، بخلاف من لم يصلِّ، والله أعلم)) (1)، قلت: النور يشمل ذلك كله في كل ما ذُكِرَ والله أعلم.
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً (2) من فوقه، فرفع رأسه فقال:((هذا باب من السماء فُتح اليوم لم يُفتَح قطّ إلاّ اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال: أبشر بنورين أو تيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلاّ أُعطيته)) (3).
وقد بيّن الإمام القرطبي رحمه الله معنى ذلك: وأن قول الملك: ((أبشر بنورين)) أي أبشر بأمرين عظيمين، نيِّرين، تنير لقارئهما، وتنوِّره، وخُصّت الفاتحة بهذا؛ لأنها تضمّنت جملة معانٍ: الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلى الجملة فهي آخذة بأصول القواعد الدينية، والمعاقد المعارفية، وخُصّت خواتيم سورة البقرة بذلك، لِمَا تضمّنته من الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه رضي الله عنهم، بجميل انقيادهم لمقتضاها، وتسليمهم لمعناها، وابتهالهم إلى الله، ورجوعهم إليه في جميع أمورهم، ولِمَا حصل فيها من إجابة دعواتهم، بعد أن علموها، فخفَّف عنهم، وغفر لهم، ونُصِروا، وفيها غير ذلك مما يطول تتبُّعه)) (4).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 103.
(2)
نقيضاً: أي صوتاً كصوت الباب إذا فتح. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 339.
(3)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، 1/ 554، برقم 806.
(4)
انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/ 434.
4 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمةً على أهلها، وإن الله عز وجل ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم)) (1).
قال الطيبي رحمه الله: ((أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمةً)) إلى آخره، فكالأسلوب الحكيم، يعني ليس النظر في الصلاة على الميت إلى حقارته ورفعة شأنه، بل هي بمنزلة الشفاعة له، لينوَّر قبره
…
)) (2).
5 -
وعن أمِّ سلمة رضي الله عنها في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة عند إغماضه: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه)) (3)، وهذا دعاء عظيم لأبي سلمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له برفع الدرجة: أي: ارفع درجته واجعله في زمرة الذين هديتهم للإسلام، وكن الخليفة على من يتركه من عقبه: كأهله وأولاده، فاحفظ أمورهم ومصالحهم، ولا تكِلْهم إلى غيرك؛ فإنهم عقبة: أي الذين تأخروا عنه، ويعني بالغابرين: الباقين، كما قال الله عز وجل:{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَاّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} (4): أي من الباقين في العذاب، وغبر من الأضداد، يأتي بمعنى بقي، وبمعنى ذهب (5).
(1) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، 2/ 659، برقم 956.
(2)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 4/ 1395، وانظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للملا علي القاري، 4/ 17.
(3)
مسلم، كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، 2/ 634، برقم 920.
(4)
سورة الأعراف، الآية:83.
(5)
انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/ 573، وشرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 478، وشرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 4/ 1374.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه)) أي وسّع في قبره، وادفع عنه ظلمة القبر)) (1).
6 -
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماءٍ يُدعى خُمّاً بين مكة والمدينة، فَحِمَد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال:((أمّا بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله: فيه الهدى والنور [وهو حبل الله المتين، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة] فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)) فحث على كتاب الله ورغّب فيه .. )) الحديث (2).
قال الإمام النووي رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم: ((هو حبل الله)) قيل: ((المراد بحبل الله: عهده، وقيل: السبب الموصل إلى رضاه، ورحمته، وقيل: هو نوره الذي يهدي به)) (3).
ولا شك أن العمل بكتاب الله يوصل إلى رحمته، ورضاه، وهدايته وتوفيقه، والله المستعان.
7 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في فتنة القبر، وإجابة المسلم على الأسئلة:((ثم يُفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم يُنوّر له فيه)) (4)، والمعنى أنه يُوسَّع له في قبره سبعون ذراعاً في الطول وسبعون
(1) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للملا علي القاري، 4/ 87.
(2)
مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، 4/ 1873، برقم 2408.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 191.
(4)
الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر 4/ 274، برقم 1071، وابن أبي عاصم، في كتاب السنة، 2/ 416، برقم 864، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 369، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1243.
ذراعاً في العرض، ثم يجعل له النور في هذا القبر الذي وُسِّع له (1).
8 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب وقال: ((إنه نور المسلم)) (2).
9 -
وعن كعب بن مُرّة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ شاب شيبةً في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة)) (3).
10 -
وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة)) (4).
(1) انظر: تحفة الأحوذي بشرح سنن الترمذي، 4/ 683.
(2)
الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في النهي عن نتف الشيب، 5/ 125، برقم 2821، وابن ماجه، كتاب الأدب، باب نتف الشيب، 2/ 1226، برقم 3721، وأحمد في المسند، 2/ 179، 207، 210، 212،وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي،2/ 369،وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1243.
(3)
الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من شاب شيبة في سبيل الله، 4/ 172، برقم 1634، والنسائي، في كتاب الزينة، باب النهي عن نتف الشيب، 8/ 136، برقم 5068، وابن حبان في صحيحه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، 7/ 251، برقم 2983، وأبو داود بنحوه، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، في كتاب الترجّل، بابٌ: في نتف الشيب، 4/ 85، برقم 4202، وأحمد في المسند، 4/ 413، 236، 6/ 20، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 3/ 248، برقم 1244، وفي صحيح سنن الترمذي، 2/ 126.
(4)
الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل من شاب شيبة في سبيل الله، 4/ 172، برقم 1635، وقال:((هذا حديث حسن صحيح))، وأخرجه ابن حبان من حديث أبي نجيح السلمي، 7/ 252، برقم 2984.