المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفرع الثالث في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة   المدخل إلى المسألة: * - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٢

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل التاسع في سكتات الصلاة

- ‌المبحث الأول في سكوت الإمام لدعاء الاستفتاح

- ‌الفرع الأول في حكم الاستفتاح

- ‌الفرع الثاني في قول المصلي (وأنا أول المسلمين) إذا استفتح بحديث علي رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث في استحباب الاستفتاح للمأموم

- ‌الفرع الرابع في استفتاح المأموم فيما يجهر به الإمام

- ‌الفرع الخامس في الأفضل من صيغ الاستفتاح

- ‌الفرع السادس السنة الاستفتاح الإسرار به

- ‌الفرع السابع في مشروعية سجود السهو لترك الاستفتاح

- ‌الفرع الثامن في فوات الاستفتاح

- ‌المطلب الأول في فوات الاستفتاح إذا شرع بالتعوذ

- ‌المطلب الثاني في استفتاح المسبوق إذا أدرك الإمام قائمَا في غير الركعة الأولى

- ‌المبحث الثاني في استحباب سكتة لطيفة بين الفاتحة والتأمين

- ‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين

- ‌المبحث الرابع في حكم السكتة بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع

- ‌الباب السادس القراءة في الصلاة

- ‌الفصل الأول في قراءة الفاتحة وما يرتبط بها

- ‌المبحث الأول في حكم الاستعاذة

- ‌المبحث الثاني في صفة الاستعاذه

- ‌المبحث الثالث في محل الاستعاذه

- ‌المبحث الرابع في الجهر بالاستعاذة

- ‌المبحث الخامس في تكرار الاستعاذة في كل ركعة

- ‌المبحث السادس في مشروعية البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في قرآنية البسملة

- ‌الفرع الثاني في قراءة البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الثالث في الجهر بالبسملة

- ‌المبحث السابع في قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في حكم قراءتها

- ‌الفرع الثاني

- ‌الفرع الثالث

- ‌الفرع الرابع في تكرار الفاتحة في كل ركعة

- ‌الفرع الخامس في قراءة المأموم فاتحة الكتاب

- ‌الفرع السادس في شروط قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في وجوب قراءة الفاتحة بتشديداتها

- ‌المسألة الثانية في اشتراط الموالاة في قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الثالثة في تنكيس القراءة

- ‌الفرع السابع في العجز عن قراءة الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الأولى إذا لم يحسن القراءة من القرآن مطلقًا

- ‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة

- ‌المسألة الثانية في المصلي إذا لم يعرف إلا بعض الفاتحة فقط

- ‌المسألة الثالثة في المصلي إذا كان معه بعض الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الرابعة في المصلي يعجز عن الفاتحة ويعرف غيرها من القرآن

- ‌المسألة الخامسة في مقدار ما يجزئ عن الفاتحة من القرءان

- ‌المسألة السادسة في اشتراط أن تكون الآيات متوالية منتظمة المعنى

- ‌المسألة السابعة إذا عجز عن القرآن والذكر

- ‌الفرع الثامن في التأمين على دعاء الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في معنى التأمين

- ‌المسألة الثانية في فضل التأمين

- ‌المسألة الثالثة في حكم التأمين

- ‌المطلب الأول في حكم التأمين خارج الصلاة

- ‌المطلب الثاني في التأمين داخل الصلاة

- ‌البند الأول في تأمين المنفرد والإمام

- ‌البند الثاني في تأمين المأموم

- ‌المقصد الأول في تأمين المأموم في السرية

- ‌المقصد الثاني في تأمين المأموم في الجهرية

- ‌الغصن الأول في تأمين المأموم على قراءة نفسه وعلى قراءة إمامه

- ‌الغصن الثاني في تأمين المأموم إذا لم يسمع قراءة إمامه

- ‌الغصن الثالث في تأمين المأموم إذا ترك إمامه التأمين

- ‌المسألة الرابعة في صفة التأمين

- ‌المطلب الأول في صفة تأمين الإمام

- ‌المطلب الثاني في صفة تأمين المأموم

- ‌المطلب الثالث في صفة تأمين المنفرد

- ‌المسألة الخامسة في موافقة المأموم للإمام في التأمين

- ‌المسألة السادسة في فوات التأمين

- ‌المسألة السابعة في حكم الزيادة على التأمين

- ‌الفصل الثاني في الأحكام المتعلقة بقراءة ما زاد على الفاتحة

- ‌المبحث الأول في حكم قراءة ما زاد على الفاتحة للإمام والمنفرد

- ‌الشرط الثاني: ألا يخالفه غيره من الصحابة

الفصل: ‌ ‌الفرع الثالث في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة   المدخل إلى المسألة: *

‌الفرع الثالث

في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

المدخل إلى المسألة:

* النفي في قوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب محمول على نفي الصلاة الشرعية، وذلك يقتضي عدم الإجزاء والاعتداد بها شرعًا.

* أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته بالقراءة في الصلاة، ولا تجب قراءة في الصلاة سوى الفاتحة، فكان المجمل في حديث المسيء مبيَّنًا في حديث عبادة.

* أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء صلاته بالقراءة، والركوع، والرفع والسجود، وقال في آخره: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها، فكانت كل هذه فروضًا في جميع الركعات.

* كل موضع شرعت فيه قراءة الفاتحة في الصلاة، فإن انتفاء الفاتحة من ذلك الموضع يعني انتفاء ذلك من صلاته.

[م-536] اختلف الفقهاء في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة:

فقيل: القراءة غير واجبة في الصلاة، قال به من المعتزلة إبراهيم بن علية، وشيخه أبو بكر الأصم، والحسن بن صالح بن حي

(1)

.

وقيل: يكفي قراءة الفاتحة مرة واحدة، وبه قال الحسن البصري، والمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث من المالكية

(2)

.

وقيل: فرض القراءة في الركعتين الأوليين من كل صلاة، وسنة في الأخريين،

(1)

. تفسير الرازي (1/ 118)، فتح القدير لابن الهمام (1/ 451)، بدائع الصنائع (1/ 110)، العناية شرح الهداية (1/ 451)، الحاوي الكبير (2/ 103)، البيان في مذهب الشافعي للعمراني (2/ 181).

(2)

. شرح التلقين للمازري (1/ 513)، الذخيرة للقرافي (2/ 183)، التوضيح لخليل (1/ 338)، المبسوط للسرخسي (1/ 18).

ص: 251

فإن شاء قرأ، وإن شاء سبح، فلو تركهما في الأوليين وقرأها في الأخريين كانت قضاء، وهذا مذهب الحنفية، وقد سبق أنهم يرون أن قراءة القرآن فرض، ولا تتعين الفاتحة

(1)

.

وقيل: تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة إلا في ركعة المسبوق إذا أدرك الإمام راكعًا، وهو قول مالك في المدونة، وهو أصح القولين في مذهبه، وإليه ذهب الشافعية والحنابلة

(2)

.

وقال مالك: تجب قراءة الفاتحة في أكثر الركعات إن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية، وإليه رجع مالك، فإن كانت الصلاة ثنائية وجبت في كل ركعة، وقال إسحاق نحوه

(3)

.

(1)

. مذهب الحنفية أنه يقرأ في ركعتين، واختلفوا في محلهما على ثلاثة أقوال:

الأول: أن محلها الركعتان الأوليان عينًا، وصححه في البدائع.

الثاني: أن محلها ركعتان منها غير عين: أي فيكون تعيينها في ا لأوليين واجبًا، وهو المشهور في المذهب، وقولهم: واجب احتراز من الفرض.

الثالث: أن تعيينهما فيهما أفضل، وعليه مشى في غاية البيان، وضعفه ابن عابدين، والقولان الأولان اتفقا على أنه لو قرأ في الأخريين فقط يصح، ويلزمه سجود السهو لو ساهيًا، لكن سببه على الأول تغيير الفرض عن محله، وتكون قراءته قضاء عن قراءته في الأوليين، وسببه على الثاني: ترك الواجب، وتكون قراءته في الأخريين أداء.

انظر: حاشية ابن عابدين (1/ 459)، البحر الرائق (1/ 210، 312)، تحفة الفقهاء (1/ 128، 129)، بدائع الصنائع (1/ 166)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 56)، العناية شرح الهداية (1/ 315).

(2)

. القول بوجوبه في كل ركعة على الإمام والمنفرد هو قول مالك في المدونة،

جاء في المدونة (1/ 163): «قال مالك في رجل ترك القراءة في ركعتين من الظهر، أو العصر، أو العشاء الآخرة، قال: لا تجزئه الصلاة، وعليه أن يعيد» .

وقد شهر هذا القول ابن شاس، وابن الحاجب، وابن بشير وعبد الوهاب، وابن عبد البر، وانظر: حاشية الدسوقي (1/ 238)، شرح الخرشي (1/ 270)، شرح التلقين (1/ 513)، جامع الأمهات (ص: 94)، الذخيرة (2/ 183)، التاج والإكليل (2/ 213)، حاشية العدوي على كفاية الطالب (1/ 261)، القوانين الفقهية (ص: 44)، التاج والإكليل (2/ 213)، شرح زروق على الرسالة (1/ 217).

وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 286)، المجموع (3/ 360)، روضة الطالبين (1/ 242)، تحفة المحتاج (2/ 35)، الحاوي الكبير (2/ 109)، المهذب للشيرازي (1/ 138)، نهاية المطلب (2/ 153)، الكافي (1/ 246)، الإنصاف (2/ 112)، شرح منتهى الإرادات (1/ 188).

(3)

. القول بوجوبها في جلِّ الركعات رجع إليه مالك، =

ص: 252

* دليل من قال: القراءة غير واجبة:

الدليل الأول:

(ح-1377) ما رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لهم: صلوا كما رأيتموني أصلي.

رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث

(1)

.

فجعل الصلاة من الأشياء المرئية، والمرئي من الصلاة هو الأفعال دون الأقوال، فكانت الصلاة اسمًا للأفعال، ولهذا تسقط عن العاجز عن الأفعال، وإن كان قادرًا على الأقوال، ولا تسقط عن القادر على الأفعال، ولو عجز عن الأقوال

(2)

.

وقد سبق مناقشة هذا المذهب عند الكلام على حكم تكبيرة الإحرام، وبينت اتفاق العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بنية، والنية غير مرئية، وأن الرؤية إذا كانت متعدية إلى مفعولين كانت بمعنى العلم، وقد يكون الإطلاق من باب التغليب، فلما كانت الصلاة تطلق على مجموع الأقوال والأفعال، فأطلق الرؤية تغليبًا للأفعال، ولا تعني اختصاصها بها، كما أنه قد يطلق الفعل على القول تغليبًا، وذكرت شاهده من حديث ابن عمر، فارجع إليه إن شئت.

الدليل الثاني:

(ث-316) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبيد الله بن نمير، عن عبيد الله

ص: 253

ابن عمر، عن محمد بن إبراهيم،

عن أبي سلمة قال: صلى عمر المغرب فلم يقرأ، فلما انصرف قال له الناس: إنك لم تقرأ؟ قال: فكيف كان الركوع والسجود، تام هو؟ قالوا: نعم، فقال: لا بأس، إني حدثت نفسي بعير جهزتها بأقتابها وحقائبها

(1)

.

قال الشافعي: ولم يذكر أنه سجد للسهو، ولم يُعِدَ الصلاة، وإنما فعل ذلك بين ظهراني المهاجرين والأنصار.

[منقطع، أبو سلمة لم يدرك عمر، قاله ابن كثير في مسند الفاروق]

(2)

.

(1)

. المصنف (4006).

(2)

. مسند الفاروق لابن كثير (129)، وللحديث عدة طرق، منها:

الطريق الأول: عن أبي سلمة، عن عمر.

رواه عبيد الله بن عمر كما تقدم.

ورواه أبو مصعب الزهري في موطأ مالك (490)،

والبيهقي في السنن (2/ 489، 533) من طريق يحيى بن بكير،

ورواه أيضًا (2/ 533) من طريق الشافعي، ثلاثتهم عن مالك، عن يحيى بن سعيد،

ورواه عبد الرزاق في المصنف (2748) عن عبد الله بن عمر (المكبر) ثلاثتهم (عبيد الله وعبد الله ويحيى بن سعيد) عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة به.

فهذا الأثر منقطع، أبو سلمة لم يدرك عمر، وقد خولف في كونه لم يعد الصلاة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

قال البخاري في القراءة خلف الإمام (ص: 58): «ويروى عن أبي سلمة، صلى عمر رضي الله عنه، ولم يقرأ، فلم يعده، وهو منقطع، لا يثبت، ويروى عن الأشعري، عن عمر، أنه أعاد» .

الطريق الثاني: إبراهيم التيمي، أن عمر، بإسقاط أبي سلمة.

رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 411) من طريق شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، أن عمر رضي الله عنه قال له رجل: إني صليت صلاة لم أقرأ فيها شيئًا. فقال له عمر رضي الله عنه: أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قال: بلى، قال: تمت صلاتك. قال شعبة: فحدثني عبد الله بن عمر العمري، قال: قلت لمحمد بن إبراهيم: ممن سمعت هذا الحديث؟ فقال: من أبي سلمة.

فشعبة رواه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، بإسقاط أبي سلمة، وأن القصة لم تقع لعمر، وإنما أفتى بها رجلًا نسي أن يقرأ في صلاته، والتيمي لم يدرك عمر رضي الله عنه.

وقد رواه مالك عن يحيى سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة. =

ص: 254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكذلك رواه عبيد الله بن عمر كما في أثر الباب.

الطريق الثالث: زياد بن عياض، عن عمر.

رواه البيهقي في السنن (2/ 534) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا قبيصة، أنبأ يونس -يعني ابن أبي إسحاق- عن عامر، عن زياد يعني ابن عياض ختن أبي موسى، قال: صلى عمر فلم يقرأ، فأعاد.

وهذا إسناد أرجو أن يكون حسنًا.

ورواه ابن عون، واختلف عليه:

فرواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 151) أخبرنا أبو أسامة حماد بن أسامة عن ابن عون، عن الشعبي، قال: قال الأشعري -وليس بأبي موسى-: صلى بنا عمر بن الخطاب المغرب، فلم يقرأ بنا فيها شيئًا، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك لم تقرأ.

فإن كان الأشعري هذا هو زياد بن عياض فالإسناد متصل، ويعتبر هذا الطريق متابعة لرواية يونس بن أبي إسحاق.

وقد رواه ابن سعد في ترجمة زياد بن عياض الأشعري، وقال: روى عن عمر والزبير. اهـ

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 534) من طريق كامل بن طلحة، حدثنا حماد، عن ابن عون، عن الشعبي أن أبا موسى الأشعري قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، يا أمير المؤمنين أقرأت في نفسك؟ قال: لا، فأمر المؤذنين فأذنوا، وأعاد بهم الصلاة.

وهذه الرواية عن الشعبي مرسلة، ليس فيه زياد بن عياض.

وهذه الرواية طريق آخر: وهو الشعبي، عن عمر رضي الله عنه، ولم يسمع منه.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (2753) عن إسرائيل بن يونس، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: حدثنا زياد بن عياض الأشعري، قال: صلى بنا عمر بن الخطاب العشاء، فلم أسمع قراءته فيها، فقال له أبو موسى الأشعري: مالك لم تقرأ يا أمير المؤمنين؟ قال: أكذلك يا عبد الرحمن بن عوف؟ قال: نعم، فأقام الصلاة، وقرأ قراءة فسمعتها، وأنا في مؤخر الصفوف .... الأثر. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه جابر الجعفي، متهم بالرفض.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 151)، قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر الشعبي، عن زياد بن عياض، قال: صلى بنا عمر بن الخطاب العشاء بالجابية، فلم أسمعه قرأ فيها، وفي الحديث طول.

وهذا اختلاف على جابر الجعفي، والبلاء منه.

الطريق الرابع: عن إبراهيم النخعي، واختلف عليه:

فرواه الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، قال: صلى المغرب فلم يقرأ فيها، فلما انصرف، قالوا له: يا أمير المؤمنين إنك لم تقرأ

فذكر الأثر، وقال في آخر: ثم أعاد الصلاة والقراءة.

وهذا إسناد متصل، وهمام هو ابن الحارث ثقة. =

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رواه ابن أبي شيبة في المصنف (4012) حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش به، وأبو معاوية أثبت أصحاب الأعمش.

وخالف الأعمش حماد بن أبي سليمان، فرواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 533) من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى بالناس صلاة المغرب، فلم يقرأ شيئًا

وذكر فيه: فأعاد عمر، وأعادوا.

وهذا منقطع، والنخعي ليس له رواية عن أحد من الصحابة، والأعمش أحفظ من حماد بن أبي سليمان، وقد وصله الأعمش، عن إبراهيم، عن همام.

الطريق الخامس: عبد الله بن حنظلة، عن عمر.

ورواه عكرمة بن عمار اليمامي، عن ضمضم بن جوس الهفاني، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب، قال: صلى بنا عمر بن الخطاب، فنسي أن يقرأ في الركعة الأولى، فلما قام في الركعة الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين وسورتين، فلما قضى الصلاة سجد سجدتين.

رواه عبد الرزاق في المصنف (2751)،

وابن أبي شيبة في المصنف (4122) حدثنا وكيع،

ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 441) من طريق عبد الرحمن بن زياد، عن شعبة،

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 535) من طريق أبي عتاب (سهل بن حماد) حدثنا شعبة،

ورواه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث (188)، والمطالب العالية (669)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 535) عن عاصم بن علي، كلهم عن عكرمه بن عمار به.

قال البيهقي: وهذه الرواية على هذا الوجه تفرد بها عكرمة بن عمار، عن ضمضم بن جوس، وسائر الروايات أكثر وأشهر، وإن كان بعضها مرسلًا، والله أعلم.

وعكرمة بن عمار فيه كلام، فلا يحتمل تفرده، والله أعلم.

فتبين بهذا أن أبا سلمة روى ترك عمر للقراءة، وأنه لم يَرَ بذلك بأسًا.

ورواه همام بن الحارث وزياد بن عياض وهذان لهما سماع من عمر رضي ا لله عنه.

ورواه الشعبي والنخعي عن عمر بالإعادة أيضًا، وروايتهما منقطعة أيضًا.

ورواه عبد الله بن حنظلة، عن عمر أنه ترك قراءة الفاتحة في الركعة الأولى، فقرأ الفاتحة مرتين في الركعة الثانية، وسجد للسهو، فالذي يظهر أن هذه الطرق تجعل للقصة أصلًا، وإن كان الاختلاف بينهما ظاهرًا، ففي بعضها أنه لم يَرَ بذلك بأسًا، وفي بعضها أنه أعاد، وفي بعضها: أنه عوض ذلك في الركعة الثانية، وسجد للسهو، وإذا طرحنا التفرد وأخذنا رواية الأكثر تكون الإعادة هي الأرجح والله أعلم.

يقول ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 427): «وهذا حديث منكر، وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو عند بعض رواته ليس عند يحيى وطائفة معه؛ لأنه رماه مالك من كتابه بآخرة، وقال: ليس عليه العمل؛ لأن النبي عليه السلام قال: (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج). وقال أبو عمر: وقد رُوِيَ عن عمر أنه أعاد تلك الصلاة، وهو الصحيح عنه.

وروى يحيى بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث، أن عمر نسي القراءة في المغرب، فأعاد الصلاة، وهو حديث متصل، وحديث مالك مرسل عن عمر، لا يصح، والإعادة عنه صحيحة، رواها عن عمر جماعة منهم همام، وعبد الله بن حنظلة، وزياد بن عياض، وكلهم لقي عمر، وسمع منه، وشهد القصة وروى الإعادة عن عمر أيضًا غيرهم .... إلخ».

ص: 256

قال البيهقي: «وهو محمول عندنا على قراءة السورة، أو على الإسرار بالقراءة فيما كان ينبغي له أن يجهر به، ثم قد روي عن عمر أنه أعادها .... »

(1)

.

* دليل من قال: يكفي قراءة الفاتحة مرة واحدة:

الدليل الأول:

(ح-1378) ما رواه البخاري ومسلم من طريق سفيان، عن الزهري، عن محمود بن الربيع،

عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

(2)

.

وجه الاستدلال:

أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، ولم يقل: في كل ركعة، فهذا يقتضي فرضية القراءة مرة واحدة، لا تكرارها.

ولأن الاستثناء من النفي إثبات، فإذا حصلت قراءة الفاتحة في الصلاة مرة واحدة وجب القول بصحة الصلاة بحكم الاستثناء.

ولأن النفي في قوله: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) إن كان بمعنى الأمر بقراءة فاتحة الكتاب، فالأمر بالفعل يتحقق الامتثال بقراءتها مرة واحدة؛ لأن صيغة الأمر المطلق لا تقتضي التكرار، فكذلك ما كان بمعنى الأمر من باب أولى.

* ونوقش من وجهين:

الوجه الأول: بأن هذا الاستدلال يمكن تسليمه لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث أبي

(1)

. السنن الكبرى (2/ 489).

(2)

. صحيح البخاري (756)، وصحيح مسلم (34 - 394).

ص: 257

هريرة: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)، والأصل في الأمر الوجوب، فصار الأمر يحمل معنى التكرار.

الوجه الثاني:

قال البخاري في القراءة خلف الإمام جوابًا على هذا الاستدلال، قال:«قد بين حين قال: (اقرأ، ثم اركع، ثم اسجد، ثم ارفع، فإنك إن أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وإلا كأنما تنقصه من صلاتك) فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن في كل ركعة قراءةً وركوعًا، وسجودًا، وأمره أن يتم صلاته على ما بين له في الركعة الأولى»

(1)

.

وهذا الوجه هو معنى الوجه الأول، وفيه: أن الإمام البخاري يرى صحة حديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته في الجملة

(2)

.

* دليل من قال: تجب الفاتحة في كل ركعة:

الدليل الأول:

استدل الجمهور بحديث عبادة بن الصامت المتقدم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

(3)

.

(ح-1379) وروى البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،

عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم

(1)

. القراءة خلف الإمام (ص: 49).

(2)

. هذا اللفظ من حديث رفاعة بن رافع رواه النسائي في المجتبى (1314)، وفي الكبرى (1238)، قال: أخبرنا سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله -يعني ابن المبارك- عن داود بن قيس، قال: حدثني يحيى بن خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن عمٍّ له بدري، قال:

وذكر حديث المسيء صلاته، وفيه: إذا أردت أن تصلي فتوضأ، فأحسن وضوءك، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن قاعدًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع، فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وما انتقصت من هذا فإنما تنتقصه من صلاتك.

وقد سبق تخريج حديث رافع، انظره أيها المبارك في المجلد السابع (ص: 368).

(3)

. صحيح البخاري (756)، وصحيح مسلم (34 - 394).

ص: 258

جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعل في الركعة الأولى، وقال: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها

(1)

.

واسم الإشارة في قوله: (ثم افعل ذلك) راجع إلى الأقوال والأفعال، والأصل في الأمر الوجوب.

الدليل الثاني:

(ح-1380) ما رواه أحمد من طريق محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي، عن أبيه،

عن رفاعة بن رافع الزرقي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر قصة المسيء صلاته، وفيه قال: إذا استقبلت القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن لركوعك .... وقال في آخره: ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة

(2)

.

[ذكر أم القرآن في الحديث ليس محفوظًا]

(3)

.

الدليل الثالث:

(ح-1381) ما رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة،

عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانًا، ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب، واللفظ لمسلم

(4)

.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث مالك بن الحويرث: صلوا كما رأيتموني أصلي.

(1)

. صحيح البخاري (793) وصحيح مسلم (45 - 397).

(2)

. مسند أحمد.

(3)

. سبق تخريجه، ولله الحمد، انظر (ح 1187).

(4)

. صحيح البخاري (776)، وصحيح مسلم (155 - 451).

ص: 259

ورواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث

(1)

.

الدليل الرابع:

(ث-317) روى مالك في الموطأ، عن أبي نعيم: وهب بن كيسان،

أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فلم يُصَلِّ إلا وراء الإمام.

[صحيح موقوفًا، وروي مرفوعًا ولا يصح، وقد احتج به مالك وأحمد]

(2)

.

قيل لأحمد: من قال: لا تجزئ صلاة إلا بفاتحة الكتاب؟ قال: إذا كان خلف الإمام أجزأته على حديث جابر: إلا وراء الإمام، قال: وإذا جهر الإمام فلا يقرأ

(3)

.

(ح-1382) وروى ابن ماجه من طريق شعبة، عن مسعر، عن يزيد الفقير

عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب

(4)

.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا وكيع، عن مسعر به، وزاد: كنا

(1)

. صحيح البخاري (631)، وصحيح مسلم (292 - 674).

(2)

. موطأ مالك (1/ 84)، ومن طريق مالك أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2745)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (174)، الترمذي (313)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 218)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 228)، وفي القراءة خلف الإمام (349، 354، 355، 356، 357، 358)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

ورواه يحيى بن سلام كما في سنن الدارقطني (1241)،

والبيهقي في القراءة خلف الإمام (350) من طريق عبد الله بن محمد السعدي، أخبرنا إسماعيل بن موسى السدي، كلاهما (يحيى بن سلام، والسدي) روياه عن مالك بن أنس به مرفوعًا.

قال الدارقطني: يحيى بن سلام ضعيف، والصواب موقوف.

وقال البيهقي: وهم الراوي عن إسماعيل السدي في رفعه بلا شك فيه، فقد خالفه الثبت، عن إسماعيل بن موسى، ثم رواه البيهقي في القراءة خلف الإمام (351) من طريق السري بن خزيمة، أخبرنا إسماعيل بن موسى السدي، أخبرنا مالك به موقوفًا.

قال لنا أبو عبد الله فيما قرئ عليه: سمعت أبا عبد الله يقول: سمعت السري بن خزيمة يقول: لا أجعل في حل من روى عني هذا الخبر مرفوعًا، فإنه في كتابي موقوف.

(3)

. مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (2/ 527) رقم: 194.

(4)

. سنن ابن ماجه (843).

ص: 260

نتحدث أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد

(1)

.

[صحيح موقوفًا]

(2)

.

الدليل الخامس:

ولأنها ركعة يجب فيها القيام والركوع والسجود فوجب فيها القراءة مع القدرة كالركعة الأولى.

* دليل من قال: فرض القراءة في الركعتين الأوليين:

الدليل الأول:

استدلوا بقوله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20].

والأمر بالفعل لا يقتضي التكرار، وإنما أوجبنا في الثانية استدلالًا بالأولى؛ لأنهما يتشاكلان من كل وجه، فأما الأخريان فيفارقانهما في حق السقوط في

(1)

. المصنف (3728).

(2)

. ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام (176) حدثنا أبو نعيم.

وابن ماجه (843)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 243)، وفي القراءة خلف الإمام (228)، من طريق شعبة.

والطحاوي في مشكل الآثار (1251)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 92)، وفي القراءة خلف الإمام (47)، من طريق يحيى بن سعيد،

والبيهقي في القراءة خلف الإمام (359) من طريق بكير بن بكار،

وأبو نعيم في الحلية (7/ 269) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، خمستهم رووه عن مسعر به.

وتابع مالكًا الوليد بن أبي هشام (صدوق)، فرواه عن وهب بن كيسان به.

رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3621)، حدثنا ابن علية، عن الوليد بن أبي هشام به.

ورواه داود بن قيس، كما في مصنف عبد الرزاق (2661)، والأوسط لابن المنذر (3/ 113).

وأيوب بن موسى كما في شرح معاني الآثار (1/ 210)،

وأسامة بن زيد، كما في شرح معاني الآثار (1/ 210)،

وبكير بن عبد الله بن الأشج كما في شرح معاني الآثار (1/ 210)،

وعثمان بن الضحاك بن عثمان (ضعفه أبو داود) عن أبيه، كما في المعجم الأوسط (9248)، خمستهم عن عبيد الله بن مقسم (ثقة)، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (3786) حدثنا وكيع، عن الضحاك بن عثمان، عن عبيد الله ابن مقسم به، بلفظ: لا يقرأ خلف الإمام. وسنده صحيح.

ص: 261

السفر، وصفة القراءة وقدرها، فلا يلحقان بهما.

ولأن الصلاة المصرح بها إذا أطلقت تنصرف إلى الصلاة الكاملة وهي الركعتان عرفًا؛ لعدم شرعية الواحدة عند الحنفية

(1)

.

الدليل الثاني:

(ث-318) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق،

عن علي وعبد الله، أنهما قالا: اقرأ في الأوليين، وسبح في الأخريين

(2)

.

[إسناده ضعيف]

(3)

.

(1)

. انظر فتح القدير لابن الهمام (1/ 452، 453).

(2)

. المصنف (3742).

(3)

. فيه علتان: شريك سيئ الحفظ، وأبو إسحاق لم يسمع من علي وابن مسعود.

وروى معمر، عن الزهري، واختلف على معمر:

فرواه عبد الرزاق في المصنف (2656) ومن طريقه الطحاوي في مشكل الآثار (12/ 52) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: كان -يعني عليًّا- يقرأ في الأوليين من الظهر والعصر بأم القرآن وسورة، ولا يقرأ في الأخريين. قال الزهري: وكان جابر بن عبد الله يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بأم القرآن وسورة، وفي الأخريين بأم القرآن. قال الزهري: والقوم يهتدون بإمامهم.

وهذا إسناد رجاله ثقات.

وخالف عبد الرزاق يزيد بن زريع، وعبد الأعلى الشامي، فرواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 239) من طريق يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي: أنه كان يأمر، أويحث أن يقرأ خلف الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب.

قال البيهقي: وكذا رواه عبد الأعلى الشامي، عن معمر.

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 239)، وفي القراءة خلف الإمام (226)، من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن عليٍّ، وعن مولى لهم عن جابر، قالا: يقرأ الإمام ومن خلفه في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

قال البيهقي في السنن: وفي كل ذلك دلالة على ضعف ما روي عن علي رضي الله عنه بخلافه في أسانيد لا يسوى ذكرها لضعفها.

وروى محمد بن الحسن في موطأ مالك (120) أخبرنا محمد بن أبان بن صالح القرشي، عن حماد، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، أن عبد الله بن مسعود كان لا يقرأ خلف الإمام فيما جهر فيه، وفيما يخافت فيه في الأوليين، ولا في الأخريين، وإذا صلى وحده قرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، ولم يقرأ في الأخريين شيئًا.

ومحمد بن أبان القرشي، قال البخاري: ليس بالقوي.

ص: 262

* ويجاب بجوابين:

الجواب الأول:

أن قول الصحابي يحتج به بشرطين:

الأول: ألا يخالف نصًّا مرفوعًا.

والثاني: ألا يخالفه صحابيٌّ آخر، وأثر علي رضي الله عنه قد خالف المرفوع من حديث أبي قتادة وسبق ذكره في أدلة الجمهور، وخالفه جابر رضي الله عنه.

الجواب الثاني:

أن عليًّا رضي الله عنه قد اختلف القول عنه، قال ابن عبد البر في الاستذكار: رواه أهل الكوفة عن عليٍّ، وروى عنه أهل المدينة خلاف ذلك

(1)

.

وقول علي رضي الله عنه الموافق للسنة أولى بالقبول من المخالف لها.

* دليل من قال: إذا قرأ في ثلاث أجزأته:

قال إسحاق: «إذا قرأ في ثلاث ركعات بفاتحة الكتاب أجزأه، لا شك في ذلك؛ لإجماع الأمة أنه إذا أدرك الإمام راكعًا كبر، وقد أدرك الركعة وقراءتها»

(2)

.

* ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

بأن الدليل أخص من المدلول، فإن سقوط القيام والقراءة عن المأموم إذا أدرك الإمام راكعًا لا يدل على سقوط القيام والقراءة عن الإمام والمنفرد إذا ترك القراءة متعمدًا في ركعة من أربع ركعات، والله أعلم.

الوجه الثاني:

أن البخاري وابن حزم قد أنكرا أن يكون في المسألة إجماع، والخلاف فيها

(1)

. الاستذكار (1/ 451).

(2)

. مسائل الإمام أحمد وإسحاق (2/ 530).

ص: 263

محفوظ حتى بين الصحابة رضي الله عنهم، وسوف يأتي بحث المسألة إن شاء الله تعالى في مظانها.

* الراجح:

أرجح الأقوال هو القول بوجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، والله أعلم.

* * *

ص: 264