الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس والستون فيما نزل من القرآن فى حثه على الصدق ولزوم الصادقين
قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة: 119.
قال أبو جعفر:
يقول تعالى ذكره: للمؤمنين معرفهم سبيل النجاة من عقابه، والخلاص من عذابه: يا أيها الذين آمنوا باللَّه ورسوله، اتقوا اللَّه وراقبوه بأداء فرائضه وتجنب حدوده، وكونوا فى الدنيا من أهل ولاية اللَّه وطاعته تكونوا فى الآخرة مع الصادقين فى الجنة، يعنى مع من صدق اللَّه والايمان به، فحقق قوله بفعله، ولم يكن من أهل النفاق فيه الذين يكذب قبلهم فعلهم.
ثم قال أبو جعفر: وإنما قلنا: ذلك معنى الكلام، لأن كون المنافق مع المؤمنين لم يكن نافعه بأى وجوه الكون كان معهم، إن لم يكن عاملا عملهم، وإذا عمل عملهم فهو منهم، وإذا كان منهم كان لا وجه فى الكلام أن يقال: اتقوا اللَّه وكونوا مع الصادقين، ولتوجيه الكلام الى ما وجهنا من تأويله فسر ذلك من فسره من أهل التأويل بأن قال: معناه: كونوا مع أبى بكر وعمر، أو مع النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين رحمة اللَّه عليهم (1).
(1) تفسير ابن جرير طبرى (62/ 11).=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال القرطبى: (288 - 289/ 8): هذا الأمر بالكون مع أهل الصدق بعد قصة الثلاثة حين نفعهم الصدق، وذب بهم عن منازل المنافقين. قال مطرف: سمعت مالك بن أنس يقول: قلما كان الرجل صادقا لا يكذب إلا متع بعقله، لم يصبه ما يصيب غيره من الهرم والخوف.
قلت: أخرجه مسلم فى صحيحه: قال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق فإِن الصدق يهدى الى البر، وإِن البر يهدى الى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا أو كما قال صلى الله عليه وسلم. انظر زاد المسير لابن الجوزى (513/ 3) وروح المعانى (45/ 11) والتفسير الكبير للرازى (220 - 222/ 16). والدر المنثور للسيوطى (289/ 3) وفتح البيان (214 - 215/ 4) والبحر المحيط لأبي حيان (111 - 112/ 5) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل (87/ 2). والكشاف (571/ 1) وابن كثير مع البغوى (258 - 266/ 4). انظر فى ظلال القرآن للسيد قطب (40 - 41/ 11).
قلت: والآن وقد انتهى الحديث عن المتخلفين جميعا، بقصة الثلاثة -يجيء البيان الشامل الحاسم لواجب أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب، ويجيء مع بيان الواجب بيان الجزاء عليه فاسمع إليه.
* * *
قال أبو جعفر:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهرى، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه، قال: لم أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها إلا بدرا، ولم يعاتب النبي صلى الله عليه وسلم احدا تخلف عن بدر، ثم ذكر نحوه (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (62/ 11).
قلت: رجال هذا الاسناد ثقات. وقد روى ابن جرير الطبرى حديث كعب بن مالك من عدة طرق صحيحة متصلة وهذه إحداها من الطرق الصحيحة. وهذه الطريق قد أخرج بها الإمام أحمد فى مسنده حديث كعب بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه انظر مسند الإمام أحمد (387 - 330/ 6) وانظر أيضًا (456/ 3) من طريق يعقوب بن إبراهيم عن ابن أخى الزهرى محمد بن عبد اللَّه عن عمه محمد ابن مسلم الزهرى الحديث بطوله انظر صحيح مسلم (98 - 100/ 17) مع النووى.
وقد أخرج ابن جرير الطبرى هذا السياق بإسناد آخر ضعيف وهو إذ يقول: حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن شهاب الزهرى، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمى، عن أبيه، أن أباه عبد اللَّه بن كعب، ثم ذكر نحو حديث محمد بن عبد الأعلى.
قلت: لم أجد هذا الأثر بهذا الاسناد فى سير ابن هشام لعله حذف اسانيد سيرة محمد بن إسحاق بن يسار المطلبى عندما هذب سيرته واللَّه تعالى أعلم انظر سيرة ابن هشام (175 - 181/ 4).
قال أبو جعفر:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن زيد بن أسلم، عن نافع، فى قوله تعالى:{اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال: مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (63/ 11).
قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إِلا محمد بن حميد الرازى فهو حافظ ضعيف، وقال السيوطى فى الدر المنثور (289/ 3): أخرج ابن جرير الطبرى وابن المنذر، وابن أبى حاتم عن نافع فى قوله ثم ذكرا الحديث؛ هو عند ابن جرير انظر فتح القدير للشوكانى (395/ 2).
وأما نافع، فهو نافع أبو عبد اللَّه المدنى، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك / ع انظر التقريب (296/ 2).
وقال أبو جعفر فى تفسيره (163/ 11): حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثنى حجاج عن ابن جريج، فى قوله تعالى {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فتأويله إن ذلك نهى من اللَّه عن الكذب.
قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا سنيد بن داود الذى هو الحسين وكان يلقن شيحه الحجاج بن محمد المصيصى كما قاله الحافظ فى التقريب والتهذيب.
* * *