المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٢

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل التاسع في سكتات الصلاة

- ‌المبحث الأول في سكوت الإمام لدعاء الاستفتاح

- ‌الفرع الأول في حكم الاستفتاح

- ‌الفرع الثاني في قول المصلي (وأنا أول المسلمين) إذا استفتح بحديث علي رضي الله عنه

- ‌الفرع الثالث في استحباب الاستفتاح للمأموم

- ‌الفرع الرابع في استفتاح المأموم فيما يجهر به الإمام

- ‌الفرع الخامس في الأفضل من صيغ الاستفتاح

- ‌الفرع السادس السنة الاستفتاح الإسرار به

- ‌الفرع السابع في مشروعية سجود السهو لترك الاستفتاح

- ‌الفرع الثامن في فوات الاستفتاح

- ‌المطلب الأول في فوات الاستفتاح إذا شرع بالتعوذ

- ‌المطلب الثاني في استفتاح المسبوق إذا أدرك الإمام قائمَا في غير الركعة الأولى

- ‌المبحث الثاني في استحباب سكتة لطيفة بين الفاتحة والتأمين

- ‌المبحث الثالث في سكوت الإمام بعد الفراغ من التأمين

- ‌المبحث الرابع في حكم السكتة بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع

- ‌الباب السادس القراءة في الصلاة

- ‌الفصل الأول في قراءة الفاتحة وما يرتبط بها

- ‌المبحث الأول في حكم الاستعاذة

- ‌المبحث الثاني في صفة الاستعاذه

- ‌المبحث الثالث في محل الاستعاذه

- ‌المبحث الرابع في الجهر بالاستعاذة

- ‌المبحث الخامس في تكرار الاستعاذة في كل ركعة

- ‌المبحث السادس في مشروعية البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في قرآنية البسملة

- ‌الفرع الثاني في قراءة البسملة في الصلاة

- ‌الفرع الثالث في الجهر بالبسملة

- ‌المبحث السابع في قراءة الفاتحة في الصلاة

- ‌الفرع الأول في حكم قراءتها

- ‌الفرع الثاني

- ‌الفرع الثالث

- ‌الفرع الرابع في تكرار الفاتحة في كل ركعة

- ‌الفرع الخامس في قراءة المأموم فاتحة الكتاب

- ‌الفرع السادس في شروط قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في وجوب قراءة الفاتحة بتشديداتها

- ‌المسألة الثانية في اشتراط الموالاة في قراءة الفاتحة

- ‌المسألة الثالثة في تنكيس القراءة

- ‌الفرع السابع في العجز عن قراءة الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الأولى إذا لم يحسن القراءة من القرآن مطلقًا

- ‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة

- ‌المسألة الثانية في المصلي إذا لم يعرف إلا بعض الفاتحة فقط

- ‌المسألة الثالثة في المصلي إذا كان معه بعض الفاتحة وغيرها من القرآن

- ‌المسألة الرابعة في المصلي يعجز عن الفاتحة ويعرف غيرها من القرآن

- ‌المسألة الخامسة في مقدار ما يجزئ عن الفاتحة من القرءان

- ‌المسألة السادسة في اشتراط أن تكون الآيات متوالية منتظمة المعنى

- ‌المسألة السابعة إذا عجز عن القرآن والذكر

- ‌الفرع الثامن في التأمين على دعاء الفاتحة

- ‌المسألة الأولى في معنى التأمين

- ‌المسألة الثانية في فضل التأمين

- ‌المسألة الثالثة في حكم التأمين

- ‌المطلب الأول في حكم التأمين خارج الصلاة

- ‌المطلب الثاني في التأمين داخل الصلاة

- ‌البند الأول في تأمين المنفرد والإمام

- ‌البند الثاني في تأمين المأموم

- ‌المقصد الأول في تأمين المأموم في السرية

- ‌المقصد الثاني في تأمين المأموم في الجهرية

- ‌الغصن الأول في تأمين المأموم على قراءة نفسه وعلى قراءة إمامه

- ‌الغصن الثاني في تأمين المأموم إذا لم يسمع قراءة إمامه

- ‌الغصن الثالث في تأمين المأموم إذا ترك إمامه التأمين

- ‌المسألة الرابعة في صفة التأمين

- ‌المطلب الأول في صفة تأمين الإمام

- ‌المطلب الثاني في صفة تأمين المأموم

- ‌المطلب الثالث في صفة تأمين المنفرد

- ‌المسألة الخامسة في موافقة المأموم للإمام في التأمين

- ‌المسألة السادسة في فوات التأمين

- ‌المسألة السابعة في حكم الزيادة على التأمين

- ‌الفصل الثاني في الأحكام المتعلقة بقراءة ما زاد على الفاتحة

- ‌المبحث الأول في حكم قراءة ما زاد على الفاتحة للإمام والمنفرد

- ‌الشرط الثاني: ألا يخالفه غيره من الصحابة

الفصل: ‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة

‌مطلب في تعين بدل القرآن بجمل معينة

المدخل إلى المسألة:

* كل ذكر مقيد لا يتجاوز به الصفة الواردة، قياسًا على تكبيرة الإحرام والتشهد، وأدعية الاستفتاح، بخلاف الذكر المطلق؛ لقول النبي للصحابي الذي قال: آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت، فقال له النبي: قل: وبنبيك الذي أرسلت.

* الفاتحة مع القدرة عليها لا يغني عنها غيرها؛ لتعيينها بالنص، فكذلك الذكر الوارد بدلًا من الفاتحة لا يغني عنه غيره؛ لتعيينه بالنص.

[م-546] جاء في حديث ابن أبي أوفى أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني لا أستطيع آخذ شيئًا من القرآن، فعلمني ما يجزئني، قال: قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله

الحديث.

رواه أحمد من طريق سفيان، عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن إبراهيم السكسكي، عن ابن أبي أوفى

(1)

.

[حسن إن شاء الله]

(2)

.

فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي أوفى من الأذكار خمس جمل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول، ولا قوة إلا بالله.

(1)

. مسند أحمد (3/ 353).

(2)

. سبق تخريجه في المبحث السابق، ولله الحمد.

ص: 460

وفي حديث رفاعة ذكر ثلاث جمل: (وإن لم يكن معك قرآن، فاحمد الله وهلله وكبِّره)

(1)

.

فحديث ابن أبي أوفى اشتمل على حديث رفاعة، وزاد عليه بذكر التسبيح والحوقلة.

فاختار الشافعية في الصفة حديث ابن أبي أوفى لكماله، وهو قول عند الحنابلة.

واختار الحنابلة في المعتمد إسقاط الحوقلة، وإثبات التسبيح، فأخذوا من حديث ابن أبي أوفى التسبيح وحده.

واختلف القائلون بمشروعية البدل عن القراءة، في هذه الجمل، أكان ذكرها ذلك على سبيل المثال، فيقوم غيرها مقامها، أم أن ذكرها كان على سبيل التعيين الذي لا يصح غيره؟

فيه ثلاثة أقوال، كلها وجوه في مذهب السادة الشافعية.

فقيل: تَتَعَيِّن هذه الجمل، وتكفيه هذه الكلمات الخمس، وهو وجه في مذهب الشافعية، والمذهب عند الحنابلة

(2)

.

واستدلوا: بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على هذه الجمل بلفظ الأمر: (قُلْ) فتعينت.

ولأن هذه الجمل هي أحب الكلام إلى الله، فلا يقاس عليها غيرها.

(ح-1415) فقد روى مسلم من طريق زهير، حدثنا منصور، عن هلال بن يساف، عن ربيع بن عُمَيْلَةَ،

عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. لا يضرك بأيهن بدأت

(3)

.

ولأن العبادة إذا كانت من الذكر المقيد لم يتجاوز به الصفة الواردة، قياسًا على تكبيرة الإحرام والتشهد في الصلاة، بخلاف الذكر المطلق.

ولأن البدل إذا كان من غير الجنس لم يشترط المساواة كالتيمم، والمسح على

(1)

. مسند أبي داود الطيالسي (1469).

(2)

. البيان في مذهب الشافعي للعمراني (2/ 198)، المجموع (3/ 377)، روضة الطالبين (1/ 245)، فتح العزيز (3/ 342)، الإنصاف (2/ 53)، المبدع (1/ 388)، شرح منتهى الإرادات (1/ 190)، كشاف القناع (1/ 341)، الإقناع (1/ 117). .

(3)

. صحيح مسلم (12 - 2137).

ص: 461

الخفين، ونحوهما.

وقيل: لا يتعين شيء من الأذكار، بل يجزيه كل ذكر لله يقوله المصلي، وهو الأصح في مذهب الشافعية

(1)

.

قال الرافعي: «أصحهما أنه لا يتعين شيء من الأذكار، وبه قال أبو إسحاق المروزي، وهذا هو الذي ذكره في الكتاب؛ لأنه أطلق، فقال: فيأتي بتسبيح، وتهليل، وعلى هذا فتعرض الخبر للكلمات الخمس جرى على سبيل التمثيل»

(2)

.

* ويستدل لهذا القول بما يلي:

الدليل الأول:

أن المقصود من إقامة الصلاة ذكر الله، قال تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

فالذكر مطلق، فيشمل هذه الخمس وغيرها.

الدليل الثاني:

(ح-1416) ما رواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني، قال: حدثني يحيى بن علي بن خلاد، عن أبيه، عن جده،

عن رفاعة البدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد، قال رفاعة: ونحن عنده، إذ جاءه رجل كالبدوي، فدخل المسجد فصلى فأخف صلاته

وذكر قصة المسيء صلاته، وفيه: .... فقال: يا رسول الله، أرني وعلمني فإني بشر أصيب وأخطئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله، ثم كَبِّر، فإن كان معك قرآن فاقرأه وإن لم يكن معك قرآن فاحمد الله وهلله وكبِّره

(3)

.

[تفرد بقوله: (وإن لم يكن معك قرآن فاحمد الله

إلخ) يحيى بن علي

(1)

. نهاية المطلب (2/ 147)، فتح العزيز (3/ 342)، المجموع (3/ 377)، تحفة المحتاج (2/ 46)، روضة الطالبين (1/ 245).

(2)

. فتح العزيز (3/ 342).

(3)

. مسند أبي داود الطيالسي (1469).

ص: 462

ابن خلاد، عن أبيه، وقد رواه جماعة عن علي بن خلاد ولم يذكروا هذا الحرف]

(1)

.

وجه الاستدلال:

ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي أوفى خمس جمل، وذكر في حديث ابن رفاعة ثلاث جمل مسقطًا التسبيح والحوقلة، فدل على أن ذكرها على سبيل المثال؛ إذا لو كان التعيين واجبًا لكان المقدار في الحديثين واحدًا.

* ويناقش:

بأن حديث رفاعة لم يثبت، وبالتالي يكون الاعتماد في العدد على حديث ابن أبي أوفى، فهو أكمل لفظًا، وأصح إسنادًا.

وحديث ابن أبي أوفى جاء فيه الذكر بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام، وحديث رفاعة جاء بصيغة الفعل الدال على التجدد والحدوث، والأول أرجح.

الدليل الثالث:

القرآن بدل عن الفاتحة إذا عجز عن تحصيل الفاتحة، والذكر بدل عن القرآن، وغير الفاتحة من القرآن لا يتعين، فكذلك الذكر

(2)

.

* ويجاب من وجهين:

الوجه الأول:

ما ذكر من القياس هو من قياس الشبه، وهو من أضعف أنواع القياس، والراجح أنه لا يصح التعويل على مثل هذا النوع من القياس.

الوجه الثاني:

أن هذا القياس معارض بمثله أو أقوى منه، فالقرآن والذكر في الصلاة قسمان:

قسم متعين بالنص لا يغني غيره عنه مع القدرة عليه، كالفاتحة.

وقسم جاء النص بعدم تعيينه، بقوله تعالى:{فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فإذا عجز عن المعين انتقل إلى غير المعين.

فكذلك أذكار الصلاة منها ما هو معين بالنص، وليس بالاجتهاد، كتكبيرة الإحرام، والجمل الخمس بدلًا عن الفاتحة، فهذا لا يغني عنه غيره، فكان يشبه

(1)

. انظر تخريجه (ح 1596).

(2)

. مغني المحتاج (1/ 359).

ص: 463

الفاتحة بتعيينه مع القدرة عليه، فكما أن الفاتحة مع القدرة عليها لا يغني عنها غيرها؛ لتعيينها بالنص، فكذلك الذكر الوارد بدلًا من الفاتحة لا يغني عنه غيره لتعيينه بالنص، وقد جاء التعيين بصيغة الأمر (قُلْ) فلا يتحقق الامتثال في غيره، وغيره ليس في فضله، كما دل عليه حديث سمرة.

ومن الذكر ما ورد مطلقًا، فجعل الاختيار للمصلي، كقوله صلى الله عليه وسلم: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء.

وقيل: إن الجمل الخمس تتعين، ويجب معها جملتان من الذكر، ليصير سبعة أنواع مقام سبع آيات، وهذا وجه ثالث في مذهب الشافعية، واختاره ابن عقيل والقاضي أبو يعلى من الحنابلة

(1)

.

وقيل: يكرره، أو يضيف إليه ذكرًا آخر حتى يكون بقدر الفاتحة، وهو قول في مذهب الحنابلة

(2)

.

* ورد:

بأن البدل إذا كان من غير الجنس لم يشترط المساواة في المقدار، كالتيمم والمسح على الخفين، بل حتى ولو كانا من جنس واحد، كما لو صام يومًا قصيرًا عن يوم طويل، فلا يجب تساويهما، والله أعلم.

* الراجح:

أنه لا يجوز استبدال الجمل بغيرها من الذكر، وأن ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم يتعين فرضًا بدلًا من الفاتحة، والله أعلم.

* * *

(1)

. روضة الطالبين (1/ 245)، الإنصاف (2/ 53).

(2)

. الإنصاف (2/ 53).

ص: 464