المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٢

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل التاسع في سكتات الصلاة

- ‌المبحث الأول في سكوت الإمام لدعاء الاستفتاح

- ‌الفرع الأول في حكم الاستفتاح

- ‌الفرع الثاني في قول المصلي (وأنا أول المسلمين) إذا استفتح بحديث علي رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث في استحباب الاستفتاح للمأموم

- ‌الفرع الرابع في استفتاح المأموم فيما يجهر به الإمام

- ‌الفرع الخامس في الأفضل من صيغ الاستفتاح

- ‌الفرع السادس السنة الاستفتاح الإسرار به

- ‌الفرع السابع في مشروعية سجود السهو لترك الاستفتاح

- ‌الفرع الثامن في فوات الاستفتاح

- ‌المطلب الأول في فوات الاستفتاح إذا شرع بالتعوذ

- ‌المطلب الثاني في استفتاح المسبوق إذا أدرك الإمام قائمَا في غير الركعة الأولى

- ‌المبحث الثاني في استحباب سكتة لطيفة بين الفاتحة والتأمين

- ‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين

- ‌المبحث الرابع في حكم السكتة بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع

- ‌الباب السادس القراءة في الصلاة

- ‌الفصل الأول في قراءة الفاتحة وما يرتبط بها

- ‌المبحث الأول في حكم الاستعاذة

- ‌المبحث الثاني في صفة الاستعاذه

- ‌المبحث الثالث في محل الاستعاذه

- ‌المبحث الرابع في الجهر بالاستعاذة

- ‌المبحث الخامس في تكرار الاستعاذة في كل ركعة

- ‌المبحث السادس في مشروعية البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في قرآنية البسملة

- ‌الفرع الثاني في قراءة البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الثالث في الجهر بالبسملة

- ‌المبحث السابع في قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في حكم قراءتها

- ‌الفرع الثاني

- ‌الفرع الثالث

- ‌الفرع الرابع في تكرار الفاتحة في كل ركعة

- ‌الفرع الخامس في قراءة المأموم فاتحة الكتاب

- ‌الفرع السادس في شروط قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في وجوب قراءة الفاتحة بتشديداتها

- ‌المسألة الثانية في اشتراط الموالاة في قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الثالثة في تنكيس القراءة

- ‌الفرع السابع في العجز عن قراءة الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الأولى إذا لم يحسن القراءة من القرآن مطلقًا

- ‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة

- ‌المسألة الثانية في المصلي إذا لم يعرف إلا بعض الفاتحة فقط

- ‌المسألة الثالثة في المصلي إذا كان معه بعض الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الرابعة في المصلي يعجز عن الفاتحة ويعرف غيرها من القرآن

- ‌المسألة الخامسة في مقدار ما يجزئ عن الفاتحة من القرءان

- ‌المسألة السادسة في اشتراط أن تكون الآيات متوالية منتظمة المعنى

- ‌المسألة السابعة إذا عجز عن القرآن والذكر

- ‌الفرع الثامن في التأمين على دعاء الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في معنى التأمين

- ‌المسألة الثانية في فضل التأمين

- ‌المسألة الثالثة في حكم التأمين

- ‌المطلب الأول في حكم التأمين خارج الصلاة

- ‌المطلب الثاني في التأمين داخل الصلاة

- ‌البند الأول في تأمين المنفرد والإمام

- ‌البند الثاني في تأمين المأموم

- ‌المقصد الأول في تأمين المأموم في السرية

- ‌المقصد الثاني في تأمين المأموم في الجهرية

- ‌الغصن الأول في تأمين المأموم على قراءة نفسه وعلى قراءة إمامه

- ‌الغصن الثاني في تأمين المأموم إذا لم يسمع قراءة إمامه

- ‌الغصن الثالث في تأمين المأموم إذا ترك إمامه التأمين

- ‌المسألة الرابعة في صفة التأمين

- ‌المطلب الأول في صفة تأمين الإمام

- ‌المطلب الثاني في صفة تأمين المأموم

- ‌المطلب الثالث في صفة تأمين المنفرد

- ‌المسألة الخامسة في موافقة المأموم للإمام في التأمين

- ‌المسألة السادسة في فوات التأمين

- ‌المسألة السابعة في حكم الزيادة على التأمين

- ‌الفصل الثاني في الأحكام المتعلقة بقراءة ما زاد على الفاتحة

- ‌المبحث الأول في حكم قراءة ما زاد على الفاتحة للإمام والمنفرد

- ‌الشرط الثاني: ألا يخالفه غيره من الصحابة

الفصل: ‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين

‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين

المدخل إلى المسألة:

* السكتات في الصلاة توقيفية.

* لم يصح دليل في مشروعية السكتة بعد الفاتحة، والأصل عدم المشروعية.

* حديث جابر بن سمرة في السكوت بعد الفاتحة لا يصح، والمحفوظ من لفظه: سكتتان: قبل القراءة، وبعد الفراغ منها قبل الركوع.

* الصلاة عبادة فعلية نقلت إلينا نقلًا متواترًا ينقلها جيل عن جيل، فلو كانت هناك سكتة بعد الفاتحة مطلقًا، أو بمقدار قراءة الفاتحة لنقلت نقلًا تقوم به الحجة.

* قال ابن تيمية: لم يقل أحد: إنه كان له ثلاث سكتات، ولا أربع سكتات، فمن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات، أو أربع، فقد قال قولًا لم ينقله عن أحد من المسلمين.

* لا يلزم من القول بوجوب قراءة المأموم للفاتحة أن يستحب للإمام السكوت بقدر قراءة الفاتحة، وهو لا يُعْلّم له أصلٌ في السنة، ولا في أقوال الصحابة.

* لما كان السكوت غير مشروع في الصلاة استحب الشافعية للإمام أن يشتغل بدعاء أو قراءة حال قراءة المأموم للفاتحة، وهذه من ترقيعات القول الضعيف، فهذا الاستحباب لا يعلم له أصل في السنة.

[م-524] هذه المسألة خاصة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة، فلا مدخل لها في الصلاة السريَّة، ولا في صلاة الفَذِّ، ولا في صلاة المأموم؛ لأن المأموم لا حظ له في الجهر.

وهذه السكتة لا تجب باتفاق العلماء، قال ابن تيمية: «ولم نعلم نزاعًا بين

ص: 90

العلماء، أنه لا يجب على الإمام أن يسكت لقراءة المأموم بالفاتحة ولا غيرها»

(1)

.

وإنما اختلف العلماء في استحباب سكتة الإمام بعد قراءة الفاتحة.

فقيل: لا تشرع، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والمنصوص عن الإمام أحمد في مسائله، ورجحه ابن تيمية، ونسبه إلى جمهور العلماء

(2)

.

(1)

. مجموع الفتاوى (23/ 276).

(2)

. لا يرى الحنفية سكتة مشروعة سوى سكتة واحدة، وهي سكتة دعاء الاستفتاح، وأما السكتة التي بعد الفاتحة فإن كانت بمقدار قراءة الفاتحة فيرون كراهتها وإذا أطلق الحنفية الكراهة فهي محمولة على التحريم.

وإن كانت سكتة يسيرة بمقدار التأمين فهي مستحبة من أجل أن يؤمن الإمام والمأموم سرًا، لأنهم لا يرون مشروعية الجهر بالتأمين، فالسكتة بعد قول الإمام ولا الضالين دليل عندهم أن الإمام والمأموم لا يجهر بآمين، وقد سبق لك بحث مشروعية الجهر بالتأمين.

انظر شرح المشكاة للطيبي (3/ 994)، التجريد للقدوري (2/ 507، 508)، فيض الباري (2/ 348)، شرح أبي داود للعيني (3/ 394)، مرقاة المفاتيح (2/ 680).

قال ابن مفلح في الفروع (2/ 176): «في كلام الحنفية يحرم سكوته، لأن السكوت بلا قراءة حرام، حتى لو سكت طويلًا ساهيًا لزمه سجود السهو» . ونقلته -وإن كان المصدر كتابًا حنبليًا- ليؤكد لك أن الكراهة عند الحنفية محمولة على التحريم، والله أعلم.

وأما الإمام مالك فأنكر مشروعية سكتات الإمام كلها، سواء أكان ذلك لدعاء الاستفتاح كما سبق بحثه، أم كان ذلك بعد قراءة الفاتحة، أم كان ذلك بعد القراءة وقبل الركوع، فيرى أن الإمام لا سكوت له في الصلاة بحال.

انظر في مذهب المالكية: المدونة (1/ 162)، التمهيد (11/ 43)، الاستذكار (1/ 469)، التوضيح شرح ابن الحاجب (1/ 338).

قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 131، 132): ذهب قوم إلى استحسان سكتات كثيرة في الصلاة، منها حين يكبر، ومنها حين يفرغ من قراءة أم القرآن وإذا فرغ من القراءة قبل الركوع، وممن قال بهذا القول الشافعي، وأبو ثور، والأوزاعي، وأنكر ذلك مالك، وأصحابه، وأبو حنيفة، وأصحابه».

ونص الإمام أحمد على مشروعية سكتتين: الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، والثانية: بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع.

جاء في مسائل أحمد رواية عبد الله (271): «سألت أبي عن السكتتين، فقال: إذا افتتح الصلاة سكت، وإذا فرغ من السورة سكت سكتة أخرى. قيل له: إذا قرأ الحمد. قال: إذا قرأ سورة بعد الحمد سكت» . =

ص: 91

قال صاحب الفروع: «وعنه - يعني عن الإمام أحمد- لا يسكت لقراءة مأموم مطلقًا، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك»

(1)

.

وقيل: يستحب للإمام أن يسكت بقدر قراءة المأموم للفاتحة، وهو مذهب الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة

(2)

.

قال النووي: «ويستحب للإمام

أن يسكت بعد الفاتحة قدر قراءة المأموم لها، يعني الفاتحة»

(3)

.

وقال ابن مفلح في الفروع: «ويستحب سكوته بعدها -يعني بعد قراءة

= وقال صالح في مسائله (322):» سألت أبي، قلت: للإمام سكتتان؟ قال: نعم، إذا فرغ من الحمد، وسكتة بعدما يفرغ من السورة». وانظر الجامع لعلوم الإمام أحمد (6/ 293).

فهذا النص صريح أن الإمام أحمد لا يرى السكتة بعد الفراغ من قراءة الفاتحة.

وفي مسائل حرب الكرماني ت الغامدي (282): «قال أحمد: قال بعضهم: السكتتان: سكتة حين يفتتح قبل القراءة، وسكتة حين يفرغ من القراءة قبل الركوع» .

وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 338): والصحيح أنه لا يستحب إلا سكتتان

وهذا هو المنصوص عن أحمد، وأنه لا يستحب إلا سكتتان، والثانية: عند الفراغ من القراءة للاستراحة، والفصل بينها وبين الركوع، وأما السكوت عقيب الفاتحة فلا يستحبه أحمد، كما لا يستحبه مالك وأبو حنيفة، والجمهور لا يستحبون أن يسكت الإمام ليقرأ المأموم».

(1)

. الفروع (2/ 176).

(2)

. المجموع (3/ 395، 364)، فتح العزيز (3/ 311، 312)، أسنى المطالب (1/ 156)، بحر المذهب للروياني (2/ 70)، روضة الطالبين (1/ 242)، تحفة المحتاج (2/ 57)، مغني المحتاج (1/ 363)، نهاية المحتاج (1/ 494).

قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (2/ 293): «لم يستحب أحمد أن يسكت الإمام لقراءة المأموم، ولكن بعض أصحابه استحب ذلك» .

وقد نسب بعض الحنابلة للإمام أحمد رواية في مشروعية السكتة من أجل القراءة، منهم ابن مفلح في الفروع (2/ 176) وسبق نقل كلامه في المتن، والمرداوي في الإنصاف (2/ 230)، ولعله نقل ذلك عن ابن مفلح، والزركشي في شرحه على مختصر الخرقي (1/ 601).

فهل كان ذلك على منهج المتقدمين في توسعهم في نسبة الرواية للإمام أحمد، أم أن هذا القول محفوظ عن الإمام أحمد، الله أعلم.

انظر: الكافي لابن قدامة (1/ 248).

(3)

. روضة الطالبين (1/ 242).

ص: 92

الفاتحة- قدر قراءة المأموم»

(1)

.

وقال بعضهم: يستحب أن يسكت المأموم سكتة لطيفة بعد قراءة الفاتحة، لا لأجل قراءة من خلفه، وإنما لأجل تراجع النفس إليه، ومن أجل أن يبسمل فيها، ويتفكر فيها فيما يقرأه كالسكتة عند انقضاء القراءة

(2)

.

* دليل من قال: لا تشرع السكتة بعد الفاتحة:

الدليل الأول:

لم يصح دليل في مشروعية السكتة بعد الفاتحة، والأصل عدم المشروعية.

قال ابن تيمية: «لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسكت سكتة تتسع لقراءة الفاتحة لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله؛ فلما لم ينقل هذا أحد علم أنه لم يكن»

(3)

.

الدليل الثاني:

(ح-1310) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، عن الحسن،

عن سمرة بن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، سكتة حين يفتتح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية، قبل أن يركع، فذكر ذلك لعمران بن حصين، فقال: كذب سمرة، فكتب في ذلك إلى المدينة إلى أُبَيٌّ بن كعب فقال: صدق سمرة

(4)

.

[صحيح، والمحفوظ فيه سكتتان: قبل القراءة، وبعد الفراغ منها قبل الركوع]

(5)

.

(1)

. الفروع (2/ 176).

(2)

. شرح العمدة لابن تيمية صفة الصلاة (ص: 183).

(3)

. الفتاوى الكبرى (2/ 293).

(4)

. المسند (5/ 15).

(5)

. أعل الحديث بعلتين:

الأولى: أن الحسن لم يسمع هذا الحديث من سمرة.

الثانية: أن الحسن مدلس، وقد عنعن في جميع طرقه.

وللجواب على العلة الأولى، يقال: اختلف العلماء في سماع الحسن من سمرة:

فمنهم من أثبت له السماع مطلقًا كابن المديني والبخاري ومسلم وغيرهم. =

ص: 93

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ومنهم من نفى سماعه مطلقًا، كشعبة وابن معين وأحمد، وغيرهم.

ومنهم من أثبت له سماع حديث العقيقة وحده.

وقال آخرون: سمع حديث العقيقة، والباقي صحيفة، كالنسائي، لقول ابن عون: وجدت عند الحسن كتاب سمرة، فقرأته عليه.

فكانت روايته عن سمرة وجادة صحيحة، والوجادة قد قبلها العلماء، وعملوا بها، وهذا هو الصحيح.

وللجواب على إعلال الحديث بعنعنة الحسن، فيقال: إن التدليس يطلق على رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه، وروايته عمن عاصره، ولم يلقه، وتدليس الحسن من النوع الثاني، وهو ما سماه ابن حجر بالإرسال الخفي، وهذا النوع لا يرد بالعنعنة إذا ثبت سماعه من شيخه ولو مرة، فيحمل على الاتصال؛ وذلك أن كثيرًا ممن وصفه بالتدليس إذا أبانوا تدليسه ذكروا روايته عن معاصرين لم يلقهم، ولم يسمع منهم على أن الرد بالعنعنة فيه نزاع؛ لأن كثيرًا من الرواة قد يتصرفون في حكاية الصيغة التي سمعوها من شيخهم، فهذا شعبة قد صرح أنه لا يأخذ عن قتادة والأعمش وأبي إسحاق إلا ما صرحوا فيه بالسماع، وتجد كثيرًا من رواياته عنهم بالعنعنة، فلا يمكن الاعتماد على الصيغة وحدها في رد الحديث، فلا بد من جمع الطرق، فإذا صرح الراوي أنه لم يسمعه، أو نص إمام من الأئمة المعروفين بالتتبع على أن هذا لم يسمعه، أو أبان جمع الطرق على وجود واسطة ضعيف رُدَّ حديث المدلس، وقد يكون المتن منكرًا فيجعل الأئمة الحمل فيه على العنعنة.

فتبين بهذا أن ما أُعِلَّ به هذا الحديث ليس بِعلِّة على الصحيح، وأن الحديث صحيح من رواية الحسن عن سمرة،

ولم يسمع الحسن من عمران بن حصين، ولا من أبي بن كعب.

وقد اختلف فيه على الحسن، وقد رواه عنه أربعة، حميد، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، ويونس بن عبيد، وقتادة، وإليك تفصيل مروياتهم:

الطريق الأول: حميد الطويل، عن الحسن.

رواه يزيد بن هارون كما في مسند أحمد (5/ 15)،

وأبو كامل مظفر بن مدرك كما في مسند أحمد (5/ 20)،

وأبو الوليد الطيالسي كما في القراءة خلف الإمام للبخاري (168)،

وموسى بن إسماعيل كما في القراءة خلف الإمام للبخاري (168)،

وشيبان بن فروخ كما في معرفة السنن والآثار للبيهقي (3/ 90)،

وهدبة بن خالد كما في المعجم الكبير للطبراني (7/ 226) ح 6942، كلهم رووه عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن سمرة بذكر سكتتين: إذا دخل في الصلاة، وإذا فرغ من القراءة.

وفي رواية: سكتة حين يفتتح الصلاة، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع.

ورواه عفان، عن حماد، واختلف على عفان: =

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فرواه ابن أبي شيبة كما في المصنف (2840).

وأحمد كما في المسند (5/ 21)،

والدارمي كما في سننه (1279)،

وأحمد بن القاسم بن مساور كما في المعجم الكبير للطبراني (7/ 226) ح 6942، أربعتهم رووه عن عفان، عن حماد بن سلمة به، بنحو وراية الجماعة.

وخالفهم جعفر بن محمد بن شاكر كما في سنن الدارقطني (1182) ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (1538)، فرواه عن عفان به، كان لرسول صلى الله عليه وسلم سكتتان: سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وسكتة إذا فرغ من القراءة.

وهذا اللفظ تفرد به جعفر بن محمد، وإن كان ثقة فقد خالف من هم أوثق منه في عفان كالإمام أحمد وابن أبي شيبة والدارمي. كما أن كل من رواه عن حماد بن سلمة لم يذكر هذا اللفظ، مثل (يزيد بن هارون، وموسى بن إسماعيل، وأبو الوليد الطيالسي، وهدبة بن خالد، وشيبان وأبي كامل).

وقد تأول بعض العلماء أن المراد بقوله: سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم

أي إذا أراد أن يقرأ.

قال النووي في المجموع (3/ 297): «قال الخطيب: فقوله: سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يعني: إذا أراد أن يقرأ؛ لأن السكتة إنما هي قبل قراءة البسملة، لا بعدها» .

وهو تأويل سائغ، ومستعمل في الكتاب والسنة، قال تعالى:{إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة} : أي إذا أردتم مناجاته،

وحديث أنس: (كان إذا دخل الخلاء قال

) أي إذا أراد دخوله.

وحديث: (إذا أمن الإمام فأمنوا): أي إذا أراد التأمين.

فالتنصيص على البسملة، أراد منه مطلق القراءة، سواء أكان ممن يبسمل جهرًا أم يبسمل سرًّا، فكانت روايته من رواية الحديث بالمعنى، وهو جائز بشرطه، والله أعلم.

الطريق الثاني: أشعث بن عبد الملك الحُمْراني، عن الحسن.

رواه أبو داود (778) من طريق خالد بن الحارث، عن أشعث، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسكت سكتتين: إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها.

وسنده صحيح، وأشعث قال فيه يحيى القطان: هو عندي ثقة مأمون

وقال أيضًا: ما رأيت في أصحاب الحسن أثبت من أشعث.

وهذه متابعة لرواية حميد الطويل، وأن الحديث ليس فيه إلا سكتتان: أحدهما قبل القراءة، والأخرى عند الفرغ منها، وقبل الركوع.

الطريق الثالث: يونس بن عبيد، عن الحسن.

واختلف على يونس فيه: فرواه عنه إسماعيل وعبيد الله بن تمام، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، فذكروا في الحديث سكتتين: أحدهما قبل القراءة، والأخرى بعد =

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الفراغ منها وقبل الركوع، على خلاف بينهم في رفعه ووقفه.

وخالفهم هشيم، فرواه عن يونس، وذكر أن السكتة الثانية بعد قول الإمام ولا الضالين. ولفظ هشيم، مخالف لما رواه الجماعة عن يونس، كما أنه مخالف لما رواه الأكثر عن الحسن، وإليك تخريج طريق يونس بن عبيد.

فقد رواه هشيم، كما في مسند أحمد (5/ 23)، وسنن الدارقطني (1276)، ومن طريقه البيهقي في القراءة خلف الإمام (300)، عن يونس به، بلفظ: أنه كان إذا صلى بهم سكت سكتتين إذا افتتح الصلاة، وإذا قال:{ولا الضالين} [الفاتحة: 7] سكت أيضا هنية، فأنكروا ذلك عليه، فكتب إلى أبي بن كعب، فكتب إليهم أبي أن الأمر كما صنع سمرة.

فذكر السكتة الثانية بعد قراءة الفاتحة، ورواية الجماعة تذكر السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة، وهي المحفوظة.

ورواه من فعل الحسن البصري موقوفًا عليه، وإن كانت كتابة أبي بن كعب قد يستفاد منها الرفع، والله أعلم.

وخالف هشيمًا كل من:

(1)

إسماعيل بن علية كما في مسند أحمد (5/ 21)، وسنن أبي داود (777)، وابن ماجه (845)، وسنن الدارقطني (1275)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 279)، فرواه عن يونس، عن الحسن به مرفوعًا، بلفظ: حفظت سكتتين في الصلاة: سكتة إذا كبر الإمام حتى يقرأ، وسكتة إذا فرغ من قراءة فاتحة الكتاب، وسورة عند الركوع، قال: فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين، فكتبوا إلى أبي في ذلك إلى المدينة، قال: فصدق سمرة.

فرواه مرفوعًا، وذكر السكتة الثانية بعد الفرغ من القراءة وقبل الركوع، وهو المحفوظ.

(2)

عبيد الله بن تمام، عن يونس به، مرفوعًا.

رواه ابن المقرئ في المعجم (170) من طريق معمر بن سهل الأهوازي، حدثنا عبيد الله بن تمام، عن يونس، عن الحسن، عن سمرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يسكت في الصلاة سكتتين.

وهذه متابعة لابن علية على رفعه، وإن لم يبين موضع السكتتين.

وفي إسناده عبيد الله بن تمام، ضعفه الدارقطني وأبو حاتم وأبو زرعة، وغيرهم، قال البخاري: عنده عن يونس عجائب انظر ميزان الاعتدال (3/ 4).

(3)

يزيد بن زريع، عن يونس.

رواه يزيد بن زريع، عن يونس، ولم يختلف عليه في كون السكتة ثنتان، أحدهما قبل القراءة والأخرى عند الفراغ من القراءة، وقبل الركوع، وإنما اختلف عليه في رفعه ووقفه.

فرواه عفان بن مسلم، كما في مسند أحمد (5/ 11، 23)،

ومحمد بن المنهال التميمي كما في القراءة خلف الإمام للبيهقي (299)، كلاهما عن يزيد بن زريع، عن يونس به، موقوفًا، بلفظ: كان إذا كبر سكت هنية، وإذا فرغ من قراءة السورة سكت =

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هنية، فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين، فكتبوا إلى أبي بن كعب، فكتب أبي يصدقه.

وإن كان تصديق أبي بن كعب قد يفهم منها الرفع.

وخالفهما أبو كامل فضيل بن حسين بن طلحة (ثقة)، كما في مسند البزار (4542)، فرواه عن يزيد بن زريع، عن يونس به، مرفوعًا، بلفظ: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان: سكتة إذا ابتدأ الصلاة، وسكتة إذا فرغ من قراءته.

ورواية عفان بن مسلم ومحمد بن المنهال أرجح.

(4)

عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن يونس.

رواه ابن أبي شيبة كما في المصنف (2842) عنه به، بلفظ: قال الحسن: يسكت الإمام سكتتينِ: إذا كبَّر قبل أن يقرأ، وسكتةً إذا فرغ من السورة قبل أن يركع.

فهؤلاء أربعة خالفوا هشيمًا في موضع السكتة الثانية، وأنها بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع، وليست بعد الفراغ من فاتحة الكتاب.

الطريق الرابع: قتادة، عن الحسن البصري.

رواه عن قتادة سعيد بن أبي عروبة، وسعيد بن بشير.

أما رواية سعيد بن أبي عروبة فقد رواه عنه جماعة منهم:

(1)

يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، واختلف على يزيد في لفظه:

فرواه محمد بن عبد الله بن بزيع (ثقة) كما في صحيح ابن خزيمة (1578)، ومستدرك الحاكم (780).

ومحمد بن المنهال التميمي (ثقة) كما في المعجم الكبير للطبراني (7/ 210) ح 6875، وفي القراءة خلف الإمام للبيهقي (299)، كلاهما عن يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن الحسن به، بلفظ: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة السورة، هذا لفظ محمد بن المنهال، ولفظ ابن بزيع نحوه.

وتابعهما إسماعيل بن أبي سمينة (ثقة) كما في المعجم الكبير للطبراني (7/ 211) ح 6876،

فروه عن يزيد بن زريع، بلفظ: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان. اهـ ولم يذكر موضع السكتتين.

وخالفهم مسدد، كما في القراءة خلف الإمام للبخاري (167)، وسنن أبي داود (779)، والطبراني في الكبير (18/ 146) ح 310، والسن الكبرى للبيهقي (2/ 279)، فرواه عن يزيد بن زريع به، بذكر السكتة الثانية بعد الفراغ من قراءة ولا الضالين، ولفظ مسدد شاذ، لمخالفته رواة الجماعة عن يزيد، وهكذا رواه أكثر أصحاب الحسن، حميد، وأشعث، ويونس من رواية أكثر أصحابه عنه، والله أعلم.

(2)

عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة.

أخرجه الترمذي (251) وأبو داود (780)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 280)، وابن حبان في صحيحه (1807)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه (233)، =

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن محمد بن المثنى.

وأخرجه ابن ماجه (844) حدثنا جميل بن الحسن بن جميل العتكي، كلاهما عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر ذلك عمران بن حصين، وقال: حفظنا سكتة، فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة، فكتب أبي: أن حفظ سمرة، قال سعيد، فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ: {ولا الضالين} [الفاتحة: 7]. زاد الترمذي: وابن ماجه، قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يَتَرَادَّ إليه نَفَسُهُ.

ففي رواية عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة، جعل بيان موضع السكتتين من قول قتادة مقطوعًا عليه، وكان قتادة في يقول في الحفظ الأول أن موضع السكتة الثانية قبل الفراغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك:(وإذا قرأ ولا الضالين)، وحفظه الأول مقدم، وقد يكون هذا الاضطراب ليس من قبل قتادة، وإنما من هو من قبل سعيد بن أبي عروبة، خاصة أنه قد تغير بآخرة، ولا يعرف أكان عبد الأعلى ممن سمع منه قبل اختلاطه أم بعده.

وقد توبع عبد الأعلى على لفظه، كما في الطريق التالي:

(3)

مكي بن إبراهيم البلخي، عن سعيد بن أبي عروبة.

رواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 279) من طريق مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، فقال عمران بن حصين: ما أحفظهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتبوا فيه إلى أُبيِّ بن كعب، فكتب أُبي: أنَّ سمرة قد حفظ.

قلنا لقتادة: ما السكتتان؟ قال: سكتة حين يكبر، والأخرى حين يفرغ من القراءة عند الركوع، ثم قال الأخرى، يعني المرة الأخرى: سكتة حين يكبر، وسكتة إذا قال:{غير المغضوب عليهم ولا الضالين} .

وهذه متابعة من مكي بن إبراهيم لعبد الأعلى على لفظه، ومكي ثقة، إلا أنه ممن روى عن سعيد بعد اختلاطه.

فما هو الراجح من رواية سعيد بن أبي عروبة:

فيزيد بن زريع رواه عن سعيد بن أبي عروبة بلفظ: (أن سمرة حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين، سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءته).

وعبد الأعلى ومكي جعلا بيان موضع السكتتين من قول قتادة، وقد كان قتادة يجعل السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة، ثم رجع عن ذلك وجعل السكتة الثانية بعد الفراغ من الفاتحة.

والسؤال: أيحكم للعدد على الواحد، أم تقدم رواية يزيد بن زريع عليهما؟

والراجح عندي أن رواية يزيد مقدمة على روايتهما:

أولًا: لكون سماع يزيد بن زريع من سعيد بن أبي عروبة قديمًا قبل اختلاطه، وهو مقدم =

ص: 98

* دليل من قال باستحباب السكتة بعد قراءة الفاتحة:

الدليل الأول:

(ح-1311) ما رواه أحمد، قال: حدثنا هشيم، أخبرنا منصور، ويونس، عن الحسن،

عن سمرة بن جندب، أنه كان إذا صلى بهم سكت سكتتين: إذا افتتح الصلاة، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] سكت أيضا هنية، فأنكروا ذلك

= في أصحاب سعيد بن أبي عروبة.

وثانيًا: لموافقته رواية أكثر أصحاب الحسن البصري كحميد وأشعث، ويونس، والله أعلم.

وأما رواية سعيد بن بشير، عن قتادة.

فأخرجها الطبراني في مسند الشاميين (2652)، قال: حدثنا موسى بن عيسى، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان، فقال عمران بن حصين: ما حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتبوا في ذلك إلى أبي بن كعب، فقال: حفظ سمرة قال سعيد: سكتة حين يكبر، وأخرى إذا قال: ولا الضالين.

وهنا سعيد بن بشير جعل بيان موضع السكتتين من قوله، لا من قول قتادة، ولا من قول سمرة، وسعيد بن بشير ضعيف، والإسناد إليه لا يصح، ففي إسناده شيخ الطبراني موسى بن عيسى مجروح العدالة، قال النسائي: ليس بثقة، وكتب النسائي عنه، وامتنع من الرواية عنه،

وقال حمزة الكناني: سألت النسائي عنه، فقال: حمصي لا أحدث عنه شيئًا ليس هو شيئًا. انظر إرشاد القاصي والداني (ص: 657).

فالحديث صحيح إلا أن المحفوظ في لفظه: سكتتان: أحدهما قبل القراءة، والثانية عند الفراغ منها، وقبل الركوع، والله أعلم.

الطريق الخامس: منصور بن زاذان، عن الحسن.

رواه أحمد (5/ 23)، قال: أنبأنا منصور ويونس، عن الحسن، عن سمرة بن جندب؛ أنه كان إذا صلى بهم سكت سكتتين: إذا افتتح الصلاة، وإذا قال:{ولا الضالين} سكت أيضاً هُنَيَّةً، فأنكروا ذلك عليه، فكتب إلى أُبيِّ بن كعب، فكتب إليهم أُبيٌّ: إن الأمر كما صنع سمرة.

تفرد به هشيم عن منصور، ولا يضره تفرده فهو من أروى الناس عنه وأعلم الناس في حديثه، إلا أن هشيمًا قد جمع شيخيه: يونس ومنصور.

وقد خرجت رواية هشيم وحدها عن يونس فيما سبق، فإذا رجعنا إلى لفظه تبين لنا أنه قد رواه عن يونس بنحو هذا اللفظ بذكر السكتة الثانية بعد الفراغ من الفاتحة، مخالفًا إسماعيل بن علية، وعبيد الله بن تمام، ويزيد بن زريع، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، فلا يستبعد أن يكون هذا اللفظ هو لفظ هشيم عن يونس، خاصة أن أكثر أصحاب الحسن قد رووه بذكر السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع، فهذا هو المحفوظ من حديث الحسن عن سمرة، والله أعلم.

ص: 99

عليه، فكتب إلى أُبَيِّ بن كعب، فكتب إليهم أبي أن الأمر كما صنع سمرة

(1)

.

[شاذ بهذا اللفظ]

(2)

.

* وأجيب عن الحديث بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

كشف تخريج الحديث أن المحفوظ من لفظه ما رواه أكثر أصحاب الحسن كحميد وأشعث، ويونس من رواية أكثر أصحابه، وقتادة في إحدى الروايتين عنه، بذكر سكتتين: إحداهما: قبل القراءة، والأخرى بعد الفراغ منها وقبل الركوع، فذكر السكتة بعد الفراغ من قراءة الفاتحة قول شاذ.

الجواب الثاني:

السكتات في الصلاة توقيفية، والصلاة عبادة فعلية نقلت إلينا نقلًا متواترًا ينقلها جيل عن جيل، فلو كانت هناك سكتة مطلقًا، أو كان هناك سكتة بمقدار قراءة الفاتحة لنقلت نقلًا تقوم به الحجة.

ولو سلمنا بصحة حديث الحسن عن سمرة بالسكتة بعد قراءة الفاتحة فإنه ليس في الحديث أن مقدار هذا السكوت بقدر قراءة المأموم.

قال في تحفة الأحوذي: «تعيين هذه السكتة بهذا المقدار .... للإمام محتاج إلى الدليل»

(3)

.

وقال ابن القيم: «لو كان يسكت هنا سكتة طويلة يدرك فيها قراءة الفاتحة لما خفي ذلك على الصحابة، ولكان معرفتهم به ونقلهم له أهم من سكتة الافتتاح»

(4)

.

وقال ابن تيمية: «ثبت عنه في الصحيح سكوته بعد التكبير للاستفتاح، وفي السنن:(أنه كان له سكتتان: سكتة في أول القراءة وسكتة بعد الفراغ من القراءة) وهي سكتة لطيفة للفصل، لا تتسع لقراءة الفاتحة

ولم يقل أحد: إنه

(1)

. المسند (5/ 23).

(2)

. سبق تخريجه في أدلة القول السابق.

(3)

. تحفة الأحوذي (2/ 72).

(4)

. الصلاة وأحكام تاركها (ص: 162).

ص: 100

كان له ثلاث سكتات، ولا أربع سكتات، فمن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات، أو أربع، فقد قال قولًا لم ينقله عن أحد من المسلمين، والسكتة التي عقب قوله:{وَلَا الضَّالِّين} من جنس السكتات التي عند رؤوس الآي. ومثل هذا لا يسمى سكوتًا؛ ولهذا لم يقل أحد من العلماء: إنه يقرأ في مثل هذا»

(1)

.

الجواب الثالث:

القول بالسكتة بمقدار قراءة الفاتحة بني على مسألة خلافية، وهي وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية، فالجمهور على أن المأموم لا قراءة عليه، خلافًا للشافعية حيث ذهبوا إلى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقًا في السرية والجهرية، وهو قول ضعيف، فكان من ثمرة هذا الترجيح لهذا القول الضعيف أَنْ رأوا استحباب سكوت الإمام بقدر قراءة الفاتحة في الجهرية، وما بني على الضعيف فهو ضعيف.

وعلى التسليم بصحة اختيار الشافعية فلا يلزم من القول بوجوب قراءة المأموم للفاتحة أن يستحب للإمام السكوت بقدر قراءة الفاتحة، وهو لا يُعْلَّم له أصلٌ في السنة، ولا في أقوال الصحابة

(2)

.

ولا يلزم من القول بمطلق السكوت بعد قراءة الفاتحة أن تكون السكتة بهذا المقدار؛ لأن المقادير الشرعية تحتاج إلى توقيف، ولما كان السكوت غير مشروع في الصلاة استحب الشافعية للإمام أن يشتغل بدعاء أو قراءة حال قراءة المأموم للفاتحة،

قال في تحفة المحتاج: «ويسن للإمام أن يسكت في الجهرية بقدر قراءة المأموم الفاتحة

وأن يشتغل في هذه السكتة بدعاء، أو قراءة»

(3)

.

وهذه من ترقيعات القول الضعيف، فهذا الاستحباب لا يعلم له أصل في السنة، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-1312) ما رواه البيهقي من طريق أبي بكر -يعني: الحنفي- أخبرنا

(1)

. مجموع الفتاوى (23/ 277).

(2)

. انظر: مجموع الفتاوى (23/ 279)، الفتاوى الكبرى (2/ 294).

(3)

. تحفة المحتاج (2/ 57).

ص: 101

عبد الحميد بن جعفر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،

عن جده؛ أنه كان يقرأ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنصت، فإذا قرأ لم يقرأ، فإذا أنصت قرأ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج

(1)

.

[اختلف فيه على عمرو بن شعيب في ذكر القراءة خلف الإمام في سكتتاته]

(2)

.

(1)

. البيهقي في القراءة خلف الإمام (301، 302).

(2)

. حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، رواه عنه جماعة:

الأول: حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، كما في القراءة خلف الإمام للبخاري (15)، وسنن ابن ماجه (841)، عن عمرو بن شعيب به، بلفظ: كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج، فهي خداج.

وهذا أحسن إسناد روي فيه هذا الحديث، وهو إسناد حسن، وليس فيه ذكر القراءة خلف الإمام في سكتتاته.

الثاني: عامر بن عبد الواحد الأحول، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه البخاري في القراءة خلف (10)، وابن عدي في الكامل (6/ 154)، والبيهقي في القراة خلف الإمام (96) عن موسى بن إسماعيل،

ورواه الطبراني في المعجم الأوسط (3704)، من طريق سعيد بن سليمان النَّشِيطِيِّ، كلاهما عن أبان بن يزيد، عن عامر الأحول به (في مطبوع الطبراني: عاصم الأحول، وهو خطأ) بلفظ: كل صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي مخدجة.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عاصم (الصواب: عامر)، إلا أبان، تفرد به سعيد بن سليمان.

قال الهيثمي في سعيد كما في مجمع الزوائد (2/ 111): رواه الطبراني في الأوسط وفيه سعيد بن سليمان النَّشِيطِيُّ قال أبو زرعة الرازى: نسال الله السلامة ليس بالقوى. اهـ

قلت: لم يتفرد به سعيد بن سليمان، فقد تابعه موسى بن إسماعيل التبوذكي، وهو ثقة.

وعامر الأحول مختلف فيه، قال فيه في التقريب صدوق يخطئ، وهذا قطعًا ليس من أخطائه؛ لأنه قد تابعه على إسناده، ولفظه الثقة حسين المعلم.

فاتفق حسين المعلم الثقة، وعامر الأحول الصدوق على رواية الحديث بلفظ: كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج أو مخدجة، وليس في لفظهما ذكر القراءة في سكتات الإمام، وكل من خالفهما من الضعفاء فالقول قولهما.

الثالث: محمد بن إسحاق بن يسار، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (97) من طريق يحيى بن جعفر، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، به، بلفظ: (كل صلاة لا يقرأ فيها =

ص: 102

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بفاتحة الكتاب فهي خداج).

وفي إسناده يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان البغدادي، قال أبو حاتم: محله الصدق، وقال البرقاني: أمرني الدارقطني أن أخرج ليحيى بن أبي طالب في الصحيح.

وقال الحاكم: قال الدارقطني: لا بأس به، ولم يطعن فيه أحد بحجة.

وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين.

وانفرد موسى بن هارون، فقال: أشهد عليه أنه يكذب، عنى في كلامه، لا في الرواية، والدارقطني من أخبر الناس به.

وقال مسلمة بن قاسم: لا بأس به، تكلم الناس فيه.

ولم يذكر ابن إسحاق القراءة في سكتات الإمام.

الرابع: حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب.

رواه أحمد (2/ 204) حدثنا نصر بن باب.

وأخرجه أيضًا (2/ 215) حدثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس، أبو الجهم، كلاهما عن حجاج، عن عمرو بن شعيب به، بلفظ:(كل صلاة لا يقرأ فيها، فهي خداج، ثم هي خداج، ثم هي خداج).

وحجاج بن أرطاة، مدلس، ولم يذكر سماعًا، وقد ذكر أبو نعيم كما في شرح العلل للترمذي (2/ 855) أنه لم يسمع منه إلا أربعة أحاديث والباقي عن محمد بن عبيد الله العرزمي. اهـ والعرزمي متروك. وليس فيه موضع الشاهد، القراءة في سكتات الإمام.

الخامس: عبد الحميد بن جعفر، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (301، 302)، وفي الخلافيات (1821، 1822)، من طريق أبي بكر الحنفي، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أنه كان يقرأ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنصت، فإذا قرأ لم يقرأ، فإذا أنصت قرأ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج.

وعبد الحميد بن جعفر صدوق، وقد زاد حرف صلى الله عليه وسلم فذكر سكتتين، وقد رواه حسين المعلم، وهو ثقة، وعامر بن عبد الواحد، ومحمد بن إسحاق (وكلاهما صدوق)، وحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف أربعتهم رووه عن عمرو بن شعيب، فلم يذكروا هذا الحرف، فأرى أن زيادة هذا الحرف زيادة شاذة.

وقد توبع عبد الحميد بن جعفر على زيادة هذا الحرف، إلا أنها متابعات لا يمكن التعويل عليها، فكل من تابعه كان من الضعفاء أو المتروكين، من هؤلاء:

السادس: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه الدارقطني في السنن (1223)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (172، 173).

قال الدارقطني: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير: ضعيف.

ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير رجل متروك، فالإسناد ضعيف جدًا. =

ص: 103

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= السابع: عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (236)، وفي الخلافيات (1987)، من طريق أبي الطيب محمد بن عبد الله الشَّعِيرِي أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز القاضي الجُرْجَانيُّ محلة جنجروذ، أخبرنا أبو الصلت الهروي، أخبرنا أبو معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب به، بلفظ:(أنهم كانوا يقرؤون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنصت، فإذا قرأ لم يقرؤوا، وإذا أنصت قرؤوا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج).

وهذا إسناد ضعيف جدًا، فيه أبو الطيب فيه جهالة. انظر الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم (2/ 1230).

وشيخه عبد الله بن محمد بن عبد العزيز القاضي ذكره في تاريخ جرجان (431)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ففيه جهالة.

وأبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، رافضي، مجروح العدالة. انظر الكامل لابن عدي (7/ 25).

الثامن: المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2787،) عن المثنى به، بلفظ:(أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: من صلى مكتوبة، أو سبحة، فليقرأ بأم القرآن، وقرآن معها، فإن انتهى إلى أم القرآن أجزأت عنه، ومن كان مع الإمام فليقرأ قبله، أو إذا سكت، فمن صلى صلاة لم يقرأ فيها فهي خداج ثلاثًا).

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن الأعرابي في معجمه (1444)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (168، 169).

والمثنى بن الصباح ضعيف.

ورواه عبد الرزاق أيضًا (2793) بالإسناد نفسه، بلفظ: إذا قال الإمام: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7] قرأت بأم القرآن، أو بعدما يفرغ.

وهذا من تخليط المثنى بن الصباح.

التاسع: عبد الله بن لهيعة، عن عمرو بن شعيب.

أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (170) بلفظ المثنى بن الصباح. وابن لهيعة ضعيف.

هذا ما وقفت عليه من طريق حديث عبد الله بن عمرو، والمعروف في لفظه ما رواه حسين المعلم وعبد الواحد بن عامر ومحمد بن إسحاق وحجاج بن أرطاة، بلفظ:(كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج).

وهو الموافق لحديث أبي هريرة في مسلم، وأما زيادة القراءة خلف الإمام في سكتاته فليست محفوظة، والله أعلم.

ص: 104

* ويناقش من أكثر من وجه:

الوجه الأول: الاختلاف على عمرو بن شعيب، في ذكر القراءة عند إنصات الإمام، فقد رواه حسين المعلم وعامر بن عبد الوحد ومحمد بن إسحاق، وحجاج بن أرطاة، ولم يذكروا هذا الحرف كما كشف عن ذلك تخريج الحديث.

الوجه الثاني: أنه لم يذكر محل السكتات، فلو قدر أن هذا محفوظ، فهو محمول على السكتات الثابتة، وليس على السكتة الشاذة، فالمحفوظ سكتتان:

إحداهما: سكتة إذا كبر قبل أن يقرأ، وهي ثابتة في الصحيحين.

والثانية: سكتة إذا فرغ من القراءة قبل الركوع، وهي ثابتة في السنن، فحمل الإنصات على السكوت إذا فرغ من قراءة الفاتحة، لا دليل عليه

الدليل الثالث:

(ح-1313) ما رواه الدارقطني من طريق فيض بن إسحاق الرقي، حدثنا محمد بن عبد الله ابن عبيد الله بن عمير، عن عطاء،

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته ومن انتهى إلى أم القرآن فقد أجزأه

(1)

.

[منكر]

(2)

.

(1)

. سنن الدارقطني (1209).

(2)

. ومن طريق فيض بن إسحاق رواه الحاكم في المستدرك (868)، وعنه البيهقي في القراءة خلف الإمام (171).

وفي إسناده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال البخاري: منكر الحديث.

وقال النسائي: متروك. انظر ميزان الاعتدال (3/ 591)، فالحديث ضعيف جيدًّا.

وقد خالف فيه الثقات في رفعه، وفي لفظه: فقد رواه كل من:

الأول: ابن جريج، عن عطاء،

أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت وإن زدت فهو خير. رواه البخاري (772)، ومسلم (396)، وأكتفي بهما عن غيرهما.

الثاني: حبيب بن الشهيد، عن عطاء.

رواه أحمد (2/ 258) حدثنا عبد الواحد الحداد أبو عبيدة، =

ص: 105

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ورواه أحمد (2/ 301) من طريق شعبة،

ورواه أحمد (2/ 411)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 321، 322) من طريق سعيد بن أبي عروبة،

ورواه أحمد أيضًا (2/ 435)، حدثنا يحيى بن سعيد القطان،

ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام (14)، وأبو داود (797) من طريق حماد بن سلمة،

ورواه أبو العباس السراج في حديثه (2514) من طريق أبي بحر البكراوي (ضعيف)، كلهم عن حبيب بن الشهيد، عن عطاء به موقوفًا.

ورواه مسلم (42 - 396)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبو أسامة، عن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت عطاء يحدث عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة إلا بقراءة، قال أبو هريرة: فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه لكم، وما أخفاه أخفيناه لكم.

وقد أخطأ فيه ابن نمير، حيث رفع أوله، والمحفوظ أن كله موقوف على أبي هريرة.

قال الدارقطني في التتبع (20) بعد أن ساق رواية أبي أسامة عند مسلم: «وهذا لم يرفع أوله إلا أبو أسامة، وخالفه يحيى القطان، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو عبيدة الحداد، وغيرهم: رووه عن حبيب بن الشهيد، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: في كل صلاة قراءة، فما أسمعناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم.

جعلوا أول الحديث من قول أبي هريرة، وهو الصواب، وكذلك رواه: قتادة، وأيوب، وحبيب المعلم، وابن جريج». اهـ

والراجح أن الوهم من ابن نمير،

فقد رواه ابن أبي شيبة كما في المصنف (3638)،

ومحمد بن رافع النيسابوري (ثقة) كما في حديث أبي العباس السراج (2515).

وعبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج (ثقة)، كما في مستخرج أبي نعيم (878)، ثلاثتهم عن أبي أسامة، عن حبيب بن الشهيد به موقوفًا، فخرج من عهدته أبي أسامة.

فإن قيل: لعل الوهم من الإمام مسلم، وليس من شيخه؟

فالجواب: أن محمد بن عمر الجرجاني، قد رواه عن ابن نمير، عن أبي أسامة به، بمثل رواية مسلم برفع أوله.

رواه البيهقي في السنن (2/ 275)، وفي القراءة خلف الإمام (9)، فخرج مسلم من عهدته.

الثالث: حبيب المعلم، كما في صحيح مسلم (44 - 396)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 208)، ومستخرج أبي عوانة (1672)، ومستخرج أبي نعيم (880)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 59)، وفي القراءة خلف الإمام (10، 11).

الرابع والخامس: قيس بن سعد، وعمارة بن ميمون، عن عطاء.

رواه أحمد (2/ 343، 416)، حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد، عن قيس وحبيب، عن عطاء بن أبي رباح به.

ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام (14) وأبو داود (797) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن قيس بن سعد، وعمارة بن ميمون، وحبيب قال في رواية البخاري (ابن الشهيد)، عن عطاء به، موقوفًا.

ورواية حماد بن سلمة عن قيس فيها كلام، إلا أن روايته عن حبيب قد توبع عليها من أصحاب حبيب بن الشهيد.

فكل هؤلاء قد رووا الحديث عن عطاء، ولم يرفعوه كما فعل محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، ولم يذكروا في القراءة في سكتات الإمام، لهذا لا يشك الباحث في نكارة روايته، مع أنه مجروح العدالة، والله أعلم.

ص: 106

* الراجح:

لا يصح القول بمشروعية سكتة بعد قراءة الفاتحة، والمحفوظ سكتتان: قبل القراءة، وبعد الفراغ منها، وقبل الركوع، والله أعلم.

* * *

ص: 107