الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثانى فى وجه تسمية الغزوة بالعسرة
قال البخاري باب غزوة تبوك، وهى العسرة:
حدثنى محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد اللَّه بن أبى بردة، عن أبى بردة، عن أبى موسى رضي اللَّه تعالى عنه قال: أرسلنى أصحابى الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان لهم، إذ هم معه فى جيش العسرة، وهى غزوة تبوك، فقلت يا نبي اللَّه: إن أصحابى أرسلونى اليك لتحملهم، فقال: واللَّه لا أحملكم على شئ، ووافقته وهو غضبان ولا أشعر، ورجعت حزينا من منع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن مخافة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وجده فى نفسه عليّ، فرجعت الى أصحابى، فأخبرتهم الذى قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ألبث الا سويعة، إذ سمعت بلالا ينادى: أى عبد اللَّه بن قيس، فأجبته. فقال: أجب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعوك، فلما أتيته قال: خذ هذين القرينين (1) وهذين القرينين لستة أبعرة أتباعهن حينئذ من سعد، فانطلق بهن الى أصحابك، فقال: ان اللَّه، أو قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحملكم
(1) القرينين المراد منه، الجملين المشدودين احدهما الى الآخر. وقيل النظيرين المتساووين قاله الحافظ فى الفتح (85/ 8).
على هؤلاء فاركبوهن، فانطلقت اليهم بهن، فقلت: ان النبي صلى الله عليه وسلم يحملكم على هؤلاء، ولكنى واللَّه لا أدعكم حتى ينطلق معى بعضكم الى من سمع مقالة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لا تظنوا أنى حدثتكم شيئا لم يقله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انك عندنا لمصدق، ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومنعه أياهم ثم أعطاهم بعد، فحدثوهم مثل ما حدثهم به أبو موسى (1).
قال مسلم فى صحيحه: حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبى النضر، قال: حدثنى أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا عبد اللَّه الاشجعى،
(1) البخارى (3/ 6) كتاب المغازى.
قلت: هذا الحديث أخرجه البخارى فى عدة مواضع، منها فى كتاب التوحيد (129/ 9) وفى كتاب الكفارات (123/ 8) و (124/ 8). وكتاب الذبائح والصيد (82/ 7). وفى كتاب الخمس (71/ 4). وغير ذلك من المواضع أخرجه أيضا فى كتاب الأيمان (108/ 8) وأخرجه مسلم فى كتاب الأيمان أيضا (82/ 5) والإمام أحمد فى مسنده (221/ 4). والنسائى فى كتاب الأيمان (9/ 3) تحت باب الكفارة قبل الحنث. وابن ماجه فى الكفارات (681/ 1).
انظر فتح البارى (84/ 8). فإن الحافظ استوعب الموضوع فى وجه التسمية. قلت: فالرواية هذه واضحة الدلالة على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من ضيق شديد فى كل شئ.
عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبى صالح، عن أبى هريرة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فى سير، قال: فنفدت ازواد القوم، قال: حتى همّ بنحر بعض حمائلهم، قال: فقال عمر: يا رسول اللَّه: لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت اللَّه عليها، قال: ففعل، قال فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره، قال: وقال مجاهد: وذو النواة بنواه، قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى، قال: كانوا يمصونه، ويشربون عليه الماء، قال: فدعا عليها، قال: حتى ملأ القوم أزودتهم، قال: فقال عند ذلك: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنى رسول اللَّه. لا يلقى بهما عبد غير شاك فيهما الا دخل الجنة (1).
(1) صحيح مسلم (41 - 42/ 1) والبداية والنهاية لابن كثير (9 - 10/ 5) قلت: قال النووى فى شرحه على مسلم (221 - 223/ 1): وفى الرواية الأخرى عن الأعمش، عن أبى صالح عن أبى هريرة، أو عن أبى سعيد، شك الأعمش، قال: لما كان يوم غزوة تبوك الحديث .. هذان الاسنادان مما استدركه الدارقطنى، وعلله، فأما الأول. فعلله من جهة أن أبا سلمة وغيره، خالفوا عبيد اللَّه الأشجعى فرووه عن مالك بن مغول، عن طلحة من أبى صالح مرسلا. وأما الثانى فعلله، لكونه اختلف فيه عن الأعمش -فقيل فيه: أيضا عنه عن أبى صالح. عن جابر، وكان الأعمش يشك فيه. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه اللَّه تعالى: هذان الاستدراكان من الدارقطنى مع أكثر استدراكاته على البخارى ومسلم لا قدح فى اسانيدهما، غير مخرج لمتون الاحاديث من حيز الصحة، وقد ذكر فى هذا الحديث: أبو مسعود ابراهيم ابن محمد الدمشقى الحافظ. فيما أجاب الدارقطنى عن استدراكاته على مسلم رحمه الله: أن الأشجعى ثقة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مجود فإذا جود ما قصر فيه غيره حكم له به. ومع ذلك فالحديث له أصل ثابت، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. برواية الأعمش له مسندا، وبرواية يزيد بن أبى عبيد، وأياس بن سلمة بن الأكوع عن سلمة. قال الشيخ أبو مسعود: رواه البخارى عن سلمة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وأما شك الأعمش فهو غير قادح، فى متن الحديث، فإنه شك فى عين الصحابى الراوى له، وذلك غير قادح، لان الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم كلهم عدول، هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو رحمه اللَّه تعالى. قال الامام النووى: قلت: وهذان الاستدراكان لا يستقيم واحد مهما. أما الأول، فلأنا قدمنا سابقا أن الحديث الذى رواه بعض الثقات موصولا وبعضهم مرسلا، فالصحيح الذى قاله الفقهاء وأصحاب الحديث: أن الحكم لرواية الوصل، سواء كان راويها أقل عددا من رواية الارسال، أو مساويا، لانها زيادة. قلت: وزيادة الثقة مقبولة. وهو موجود هنا كما قاله الحافظ أبو مسعود الدمشقى، جود وحفظ فإن قصر فيه غيره، وأما الثانى فلأنهم قالوا: إذا قال الراوى: حدثنى فلان أو فلان وهما ثقتان احتج به بلا خلاف. لان المقصود من الرواية عن ثقة مسمى، وقد حصل، وهذه قاعدة ذكرها الخطيب البغدادى فى الكفاية. انتهى كلام النووى. قلت: رجال الاسناد الذى دار عليهم الكلام كلهم ثقات أما عبيد اللَّه الأشجعى فهو عبيد اللَّه بن عبد الرحمن الاشجعى، أبو عبد الرحمن، الكوفى، ثقة، مأمون اثبت الناس كتابا فى الثورى، من كبار التاسعة، مات 182/ خ م ت س ق انظر التقريب (536/ 1) وأما مالك بن مغول فهو مالك بن مِغْوَل، بكسر أوله وسكون المعجمة، وفتح الواو الكوفى، أبو عبد اللَّه، ثقة، ثبت، من كبار السابعة، مات 159 على الصحيح/ انظر التقريب (226/ 2) وأما طلحة فهو طلحة بن مُصرف بضم أوله، فكسر مع التشديد، ابن عمرو بن كعب اليامى: بالتحتانية الكوفى، ثقة، قارئ، فافضل من الخامسة، مات 112 وبعدها/ انظر التقريب (379 - 380/ 1). وقال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما أبو صالح فهو ذكوان، أبو صالح، السمان الزيات المدنى، ثقة، ثبت، وكان يجلب الزيت الى الكوفة، من الثالثة، مات 101/ع التقرب (238/ 1).
أما كلام الامام النووى الذى يتعلق بزيادة الثقة والذى أحاله أبى الخطيب فهو موجود فى الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادى ص 424 - 475. وأما اشارة أبى مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقى الحافظ الى حديث أخرجه البخارى عن سلمة بن الأكوع عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت هو حديث أخرجه البخارى فى كتاب الشركة (120/ 3) عن سلمة بن الأكوع، وأما قول النووى: وفى الرواية الأخرى عن الأعمش الخ. . . فهى رواية أخرجها مسلم أيضا إذ يقول رحمه اللَّه تعالى: حدثنا سهل بن عمان، وأبو كريب محمد بن العلاء، جميعا عن أبى معاوية، قال: أبو كريب: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، أو عن أبى سعيد، شك الأعمش، قال: لما كان غزوة تبوك، أصاب الناس مجاعة قالوا: يا رسول اللَّه: لو أذنت لنا، فنحرنا نواضحنا، فأكلنا وأدهنا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: افعلوا قال: فجاء عمر فقال: يا رسول اللَّه: إن فعلت قل الظهر، ولكن أدعهم بفضل ازوادهم، ثم أدع اللَّه لهم عليها بالبركة، لعل اللَّه أن يجعل فى ذلك فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: فدعا بنطح فبسطه، ثم دعا بفضل ازوادهم، قال: فجعل الرجل يجئ بكف ذرة، قال: ويجئ الآخر بكف تمر قال: ويجئ الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شئ يسير، قال: فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبركة، ثم قال: خذوا فى أوعيتكم، قال: فأخذوا فى أوعيتهم حتى ما تركوا فى المعسكر وعاء إلا ملئوه. قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنى رسول اللَّه لا يلقى اللَّه بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة. انظر مسلما (26 - 27/ 1) والحديث بهذا السياق أخرجه أحمد في سنده (11/ 3) وأورده القرطبى فى تفسيره (279/ 8) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال: وقال ابن عرفة: سمى جيش تبوك جيش العسرة، لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ندب الناس، الى الغزوة فى حمارة، القيظ، فغلظ عليهم، وعسر، وكان ابان ابتياع الثمرة. وانما ضرب المثل بجيش العسرة، لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يغز قبله فى عدد مثله انتهى كلامه. قلت: وجه التسمية لهذه الغزوة بالعسرة، وجه معلوم، وأمر مبين، من هذه النصوص وما يخفى عليك ما جاء فى حديث كعب بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه الطويل، والذى أخرجه الشيخان وغيرهما. وفيه من الالفاظ التى تدل على الحالة العسرة التى وقعت فيها هذه الغزوة. أما قول القرطبى قال ابن عرفة الخ. . . فقلت: ابن عرفة هو الحسن بن عرفة بن يزيد العبدى أبو علي البغدادى، صدوق من العاشرة مات سنة 257 هـ ت - ن ق انظر التقرب (168/ 1). قلت: وله جزء لى الحديث ذكره الكتانى فى الرسالة المستطرفة ص 87. وصاحب معجم المؤلفين (245/ 1) وصاحب كشف الظنون (583/ 1) انظر التجريد الصريح للزبيدى (92 - 97/ 2) انظر الاحسان فى تقريب صحيح ابن حبان (151/ 1).
قال أبو جعفر:
حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنى عمرو بن الحارث (1) عن سعيد (2) بن أبى هلال، عن عتبة بن أبى عتبة (3)، عن نافع بن جبير بن مطعم (4)، عن عبد اللَّه بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطاب رحمة اللَّه عليه: حدثنا عن شأن العسرة، فقال: (خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الى تبوك فى قيظ شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقى على كبده، فقال
(1) عمرو بن الحارث، هو عمرو بن الحارث بن يعقوب الانصارى مولاهم، المصرى، أبو أيوب ثقة فقيه حافظ من السابعة، مات قديما، قبل الخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (67/ 2).
(2)
أما سعيد بن أبى هلال فهو سعيد بن أبى هلال الليثى مولاهم، أبو العلاء المصرى قيل: مدنى الأصل، وقال ابن يونس: بل نشأ بها، صدوق، لم أر لابن حزم فى تضعيفه سلفا، الا أن حكى عن أحمد أنه اختلط، من السادسة، مات بعد الثلاثين ومائة، وقيل: قبلها، وقيل: قبل الخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (307/ 1).
(3)
أما عتبة فهو عتبة بن مسلم المدنى، وهو ابن أبى عتبة، التيمى مولاهم، ثقة، من السادسة/ خ م س. ق انظر التقريب (5/ 2).
(4)
أما نافع بن جبير فهو نافع بن جبير بن مطعم النوفلى، أبو أحمد، أو أبو عبد اللَّه، المدنى، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 99/ ع انظر التقريب (295/ 2).
أبو بكر: يا رسول اللَّه إن اللَّه قد عودك فى الدعاء خيرا، فادع لنا، قال: أو تحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يديه، فلم يرجعهما حتى مالت السماء فأطلت، ثم سكبت، فملئوا ما معهم، ثم رجعنا ننظر فلم نجدها جاوزت المعسكر (1).
(1) تفسير بن جرير الطبرى (541/ 14) قال الحاكم فى المستدرك (159/ 1) حدثنا أبو سعيد اسماعيل ابن أحمد الجرجانى، أنبا محمد بن الحسن العسقلانى، ثنا حرملة بن يحيى، انبأ ابن وهب، أخبرنى عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن عتبة -وهو ابن أبى حكيم- عن نافع بن جبير عن عبد اللَّه بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب ثم ذكر الحديث.
قال العبد الفقير: ويتعجب من الحاكم رحمة اللَّه تعالى عليه إذ حكم على عتبة المذكور بانه ابن أبى حكيم، وهذا وهم ظاهر منه -رحمه اللَّه تعالى، بل هو عتبة بن مسلم لان عتبة بن أبى حكيم لم يعرف له سماع من نافع بن جبير، وقد ترجم له الحافظ فى التقريب وهو أيضا من الطبقة السادسة انظر التقريب (4/ 2)، والتهذيب (94/ 7). وتهذيب الكمال للمزى (903 - 904/ 4). فلم يثبتوا لهذا سماعا أو لقاء بيما أثبتوا لعتبة بن مسلم سماعا كثيرا. ومن هنا يتأكد تأكيدا بأن الحاكم رحمه اللَّه تعالى قد وهم. وان الشيخ ناصر الدين الالبانى الذى يعتبر اليوم نادرة فى هذا الفن قد اعتبر هذا وهما وقال ان هذا من أوهام الحاكم الكثيرة، قلت: ويتعجب من الامام الذهبي أيضا بأنه وافق الحاكم على هذا الوهم إذ قال: فى التلخيص (159/ 1): ابن وهب أنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن عتبة بن أبى حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس. . . ثم قال الذهبي: هذا الحديث على شرطهما.
قلت: كيف يكون على شرطهما؟ ان سلمنا جدلا ان هذا هو عتبة بن أبى حكيم قال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحافظ فى التقريب (5/ 2): فى ترجمته صدوق يخطئ كثيرًا من السادسة مات بصور مات بعد الأربعين ومائة رمز له بأنه من رجال البخارى فى أفعال العباد. نعم قد أخرج له البخارى انظر خلق أفعال العباد ص 31 و 43 وليس هو على شرطه فى الجامع الصحيح.
قال الذهبى فى الميزان (28/ 3): عتبة بن أبى حكيم عن مكحول وغيره قال أبو حاتم: صالح وقال ابن معين: ضعيف وقال مرة ثقة، ولينه أحمد، وهو متوسط حسن الحديث. ثم يحكم عليه الامام الذهبي اخيرا بحد ما يسوق عدة روايات جاءت عن طريقة قلت: هذا بعيد من الصحة. قال النسائي: ليس بالقوى. وقال: مرة ضعيف. قال العبد الفقير: لم يكن الحديث الذى قيل أنه جاء عن طريقه عند الحاكم صحيحا. وقد ثبت من هذا كله وهم الحاكم والذهبي معا رحمهما اللَّه تعالى.
وقد أورد الحديث الشيخ محمد الغزالى فى فقه السيرة ص 440 بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألبانى قال الألبانى معلقا على هذا الاثر: ذكره ابن كثير فى التاريخ (4/ 9) من رواية عبد اللَّه بن وهب بسنده عن ابن عباس ثم قال: اسناده جيد وهو عندى غير جيد، لأنه من رواية عتبة بن أبى عتبة وقد ذكره الحافظ فى اللسان (4/ 129) وذكر ان العقيلى أورده فى الضعفاء ثم ساق له حديثين، ثم قال: لا يتابع عل الحديثين جميعا، نعم: قد أورد الحديث الهيثمى فى المجمع (6/ 194 - 195) ثم قال: رواه البزار والطبرانى فى الأوسط ورجال البزار ثقات، فإذا صح هذا، فالحديث حسن ان شاء اللَّه تعالى أو صحيح انتهى تعليق الشيخ ناصر.
قلت: قال الحافظ فى اللسان (129/ 4): عتبة بن أبى عتبة القزاز له عن عكرمة لا يتابع عليه روى عن مالك بن الحسن وفى مالك نظر، قاله العقيلى ثم ساق الحديثين ثم قال فى نهاية الحديثين =
قال أبو جعفر:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} . . الآية الذين اتبعوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، قبل الشام فى لهبان الحر على ما يعلم اللَّه من الجهد أصابهم فيها جهد شديد،
= لا يتابع عليهما جميعا انتهى كلامه. فيظهر من هذا أن هذا هو القزاز وهو منكر الحديث وهو غير معروف سماعه عن نافع بن جبير وذاك لم يرو عن مالك بن الحسن الذى قال فيه الحافظ: وفى مالك، نظر، وقد رجع شيخنا الشيخ ناصر الدين الألبانى عما قاله فى هذا التحقيق على فقه السيرة لمحمد الغزالى الى أنه عتبة بن مسلم انظر تحقيقه على صحيح ابن خزيمة رقم الحديث 101 والصفحة 52 - 53: لكن ابن أبى هلال كان اختلط بآخر انتهى.
قلت: علل الحديث هنا فى صحيح ابن خزيمة بأنه روى عن طريق سعيد بن أبى هلال فى حال الاختلاط، وسكت، لم يأت الشيخ بالدليل الذى يمكن أن يكون قاطعا فى المسئلة. قال العبد الفقير: أظن ليس هذا مما درج عليه المحدثون من ترك حديثه فهذا إمام البخارى رحمه اللَّه تعالى قد أخرج له فى صحيحه جملة من الأحاديث فى الأصول وهو ثقة فقيه حافظ، ولم يكن اختلاطه قد بلغ إلى حد يمكن أن يترك حديثه فهذا شريك بن عبد اللَّه القاضى الذى اختلط وتغير عندما تولى القضاء. فاشهر أمره وشاع صيته ولم يكن أمر سعيد بن أبى هلال كهذا واللَّه تعالى أعلم.
حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين، كان يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتناولون التمرة بينهم يمصها هذا، ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا، ثم يشرب عليها -فتاب اللَّه عليهم، وأقفلهم من غزوهم (1).
قال أبو جعفر:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد، (فى ساعة العسرة) فى غزوة تبوك (2).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (55/ 11)
قال السيوطى فى الدر المنثور (3/ 386): اخرج ابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ثم ذكر الحديث.
انظر تفسير ابن كثير مع البغوى فإنه ذكر هذه الرواية (4/ 257).
قلت: ان هذا الأثر مقطوع من كلام قتادة بن دعامة السدوسى وقد صح الإسناد اليه. انظر تفسير القاسمى (8/ 3286 - 3287). وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (212 - 213/ 4). والبحر المحيط لأبي حيان (106 - 107/ 5) والكشاف للزمخشرى (570/ 1). وروح المعانى للألوسى (40 - 41/ 11). وزاد المسير لابن الجوزى (511 - 512/ 3). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (86 - 87/ 2).
(2)
تفسير ابن جرير الطبرى (55/ 11).
قلت: هذا الأثر صحيح الإسناد الى مجاهد وهو أثر مقطوع، وأورده السيوطى فى الدر المنثور (286/ 3) والشوكانى فى فتح القدير (394/ 2) وابن كثير فى تفسيره (396/ 2) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن الجوزى فى زاد المسير (511 - 512/ 3). انظر تفسير القرطبى (277 - 281/ 8). وقال الشيخ محمود شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (540/ 14). هذا الأثر شبيه بأثر عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى. قلت: أورده ابن جرير الطبرى فى تفسيره (55/ 11) إذ قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عبد اللَّه بن محمد ابن عقيل (فى قوله تعالى {فِي سَاعَةِ العُسْرَةِ} قال: خرجوا فى غزوة تبوك: الرجلان والثلاثة على بعير. وخرجوا فى حرٍ شديد وأصابهم يومئذ عطش شديد، فجعلوا ينحرون ابلهم، فيعصرون اكراشها، ويشربون ماءها، وكان ذلك، عسرة من الماء، وعسرة من الظهر، عسرة من النفقة.
وقال الشيخ محمود (540/ 14): عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى منكر الحديث ليس بمتقن لحديثه، من جهة حفظه مضى برقم 487. قلت: قال الحافظ فى التقريب (448/ 2): صدوق فى حديثه لين، ويقال تغير آخرة من الرابعة مات بعد الأربعين ومائة / بخ د - ت ق.
وأما قول الشيخ محمود بأنه منكر الحديث فإنه نقل عن محمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى انظر التهذيب (14/ 6). قال الحافظ فى تهذيب التهذيب 15/ 6: قال محمد بن إسماعيل وهو مقارب الحديث قال ابن عدى: روى عنه جماعة من المعروفين الثقات. وهو خير من ابن سمعان ويكتب حديثه، وقال الساجي: كان من أهل الصدق: قلت: هو ليس بمنكر الحديث إنما ضعيف ويتحمل ضعفه واللَّه تعالى أعلم. وقال الذهبي فى الميزان: حديثه فى مرتبة الحسن الميزان (485/ 2).
قال أبو جعفر:
حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج عن ابن جريج من مجاهد. (ساعة العسرة) قال: غزوة تبوك. العسرة: أصابهم جهد شديد حتى ان الرجلين ليشقان التمرة بينهما، وإنهم ليمصون التمرة الواحدة، ويشربون عليها الماء (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى 55/ 11
قلت: ان هذا الأثر مقطوع من كلام مجاهد مع ضعف إسناده لان سنيد داود المصيصى ضعيف وأورده السيوطى فى الدرر المنثور (286/ 3).
وقد أخرجه ابن جرير الطبرى آثارًا أخرى بهذا المعنى ومنها قوله (55/ 11): حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} قال: غزوة تبوك. قلت: ابن وكيع ساقط الحديث وبقية رجاله ثقات. ثم قال: حدثنا زكريا بن عدى، عن ابن المبارك، عن معمر، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن جابر {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} قال عسرة الظهر، وعسرة الزاد، وعسرة الماء، قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل الهاشمى فإنه تكلم فيه من جهة حفظه -انظر السيوطى فى الدر (286/ 3) فإنه أشار التي هذا الأثر إذ قال: اخرج ابن جرير الطبرى، وابن المنذر، وابن مردويه، عن جابر ثم ذكر الحديث: وأما زكريا فقد قال الشيخ أحمد شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (362 - 363/ 2) هو زكريا بن عدى بن زريق التميمى الكوفى، ثقة جليل ورع قال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا صدوقًا وهو مترجم فى التهذيب، وفى التاريخ الكبير (2/ 1 / 387)، الصغير 232/ وابن سعد (6/ 284) وابن أبى حاتم (1/ 2/ 600)، ووقع هنا =
قال أبو جعفر: حدثنى إسحاق بن زيادة العطار، قال: حدثنا يعقوب بن محمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قيل: لعمر بن الخطاب رحمة اللَّه تعالى عليه، حدثنا عن شأن العسرة فقال: عمر: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ثم ذكر نحوه (1).
= فى المطبوعة "أبو زكريا" وزيادة أبو خطأ من ناسخ أو طابع، قلت: ذكر الحافظ فى تهذيب التهذيب (332/ 3): قال ابن سعد توفى فى بغداد فى جماد الأولى سنة 211 هـ وكان رجلًا صالحا ثقة، صدوقًا كثير الحديث، وقال مطين، وإسماعيل بن أبى الحارث، مات سنة 212 هـ زاد إسماعيل وابن حبان: يوم الخميس ليومين مضيا من جمادى الآخرة قلت:
وهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه اللَّه تعالى فى تعيينه هذا الرجل لانه يروى عنه أبو جعفر هنا فى تفسيره مباشرة ويقول حدثنا زكريا بن عدى ومن المعلوم أن أبا جعفر ولد فى 224 - وتوفي 310 هـ كيف تصح الرواية عنه فى مثل هذه الحالة وهذا وهم ولا شك، وليس هو زكريا ابن عدى وانما هو زكريا بن علي. ولم أجد لهذا الأخير ترجمة فى المراجع التى بين يدى واللَّه أعلم بالصواب.
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى ص (55 - 56/ 11).
إسحاق بن زيادة العطار لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. وقال الشيخ محمود شاكر معلقا على هذا الأثر (542/ 14) الأثر 17430 إسحاق بن زيادة العطار شيخ الطبرى مضى برقم 14146، ولم نجد له ذكرا وقد مضى هناك إسحاق بن أياد العطار النصرى بغير تاء، فى زياد فى المطبوعة، والمخطوطة، وغير ممكن فصل القول فى ذلك ما لم نجد له ترجمة تهدى إلى الصواب انتهى، قلت: سبق تخريج هذا الحديث فلا حاجة لاعادته هنا مرة ثانية، وأما قول الشيخ محمود شاكر: لم نجد له ترجمة فقلت: لا حاجة كبيرة فى تحصيل ترجمة لأن الحديث قد صح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عدنا بطريق سابقة لو وجدت الترجمة مع توثيق فيها، لكان يونس بن عد الأعلى الذى هو شيخ الطبرى فى الإسناد الأول متابعا قويا وبذلك يقوى الخبر واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
أما يعقوب بن محمد، فهو يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد، ابن عبد الرحمن، ابن عوف: الزهرى المدني، نزيل بغداد، صدوق كثير الوهم، والرواية عن الضعفاء، من كبار العشرة، مات سنة 213 هـ/ خت - ق انظر التقريب (377/ 2). انظر اتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة للحافظ أبى بكر البوصيرى ص 11.
* * *