الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن والستون فيما نزل من القرآن فى البشارة للمقاتلين فى سبيل اللَّه
قال أبو جعفر:
إن اللَّه ابتاع من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة، وعدا عليه حقا، يقول: وعدهم الجنة جل ثناؤه، وعدا عليه حقا أن يوفى لهم به فى كتبه المنزلة: التوراة والإنجيل والقرآن، إذا هم وفوا بما عاهدوا اللَّه، فقاتلوا فى سبيله ونصرة دينه اعداءه، فقتلوا وقتلوا، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}؟ ويقول جل ثناءه: ومن أحسن وفاء بما ضمن وشرطا من اللَّه. {فَاسْتَبْشِرُوا} يقول: ذلك للمؤمنين، فاستبشروا أيها المؤمنون الذين صدقوا اللَّه فيما عاهدوا {بِبَيْعِكُمُ} أنفسكم وأموالكم، بالذى بعتموها، من ربكم؟ فإن اللَّه ذلك هو الفوز العظيم (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (34/ 11).
انظر تفسير الآية فى زاد المسير لاين الجوزى (503 - 505/ 3) =
قال تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} التوبة: 121.
قال أبو جعفر:
يقول تعالى ذكره: ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ، وسائر ما ذكر، ولا ينالون من عدو نيلا، ولا ينفقون نفقة صغيرة فى سبيل اللَّه، ولا يقطعون مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوه واديا، إلا كتب لهم أجر عملهم ذلك، جزاء لهم عليه، كأحسن ما يجزيهم على أحسن أعمالهم، التى كانوا يعملونها وهم مقيمون فى منازلهم (1).
= قال القرطبى فى تفسيره: (267/ 8) أهل الشراء بين الخلق أن يعرفوا عما خرج من أيديهم ما كان أنفع لهم أو مثل ما خرج عنهم فى النفع، فاشترى اللَّه سبحانه وتعالى من العباد اتلاف أنفسهم، وأموالهم فى طاعته، وأهلاكها فى مرضاته وأعطاهم سبحانه وتعالى الجنة عوضا عنها إذا فعلوا ذلك. وهو عوض عظيم لا يدانيه عوض ولا يقاس به، فأجرى ذلك على مجاز ما يتعارفون به فى البيع والشراء. انظر تفسير الآية فى ابن كثير مع البغوى (246 - 247/ 4).
قال السيد صديق حسن خان فى فتح اليان (202 - 203/ 4) لما شرح اللَّه تعالى فضائح المنافقين وقبائحهم ببب تخلفهم عن غزوة تبوك وذكر أقسامهم، وفرع على كل قسم منها ما هو لائق به، عاد على بيان فضيلة الجهاد، والترغيب فيه.
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى (66/ 11).
قال ابن كثير فى تفسيره (267 - 268/ 4) مع البغوى. المراد بالآية هؤلاء الغزاة فى سبيل اللَّه {نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} أى قليلا ولا كثيرا {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} أى فى المسير الى الأعداء {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} ولم يقل ههنا (به) لأن هذه افعال صادرة عنهم، ولهذا قال {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} =
قال أبو جعفر:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فى قوله:{وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} . . الآية قال: ما ازداد قوم من أهليهم فى سبيل اللَّه بعدا، إلا ازدادوا من اللَّه قربا (1).
= أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وفد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه من هذه الآية الكريمة حظ وافر، ونصيب عظيم أنه أنفق فى هذه الغزوة النفقات الجليلة، والأموال الجزيلة كما قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: حدثنا أبو موسى الغنوى، ثم ذكر بعد ذكر الاسناد خطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة، عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه عليّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، الحديث.
قلت: أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (75/ 4) والبخاري بعض اجزاء هذا الحديث فى المناقب (12/ 5) انظر ابن الجوزى فى زاد المسير: (515/ 3) والقرطبى فى تفسيره (292 - 293/ 8).
قال القرطبى فى تفسيره: روى أبو داود عن أنس بن مالك: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديا من واد، إلا وهم معكم فيه قالوا: يا رسول اللَّه، كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر.
قلت: أخرجه البخارى فى كتاب المغازى (8/ 6) وفى كتاب الجهاد (21 - 22/ 4) وأخرجه مسلم فى كتاب الأمارة (49/ 6) وأبو داود فى كتاب الجهاد (17/ 3) وابن ماجه فى كتاب الجهاد (293/ 2).
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى (66/ 11).
قلت: إن رجال هذا الاسناد ثقات إلا ان المتن مقطوع من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والأثر غريب، لا حجة فى ذلك إلا إذا كان ورد عن طريق متصل صحيح مرفوع عن رسول اللَّه صل اللَّه عليه وسلم.
كيف يصح أن يقال ذلك: لأن أهل العذر، الذين تخلفوا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك ورد فى حقهم الحديث السابق الذى سبق تخريجه وهو قول صلى الله عليه وسلم "ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إِلا كانوا معكم حبسهم العذر" فأعطى صلى الله عليه وسلم للمعذرين القاعدين فى دورهم من الأجر ما أعطى للقوى الحامل المشترك فى الغزوة، وقد قال بعض الناس: إنما يكون الأجر للمعذور غير مضاعف، ويضاعف للعامل المباشر قال القرطبى فى تفسيره (292/ 8). قال القاضى ابن العربي: وهذا تحكم على اللَّه، وتضييق لسعة رحمته، وقد عاب بعض الناس فقال: إِنهم يعطون الثواب مضاعفا قطعا، ونحن لا نقطع قطعا بالتضعيف فى موضع، فإنه مبنى على مقدار النيات، وهذا أمر مغيب، والذى يقطع به أن هناك تضعيفا وربك أعلم بمن يستحقه ولو هو فى بيته مع عدم العمل لأن نيته كانت خالصة لو لم يكن معذورا لكان عاملا فعلا.
قلت: الظاهر من الأحاديث والآى المساواة فى الأجر، منهما قوله عليه السلام "من دل على خير فله أجر فاعله" أو كما قال عليه الصلاة والسلام:"نية المؤمن خير من عمله".
* * *