الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع والخمسون فيما جاء فى وفاة عبد اللَّه ذى البجادين وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ودفنه إياه فى غزوة تبوك
قال ابن هشام (1) قال ابن اسحاق: حدثنى محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (2)، أن عبد اللَّه بن مسعود كان يحدث، قال:
قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، قال: رأيت شعلة من النار فى ناحية العسكر، قال: فأتبعتها انظر إليها، فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر وإذا عبد اللَّه ذو البجادين المزنى قد مات، وإذاهم قد حفروا له، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه إليه، وهو يقول: إدنيا إلىّ أخاكما، فدلياه إليه، فلما هيأه لشقه، قال: اللهم إنها أمسيت راضيا عنه، فارض عنه. قال: يقول عبد اللَّه بن مسعود ياليتنى كنت صاحب الحفرة
(1) ابن هشام هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى المعافرى، أبو محمد جمال الدين، صاحب المغازى، الذى هذب السيرة، ونقلها عن البكائي صاحب ابن اسحاق. وكان أديبا اخباريا نسابة سكن مصر، وبها توفى انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (374/ 1) والأعلام للزركلى (314/ 4) ووفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 290).
(2)
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمى، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة له افراد، من الرابعة مات سنة 120 على الصحيح / ع انظر التقريب (140/ 2) انظر المراسيل لابن أبى حاتم 69.
وإنما سمى ذا البجادين، لأنه كان ينازع الى الاسلام، فيمنعه قومه من ذلك، ويضيقون عليه، حتى تركوه فى بجاد ليس عليه غيره، والبجاد الكساء الغليظ الجافي، فهرب منهم الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما كان قريبا منه، شق بجاده باثنين، فأتزر بواحد، واشتمل بالآخر، ثم أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقيل له: ذوا البجادين لذلك، والبجاد أيضًا المسح (1).
(1) قلت: إنه يسمع من عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وإنه عنه مرسل انظر تهذيب الكمال للمزى (1156 - 1157/ 5) وقد سألت سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز عن هذا الاسناد فقال انه فيما يعلم: لم يسمع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود، والشيخ المذكور له علم واسع فى رجال الكتب الستة، ولو ثبت سماع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود لكان هذا الحديث بهذا الاسناد حسنا. والحديث قد أورده السيوطى فى الخصائص الكبرى (111/ 2): والامام ابن كثير فى البداية والنهاية (18/ 5) نقلا عن ابن اسحاق والامام ابن القيم فى زاد المعاد (6 - 7/ 3) وابن عبد البر فى الدرر مختصرا ص 258 وأبو نعيم فى دلائل النبوة ص 459 وصاحب السيرة الحلبية (3/ 299) وابن سيد الناس فى عيون الأثر (22/ 2). والواقدى فى مغازيه (1009 - 1014/ 3): إذ قال: حدثنى يونس بن محمد، عن يعقوب بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد ثم ذكر النص.
قلت: هذا الحديث عند الواقدي بهذا الاسناد موضوع، لأن فيه يونس بن محمد الصدوق.
قال الحافظ فى التقريب (386/ 2): يونس بن محمد الصدوق، كذاب من التاسعة.
وقال الذهبى فى الميزان (485/ 4): يونس الكذوب. ومنهم من يقول فيه الصدوق على سبيل التهكم. رآه أحمد بن حنبل عند إبراهيم بن سعد وسأله عن فائدة ذكرها العقيلى مختصرا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= انظر كتاب الضعفاء للعقيلى ص 241.
قلت فالحديث عند ابن هشام فى وفاة عبد اللَّه ذى البجادين منقطع. وعند الواقدى موضوع واللَّه تعالى أعلم بالصواب. ولم يصح فى ذلك شئ فيما علمت.
وقال الحافظ فى الإصابة (330/ 2) عبد اللَّه بن عبد فهم بن عفيف بن سحيم ابن عدي بن ثعلبة بن سعد المزنى -يقال اسمه عبد العزى فغيره النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحافظ الحديث الذى أخرجه ابن اسحاق فى السيرة فى وفاته، ثم قال الحافظ، رواه البغوى من هذا الوجه، ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا. ثم ذكر الحافظ للحديث طريقا آخر: وقال: وأخرجه ابن مندة من طريق سعد ابن الصلت ترجم له ابن أبى حاتم عن أبى وائل عن عبد اللَّه بن مسعود وقال: فذكره.
قلت: سعيد بن الصلت ترجم له ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل (86/ 2/ 1) ولم يعدله ولم يجرحه. وترجم له الذهبى فى العبر فى خبر من غبر إذ قال (320/ 1): هو قاضى شيراز، ومحدثها الكوفى روى عن الأعمش، وطبقته.
وقال سفيان: ما فعل سعد بن الصلت، قالوا له: ولى القضاء قال: ذره واقعد فى الحش، قلت: هذا الكلام يدل على الجرح، فلا حجة لنا فى حديثه واللَّه تعالى أعلم.
وأما ما أشار الحافظ فى الإصابة الى طريق بن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده نحوه.
قلت: كثير بن عبد اللَّه ترجم له الحافظ فى التقريب (132/ 2). إذ قال كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزنى، المدنى، ضعيف، من السابعة، منهم من نسبه الى الكذب / د ت ق. وقال الذهبى فى الميزان (406 - 408/ 3): قال ابن معين: ليس بشئ، وقال الشافعى وأبو داود =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد حديثه، وقال الدارقطنى وغيره: متروك. قال أبو حاتم: ليس بالمتين.
قلت: هذا الطريق من أوهى الطرف فى وفاة ذى البجادين واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
انظر تجريد اسماء الصحابة فى ترجمة ذى البجادين (299/ 1).
قلت: لم أجد اسنادا صحيحا سالما عن الكلام فى وفاته -واللَّه تعالى أعلم، انظر الفوائد لابن القيم ص 44.
* * *