الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث في استحباب الاستفتاح للمأموم
المدخل إلى المسألة:
* كل ذكر مشروع للإمام والمنفرد فهو مشروع للمأموم إلا بدليل.
* كل أذكار الصلاة لا يتحملها الإمام عن المأموم إلا القراءة في الجهرية على الصحيح.
* إذا ترك الإمام بعض السنن القولية لم يستحب للمأموم متابعته على الترك.
* المتابعة المأمور فيها المأموم وردت مفسرة في الحديث: (فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا)، وليس في متابعته على ترك السنن المشروعة كالاستفتاح، وجلسة الاستراحة، ونحوهما.
[م-515] يستحب الاستفتاح لكل مُصَلِّ إمامًا كان، أو مأمومًا، أو منفردًا، وسواء أَسْتفتح الإمام أم لم يستفتح، وهو مذهب الجمهور القائلين بمشروعية دعاء الاستفتاح، ونسبه للجمهور ابن رجب
(1)
.
قال في بدائع الصنائع: ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، سواء كان إمامًا، أو مقتديًا، أو منفردًا»
(2)
.
وقال النووي في المجموع: «يستحب لكل مُصَلِّ، من إمام، ومأموم، ومنفرد، وامرأة، وصبي، ومسافر، ومفترض، ومتنفل، وقاعد، ومضطجع أن يأتي بدعاء
(1)
. فتح الباري لابن رجب (6/ 308)، بدائع الصنائع (1/ 202)، المجموع (3/ 318)، المغني (1/ 405)، نهاية المحتاج (1/ 474)، روضة الطالبين (1/ 240)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 95)، الإنصاف (2/ 232)، حاشية الروض المربع لابن قاسم (2/ 282)، الموسوعة الكويتية (4/ 53).
(2)
. بدائع الصنائع (1/ 202).
الاستفتاح عقب تكبيرة الإحرام»
(1)
.
وقال ابن حزم: سنة للإمام والمنفرد.
قال في المحلى: «والتوجيه سنة حسنة، وهو أن يقول الإمام والمنفرد بعد التكبير لكل صلاة فرض أو غير فرض، جهرًا أو سِرًّا ما حدثناه
…
ثم ساق بإسناده حديث الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر استفتح ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا
…
وذكر الحديث»
(2)
.
فظاهر قوله: يقول الإمام والمنفرد: أنه لا يراه للمأموم، وهذا قول ضعيف، ولا أعلم له دليلًا، فإن كان مبنيًّا على سقوط القراءة عن المأموم، وهذا مثله أو أولى، فهو قول ضعيف، وهو مبني على القياس، والظاهرية لا يقولون به، وإن كانوا يذهبون إلى قياس الأولى، ولا يعدونه من القياس، بل يدخل في عموم اللفظ.
والراجح قول جمهور العلماء:
(ح-1301) لما رواه مسلم من طريق عفان، حدثنا حماد، أخبرنا قتادة، وثابت، وحميد،
عن أنس، أن رجلًا جاء، فدخل الصف، وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات؟ فَأَرَمَّ القوم، فقال: أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا، فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها
(3)
.
(ح-1302) ومنها ما رواه مسلم من طريق أبي الزبير، عن عون بن عبد الله ابن عتبة،
عن ابن عمر، قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من
(1)
. المجموع (3/ 318).
(2)
. المحلى، مسألة (443).
(3)
. صحيح مسلم (149 - 600).
القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من القائل كلمة كذا وكذا؟ قال رجل من القوم: أنا، يا رسول الله قال: عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك
(1)
.
تابع أبا الزبير عمرو بن مرة، رواه النسائي من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عون بن عبد الله به
(2)
.
وإذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح في صلاته فالأصل التأسي به لقوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي إلا أن يدل دليل على اختصاص هذا الحكم بالإمام والمنفرد دون المأموم، ولا دليل على اختصاص دعاء الاستفتاح بالإمام والمنفرد، والله أعلم.
* * *
(1)
. صحيح مسلم (150 - 601).
(2)
. أخرجه النسائي في المجتبى (885)، وفي الكبرى (961)، وأبو عوانة في مستخرجه (1605).