الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغصن الثالث في تأمين المأموم إذا ترك إمامه التأمين
المدخل إلى المسألة:
* التأمين سنة قولية للإمام والمأموم.
* إذا ترك الإمام التأمين أتى بها المأموم، قياسًا على الاستعاذة.
* إذا ترك الإمام السنن القولية لم يترك ذلك المأموم، وإن ترك السنن الفعلية اقتدى به المأموم إلا أن تكون السنة الفعلية خفيفة لا تظهر في فعلها مخالفة الإمام كجلسة الاستراحة.
* إذا أخفى الإمام التأمين جهر به المأموم.
* التأمين مشروع على دعاء الفاتحة، وليس على مطلق قراءة الفاتحة، فإذا لم يسمع الدعاء، ومنه قوله: ولا الضالين، وسمع الثناء في أول الفاتحة لم يؤمن.
[م-563] إذا ترك الإمام التأمين وسمع المأموم من الإمام قوله: {وَلَا الضَّالِّين} ، فهل يترك التأمين متابعة للإمام؟
هذه المسألة لا تتنزل على مذهب الحنفية؛ لأنهم يرون أن الإمام وغيره يؤمن سِرًّا، فإذا كان لا يجهر بالتأمين لم يهتد المصلي أترك إمامه التأمين أم فعله سرًّا
(1)
.
قال في كنز الدقائق: «وأمن الإمام والمأموم سِرًّا»
(2)
.
وسوف أتعرض إن شاء الله تعالى في البحث في صفة التأمين والجهر به.
(1)
. تبيين الحقائق (1/ 113)، حاشية ابن عابدين (1/ 492)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 52)، البحر الرائق (1/ 331).
(2)
. كنز الدقائق (ص: 163).
كما أن الإمام مالكاً يكره تأمين الإمام في الجهرية، كما في رواية المصريين عنه، فإذا ترك الإمام التأمين في الجهرية فالفعل جارٍ وفق المستحب على المشهور من المذهب
(1)
.
وقد ذكرنا أدلة المالكية في مسألة حكم التأمين، فارجع إليه إن شئت.
وأما الشافعية والحنابلة الذين يستحبون جهر الإمام بالتأمين فقد نصوا على أن المأموم لا يترك التأمين لترك الإمام
(2)
.
(3)
.
(4)
.
[م-564] وإن لم يسمع قول {وَلَا الضَّالِّين} ولكن سمع قراءته لبعض آيات الفاتحة، فهل يُؤَمِّن بالتحري؟
(1)
. قال خليل في التوضيح (1/ 343): «ويؤمن الإمام إذا أسر اتفاقًا، فإذا جهر، فروى المصريون: لا يؤمن. وروى المدنيون: يؤمن .. والمشهور رواية المصريين» .
وانظر: جامع الأمهات (ص: 94)، المنتقى للباجي (1/ 162)، الخرشي (1/ 282)، الشرح الكبير (1/ 248)، التاج والإكليل (2/ 243).
(2)
. الأم (1/ 131)، المجموع (3/ 372)، مغني المحتاج (1/ 361)، المهمات في شرح الروضة والرافعي (3/ 62)، تحرير الفتاوى (1/ 247)، بحر المذهب للروياني (2/ 33)، الكافي لابن قدامة (1/ 247)، المغني لابن قدامة (1/ 353)، الفروع (2/ 176)، المبدع (1/ 388)، الإنصاف (2/ 51)، الإقناع (1/ 117)، شرح منتهى الإرادات (1/ 190).
(3)
. المجموع شرح المهذب (3/ 372).
(4)
. المغني (1/ 353).
فقيل: لا يُؤَمِّن، ولا يتحرى، وهو الأظهر في مذهب المالكية، ووجه في مذهب الشافعية
(1)
.
لظاهر حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال الإمام: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين
…
الحديث
(2)
.
ولأنه لو تحرى لربما أوقعه في غير موضعه.
وقيل: يتحرى ويُؤَمِّن، وبه قال ابن عبدوس من المالكية، وهو قول في مقابل الأظهر عندهم
(3)
.
وهذا القول مقيد بما إذا سمع بعض الفاتحة من الإمام، ولم يسمع قوله: ولا الضالين، أما إذا لم يسمع قراءة الإمام مطلقًا فقد تقدمت هذه المسألة، وأن المالكية يرون أنه لا يؤمن على قراءة نفسه؛ لأنه لا يشرع له القراءة، ولا على قراءة إمامه؛ لأنه لم يسمع منه قراءة شيء من الفاتحة، والله أعلم.
* والراجح:
أن المأموم إذا لم يسمع قراءة إمامه مطلقًا فهو مأمور بالقراءة، فيستحب له التأمين على قراءته لنفسه سِرًّا، وإذا سمع أول الفاتحة، ولم يسمع قوله: ولا الضالين فهو لا يؤمن أيضًا؛ لأن التأمين على دعاء الفاتحة، وليس على مطلق قراءة الفاتحة،
(1)
. الفواكه الدواني (1/ 178)، الشرح الكبير للدردير (1/ 248)، شرح مختصر خليل (1/ 282)، التاج والإكليل (2/ 243)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 326).
جاء في حاشية الشرواني (2/ 50): «ولو سمع بعضها، فهل يؤمن مطلقًا، أو لا يؤمن مطلقًا، أو يقال: إن سمع ما قبل اهدنا لم يؤمن، أو هي وما بعدها أمن، محل تأمل. بَصْريٌّ ونقل عن حاشية الشارح على فتح الجوَّاد ما نصُّه: والذي يتجه أن العبرة بالآخِر؛ لأنه الذي يليه التأمين، لكن هل يشترط كونه جملة مفيدة من الفاتحة أو من غيرها، الأقرب نعم، فيكفي سماع: ولا الضالين مثلًا. اهـ» . وقد نص بعض الشافعية على أن المأموم لا يؤمن على إمامه إلا إن سمع قراءته. انظر: تحفة المحتاج (2/ 50)، الغرر البهية (1/ 325).
(2)
. صحيح البخاري (782).
(3)
. انظر: الفواكه الدواني (1/ 178)، الشرح الكبير للدردير (1/ 248)، منح الجليل (1/ 259)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 374)
وإذا لم يسمع الدعاء، ومنه قوله: ولا الضالين فإنه لا يؤمن؛ لظاهر حديث أبي هريرة مرفوعًا: إذا قال الإمام: {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين
…
الحديث
(1)
.
ولأن العبرة بسماع آخر الفاتحة؛ لأنه هو الذي يليه التأمين، والله أعلم.
* * *
(1)
. صحيح البخاري (782).