الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع في سكتات الصلاة
المبحث الأول في سكوت الإمام لدعاء الاستفتاح
الفرع الأول في حكم الاستفتاح
المدخل إلى المسألة:
* أدعية الاستفتاح الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها ما ثبت في الفرض ومنها ما ثبت في قيام الليل، ومنها ما كان مُتَلَقًّى من النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما أقره عليه الصلاة والسلام.
* جميع الأذكار المقيدة يجب الاقتصار فيها على ما ورد جنسًا، وقدرًا، وكيفيةً، وزمنًا، وسببًا
(1)
.
* ما ثبت في النفل ثبت في الفرض وكذلك العكس إلا بدليل.
* تنوع أدعية الاستفتاح من كمال الشريعة، وله حكمه وفوائده وأسراره البليغة.
* ما وقف طالب العلم على اختلاف بعض الأئمة الكبار في مسائل مشهورة، والسنة فيها واضحة إلا طابت نفسه بالخلاف الفقهي، وعلم أن هذه طبيعة بشرية، فحمل الناس على رأيه تكلف بما لم يكلف به.
* تبني العالم للقول الضعيف ليس علامة على قِلَّة الفقه كما يشيع بعض الناس وإنما أراد الله قَدَرًا أن تكون هذه المسألة من مسائل الخلاف، وأن يتفرد سبحانه بالكمال، فلا تجد إمامًا مهما يبلغ في العلم من الصحابة فمن دونهم إلا وتجد له أقوالًا ضعيفةً، تدل على ضعف العقل وعجزه، فكيف بغيرهم.
(1)
. انظر شرح هذا الضابط في المجلد السابع (ص: 380).
[م-513] الاستفتاح وبعضهم يعبر عنه بالافتتاح، وبدعاء الاستفتاح، واستفتح: أي قال الذكر الوارد في موضعه بعد التكبير، قد اختلف الفقهاء في حكمه:
فقيل: يستحب الاستفتاح سِرًّا بعد الفراغ من تكبيرة الإحرام، وهو مذهب الجمهور، واختيار الظاهرية، ورواية عن مالك، وصوَّبه ابن العربي من المالكية
(1)
.
وقيل: يكره، وهو المشهور من مذهب المالكية، ونص عليه مالك في المدونة
(2)
.
وقيل: يجوز، رواه ابن شعبان عن مالك
(3)
.
وقال أبو داود في السنن: حدثنا القعنبي، قال: قال مالك: لا بأس بالدعاء في
(1)
. الأصل للشيباني (1/ 3)، تحفة الفقهاء (1/ 249)، المبسوط (1/ 12)، بدائع الصنائع (1/ 288)، العناية شرح الهداية (1/ 288)، تبيين الحقائق (1/ 111)، الأم (1/ 128)، الحاوي الكبير (2/ 100)، فتح العزيز (3/ 300)، المجموع (3/ 314)، روضة الطالبين (1/ 239)، مغني المحتاج (1/ 352)، تحفة المحتاج (2/ 29)، نهاية المحتاج (1/ 472).
مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 46)، ورواية عبد الله (ص: 75)، الإنصاف (2/ 47)، المغني (1/ 341)، الفروع (2/ 169)، شرح الزركشي على الخرقي (1/ 543)، شرح منتهى الإرادات (1/ 187)، المحلى، مسألة (443).
وقال ابن رشد في البيان (1/ 339): استحسنه في رواية محمد بن يحيى السبائي (1/ 339)، وانظر: التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 335).
أحكام القرآن لابن العربي (2/ 298، 299).
(2)
. المدونة (1/ 161)، البيان والتحصيل (1/ 339)، مواهب الجليل (1/ 544)، الشرح الكبير (1/ 251، 252)، منح الجليل (1/ 266)، الشامل في فقه الإمام مالك (1/ 106)،، جامع الأمهات (ص: 94)، عيون المسائل للقاضي عبد الوهاب (ص: 116)، التوضيح لخليل (1/ 335)، الفواكه الدواني (1/ 180)، الجامع لمسائل المدونة (2/ 508).
(3)
. جاء في المنتقى للباجي (1/ 142): «جاء في مختصر ابن شعبان، عن ابن وهب: صليت مع مالك في بيته، فكان يقول ذلك عند افتتاح الصلاة: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، وقال مالك: أكره أن أحمل الناس على ذلك، فيقول جاهل: هذا من فرض الصلاة» .
وجاء في التبصرة للخمي (1/ 252): «قال ابن القاسم: ولم يكن مالك يرى هذا الذي يقوله الناس: سبحانك اللهم وبحمدك
…
وفي مختصر ما ليس في المختصر: أن مالكًا كان يقول ذلك بعد إحرامه».
وانظر: شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (1/ 139)، البيان والتحصيل (1/ 338).
الصلاة، في أوَّله، وأوسطه، وفي آخره، في الفريضة وغيرها
(1)
.
خَرَّجه أبو داود في أدعية الاستفتاح لبيان أن الإمام مالكًا محفوظ عنه القول بمشروعية الاستفتاح، وهو يؤيد ما نقله ابن شعبان المصري عن مالك، والله أعلم.
وقيل: يجب دعاء الاستفتاح، فمن تركه عمدًا أعاد الصلاة، اختاره ابن بطة من الحنابلة، وحكي رواية عن أحمد
(2)
.
وقيل: يستحب قبل تكبيرة الإحرام، اختاره ابن حبيب من المالكية، واستحسنه في البيان
(3)
.
وقال الوليد بن مسلم: «ذكرت ذلك لسعيد بن عبد العزيز، فأخبرني عن المشيخة، أنهم كانوا يقولون حديث علي بن أبي طالب: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين وما بعده من الدعاء حين يقبلون بوجوههم إلى القبلة، قبل تكبيرة الاستفتاح، ثم يتبعون تكبيرة الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك
…
) إلى آخره»
(4)
.
* دليل الجمهور على استحباب دعاء الاستفتاح:
الدليل الأول:
(ح-1285) ما رواه البخاري من طريق عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عمارة بن القعقاع، قال: حدثنا أبو زرعة، قال:
حدثنا أبو هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة -قال أحسبه قال: هُنَيَّةً- فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، إسكاتك
(1)
. سنن أبي داود (769).
وفي موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري (629)«سُئِل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة، في أولها وأوسطها، وآخرها، فقال: لا بأس بذلك» .
(2)
. فتح الباري لابن رجب (6/ 387)، الفروع لابن مفلح (2/ 170)، المبدع في شرح المقنع (1/ 382)، الإنصاف (2/ 119).
(3)
. مواهب الجليل (1/ 544)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 382)، التوضيح لخليل (1/ 335).
(4)
. انظر فتح الباري لابن رجب (6/ 388).
بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايايَ، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطايايَ بالماء والثلج والبرد.
ورواه مسلم من طريق جرير، عن عمارة بن القعقاع به
(1)
.
الدليل الثاني:
(ح-1286) ما رواه مسلم من طريق يوسف الماجشون، حدثني أبي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،
عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك .... الحديث
(2)
.
* وأجيب عن الحديث بجوابين:
الجواب الأول:
أن لفظ حديث علي رضي الله عنه في مسلم (كان إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا
…
) الحديث، فظاهره أنه كان يقوله قبل التكبير.
* وَرَدُّ هذا:
بأن مسلمًا رواه من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمه
(1)
. صحيح البخاري (744)، وصحيح مسلم (147 - 598).
(2)
. صحيح مسلم (201 - 771).
الماجشون، عن الأعرج به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر، ثم قال: وجهت وجهي .... الحديث
(1)
.
الجواب الثاني:
حملوا حديث علي رضي الله عنه على أن ذلك كان في النفل، وليس في الفرض، قال الترمذي في السنن:«وقال بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم: يقول هذا في صلاة التطوع، ولا يقوله في المكتوبة»
(2)
.
* وَرَدُّ هذا الجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يَأْتِ في طريق من طرقه قط أن هذا الدعاء كان خاصًّا بالنافلة، ولفظ مسلم: (كان إذا قام إلى الصلاة
…
) وفي رواية لمسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة)، وإطلاق الصلاة يشمل المكتوبة والنافلة، و (أل) في (الصلاة) تفيد عموم جميع الصلوات فرضها ونفلها، والمطلق والعام يجري على إطلاقه وعمومه لا يجوز تقييده، ولا تخصيصه إلا بنص من الشارع، أو إجماع.
وعلى التنزل أن هذا كان يفعله في النافلة، فإن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا أن يأتي دليل على اختصاص ذلك في النافلة، ولم يحفظ قط أن هذا خاص بالنافلة، وهذا يقال من باب التنزل في الجدل.
ونقل الترمذي عن الشافعي قوله: «يقول هذا في المكتوبة والتطوع»
(3)
، وهو أصح.
الوجه الثاني:
أن الحديث قد رواه أبو عوانة من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن بن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،
عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة،
(1)
. صحيح مسلم (202 - 771).
(2)
. سنن الترمذي (5/ 784).
(3)
. سنن الترمذي (5/ 784).
قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا مسلمًا
…
وذكر الحديث.
[صحيح].
ولم ينفرد به ابن جريج، ولا يضره لو انفرد مثله.
فقد رواه أحمد، قال: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة به، بنحوه بذكر الصلاة المكتوبة
(1)
.
(1)
. الحديث مداره على الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ويرويه عن الأعرج اثنان: عبد الله بن الفضل، ويعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
أما يعقوب فجاء ذكر الصلاة في حديثه مطلقًا، والمطلق على إطلاقه يشمل المكتوبة وغيرها.
أما عبد الله بن الفضل، فرواه عنه اثنان: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة وموسى بن عقبة، أما الأول فروايته جاء فيها ذكر الصلاة مطلقًا.
وأما موسى بن عقبة، فجاء فيها التصريح بأن الاستفتاح كان بالصلاة المكتوبة من رواية ابن جريج، وعبد الرحمن بن أبي الزناد عنه، وإذا صح في المكتوبة صح في النافلة، هذا الإجمال، فإن أردت التفصيل فهاكَ إياه.
الراوي الأول: عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
رواه موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، ورواه عن موسى بن عقبة جماعة، منهم ابن جريج (ثقة)، وإبراهيم بن طهمان (ثقة يغرب)، وعبد الله بن جعفر المديني (ضعيف)، وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي (ضعيف)، وعبد الرحمن بن أبي الزناد (صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد)، وإليك الوقوف على مروياتهم.
1 -
ابن جريج، عن موسى بن عقبة:
رواه عن ابن جريج: حجاج بن محمد (ثقة ثبت مقدم في أصحاب ابن جريج قال أحمد: ما كان أضبطه وأشد تعاهده للحروف ورفع من أمره جدًّا)، وروح بن عبادة (ثقة)، ويحيى بن سعيد الأموي (صدوق يغرب)، ومسلم بن خالد الزنجي (صدوق كثير الأوهام)، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد (صدوق يخطئ)، وهشام بن سليمان (صدوق يخطئ).
إذن التعويل في رواية ابن جريج على رواية حجاج بن محمد المصيصي.
فقد رواه أبو عوانة في مستخرجه (1608) وابن حبان في صحيحه (1771)، والدارقطني في السنن (1138)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (42)، عن يوسف بن مُسَلَّمٍ الْمصِّيصِيُّ،
ورواه ابن حبان (1772، 1774)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 49، 124)، وفي القضاء =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
…
والقدر (396)، من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي،
كلاهما، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين
…
وذكر الحديث.
وأعاده أبو عوانة في مستخرجه مختصرًا (1887) عن يوسف بن مسلم، به، بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد في الصلاة المكتوبة
…
فذكر حديثه بنحوه، أي بنحو رواية عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: حدثني عمي الماجشون، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
هذه رواية حجاج بن محمد المصيصي، عن ابن جريج.
وقد توبع على ذكر الصلاة المكتوبة، فرواه الشافعي في السنن المأثورة (283): عن عبد المجيد بن أبي رواد، ومسلم بن خالد (هو الزنجي)، قالا: أخبرنا ابن جريج به، بلفظ: كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة، قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا .... وذكر الحديث.
أما رواية روح بن عبادة، عن ابن جريج:
فرواه أحمد (1/ 119)،
وابن خزيمة (607) أخبرنا الحسن بن محمد، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز،
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 233) حدثنا أبو أمية (محمد بن إبراهيم بن مسلم صدوق يهم) أربعتهم، عن روح بن عبادة مختصرًا بذكر دعاء الركوع (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، أنت ربي، خشع سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي، وما استقلت به قدمي، لله رب العالمين).
ورواه ابن ماجه (1054) من طريق يحيى بن سعيد الأموي (صدوق يغرب)، مختصرًا بذكر دعاء السجود فقط.
ورواه الطبراني في الدعاء (496) من طريق هشام بن سليمان مقرونًا بغيره (صدوق يخطئ)، عن ابن جريج به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ الصلاة يقول بعد التكبير وقبل القراءة
…
وذكر الحديث. فذكر لفظ الصلاة مطلقًا، ولم يفرق بين مكتوبة ونافلة.
وأعاده الطبراني في الدعاء مختصرًا بذكر بعضه (528، 551، 582).
هذا ما وقفت عليه من طريق ابن جريج، عن موسى بن عقبة.
2 -
عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة.
رواه أحمد (1/ 93)، قال: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن عبد الرحمن بن فلان بن ربيعة بن الحارث بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد المطلب الهاشمي، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع،
عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر، ورفع يديه حذو منكبيه .... وذكر الحديث.
ومن طريق سليمان بن داود الهاشمي أخرجه أبو داود (744)، والترمذي (3423)، وابن ماجه (864)، وابن خزيمة في صحيحه (584)، والطحاوي في مشكل الآثار (5822)، والدارقطني في السنن (1109)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 197)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 137).
تابع سليمان بن داود البغدادي كل من:
عبد الله بن وهب المصري، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (464، 584، 673)، من طريقه قال: أخبرني ابن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبَّر، ويقول حين يفتتح الصلاة بعد التكبير: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض .... الحديث.
ومن طريق ابن وهب أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (5821)، وفي شرح معاني الآثار (1/ 195، 199، 222، 233)، والدارقطني في السنن (1109)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 49، 108)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 158، 160، 188).
كما تابعه أيضًا إسماعيل بن أبي أويس، كما في قرة العينين برفع اليدين للبخاري (1، 9)، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك.
فهذه متابعة من عبد الرحمن بن أبي الزناد لابن جريج على ذكر الصلاة المكتوبة، وهذا الحديث قد سمعه منه ابن وهب المصري في المدينة، وسمعه منه إسماعيل بن أبي أويس، وهو مدني، قال الحافظ ابن القيم في كتابه رفع اليدين في الصلاة ت العمران (ص: 12): «هذا الحديث صحيح؛ لأنه من رواية عبد الله بن وهب، وقد سمع منه بالمدينة» .
كما رواه عنه سليمان بن داود الهاشمي، وقد قال ابن المديني كما في تاريخ بغداد (11/ 494):«قد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي، فرأيتها مقاربة» . اهـ
وقد تكلمت عن حديث ابن أبي الزناد، وقسمته إلى ثلاثة أقسام، انظر هذا الكلام في التخريج الأول لهذا الحديث عند الكلام على رفع اليدين حذاء المنكبين.
فهذه متابعة قوية من ابن أبي الزناد لابن جريج.
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
3 -
ابن إبراهيم بن طهمان (ثقة)، عن موسى بن عقبة، رواه بإطلاق لفظ الصلاة.
أخرجه ابن منده في التوحيد (305) من طريق قطن بن إبراهيم (صدوق يخطئ)، عن حفص ابن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا
…
4 -
أبو بكير بن نسر (مجهول)، عن موسى بن عقبة رواه بإطلاق لفظ الصلاة.
رواه ابن سمعون في الأمالي (261) من طريق يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن عقبة به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ الصلاة يقول بعد التكبير، وقبل القراءة
…
وذكر الحديث، بإطلاق الصلاة ..
5 -
عبد الله بن المديني (ضعيف) وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي (ضعيف)، روياه بإطلاق لفظ الصلاة.
أخرجه الطبراني في الدعاء مقرونًا برواية ابن جريج (496) بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ الصلاة يقول بعد التكبير، وقبل القراءة: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين .... وذكر الحديث.
هذا ما يخص تخريج رواية موسى بن عقبة، لم يروه عن موسى بن عقبة أقوى من ابن جريج، ولم يروه عن ابن جريج أقوى من حجاج بن محمد المصيصي، وقد ذكر في هذا الطريق زيادة (الصلاة المكتوبة)، وتابعه على هذا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، من رواية عبد الله بن وهب المصري، وهو عالم برواية أهل المدينة، وسليمان بن داود الهاشمي، وهو أفضل من روى عن ابن أبي الزناد من البغداديين، والله أعلم.
الراوي الثاني عن الأعرج: يعقوب بن أبي سلمة الماجشون (صدوق).
وهذا لا يختلف عليه أن لفظ الصلاة في روايته مطلقًا، وروايته في صحيح مسلم، ولفظه: (كان إذا قام إلى الصلاة
…
)، وإطلاق الصلاة دليل العموم، فيشمل المكتوبة والنافلة، وتقييده بالنافلة تقييد للمطلق بلا دليل، والله أعلم
رواه مسلم (201 - 771)، والترمذي (3421، 3422)، والطبراني في الدعاء (494)، والبزار (536)، وأبو يعلى (575)، وابن خزيمة (723)، وابن حبان (1966)، وأبو عوانة في مستخرجه (2041)، وأبو نعيم في مستخرجه (1761)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 48، 158)، وفي الأسماء والصفات له (697)، وابن المقرئ في الأربعين (44) من طريق يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة، عن أبيه، عن الأعرج به.
وتابعه على لفظه بإطلاق الصلاة دون تخصيص بالمكتوبة أو بالنافلة ابن عمه عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، كما في صحيح مسلم أيضًا (202 - 71)، ومسند أحمد (1/ 94، 102، 103)، وفي فضائل الصحابة لأحمد (1188)، وسنن أبي داود (760)، وسنن الترمذي (3422، 266)، والمجتبى من سنن النسائي (1050)، والسنن الكبرى للنسائي (793، 641)، وسنن الدارمي (1274، 1353)، والدعاء للطبراني (493)، والمنتقى لابن الجارود (179)، وشرح معاني الآثار (1/ 199)، ومشكل الآثار (1558، 1559، 1560، 1562، 1563، 5160، 5823، 5824)، وصحيح ابن خزيمة (462، 463، 612، 743)، وصحيح ابن حبان (1773، 1903، 2025)، ومختصر الأحكام للطوسي (249)، ومستخرج أبي عوانة (1606، 1607، 1814)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 48، 124، 135)، وقد روياه عنه تامًّا ومختصرًا.
الدليل الثالث:
(ح-1287) ما رواه مسلم من طريق عفان، حدثنا حماد، أخبرنا قتادة، وثابت، وحميد،
عن أنس، أن رجلًا جاء، فدخل الصف، وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات؟ فَأَرَمَّ القوم، فقال: أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا، فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها
(1)
.
فهذه سنة تقريرية، قال ابن الملقن في شرح البخاري: «يلي حديث أبي هريرة وعلي في الصحة حديث أنس الثابت في صحيح مسلم
…
وذكر الحديث، وقال: وفي الباب عدة أحاديث لا تقاوم بما ذكرناه»
(2)
.
الدليل الرابع:
(ح-1288) ما رواه مسلم من طريق أبي الزبير، عن عون بن عبد الله بن عتبة،
عن ابن عمر، قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من القائل كلمة كذا وكذا؟ قال رجل من القوم: أنا، يا رسول الله قال: عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ
(1)
. صحيح مسلم (149 - 600).
(2)
. التوضيح لشرح الجامع الصحيح (7/ 27).
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
(1)
.
تابع أبا الزبير عمرو بن مرة، رواه النسائي من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عون بن عبد الله به
(2)
.
وهذه سنة تقريرية أخرى، وروي نحوه من فعله صلى الله عليه وسلم من حديث جبير بن مطعم، ولا يصح، وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.
الدليل الخامس:
(ح-1289) ما رواه النسائي، قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد، قال: حدثنا شريح بن يزيد الحضرمي قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة قال: أخبرني محمد بن المنكدر،
عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبَّر، ثم قال: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال، وسيئ الأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت.
قال النسائي في الكبرى: هو حديث حمصي، رجع إلى المدينة، ثم إلى مكة
(3)
.
[ضعيف جدًّا من مسند جابر، والمعروف أنه من مسند علي بن أبي طالب]
(4)
.
(1)
. صحيح مسلم (150 - 601).
(2)
. أخرجه النسائي في المجتبى (885)، وفي الكبرى (961)، وأبو عوانة في مستخرجه (1605).
(3)
. المجتبى من سنن النسائي (896)، ورواه النسائي في الكبرى (972)، فشيخ النسائي حمصي، وكذا شيخه شريح وشعيب، وأما ابن المنكدر وجابر بن عبد الله فمدنيان.
(4)
. دخل على شعيب حديث محمد بن المنكدر، عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، بحديث إسحاق بن أبي فروة وحده عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.
ثم جاء تصرف الرواة بعد ذلك، فمنهم من ترك إسحاق لكونه متروكًا، وذكر ابن المنكدر وحده، وساق الإسناد هكذا، عن شعيب، عن محمد بن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، فظهر الإسناد كأنه من رواية الثقات.
ومنهم من كنَّى عنه فقال: عن ابن المنكدر وآخر قبله، كما فعل النسائي في المجتبى (1052، 1128)، وفي الكبرى (643، 717).
فإذا جمعت كلام أبي حاتم في العلل وضممته إلى كلام الدارقطني في العلل، اجتمع لك
وجوه الاختلاف على شعيب، ووصلت إلى النتيجة التي ذكرتها لك، انظر التخريج مستوفى في المجلد السابع (ص: 366).
الدليل السادس:
(ح-1290) ما رواه أحمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه.
وقال يزيد بن هارون: عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في صلاة، فقال: الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الحمد لله بكرة وأصيلًا -ثلاثًا- سبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاثًا- اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه.
قال عمرو: وهمزه: الموتة، ونفخه: الكبر، ونفثه: الشعر
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
(1)
. المسند (4/ 85).
(2)
. في إسناده شيخ عمرو بن مرة، اختلف في اسمه:
سماه شعبة عاصمًا العنزي.
وسماه حصين بن عبد الرحمن في إحدى روايتيه عباد بن عاصم.
وفي رواية أخرى سماه عمار بن عاصم.
وقال مسعر: عن رجل من عنزة.
قال الدارقطني في العلل (13/ 427)«بعد ذكره الاختلاف على عمرو بن مرة: والصواب من ذلك قول من قال: عن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم» .
والرجل فيه جهالة، سواء رجحت رواية شعبة، وأن اسمه عاصم العنزي، أو رجحت رواية حصين، من رواية ابن إدريس عنه، وأن اسمه عباد بن عاصم، أو رجحت الرواية الأخرى عن حصين، وأن اسمه عمار بن عاصم، فهو رجل واحد اختلفوا في اسمه، وهذا الاختلاف دليل على جهالته.
وعلى فرض أن يكون اسمه عاصمًا العنزي كما قال شعبة، فإن عاصمًا لم يوثقه إلا ابن حبان (9960)، وقد حكم بجهالته البزار وابن خزيمة، وابن المنذر وغيرهم.
قال ابن خزيمة: «وعاصم العنزي، وعباد بن عاصم مجهولان، لا يدرى من هما، ولا يعلم الصحيح: ما روى حصين، أو شعبة» .
وقال أحمد: لا يعرف كما في فتح الباري لابن رجب (6/ 429).
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 88): «وحديث جبير بن مطعم: رواه عباد بن عاصم، وعاصم العنزي، وهما مجهولان، لا يدرى من هما» .
قال في ذيل الميزان (ص: 130): «ظن ابن المنذر أنهما اثنان، وإنما هما رجل واحد، اختلف في اسمه كما ذكر البخاري» .
وخالف هؤلاء الحاكم في المستدرك، فقال:«هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» .
إذا عرفت هذا من حيث الإجمال، فإليك التفصيل:
…
الحديث اختلف فيه على عمرو بن مرة:
فرواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه مرفوعًا.
وجعل تفسير الهمز، والنفخ، والنفث من قول عمرو بن مرة.
رواه محمد بن جعفر كما في مسند أحمد (4/ 85)، وسنن ابن ماجه (807)، ومسند البزار (3445)، وصحيح ابن خزيمة (468)، وصحيح ابن حبان (1779، 2601)، ومستدرك الحاكم (858)، ومختصر الأحكام للطوسي (225).
وأبو داود الطيالسي كما في مسنده (989)، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/ 53).
وآدم بن أبي إياس كما في التاريخ الكبير (6/ 488) ح 3070.
وأبو الوليد الطيالسي كما في المعجم الكبير للطبراني (2/ 134) ح 1568، وفي الدعاء له (522).
وعمرو بن مرزوق كما في سنن أبي داود (764)،
وعبد الرحمن بن مهدي كما في مسند أبي يعلى (7398)، وصحيح ابن حبان (1780).
ووهب بن جرير كما في المنتقى لابن الجارود (180)، وصحيح ابن خزيمة (468)،
وعلي بن الجعد كما في مسنده (105)،
وشبابة بن سوار كما في شعب الإيمان للبيهقي (2865)، كلهم (محمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد الطيالسي، وآدم بن أبي إياس، وعمر بن مرزوق، وابن مهدي، ووهب بن جرير، وعلي بن الجعد، وشبابة) تسعتهم رووه عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه.
ورواه يزيد بن هارون كما في مسند أحمد (4/ 85)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 53) ومعرفة السنن للبيهقي (2/ 350)، عن شعبة به، إلا أنه قال: عن نافع بن جبير بدلًا من قول الجماعة (عن ابن جبير). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالف كل من سبق زيد بن الحباب، فرواه عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن رجل من عنزة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه.
فأبهم الرجل من عنزة، وقال: عن نافع بن جبير، أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 644).
ورواه الجماعة، فقالوا: عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم.
ورواه مسعر، عن عمرو بن مرة، عن رجل، وفي رواية: من عنزة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع
…
وذكر نحوه، وقال في آخره: قلت: يا رسول الله، ما همزه، ونفثه، ونفخه؟ قال: أما همزه، فالموتة التي تأخذ ابن آدم، وأما نفخه الكبر، ونفثه الشعر.
رواه يحيى بن سعيد القطان كما في مسند أحمد (4/ 80)، وسنن أبي داود (765)،
ووكيع كما في مسند أحمد (4/ 80)، والمعجم الكبير للطبراني (2/ 134) ح 1569، وتهذيب الآثار للطبري، من مسند عمر (951)، والخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (15/ 604).
ومحمد بن بشر رواه الطبراني في الكبير مقرونًا برواية وكيع (2/ 134، 135) ح 1569، ورواه الطبري في تهذيب الآثار من مسند عمر (952) من طريق محمد بن بشر وحده.
ونائل بن نجيح مختصرًا كما في أخبار أصبهان (1/ 210)،
ويزيد بن هارون مقرونًا برواية شعبة كما في مسند أحمد (4/ 80)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 53) وفي معرفة السنن (2/ 350).
وجعفر بن عون، أخرجها محمد بن نصر المروزي في قيام الليل نقلًا من إتحاف المهرة (4/ 48)، وقال فيه: قيل: يا رسول الله: ما همزه؟
ومحمد بن عبد الوهاب القناد كما في تاريخ بغداد مقرونًا برواية وكيع (15/ 604).
كلهم (القطان، ووكيع، ومحمد بن بشر، ونائل بن نجيح، ويزيد بن هارون، وابن عون، والقناد) رووه عن مسعر، عن رجل، عن نافع بن جبير.
وقد أدرج مسعر تفسير عمرو بن مرة في المرفوع، من رواية يحيى بن سعيد، وجعفر بن عون، ومحمد بن بشر، وروى شعبة وحصين التفسير مقطوعًا على عمرو بن مرة.
ورواه حصين بن عبد الرحمن السلمي، واختلف عليه فيه:
فقيل: عنه، عن عمرو بن مرة، عن عباد بن عاصم، عن نافع بن جبير.
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2396، 2460، 29142)، وعنه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (4/ 83).
وعبد الله بن سعيد الأشج كما في صحيح ابن خزيمة (469)،
ومحمد بن العلاء كما في تهذيب الآثار للطبري من مسند عمر (948)،
ويحيى بن موسى كما في التاريخ الكبير (6/ 489)، خمستهم رووه عن ابن إدريس، عن =
الدليل السابع:
(ث-299) ما رواه مسلم من طريق الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، عن عبدة،
أن عمر بن الخطاب، كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: «سبحانك اللهم
= حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن مرة، عن عباد بن عاصم، عن نافع بن جبير، عن أبيه.
ورواه يحيى بن عبد الحميد الحماني (حافظ متهم بسرقة الحديث) كما في المعجم الكبير للطبراني (2/ 135) ح 1570، عن ابن إدريس به، إلا أنه قال: عمار بن عاصم بدلًا من عباد بن عاصم.
ولم ينفرد ابن إدريس بهذا الإسناد، بل تابعه كل من:
عبثر بن القاسم ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 37) وفي الإسناد تقديم وتأخير.
ومحمد بن فضيل من رواية علي بن المنذر عنه كما في مسند البزار (3446).
ومن رواية هارون بن إسحاق عنه كما في صحيح ابن خزيمة (469)، كلاهما (عبثر، وابن فضيل) عن حصين بن عبد الرحمن السلمي به.
وقيل: عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن عمار بن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير، عن أبيه.
رواه المروزي في قيام الليل (كما في المختصر)(ص: 114) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 489) والطبراني في المعجم الكبير (2/ 135) ح 1571، عن أبي الوليد،
ورواه الطبراني في المعجم الكبير (2/ 135) ح 1571، عن يحيى الحماني، كلاهما (أبو الوليد ويحيى الحماني) عن أبي عوانة (الوضاح بن عبد الله اليشكري)، كلاهما (الواسطي وأبو عوانة) روياه عن حصين، عن عمرو بن مرة، حدثني عمار بن عاصم، حدثني نافع بن جبير به، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى .... وذكر الحديث.
قال البخاري في التاريخ الكبير بعد أن ذكر الاختلاف في اسمه، قال: وهذا لا يصح. إشارة إلى آخر مذكور، وهي رواية أبي عوانة عن حصين، عن عمار بن عاصم.
وقيل: عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، فأسقط الواسطة بين عمرو بن مرة، وبين ابن جبير بن مطعم.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2397)، قال: أخبرنا ابن فضيل، عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن ابن جبير بن مطعم، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى، فذكر مثل حديث ابن إدريس. اهـ
لم يروه بهذا الإسناد إلا ابن فضيل من رواية ابن أبي شيبة عنه.
وقد خالف ابن أبي شيبة علي بن المنذر عنه كما في مسند البزار (3446).
وهارون بن إسحاق عنه كما في صحيح ابن خزيمة (469)، كلاهما روياه عن ابن فضيل، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن عمرو بن مرة، عن عباد بن عاصم، عن نافع بن جبير، عن أبيه، بذكر الواسطة، وهو المحفوظ.
وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك
(1)
.
عبدة بن أبي لبابة لم يدرك عمر لكن تابعه الأسود بن يزيد، وعلقمة بن قيس، وحكيم بن جابر، وعمرو بن ميمون بأسانيد صحيحة
(2)
.
وروي مرفوعًا من مسند عائشة، ومن مسند أبي سعيد الخدري، ومن مسند أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ولا يصح منها شيء
(3)
.
(1)
. صحيح مسلم (52 - 399).
(2)
. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (2387، 2389)، وعبد الرزاق (2557)، وعلي بن الجعد في مسنده (183)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 198)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 82)، والدارقطني في سننه (1144، 1153)، والحاكم في المستدرك (860)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 52)، من طريق الأسود بن يزيد.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2390)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 198) والدارقطني في السنن (1145)، من طريق علقمة،
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2392) من طريق حكيم بن جابر،
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2400)، وعلي بن الجعد في مسنده (148) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 198)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 82)، من طريق عمرو بن ميمون، ثلاثتهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفًا عليه.
ورواه الدارقطني في سننه (1143) من طريق يحيى بن أيوب، حدثني عمر بن شيبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قوله.
قال الدارقطني: وهذا صحيح عن عمر قوله.
وقال الحاكم بعد أن رواه موقوفًا: وقد أسند هذا الحديث عن عمر، ولا يصح.
(3)
. حديث عائشة رضي الله عنها روي عنها من ثلاثة طرق، ولا يصح منها شيء:
الطريق الأول: عبد السلام بن حرب، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة.
رواه أبو داود في السنن (776) من طريق طَلْق بن غَنَّام: حدثنا عبد السلام بن حرب المُلائي، عن بُدَيل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة، قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إلهَ غيرُك.
ومن طريق طلق بن غنام رواه الدارقطني في السنن (1141)، والحاكم في المستدرك (859)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 51)، وفي معرفة السنن (2/ 347).
قال الدارقطني: وليس هذا الحديث بالقوي.
وقال العراقي: رجاله ثقات.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فتعقبه الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 407) فقال: «قلت: رجاله من رجالهما في الجملة، وليس على شرط واحد منهما، فإنَّ حسين بن عيسى هو البسطامي وطلق بن غنام جميعًا من شيوخ البخاري، وليس لواحد منهما شيء في صحيح مسلم، وأبا الجوزاء، واسمه أوس بن عبد الله وإنْ أخرج له الشيخان، فروايته عن عائشة عند مسلم خاصة، وقد ذكر بعضهم أنَّه لم يسمع منها، والراوي عنه بديل بن ميسرة من رجال مسلم دون البخاري، وعبد السلام من رجالهما جميعًا» .
وهذا الحديث قد أعلَّ بثلاث علل:
العلة الأولى: التفرد، فقد تفرد به طلق بن غنام، قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم يروه إلا طلق بن غنام، وقد روى قصة الصلاة عن بديلٍ جماعةٌ؛ لم يذكروا فيها شيئًا من هذا.
العلة الثانية: المخالفة، فالحديث مداره على بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، رواه عبد السلام بن حرب، عن بديل به بلفظ: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
وخالفه كل من:
الأول: شعبة، كما في مسند أحمد (6/ 281)، قال: حدثنا أسباط بن محمد، قال: حدثنا شعبة. لم يروه عن شعبة إلا أسباط.
الثاني: حسين المعلم، كما في صحيح مسلم (240 - 498)، وعبد الرزاق في المصنف مفرقًا (2602، 2873، 2938، 3014)، ومصنف ابن أبي شيبة مفرقًا (4131، 2382، 2586، 2654، 2924، 2939، 2965)، ومسند أحمد (6/ 31، 194)، ومسند إسحاق ابن راهويه (1331)، ومسند أبي يعلى (4667)، وسنن أبي داود (783)، وسنن ابن ماجه (812، 869، 893)، وصحيح ابن خزيمة (699)، وصحيح ابن حبان (1768)، ومستخرج أبي عوانة مفرقًا (1585، 1595، 1802، 1891، 2004)، ومستخرج أبي نعيم (1100، 1101)، ومسند السراج (353). والبيهقي في السنن مفرقًا، (2/ 121، 163، 174، 192، 245). وفي المعرفة (2/ 48)
الثالث: سعيد بن أبي عروبة، أخرجه أحمد (6/ 171)، والدارمي (1272)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 203)، وأبو نعيم في مستخرجه (1101)، وفي الحلية (3/ 82)، (9/ 252).
الرابع: أبان بن يزيد العطار كما في مسند أحمد (6/ 110).
الخامس: عبد الرحمن بن بديل، كما في مسند أبي داود الطيالسي (1651)، ومن طريقه الطبراني في الأوسط (7617)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 63، 82)، خمستهم رووه عن بديل ابن ميسرة، عن أبي الجوزاء به، وفيه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بـ {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
…
وذكر بعضهم بقية الحديث.
ولم يذكر أحد منهم في حديث عائشة دعاء الاستفتاح إلا عبد السلام بن حرب، تفرد به عنه طلق بن غنام.
وخالف الجماعة في إسناده، ووافقهم في لفظه حماد بن زيد، فرواه عن بديل، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
أخرجه البيهقي في السنن (2/ 24) من طريق أبي الربيع،
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 119) من طريق فضيل بن عبد الوهاب، كلاهما حدثنا حماد بن زيد به، زاد أبو نعيم: قال حماد: حفظي عن ابن شقيق.
كأن حمادًا بلغته رواية الجماعة، أو روجع في إسناده، فاعتذر بحفظه.
وقد سئل عنه الدارقطني في العلل (14/ 397)، فقال: يرويه بديل بن ميسرة، واختلف عنه؛
فرواه حسين المعلم، وابنه عبد الأعلى بن حسين، وسعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد العطار، وعبد الرحمن بن يزيد، وإبراهيم بن طهمان، عن بديل، عن أبي الجوزاء، عن عائشة. وخالفهم حماد بن زيد، رواه عن بديل، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، والقول قول من قال: عن أبي الجوزاء، واسمه أوس بن عبد الله الربعي».
العلة الثالثة: الانقطاع، حيث لم يسمع أبو الجوزاء من عائشة،
جاء في الإنصاف لابن عبد البر (ص: 176): «رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، لا يختلف في ذلك، إلا أنهم يقولون: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وحديثه عنها إرسال» .
وقال في التمهيد (20/ 205): «اسم أبي الجوزاء: أوس بن عبد الله الربعي، لم يسمع من عائشة، وحديثه عنها مرسل» .
قال رشيد الدين العطار في كتابه غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة (ص: 338) نقلًا عن شيخه أبي الحسين يحيى بن علي: «وإدراك أبي الجوزاء هذا لعائشة معلوم، لا يختلف فيه، وسماعه منها جائز ممكن لكونهما جميعًا كانا في عصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله كما نص عليه في مقدمة كتابه الصحيح إلا أن تقوم دلالة بينة على أن ذلك الراوي لم يَلْقَ من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئًا، فحينئذٍ يكون الحديث مرسلًا، والله أعلم» .
قلت: قد قامت البينة على أن الحديث هذا بعينه لم يسمعه من عائشة، فقد رواه إبراهيم بن طهمان، عن بديل، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت إلى عائشة، كما في الطريق التالي.
وقيل: عن بديل، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت إلى عائشة.
أخرجه أبو بكر جعفر الفريابي في كتاب الصلاة، قال: حدثنا مزاحم بن سعيد، حدثنا ابن المبارك، حدثنا إبراهيم بن طهمان، حدثنا بديل العقيلي، عن أبي الجوزاء، قال: أرسلت رسولًا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلى عائشة أسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكر الحديث انظر تهذيب التهذيب (1/ 384).
ونقله رشيد العطار مسندًا إلى أبي جعفر الفريابي ثم قال (ص: 341): وهذا الحديث مخرج في كتاب الصلاة لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسين الفريابي، وهو إمام من أئمة أهل النقل، ثقة مشهور، وإسناده إسناد جيد، لا أعلم في أحد من رجاله طعنًا، وقول أبي الجوزاء فيه: أرسلت إلى عائشة يؤيد ما ذكر ابن عبد البر، والله أعلم».
ولما كان الواسطة مجهولًا كان ذلك علة في الحديث، والله أعلم.
والقول بأن أبا الجوزاء قد أرسل رسولًا يثق به وبنقله لا يغني شيئًا، فإنه لو قال: حدثني الثقة لم يكن ذلك ليرفع علته؛ لأنه قد يكون ثقة عنده، ضعيفًا عند غيره، كما هو مقرر في المصطلح، والله أعلم.
الطريق الثاني: حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة:
رواه إسحاق في مسنده (1000)، والترمذي (243) وابن ماجه (806)، والبزار في مسنده (302)، وابن خزيمة في صحيحه (471)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1173)، وابن الأعرابي في المعجم (1653)، والطبراني في الدعاء (502)، والطوسي في مختصر الأحكام (226)، والدارقطني في السنن (1149)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 51)، وفي معرفة السنن (2/ 346)، والبغوي في التفسير (7/ 395)، عن أبي معاوية الضرير (محمد بن خازم)، عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة مرفوعًا.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحارثة قد تكلم فيه من قبل حفظه، وأبو الرجال اسمه: محمد بن عبد الرحمن المديني. اهـ
وقال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 94): حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، منكر الحديث.
وقال ابن خزيمة: حارثة بن محمد رحمه الله، ليس ممن يحتج أهل الحديث بحديثه.
وضعفه العقيلي في الضعفاء (2/ 119).
وقال أبوطالب: سألت أحمد بن حنبل عن حارثة، فقال: ضعيف، ليس بشيء. الجرح والتعديل (3/ 255).
الطريق الثالث: عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة.
رواه الطبراني في الدعاء (503)، والدارقطني في السنن (1152) من طريق سهل بن عامر أبي عامر البجلي، حدثنا مالك بن مغول، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة، قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيره.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه سهل بن عامر متروك، وفي الميزان (2/ 239): كذبه أبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
رواه علي بن علي الرفاعي، واختلف عليه فيه:
…
فرواه جعفر بن سليمان الضبعي (صدوق)، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثًا، ثم يقول: الله أكبر كبيرًا ثلاثًا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه، ونفخه، ونفثه، ثم يقرأ.
رواه عبد الرزاق في المصنف (2554، 2589)، ومن طريقه النسائي في المجتبى (899)، وفي الكبرى له (974)، والطبراني في الدعاء (501)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 87).
وزيد بن الحباب كما في مصنف ابن أبي شيبة (2401)، والمجتبى من سنن النسائي (900)، وفي الكبرى له (975)، والمؤمل بن إهاب في جزئه (ص: 101).
ومحمد بن الحسن بن أَتَش كما في مسند أحمد (3/ 50)
وحسن بن الربيع كما في مسند أحمد (3/ 69)، والطبراني في الدعاء (501)، ومعجم ابن المقرئ (598).
وعبد السلام بن مُطَهَّرٍ كما في سنن أبي داود (775)، وشرح معاني الآثار (1/ 197)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 54)، وفي المعرفة له (2/ 348).
وزكريا بن عدي كما في سنن الدارمي (1275)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 52).
وإسحاق بن أبي إسرائيل كما في سنن الدارقطني (1140).
وسيار بن حاتم كما في زوائد عبد الله بن أحمد على الزهد (1270)، وفوائد تمام (117)، تسعتهم رووه عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري به.
ورواه الترمذي (242)، عن محمد بن موسى، عن جعفر بن سليمان به، ولفظه مثل لفظ الجماعة.
ورواه ابن خزيمة (467)، عن محمد بن موسى الحرشي به، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل إلى الصلاة كبر ثلاثًا، ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك .... وذكر الحديث.
قال ابن خزيمة: وهذا الخبر لم يسمع في الدعاء لا في قديم الدهر، ولا في حديثه، استعمل هذا الخبر على وجهه، ولا حكي لنا عن من لم نشاهده من العلماء أنه كان يكبر لافتتاح الصلاة ثلاث تكبيرات، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك إلى قوله: ولا إله غيرك، ثم يهلل ثلاث مرات، ثم يكبر ثلاثًا.
وإذا كان التكبير ثلاثًا لم يروه عن جعفر إلا محمد بن موسى، وهو متكلم فيه، كانت هذه الزيادة منكرة بلا شك. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد خالف جعفر بن سليمان من هو أوثق منه، خالفه علي بن الجعد (ثقة) كما في التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا (434)، رواه عن علي بن علي الرفاعي، عن الحسن، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل، قال: لا إله إلا الله ثلاثًا، الله أكبر كبيرًا ثلاثًا، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
قال: فسئل عنها؟ قال: همزه موتة الجنون، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالكبر.
وبهذا أعله أبو داود في سننه، فقال بعد أن أخرجه:«وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي، عن الحسن مرسلًا، الوهم من جعفر» .
فيكون جعفر بن سليمان أخطأ فيه مرتين: في وصله وفي جعله من حديث أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، وإنما هو عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وقال ابن رجب في فتح الباري (6/ 430): وإنما تكلم أحمد في هذا الحديث؛ لأنه روي عن عليِّ بن علي، عن الحسن مرسلًا، وبذلك أعله أبو داود .... ».
وقد رواه عن الحسن مرسلًا هشام بن حسان كما في مصنف عبد الرزاق (2572، 2573، 2580)، ومسند مسدد كما في المطالب العالية (457).
وعمران بن مسلم كما في مراسيل أبي داود (32).
وأما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فله ثلاثة طرق:
الطريق الأول: الحسين بن الأسود، عن محمد بن الصلت، عن أبي خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر، ورفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
وهذا الإسناد ضعيف جدًّا، قال فيه أبو حاتم:«هذا حديث كذب، لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به.» اهـ فهل تعديله لمحمد بن الصلت يريد بذلك أن يجعل العهدة على الراوي عنه، أم أراد أنه أخطأ ولم يتعمد؟ محتمل، والأول أقرب.
فالحمل فيه على الحسين بن الأسود، سئل أحمد عنه، فقال: لا أعرفه كما في التنقيح لابن عبد الهادي (2/ 792).
وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها.
وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: حسين بن أسود الكوفي، لا ألتفت إلى حكايته، أراها أوهامًا. قال ابن حجر معقبًا على رواية الآجري: وهذا مما يدل على أن أبا داود لم يَرْوِ عنه، فإنه لا يروي إلا عن ثقة عنده. وانظر حاشية تهذيب الكمال لزامًا (6/ 393).
وقال ابن المواق: رمي بالكذب، وسرقة الحديث.
وقال الأزدي: ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه.
وقال أبو حاتم: صدوق.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الطريق الثاني: الفضل بن موسى السيناني، عن حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
رواه الطبراني في الدعاء (506) حدثنا محمد بن محمد الواسطي، حدثنا زكريا بن يحيى زحمويه، حدثنا الفضل بن موسى به.
وهذا الحديث ظاهره الصحة، فإن الفضل بن موسى وثقه البخاري وابن المبارك، ووكيع، وغيرهم، إلا أنه معلول، فإنه لا تعرف للفضل بن موسى رواية عن حميد الطويل، إلا هذا الحديث، وأين أصحاب حميد الطويل، إلا ما كان من رواية أبي خالد الأحمر، عن حميد، وقد قال أبو حاتم في هذا الطريق: هذا حديث كذب، لا أصل له، وسبق الكلام عليه.
وهذا اللفظ إنما يعرف من حديث عائذ بن شريح، عن أنس، والفضل بن موسى يروي عن عائذ بن شريح انظر تفسير ابن أبي حاتم (9130) وتفسير الطبري (24/ 125)، الأهوال لابن أبي الدنيا (231)، فقد يكون ذكر حميد خطأ في الإسناد، أو وهمًا.
قال الذهبي كما في الميزان (3/ 360): ما علمتُ فيه لِينًا إلا ما روى عبد الله بن علي بن المديني: سَمِعتُ أبي وسُئل عن أبي تُميلة والسِّيناني، فقدَّم أبا تُميلة، وقال: روى الفضل أحاديث مناكير.
وقال عبد الله بن علي بن المديني كما في التهذيب (8/ 287): سألت أبي عن حديث الفضل ابن موسى، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن الزبير قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَن شَهَر سيفَه فدمُهُ هَدَر» . فقال: منكر ضعيف.
وحديث حميد عن أنس في دعاء الاستفتاح محفوظ بغير هذا اللفظ، رواه عنه أصحابه خلاف ما رواه الفضل بن موسى.
فقد رواه حماد بن سلمة كما في صحيح مسلم (600)، وأكتفي به عن غيره.
وابن أبي عدي وسهل بن يوسف كما في مسند أحمد (3/ 106).
ومحمد بن عبد الله كما في مسند أحمد (3/ 188).
وعبد الله بن بكر السهمي كما في مسند أبي يعلى (3876)، وشرح مشكل الآثار (5624)، وحديث السراج (1111).
وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير كما في أحاديث إسماعيل بن جعفر رواية علي بن حجر (70)، وحديث السراج (1110).
وزائدة بن قدامة كما في الدعاء للطبراني (510).
وخالد بن الحارث كما في مسند البزار (6568).
وإبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية كما في المعجم الأوسط (4405، 4406)، ومسند الشاميين للطبراني (2465، 2466). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومروان بن معاوية كما في مسند ابن أبي عمر العدني (1247 - إتحاف الخيرة)
ومحمد بن عبد الله الأنصاري كما في السنن الكبرى للبيهقي (3/ 323)،
وهشيم بن بشير كما في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 27)، كلهم رووه عن حميد الطويل، عن أنس بلفظ: قال: أقيمت الصلاة، فجاء رجل يسعى فانتهى، وقد حفزه النفس أو انبهر، فلما انتهى إلى الصف قال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم؟ فسكت القوم، فقال: أيكم المتكلم؛ فإنه قال خيرًا، ولم يقل بأسًا. قال: يا رسول الله، أنا أسرعت المشي، فانتهيت إلى الصف، فقلت الذي قلت، قال: لقد رأيت اثني عشر ملكًا، يبتدرونها، أيهم يرفعها، ثم قال: إذا جاء أحدكم إلى الصلاة، فَلْيَمْشِ على هينته، فَلْيُصَلِّ ما أدرك، ولْيَقْضِ ما سبقه.
…
وروى بعضه كل من سليمان بن حيان كما في مسند أحمد (3/ 229)،
ويحيى بن زكريا كما في مسند أبي يعلى (3814)،
وعبد العزيز بن أبي سلمة كما في القراءة خلف الإمام للبخاري (108)،
وعبد الوهاب بن عطاء كما في شرح معاني الآثار (1/ 397)، كلهم رووه عن حميد به.
الطريق الثالث: عائذ بن شريح، عن أنس.
ما رواه الطبراني في الدعاء (505)، وفي الأوسط (3039) من طريق أبي الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الْحَرَّانِيِّ، حدثنا مخلد بن يزيد، عن عائذ بن شريح، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة يكبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
وفي إسناده عائذ بن شريح، قال فيه أبو حاتم: في حديثه صنعة. وقال ابن طاهر: ليس بشيء. وقال ابن حبان: كان قليل الحديث، ممن يخطئ على قلته، حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فإن اعتبر به معتبر لم أَرَ بذلك بأسًا. انظر: الجرح والتعديل (7/ 16) و الميزان (2/ 363)، والمجروحين (2/ 149).
وأما حديث جابر رضي الله عنه:
فرواه البيهقي (2/ 52) من طريق بشر بن شعيب بن أبي حمزة، أن أباه حدثه أن محمد بن المنكدر أخبره أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له.
هذا اللفظ معلول سندًا ومتنًا.
أما المتن فقد انفرد بجمع دعاءي الاستفتاح: أحدهما بلفظ: (سبحانك اللهم وبحمدك)، والثاني: بلفظ: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا)، وقد انفرد بذلك بشر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن شعيب، عن أبيه، وقد رواه غيره عن شعيب، ولم يذكروا فيه إلا الاستفتاح بلفظ التوجه، وقد تكلم العلماء في سماع بشر بن شعيب من أبيه.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن بشر بن شعيب، فقال: ذكر لي أن أحمد بن حنبل سأله: سمعت من أبيك شيئًا؟ قال: لا، قال: فقرئ عليه، وأنت حاضر؟ قال: لا، قال: فقرأت عليه، قال: لا، قال: فأجاز لك؟ قال: نعم. وكتب عنه على معنى الاعتبار، ولم يحدث عنه. الجرح والتعديل (2/ 359).
وقال أبو زرعة: بشر بن شعيب بن أبي حمزة سماعه كسماع ابن اليمان، إنما كان إجازة. (المرجع السابق).
هذه علته من حيث المتن.
أما علته من حيث الإسناد، فشعيب يرويه عن ابن المنكدر على ثلاثة طرق،
فتارة يجعله من مسند جابر رضي الله عنه، وتارة يجعله من رواية الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة الأنصاري، وثالثة من رواية الأعرج، عن محمد بن مسلمة الأنصاري، ورابعة من مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو المعروف.
وإليك تفصيل ما أجمل:
فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي، عن شعيب بن أبي حمزة، واختلف على شريح فيه:
فرواه عمرو بن عثمان بن سعيد كما في المجتبى من سنن النسائي (896) وفي الكبرى (972)، قال: حدثنا شريح بن يزيد الحضرمي، قال: أخبرني شعيب، عن ابن المنكدر، عن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر، ثم قال: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت.
ومن طريق عمرو بن عثمان رواه الطبراني في مسند الشاميين (2974). وفي الدعاء (499)، وأبو نعيم في صفة المنافقين (7).
قال أبو نعيم: ولا أعلم رواه عن شعيب غير أبي حيوة: شريح بن يزيد.
وتابعه على هذا سلم البغدادي (هو ابن قادم)، ويزيد بن عبد ربه الزبيدي، كما في سنن الدارقطني (1139)، واللفظ ليزيد حدثنا شريح بن يزيد أبو حيوة، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ وأنا أول المسلمين، اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت.
قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء أهل المدينة: إن قلتَ أنتَ هذا القول، فقل: وأنا من المسلمين. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهنا تعمد شعيب أن يبهم إسحاق بن أبي فروة بقوله: قال لي محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء أهل المدينة
…
إلى آخره.
وفي رواية أبي داود (762) حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا شريح بن يزيد، حدثني شعيب بن أبي حمزة، قال: قال لي محمد بن المنكدر، وابن أبي فروة، وغيرهما من فقهاء أهل المدينة
…
فهنا عمرو بن عثمان بن سعيد وسلم بن قادم، ويزيد بن عبد ربه رووه عن أبي حيوة، عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه.
ورواه يحيى بن عثمان (أخو عمرو بن عثمان)، واختلف عليه في إسناده:
فرواه النسائي في المجتبى مختصرًا مفرقًا (1051، 1127)، وفي الكبرى (642، 716) قال: أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: حدثنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه.
وهذه متابعة لرواية الجماعة.
ورواه الحسين بن إسحاق التستري (ثقة) كما في المعجم الكبير للطبراني (19/ 232) ح 516، عن يحيى بن عثمان الحمصي: حدثنا أبو حيوة شريح بن يزيد: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم لك سجدتُ، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشقَّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين.
وإذا ركع قال: اللهم لكَ ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ودمي ومخي، وعظمي وعصبي لله رب العالمين.
ثم يرفع رأسه من الركوع، فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد.
تابعه إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي (فيه جهالة) كما في المعجم الكبير (19/ 232) مقرونًا بالتستري، والدعاء للطبراني (530، 568)، وفي مسند الشاميين (3364، 3365).
فهنا رواه شعيب بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وحده، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، إلا أنه قال: عن محمد بن مسلمة، وقال الماجشون كما في مسلم: عن علي بن أبي طالب، وهذا من تخليط ابن أبي فروة.
ورواه حرب الكرماني في مسائله (85) حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي، قال: حدثني ابن حمير، قال: حدثني شعيب، عن إسحاق بن عبد الله ومحمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.
فهنا شعيب جمع شيخيه (ابن أبي فروة وابن المنكدر).
ورواه النسائي في المجتبى من سننه (898، 1052)، وفي الكبرى (643، 717) حدثنا يحيى بن عثمان عن حمير، عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر وذكر آخر قبله، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة
…
وذكر الحديث.
فصار يحيى بن عثمان إذا رواه عن أبي حيوة شريح بن يزيد ذكر في إسناده عبيد الله بن أبي رافع.
وإذا رواه عن محمد بن حمير، عن شعيب، أسقطه، والحمل على شعيب.
وقوله: (وذكر آخر قبله) يقصد إسحاق بن أبي فروة كما صرح بهما من رواية حرب الكرماني في مسائله وكما صرح بإسحاق وحده من رواية يحيى بن عثمان من رواية الحسين بن إسحاق التستري عنه.
ومنهم من أسقط إسحاق لكونه متهمًا وذكر ابن المنكدر وحده.
رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1993) حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا محمد بن حمير، حدثني شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، فأسقط ذكر إسحاق بن أبي فروة.
فتبين من رواية يحيى بن عثمان والحميري حقيقتان:
الأولى: أن شعيب بن أبي حمزة يرويه عن إسحاق بن أبي فروة (المتروك)، وعن محمد بن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.
والثانية: أن رواية شعيب ترجع إلى حديث الأعرج، وإذا رجع الحديث إلى رواية الأعرج، فإن المحفوظ فيه هو عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، كما هي رواية مسلم، وكل ما خالف ذلك فهو منكر.
وفيه وجه آخر من الاختلاف على شعيب ذكره الدارقطني في العلل، قال الدارقطني في العلل (14/ 12) ح 3381:«يرويه شعيب بن أبي حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، ومحمد بن المنكدر، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب» .
فهذا إن كان محفوظًا فإنه يبين أن شُعَيْبًا رواه عن إسحاق بن أبي فروة، ومحمد بن المنكدر، عن الأعرج من مسند علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، لا من مسند جابر رضي الله عنه.
وقد تابعه على هذا الطريق الماجشون بن أبي سلمة، عن الأعرج به، كما في صحيح مسلم (202 - 771).
فصار شعيب تارة يرويه عن إسحاق بن أبي فروة، ومحمد بن المنكدر، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب كما أثبت ذلك الدارقطني في العلل.
وتارة يرويه شعيب بن أبي حمزة، عن ابن المنكدر، عن جابر، رواه عن شعيب أبو حيوة شريح بن يزيد، وبشر بن شعيبا، ومتابعة بشر أخرجت أبا حيوة من العهدة، وجعلت الحمل على شعيب بن أبي حمزة.
ووجه ثالث: يرويه شعيب عن إسحاق بن أبي فروة، وحده عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن سلمة.
ورابع يرويه شعيب عن محمد بن المنكدر وإسحاق، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، بإسقاط =
= عبد الله بن أبي رافع.
هذه وجوه أربعة اختلف فيها على شعيب بن أبي حمزة، وروايته عن ابن المنكدر فيها كلام.
قال أبو حاتم في العلل (5/ 320): كان عَرَضَ شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر كتابًا، فأمر بقراءته عليه، فعرف بعضًا، وأنكر بعضًا، وقال لابنه أو لابن أخيه: اكتب هذه الأحاديث، فدوَّن شعيبًا تلك الأحاديث على الناس، وعرض عليَّ بعض تلك الأحاديث، فرأيته مشابهًا لحديث إسحاق بن أبي فروة .... وانظر فتح الباري لابن رجب (5/ 265)، والله أعلم.
والحق أن شعيبًا لم يسمعه من ابن المنكدر، وإنما سمعه من إسحاق بن أبي فروة كما ذكر ذلك أبو حاتم في العلل، قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 364) ح 438: «سألت أبي عن حديث؛ رواه ابن حمير، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا قام يصلي قال: الله أكبر، {وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا} إلى آخر الآية.
قال أبي: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة، يروى: شعيب، عن إسحاق بن أبي فروة». اهـ يعني ولم يسمعه شعيب من ابن المنكدر.
…
ورواية ابن حمير ليس فيها ذكر لعبيد الله بن رافع، فإن كان ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل محفوظًا فيكون وجهًا آخر من وجوه الاختلاف.
…
فدخل على شعيب حديث محمد بن المنكدر، عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، بحديث إسحاق بن أبي فروة وحده عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة.
ثم جاء تصرف الرواة بعد ذلك، فمنهم من ترك إسحاق لكونه متروكًا، وذكر ابن المنكدر وحده، وساق الإسناد هكذا، عن شعيب، عن محمد بن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، فظهر الإسناد كأنه من رواية الثقات.
كما فعل ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1993)، وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 15).
ومنهم من كنَّى عنه فقال: عن ابن المنكدر وآخر قبله، كما فعل النسائي في المجتبى (1052، 1128)، وفي الكبرى (643، 717)، فأبهم ابن أبي فروة المتروك.
ومنهم من جمع بينهما صريحًا كما فعل يحيى بن عثمان من رواية حرب الكرماني عنه.
وقال الدارقطني في العلل (13/ 331): يرويه شعيب بن أبي حمزة، واختلف عنه؛
فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي، عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وغيره يرويه عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.
والمحفوظ: عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب».
وليس في كل هذه الطرق دعاء الاستفتاح بلفظ: (سبحانك اللهم وبحمدك
…
) إلا ما كان من رواية بشر بن شعيب، عن أبيه، وقد علمت ما فيها.
(1)
. مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 46).
وقال أحمد في مسائل ابنه عبد الله: «أما الذي نذهب إليه في الافتتاح
…
إلى ما روينا عن عمر أنه كان يقول إذا افتتح الصلاة، قال: سبحانك اللهم وبحمدك
…
وذكر بقية الأثر»
(1)
.
وسأل إسحاق بن منصور الإمام أحمد: ما يقول إذا افتتح الصلاة؟ قال: أما أنا فأذهب إلى قول عمر رضي الله عنه، وإن قال كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس به بأس
…
(2)
.
وهذه النقول عن الإمام أحمد تدل على أنه لا يصح عنده هذا الثناء مرفوعًا.
الدليل الثامن:
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية أخرى من الاستفتاح في قيام الليل، والقاعدة أن ما صح في النفل صح في الفرض إلا أن يدل دليل على اختصاصه بالنافلة، وسوف أذكر أدعية الاستفتاح في صلاة الليل في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.
قال ابن باز: «ما صح في صلاة النافلة يصح في الفريضة، لكن ما كان فيه طول فالأولى أن يكون في صلاة الليل»
(3)
.
لعل الشيخ قصد بالأولوية هنا لمن يصلى الفريضة إمامًا حتى لا يشق على المأمومين، فإن صلى وحده لعذر، فلا أرى مانعًا من الاستفتاح بما فيه طول، كالشأن في الصلاة، إذا صلى بالناس خفف، وإذا صلى وحده أطال ما شاء، والله أعلم.
ويستدل للشيخ ابن باز رحمه الله بحديث أبي هريرة من قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة، قال: أحسبه قال: هنيَّة
…
).
فالهنية: هو القليل من الزمن.
وهذا أفضل من اختيار بعض الشافعية من الاستفتاح ببعض حديث عليٍّ رضي الله عنه.
قال النووي: «قال أصحابنا فإن كان إمامًا لم يزد على قوله: (وجهت وجهي) إلى قوله (وأنا من المسلمين): وإن كان منفردًا أو إمامًا لقوم محصورين،
(1)
. مسائل أحمد رواية عبد الله (ص: 75).
(2)
. مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (2/ 510).
(3)
. انظر حاشية قرة عيون المصلين للقحطاني (ص: 18)، وصلاة المؤمن (1/ 186).
لا يتوقعون من يلحق بهم، ورضوا بالتطويل استوفى حديث عليٍّ بكماله»
(1)
.
* دليل المالكية على كراهة الاستفتاح:
الدليل الأول:
(ح-1291) ما وراه أبو داود من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: أخبرنا عبد الحميد يعني ابن جعفر، أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء، قال:
سمعت أبا حميد الساعدي، في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة، قال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فلم؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعًا، ولا أقدمنا له صحبة، قال: بلى، قالوا: فاعرض، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلًا، ثم يقرأ .... الحديث
(2)
.
[إسناده حسن، وهو حديث صحيح]
(3)
.
وجه الاستدلال:
قوله: (ثم يكبر
…
ثم يقرأ) فجعل القراءة بعد التكبير، ولم يذكر الاستفتاح.
* ونوقش:
غايته أنه لم يذكر الاستفتاح، وهذا لا يمنع من استحبابه بأدلة أخرى، كما أنه لم يذكر أذكار الركوع والسجود والتشهد، ولا يدل ذلك على عدم مشروعيتها.
الدليل الثاني:
(ح-1292) ما رواه البخاري، ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم
(1)
. المجموع (3/ 321)، وانظر مغني المحتاج (1/ 352).
(2)
. سنن أبي داود (730).
(3)
. سبق تخريجه، انظر (1185).
تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ....
(1)
.
وجه الاستدلال من الحديث كالذي قبله.
* ونوقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن حديث المسيء في صلاته قد اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على إرشاده إلى فرائض الصلاة المجمع عليها، وهو كذلك في حديث أبي هريرة في الصحيحين، فكل ما ذكر في حديث أبي هريرة في الصحيحين لا يتنازع العلماء في وجوبه، إلا أنه لا يعترض عليه في وجوب بعض الأشياء مما لم يذكرها، إما لأنه لم يخلَّ بها، أو لأنه اقتصر على ما كان واجبًا في ذلك الوقت، وذلك لا يمنع أن يجب في الصلاة بعد ذلك مما لم يكن واجبًا.
الوجه الثاني:
لا نسلم بأنه لم يأمر المسيء صلاته بالاستفتاح فقد جاء الأمر به في حديث رفاعة بن رافع، وسوف أذكره إن شاء الله تعالى في أدلة القائلين بالوجوب.
الدليل الثالث:
(ح-1293) ما رواه البخاري، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة بـ {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: 2]
(2)
.
وهذا مثل قول عائشة في مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين.
(1)
. البخاري (793)، ومسلم (45 - 397).
ورواه البخاري (6251) ومسلم (46 - 397) من طريق عبد الله بن نمير،
ورواه مسلم من طريق أبي أسامة كلاهما حدثنا عبيد الله به، بلفظ: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر
…
وذكر الحديث
(2)
. صحيح البخاري (743).
وجه الاستدلال:
دل الحديث بمنطوقه: أن الصلاة تفتتح بقراءة الفاتحة، ومفهومه: أنه لم يكن يفتتح الصلاة بدعاء الاستفتاح.
* ويجاب بأكثر من جواب:
الجواب الأول:
أن الاستدلال بحديث أنس استدلال بالمفهوم، والمفهوم إذا عارضه منطوق تبين أن المفهوم غير مراد، فلا يقدم المفهوم على منطوق حديث أبي هريرة في الصحيحين وحديث علي بن أبي طالب في مسلم.
الجواب الثاني:
لو كان حديث أنس على ظاهره بأن المقصود فيه افتتاح الصلاة لدَلَّ على أن الصلاة تفتتح بكلمة (الحمد لله رب العالمين) دون التكبير
(1)
.
الجواب الثالث:
أن حديث أنس رضي الله عنه معارض لأحاديث أبي هريرة في الصحيحين، وحديث عليٍّ في صحيح مسلم، والتي حفظت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دعاء الاستفتاح قبل القراءة، والمنهج إذا تعارضت الأدلة أن يجمع بينها -إن أمكن ذلك بلا تكلف- قبل أن يصار إلى الترجيح؛ لأن في الجمع إعمالًا لكلا الدليلين، وفي الترجيح إهمالًا لأحدهما، والجمع له أكثر من وجه:
الوجه الأول:
أن المراد بـ (يفتتحون الصلاة): أي يفتتحون القراءة في الصلاة، هكذا رواه جماعة عن قتادة، منهم هشام الدستوائي، وهمام، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو عوانة وحماد بن سلمة، وغيرهم، عن قتادة، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان يفتتحون القراءة بـ الحمد لله رب العالمين، وهكذا رواه حميد الطويل وثابت عن أنس
(2)
.
(1)
. فتح الباري لابن رجب (6/ 389).
(2)
. حديث أنس رضي الله عنه رواه عنه قتادة، ورواه عن قتادة كبار أصحابه، ومن رواه بلفظ:=
وقد يعبر بالقراءة على الصلاة كما في قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين
…
رواه مسلم، والمقسوم هو قراءة الفاتحة.
الوجه الثاني:
من الجمع بينهما أن يكون ترك الاستفتاح في دليل أنس دليلًا على عدم
= (كانوا يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ})، منهم:
الأول: هشام الدستوائي، عن قتادة:
رواه أحمد (3/ 114، 183، 273)، وأبو يعلى في مسنده (3128)، والسراج في حديثه (2542)، عن يحيى بن سعيد القطان.
والبخاري في القراءة خلف الإمام للبخاري (90)، وأبو داود في السنن (782)، والدارمي في سننه (1276)، والمستغفري في فضائل القرآن (612) حدثنا مسلم بن إبراهيم، كلاهما عن هشام الدستوائي، عن قتادة بلفظ:(كانوا يفتتحون القراءة بـ {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}).
ورواه وكيع كما في مصنف ابن أبي شيبة (4145)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (610).
وعبد الأعلى بن سليمان أبو عبد الرحمن كما في الكنى والأسماء للدولابي (1501)، كلاهما عن هشام به، بلفظ:(كانوا يستفتحون الصلاة بـ {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}).
واللفظ الثاني ليس معارضًا للفظ الأول، فالمراد من استفتاح الصلاة: استفتاح القراءة.
الثاني: همام، عن قتادة.
رواه أحمد (3/ 289) حدثنا بهز، وحدثنا عفان.
ورواه أبو يعلى في مسنده (2881)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (613) من طريق هدبة بن خالد (القراءة)، ثلاثتهم (بهز، وعفان، وهدبة) رووه عن همام به.
الثالث: أبو عوانة، عن قتادة.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (89)، والترمذي في سننه (246)، والنسائي في المجتبى (902)، وفي السنن الكبرى له (977)، والمستغفري في فضائل القرآن (614).
الرابع: أيوب بن تميمة، عن قتادة.
كما في مسند الشافعي ترتيب السندي (219)، ومسند أحمد (3/ 111)، والمجتبى من سنن النسائي (903)، وسنن ابن ماجه (813)، والثالث من الفوائد المنتقاة للحربي (61).
الخامس: سعيد بن أبي عروبة كما في مسند أحمد (3/ 101)، ومستخرج الطوسي (228)، ومعجم ابن المقرئ (829)،
السادس: حماد بن سلمة، عن قتادة، وثابت وحميد، عن أنس، كما في مسند أحمد (3/ 168، 286)، صحيح ابن حبان (1800).
وجوب الاستفتاح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتركه أحيانًا ليبين أنه غير واجب، وقد استدل به إسحاق على أن الاستفتاح غير واجب، والله أعلم
(1)
.
والوجه الأول أقوى؛ لأن الترك لبيان الجواز يكون عارضًا، وحديث أنس لو حمل على ظاهره لدَلَّ على استمرار العمل بالترك من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه، فكان حمل النفي على افتتاح القراءة أولى، وهو ما رواه أصحاب قتادة عنه، عن أنس رضي الله عنه، والله أعلم.
الدليل الرابع:
(ح-1294) ما رواه مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب،
أن أبا سعيد، مولى عامر بن كريز، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أُبَيَّ بن كعب وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده. وهو يريد أن يخرج من باب المسجد. فقال: إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة، ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، قال أُبَيٌّ فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك. ثم قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني، قال: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: 1]، حتى أتيت على آخرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي هذه السورة وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت
(2)
.
[هذا مرسل واختلف فيه على العلاء، فتارة يرويه العلاء نفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يرويه عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز مرسلًا، وتارة يصله، والموصول، تارة عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، وتارة يسنده عن أبي بن كعب، والموصول ليس فيه موضع الشاهد]
(3)
.
(1)
. انظر فتح الباري لابن رجب (6/ 388).
(2)
. الموطأ (1/ 83).
(3)
. الحديث روي من طريق العلاء بن عبد الرحمن، ومن طريق الأعرج.
أما طريق العلاء بن عبد الرحمن فقد اختلف عليه على خمسة وجوه:
فقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي بن كعب.
وقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب.
وقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة.
فواضح أن العلاء بن عبد الرحمن قد اضطرب في إسناده، وليس هو بالمتقن حتى يمكن أن يحتمل منه مثل هذا الاختلاف، إلا أن رواية الحديث من طريق الأعرج عن أبي هريرة قد ترجح رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة.
كما أن البخاري قد رواه أيضًا، من رواية المقبري، عن أبي هريرة، وليس فيه إلا فضل سورة الفاتحة دون قصة أبي بن كعب.
قال الحافظ في الفتح (8/ 157): «رجح الترمذي كونه من مسند أبي هريرة وقد أخرجه الحاكم أيضًا من طريق الأعرج، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب .... » .
ورجح ابن عبد البر كونه من مسند أبي بن كعب، فقال بعد أن ذكر الاختلاف فيه على العلاء ابن عبد الرحمن، قال في التمهيد (20/ 218):«ورواه عبد الحميد بن جعفر عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأشبه عندي والله أعلم» .
وروى البخاري في صحيحه (4474) أن القصة وقعت لأبي سعيد بن المعلى، وليس فيها لفظ:(الافتتاح في الصلاة).
وقد ذهب ابن خزيمة في صحيحه (2/ 120)، إلى أن القصة وقعت لأبي بن كعب، ولأبي سعيد بن المعلى.
وقال البيهقي في الشعب (4/ 27): «يشبه أن يكون هذا القول صدر من جهة صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ، ولأبي سعيد بن المعلى كليهما، وحديث ابن المعلى رجاله أحفظ والله أعلم» .
قال ابن حجر في الفتح (8/ 157): ويتعين المصير إلى ذلك؛ لاختلاف مخرج الحديثين، واختلاف سياقهما.
ووهم ابن الأثير حيث ظن أن أبا سعيد شيخ العلاء هو أبو سعيد بن المعلى، فإن ابن المعلى صحابي أنصاري من أنفسهم مدني، وذلك تابعي مكي من موالي قريش».
هذه وجوه الاختلاف في الإجمال، وهي ترجع إلى طريقين:
الطريق الأول: طريق العلاء بن عبد الرحمن، والاختلاف عليه.
فرواه الإمام مالك بن أنس واختلف عليه فيه:
فرواه يحيى بن يحيى الليثي كما في الموطأ (1/ 83)،
وروح بن عبادة كما في مسند إسحاق نقلًا من المطالب العالية (3518)،
وابن أبي مريم، وإسحاق بن عيسى كما في فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 221)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الوهاب بن عطاء من رواية يحيى بن أبي طالب عنه (ليس بالمتين) كما في مستدرك الحاكم (2049)، خمستهم رووه عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وفيه: (
…
كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة
…
).
وخالفهم زيد بن الحباب كما تفسير الطبري ط هجر (14/ 122)، فرواه عن مالك بن أنس، قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى لعروة، عن أبي سعيد مولى عامر بن فلان، أو ابن فلان عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إذا افتتحت الصلاة، بم تفتتح؟ قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيت.
ولم ينفرد به زيد بن الحباب، فقد تابعه القعنبي إلا أنه قد اختلف عليه في إسناده:
فرواه أحمد بن محمد بن عيسى القاضي (ثقة) كما في مستدرك الحاكم (3020)، حدثنا عبد الله بن مسلمة فيما قرئ على مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز، عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه: يقصد نحو رواية عبد الحميد بن جعفر عن العلاء، وسيأتي تخريج رواية عبد الحميد بن جعفر إن شاء الله تعالى.
ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي، كما في مستدرك الحاكم (2049)، حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن العلاء، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز مرسلًا، كرواية الجماعة عن مالك.
فصار مالك تارة يرويه عن العلاء، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز مرسلًا، كما في رواية يحيى بن يحيى، وروح بن عبادة وابن أبي مريم، وإسحاق بن عيسى، وعبد الوهاب بن عطاء عنه.
وتارة يرويه عن العلاء، عن أبي سعيد مولى عامر، عن أبي بن كعب، كما في رواية زيد بن الحباب عنه.
ورواه القعنبي، عن مالك بالطريقين مفرقين.
وقد روي حديث العلاء من مسند أبي بن كعب من غير طريق مالك، إلا أنه تارة يرويه العلاء عن أبيه، عن أبي بن كعب.
وتارة يرويه عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب بذكر واسطة بين أبيه وبين أبي بن كعب.
رواه شعبة بن الحجاج، واختلف عليه فيه:
فرواه شبابة بن سوار، عن شعبة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي بن كعب، أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها السبع المثاني، والقرآن العظيم التي أعطيت.
أخرجه الحاكم في المستدرك (2050).
ورواه محمد بن جعفر، وهو من أثبت أصحاب شعبة، عن شعبة، قال: سمعت العلاء يحدث عن أبيه، عن أبي بن كعب أنه قال: السبع المثاني: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . وهذا موقوف.
رواه الطبري في تفسيره ت هجر (14/ 116)، وابن عبد البر (20/ 221).
ورواه عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء، إلا أنه قال: عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه الطبري في تفسيره (14/ 122) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكر الحديث، وفيه:
…
كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ فقرأت فاتحة الكتاب، قال: هي هي، وهي السبع المثاني التي قال الله تعالى.
وقد روى ابن خزيمة في صحيحه (500) أخبرنا محمد بن معمر بن ربعي القيسي، أخبرنا أبو أسامة به، بلفظ:(كيف تبدأ إذا قمت إلى الصلاة)، وهي رواية بالمعنى لقوله:(إذا افتتحت الصلاة).
ورواه عبد الله بن أحمد كما في زوائد المسند (5/ 114) من طريق إسماعيل أبي معمر،
وعبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده (165)
والحسن بن علي بن عفان العامري (صدوق) كما في المستدرك (2048، 3019)، وعنه البيهقي في السنن الصغير (955)، وشعب الإيمان (2139)، وفي القراءة خلف الإمام للبيهقي (103).
وابن المنذر في الأوسط (3/ 99) من طريق أبي بشر، أربعتهم عن أبي أسامة به، وفيه: (
…
فكيف تقرأ إذا قمت تصلي، فقرأ بفاتحة الكتاب
…
وذكر الحديث، وليس فيه قوله: إذا افتتحت الصلاة.
ورواه مختصرًا بفضل سورة الفاتحة دون قصة أبي بن كعب كل من:
أبي بكر بن أبي شيبة كما في زوائد عبد الله بن أحمد على المسند (5/ 114)، وصحيح ابن حبان (775).
ومحمد بن عبد الله بن نمير كما في زوائد عبد الله بن أحمد (5/ 114).
والفضل بن موسى كما في سنن الترمذي (3125)، والمجتبى من سنن النسائي (914)، والسنن الكبرى له (988).
ومحمد بن سعيد كما في سنن الدارمي (3415).
وأبي أسامة من رواية حوثرة بن محمد أبي الأزهر عنه، كما في صحيح ابن خزيمة (501)، خمستهم رووه عن عبد الحميد بن جعفر به.
وقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن (ص: 220) حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حزم.
ورواه القاسم بن سلام في الفضائل (ص: 220)، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن محمد بن عجلان.
ورواه القاسم بن سلام في الفضائل (ص: 220) من طريق محمد بن إسحاق، ثلاثتهم (عبد الله بن أبي بكر، وابن عجلان، وابن إسحاق) رووه عن العلاء بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عبيد: لم يسنده ابن جريج، وابن إسحاق، وابن عجلان، وأسنده إسماعيل بن جعفر، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد العزيز (يعني الدراوردي)، وخالفهما مالك في الإسناد.
وهذا اختلاف آخر على العلاء بن عبد الرحمن.
…
وقيل: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي، وهو يصلي
…
الحديث، وفيه (كيف تقرأ في الصلاة)، فلم يذكر الافتتاح، وجعله من مسند أبي هريرة.
رواه عبد الرحمن بن إبراهيم كما في مسند أحمد (2/ 412، 413)، وتفسير الطبري ط هجر (14/ 124).
والدراوردي (صدوق) كما في سنن الترمذي (2575)، وفضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 220).
وروح بن القاسم (ثقة) كما في تفسير الطبري ط هجر (11/ 106) و (14/ 121)، السنن الكبرى للنسائي (11141)، وصحيح ابن خزيمة (861)، والقراءة خلف الإمام للبيهقي (106).
وجهضم بن عبد الله (صدوق يكثر عن المجاهيل) كما في مشكل الآثار (1208)،
ومحمد بن جعفر بن أبي كثير المدني (أخو إسماعيل بن جعفر) كما في تفسير الطبري (11/ 106) والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 525)، والقراءة خلف الإمام للبيهقي (105)، وتفسير البغوي (1/ 56)، خمستهم، عن العلاء به.
ورواه حفص بن ميسرة كما في صحيح ابن خزيمة (861)،
وأبو غسان محمد بن المطرف (ثقة) كما في مشكل الآثار (1510)، عن العلاء به، بلفظ: ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ قال يا رسول الله: كنت في الصلاة قال: أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} ؟ [الأنفال: 24] قال: بلى يا رسول الله، ولا أعود إن شاء الله. اهـ ولم يذكر القراءة في الصلاة، ولا فضل أم القرآن.
ورواه عبد الرحمن بن إسحاق المدني كما في تفسير الطبري (14/ 121)، ومسند أبي يعلى (6531)، عن العلاء به، في فضل أم القرآن، ولم يذكر قصة أبي بن كعب.
ورواه إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وقرأ عليه أُبَيٌّّ أم القرآن، فقال: والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيت.
وليس فيه ذكر للصلاة، فضلًا عن الافتتاح.
وهو في أحاديث إسماعيل بن جعفر (292)، ومسند أحمد (2/ 357)، ومسند أبي يعلى (6482)، ومشكل الآثار (1209)، وفضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 220)، والبغوي في شرح السنة (1186).
هذه وجوه الاختلاف على العلاء بن عبد الرحمن.
الطريق الثاني: طريق الأعرج، عن أبي هريرة.
رواه الحاكم في المستدرك (2051) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو قائم يصلي فلم يجبه، فقال: ما منعك أن تجيبني يا أُبَيُّ فقال: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله تبارك =
وجه الاستدلال:
استدل به بعض المالكية على سقوط دعاء الاستفتاح لقوله: (كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} ، فلم يذكر الاستفتاح.
* ويجاب:
بأن القراءة إذا أطلقت في الصلاة انصرفت إلى قراءة القرآن، وأول قراءة بعد افتتاح الصلاة هي قراءة الفاتحة؛ لأن ما قبلها لا يطلق عليه قراءة؛ لأنه إما ثناء،
= وتعالى {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم} ؟ [الأنفال: 24] لا تخرج من المسجد حتى أعلمك سورة ما أنزل الله في التوراة والإنجيل والزبور مثلها، وإنها السبع الذي أوتيت الطول، وإنها القرآن العظيم.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الشعب (1427)، وقد تفرد ابن إسحاق بإسناد هذا الحديث، وهو إسناد غريب، وليس فيه ذكر للصلاة، فضلًا عن الافتتاح.
…
وقد روى البخاري في صحيحه (4704) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم. ولم يذكر قصة أُبَيِّ بن كعب.
قال الدارقطني في العلل (9/ 14): يرويه العلاء بن عبد الرحمن، واختلف عنه؛
فرواه روح بن القاسم، وإسماعيل بن جعفر، وأخوه محمد بن جعفر، وابن أبي حازم، والدراوردي، وعبد السلام بن حفص، وعبد الرحمن بن إسحاق، وجهضم بن عبد الله، وإبراهيم بن طهمان، وعبد الرحمن بن إبراهيم، ومسلم بن خالد، وشعبة، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفهم عبد الحميد بن جعفر، فرواه عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: عن أبي معاوية الضرير، عن خارجة بن مصعب، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، كذلك.
وخالفهم مالك بن أنس، فرواه عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز، مرسلا، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويشبه أن يكون الحديث عند العلاء على الوجهين.
وقال محمد بن إسحاق: عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب يصلي، مرسلًا.
وقال علي بن عياش: عن ابن ثوبان، عن الحسن بن الحر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في فضل فاتحة الكتاب فقط».
أو دعاء، وأكثر الرواة رووه بلفظ:(كيف تقرأ إذا قمت تصلي؟، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب)، وليس فيه ذكر الافتتاح، وعلى التنزل فإن القراءة تطلق على الدعاء والثناء وقراءة القرآن، وحين كان الحديث عن تعلم أعظم سورة في القرآن، فلما سأله أبي بن كعب تعليمها، ثم سأله النبي عن القراءة في الصلاة، كان الحديث والسؤال مختصًّا بالقرآن، لا بغيره.
ولو سلمنا جدلًا أن الحديث فيه دلالة على ترك دعاء الاستفتاح ثم دلت أحاديث أخرى صحيحة مقطوع بصحتها على مشروعية دعاء الاستفتاح لم تهمل تلك الأحاديث، فيصار إلى كراهة دعاء الاستفتاح، وإنما يجمع بينها وبين هذا الحديث، فيكون الترك دليلًا على عدم الوجوب، لا على نفي الاستحباب، والله أعلم.
الدليل الرابع:
الاحتجاج بعمل أهل المدينة، قال ابن بطال:«لو كانت هذه الإسكاتة مما واظب عليها النبي عليه السلام، لم يَخْفَ ذلك، ولنقلها أهل المدينة عيانًا وعملًا، فيحتمل أن يكون عليه السلام، فعلها في وقت ثم تركها تخفيفًا عن أمته، فتركها واسع»
(1)
.
فرجع الاحتجاج بهذه المسألة إلى عمل أهل المدينة، فإذا أجمعوا عليه فهو مقدم على غيره من أخبار الآحاد؛ لأنهم إذا أجمعوا على شيء نقلًا، أو عملًا متصلًا فإن ذلك الأمر معلوم بالنقل المتواتر الذي يحصل به العلم، وينقطع العذر فيه، ويجب له ترك أخبار الآحاد؛ لأن المدينة بلدة جمعت من الصحابة من يقع العلم بخبرهم فيما أجمعوا على نقله.
* ويناقش من وجوه:
الوجه الأول:
(2)
.
(1)
. شرح البخاري لابن بطال (2/ 362).
(2)
. التوضيح شرح الجامع الصحيح (7/ 22).
الوجه الثاني:
لا نسلم أن عمل أهل المدينة ترك الاستفتاح، فإن عمر بن الخطاب قد جهر بالاستفتاح في الفرض في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما سبق تخريجه، وعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، ثم ترك العمل به في زمن الإمام مالك، فكان يَصِل التكبير بالقراءة من غير دعاء، ولا تعوذ، فإن كان عمل أهل المدينة حجة كان عملهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان فيهم كبار الصحابة أولى من اتباع العمل حين انقرض عصر الصحابة
(1)
.
الوجه الثالث:
بأن مذهب مالك الذي يبينه المحققون من أصحابه كأبي الوليد الباجي وغيره رحمهم الله أنه يرى الاحتجاج بعمل أهل المدينة فيما كان الأصل فيه النقل المستفيض، كنقلهم الصاع والمد وأنه عليه السلام كان يأخذ بذلك صدقاتهم وفطرتهم، وكالأذان والإقامة، وكالوقوف والأحباس، وكنقلهم موضع قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومكان مسجده ومكان منبره، ولا يكون حجة فيما كان الأصل فيه الاجتهاد كهذه المسألة
(2)
.
* دليل من قال: يجب دعاء الاستفتاح:
الدليل الأول:
(ح-1295) ما رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: صلوا كما رأيتموني أصلي.
رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث
(3)
.
* ويناقش:
سبق لنا مناقشة صلاحية حديث مالك بن الحويرث على الاستدلال به على
(1)
. انظر أعلام الموقعين (2/ 285).
(2)
. انظر: إحكام الفصول للباجي (ص: 480)، شرح تنقيح الفصول (ص: 334)، تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (2/ 250).
(3)
. صحيح البخاري (631)، وصحيح مسلم (292 - 674).
أن الأصل في جميع أفعال الصلاة الوجوب، وبينت أن حديث مالك بن الحويرث إذا أخذ مفردًا عن ذكر سببه وسياقه أشعر بأنه خطاب للأمة بأن يصلوا كما رأوه يصلي، فيقوى الاستدلال بهذه الطريقة على أن الأصل في جميع أفعال الصلاة الوجوب إلا بدليل، فتكون أفعاله في الصلاة بيانًا لهذا الأمر المجمل:(صلوا كما رأيتموني أصلي)، ومثله حديث: لتأخذوا عني مناسككم، وتكون الرؤية في الحديث يقصد بها العلم، أي صلوا كما عَلِمْتُمُوِني أصلي.
وإذا أخذنا حديث مالك بن الحويرث في سياق قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم وجلوسه عنده ما يقارب العشرين يومًا، وهو يصلي معه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم حين مصرفهم منه أن يصلوا كما رأوه يصلي، كانت الرؤية في حق مالك ومن كان معه رؤية بصرية.
(ح-1296) فقد روى البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، قال:
حدثنا مالك، قال: أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين يومًا وليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا رفيقًا، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا -أو قد اشتقنا- سَأَلَنَا عمن تركنا بعدنا، فأخبرناه، قال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم. زاد البخاري: وصلوا كما رأيتموني أصلي
…
الحديث
(1)
.
ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه طيلة العشرين يومًا صلاة تامة بفروضها وسننها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقتصر في صلاته على الفروض دون السنن، فالاستدلال بمثل هذا الأمر العام المشتمل على أحوال وهيئات، وصفات وأقوال، أحكامها مختلفة، لا يمكن أن يستدل على وجوبها بهذا العموم، إلا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد اقتصر على الواجبات دون السنن طيلة بقاء مالك بن الحويرث في زيارته للمدينة، وإذ لا يمكن دعوى ذلك فلا ينهض الحديث دليلًا على وجوب أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، غاية ما يفيده حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) على مشروعية جميع ما رآه مالك مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في صلاته طيلة مقامه عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأما دليل الركنية أو الوجوب فتؤخذ من أدلة أخرى، فالمقطوع به هو الاستحباب، ولا يصرف عن ذلك إلا بقرينة؛ ولأن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم المجردة الاستحباب، والله أعلم.
(1)
. صحيح البخاري (631)، وصحيح مسلم (292).
الدليل الثاني:
(ح-1297) أخرجه أبو داود، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد،
عن عمه، أن رجلًا دخل المسجد، فذكر نحوه قال فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء - يعني مواضعه - ثم يكبر، ويحمد الله جلَّ وعزَّ، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائمًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله: (لا تتم صلاة لأحد من الناس) حتى
…
وذكر منها دعاء الاستفتاح مجملًا بقوله: (ثم يكبر، ويحمد الله جل وعز، ويثني عليه .... ).
* وأجيب:
بأن دعاء الاستفتاح تفرد به إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وقد رواه جماعة عن علي بن يحيى بن خلاد، ولم يذكروا فيه دعاء الاستفتاح
(2)
.
(1)
. سنن أبي داود (758).
(2)
. حديث المسيء في صلاته جاء من مسند أبي هريرة في الصحيحين، ومن مسند رفاعة بن رافع خارج الصحيحين.
فأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري (793) ومسلم (45 - 397) من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.
ورواه البخاري (6251) ومسلم (46 - 397) من طريق عبد الله بن نمير،
ورواه مسلم من طريق أبي أسامة كلاهما حدثنا عبيد الله به، بلفظ: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر
…
وذكر الحديث، هذا لفظ الصحيحين من مسند أبي هريرة في قصة الرجل المسيء صلاته. وليس فيه ذكر الاستفتاح.
وأما حديث رفاعة بن رافع فيرويه: عليُّ بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع.
ويرويه عن علي بن يحيى بن خلاد جماعة منهم، إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ومحمد ابن عمرو، ومحمد بن إسحاق، وداود بن قيس الفراء، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن عون، وشريك بن أبي نمر، ويحيى بن علي بن يحيى بن خلاد، يزيد بعضهم في ألفاظه وينقص، وقد يخالف بعضهم في إسناده،
وحديث أبي هريرة في الصحيحين مقطوع بصحته، وحديث رفاعة بن رافع خارج الصحيحين، وهي قصة واحدة لوجود التطابق بين أحداث القصة،
وقد اختلف على عليِّ بن يحيى بن خلاد، فالرواة عنه يزيد بعضهم على بعض وينفرد بعضهم بألفاظ لم يتفق الرواة عليها عنه، ولم ترد في حديث أبي هريرة، والحكم في ذلك برد حديث رفاعة إلى حديث أبي هريرة، فما وافق منها حديث أبي هريرة قبلناه، وما انفرد فيه حديث رفاعة، مما اختلف عليه في ذكره حكمنا بشذوذه؛ لوجود الاختلاف الكثير في إسناده وألفاظه.
وقد انفرد فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن بقية الرواة بالحروف التالية:
1 -
لفظ (لا تتم صلاة أحدكم
…
) التعبير بنفي التمام انفرد به إسحاق بن عبد الله، عن علي ابن يحيى بن خلاد، ورواه غيره بلفظ: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ
…
) وهذا موافق لحديث أبي هريرة في الصحيحين (
…
إذا قمت إلى الصلاة فكبر
…
وفي رواية: فأسبغ الوضوء).
2 -
ذكر دعاء الاستفتاح، انفرد به إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عليِّ بن يحيى بن خلاد، ولم يذكره غيره ممن روى حديث رفاعة، وقد جاء بصيغة تدل على وجوبه في الصلاة.
3 -
تكبيرات الانتقال لم تذكر إلا في طريق إسحاق، ولم يذكر في حديث أبي هريرة.
4 -
قوله: (سمع الله لمن حمده) لم يذكر في حديث أبي هريرة، كما لم يذكر في سائر طرق حديث رفاعة.
5 -
تفصيل الوضوء بذكر أعضاء الوضوء، ولم يرد في سائر طرق حديث رفاعة، فكلهم ذكر الوضوء مجملًا، وهو كذلك مجمل في حديث أبي هريرة في الصحيحين.
6 -
تمكين الوجه والجبهة في السجود.
7 -
ذكر تكبيرة الإحرام بلفظ: (الله أكبر).
وكل زيادة على حديث أبي هريرة مما انفرد به بعض الرواة، فليس بمحفوظ، فيكفي في شذوذه أنه مخالف لما في الصحيحين، ومخالف لبقية الرواة ممن رووه عن عليِّ بن يحيى ابن خلاد، فلا وجه للقول بأن إسحاق قد جوده، وقد انفرد بكل هذه الزيادات مخالفًا حديث أبي هريرة في الصحيحين، والحمل ليس على إسحاق، بل على شيخه أو على شيخ شيخه، فليس بلازم أن يكون كل هذه الاختلافات في ألفاظ الحديث الحمل فيها على الرواة عن عليِّ بن يحيى، فقد تكون العهدة عليه، والله أعلم.
وانظر تخريجه مستوفى في ح (1187).
* الراجح:
أن دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة المحفوظة، وأن القول بوجوبه، أو القول بكراهته قول ضعيف، والله أعلم.
* * *