الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في دينهم (1).
رابعاً: الاحتفال بليلة النصف من شعبان:
أخرج الإمام محمد بن وضَّاح القرطبي بإسناده عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال: لم أدرك أحداً من مشيختنا، ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحداً منهم يذكر حديث مكحول (2) ولا يرى لها فضلاً على ما سواها من الليالي)) (3).
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله: ((وأخبرني أبو محمد المقدسي، قال: ((لم تكن عندنا ببيت المقدس قطُّ صلاة الرغائب هذه التي تُصلّى في رجب وشعبان، وأوّل ما حدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة [448هـ]، قَدِمَ علينا في بيت المقدس رجل من أهل نابلس يعرف بابن أبي الحمراء، وكان حسن التلاوة، فقام فصلَّى في المسجد
(1) انظر: التحذير من البدع، لابن باز، ص19.
(2)
يعني بحديث مكحول ما أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، برقم 512، وابن حبان برقم 5665 [12/ 481]، والطبراني في الكبير 20/ 109، برقم 215، وأبو نعيم في الحلية، 5/ 191، والبيهقي في شعب الإيمان، 5/ 272 برقم 6628، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه يرفعه:((يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشركٍ أو مشاحن))، قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: حديث صحيح روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضاً، وهم: معاذ بن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبد الله بن عمرو، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة، وأبو بكر الصديق، وعوف بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم، ثم خَرَّج هذه الطرق الثمانية، وتكلم على رجالها في أربع صفحات. قلت: فإن صحّ هذا الحديث في فضل ليلة النصف من شعبان كما يقول الألباني رحمه الله فليس فيه ما يدل على تخصيص ليلتها بقيام ولا يومها بصيام، إلا ما كان يعتاده المسلم من العبادات المشروعة في أيام السّنَة؛ لأن العبادات توقيفية.
(3)
كتاب فيه ما جاء في البدع، للإمام ابن وضَّاح، المتوفى سنة 287هـ ص100، برقم 119.
الأقصى ليلة النصف من شعبان، فأحرم خلفه رجل ثم انضاف إليهم ثالث، ورابع، فما ختمها إلا وهم في جماعة كبيرة، ثم جاء في العام القابل فصلّى معه خلق كثير، ثم جاء من العام القابل فصلَّى معه خلق كثير، وشاعت في المسجد، وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى وبيوت الناس، ومنازلهم ثم استقرّت كأنها سُنَّة إلى يومنا هذا)) (1).
وأخرج الإمام ابن وضاح بسنده أن ابن أبي مليكة قيل له إن زياداً النميري يقول: إن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر، فقال ابن أبي مليكة:((لو سمعته منه وبيدي عصاً لضربته بها، وكان زيادٌ قاضياً)) (2).
وقال الإمام أبو شامة الشافعي رحمه الله: ((وأما الألفية فصلاة النصف من شعبان سُمِّيت بذلك لأنها يُقرأ فيها ألف مرة {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} لأنها مائة ركعة، في كل ركعة يقرأ الفاتحة مرة، وسورة الإخلاص عشر مرات، وهي صلاة طويلة مستثقلة لم يأتِ فيها خبر، ولا أثر، إلا ضعيف أو موضوع، وللعوامّ بها افتتان عظيم، والتزم بسببها كثرة الوقيد في جميع مساجد البلاد، التي تصلَّى فيها، ويستمر ذلك الليل كله، ويجري فيه الفسوق والعصيان، واختلاط الرجال بالنساء، ومن الفتن المختلفة ما شهرته تُغني عن وصفه، وللمتعبّدين من العوامِّ فيها اعتقاد متين، وزيّن لهم الشيطانُ جَعْلَها من أصل شعائر المسلمين)) (3).
(1) كتاب الحوادث والبدع، للطرطوشي، المتوفى سنة 474هـ، ص266، برقم 238.
(2)
كتاب فيه ما جاء في البدع، لابن وضاح، ص101، برقم 120، ورواه الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع عن ابن وضاح، ص263، برقم 235.
(3)
كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث، لعبد الرحمن بن إسماعيل، المعروف بأبي شامة، المتوفى سنة 665هـ، ص124.