الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثانى والعشرون فى نفقة عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه تعالى عنه- فى غزوة تبوك
قال أبو جعفر:
حدثنى المثنى (1) قال: ثنا الحجاج بن المنهال الأنماطى (2) قال: ثنا أبو عوانة (3)
(1) انظر الصفحات السابقة فى ترجمة المثنى.
(2)
أما الحجاج بن المنهال الأنماطى: فهو كنيته أبو محمد السلمى البصرى ثقة فاضل من التاسعة انظر تهذيب الكمال للمزى (239/ 2) وتهذيب التهذيب (206 - 207/ 2) والكاشف للذهبى ص 26.
(3)
اما أبو عوانة فهو وضاح بتشديد المعجمة ثم مهملة ابن عبد اللَّه اليشكرى بالمعجمة الواسطي البزاز، أبو عوانة مشهور بكنيته، ثقة من السابعة مات (176/ ع انظر تقريب التهذيب (231/ 2).
قلت: وقع فى هذا الاسناد خطأ وهو أن أبا عوانة لم يلق أبا سلمة الذى هو عبد اللَّه أو يسمى باسماعيل كما ذكر الحافظ ابن حجر فى تقريبه (430/ 2) والصواب ثنا أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه انظر مجمع الزوائد للهيثمى (32/ 7) فانه ذكر هذا الاسناد كما ذكرت. إذ قال الهيثمي: عن أبى سلمة: عن أبى هريرة ثم قال: لم نسمع أحدا أسنده من حديث عمر بن أبى سلمة الا طالوت بن عباد وفيه عمر بن أبى سلمة وثقه العجلي وأبو خيثمة وابن حبان وضعفه شعبة وغيره وبقية رجالها ثقات. قلت: حديث البزار أورده الإمام ابن كثير فى تفسيره انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (212/ 4) وزد على ذلك ان المزئ ذكر فى تهذيب الكمال فى ترجمة وضاح بن عبد اللَّه اليشكرى هذا بانه روى عن جملة من المشائخ ومنهم عمر بن أبى سلمة. انظر تهذيب الكمال (1461/ 7).
عن أبى سلمة (1) عن أبيه (2) أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "تصدقوا فانى أريد أن أبعث بعثا" قال، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول اللَّه ان عندى أربعة آلاف: ألفين أقرضهما اللَّه وألفين لعيالى، قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "بارك اللَّه لك فيما أعطيت، وبارك لك فيما أمسكت" فقال رجل من الأنصار: وإن عندى صاعين من تمر، صاعا لربى، وصاعا لعيالى، قال: فلمزه المنافقون، وقالوا: ما اعطى ابن عوف هذا الا رياء، وقالوا: أو لم يكن اللَّه غنيا عن صاع هذا؟ فأنزل اللَّه {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} التى آخر الآية (3).
قال أبو جعفر:
حدثنى المثنى، قال: حدثنا محمد بن رجاء أبو سهل العبادانى (4)
(1) أما أبو سلمة فهو قيل اسمه عبد اللَّه وقيل اسماعيل ثقة مكثر من الثالثة/ ع انظر التقريب (430/ 2).
(2)
أما أبوه فهو الصحابى الجليل عبد الرحمن بن عوف الزهري انظر التقريب (494/ 1).
(3)
تفسير ابن جرير الطبرى (195 - 196/ 10).
قلت: ان هذا الاسناد حسن لغيره وقابل للاحتجاج انظر ترجمة عمر بن أبى سلمة فى التقريب (56/ 2) وللحديث شواهد ومتابعات ذكرها ابن جرير الطبرى فى تفسيره (191 - 196/ 10).
(4)
محمد بن رجاء أبو سهل العبادانى: لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى وأما النسبة فقد ذكرها السمعانى فى كتابه الانساب (339/ 2) إذ قال رحمه اللَّه تعالى: العبادانى بفتح العين المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة الدال والمهملة وبين الألفين وفى آخرها النون هذه النسبة الى عبادان وهي بلدة بنواحى البصرة فى وسط البحر وكان يسكنها جماعة من العلماء الزهاد وذكر أسماءهم وليس فيهم هذا العبادانى، ولو كان معروفا بالاخذ والسماع لكان مشهورا بين أقرانه فيظهر =
قال: ثنا عامر بن يساف اليمامى (1) عن يحيى بن أبى كثير اليمامى (2) قال: جاء عبد الرحمن بن عوف باربعة آلاف درهم الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه- مالى ثمانية آلاف، جئتك بأربعة آلاف، فاجعلها فى سبيل اللَّه، وأمسكت أربعة آلاف لعيالى، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بارك اللَّه فيما أعطيت، وفيما أمسكت، وجاء رجل آخر فقال: يا رسول اللَّه، بت الليلة أجر الماء على صاعين، فأما أحدهما فتركت لعيالي، وأما الآخر فجئتك به، اجعله فى سبيل اللَّه، فقال: بارك اللَّه لك فيما أعطيت وفيما أمسكت، فقال ناس من المنافقين، واللَّه ما اعطى عبد الرحمن إلا رياء وسمعة، ولقد كان اللَّه ورسوله لغنيين عن صاع فلان، فأنزل اللَّه:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} يعنى عبد الرحمن بن عوف {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} يعنى صاحب الصاع {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (3).
= من صنيع السمعانى بأنه مجهول واللَّه تعالى أعلم انظر تفسير ابن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (391/ 14) وانه أيضا لم يجد له ترجمة.
(1)
اما عامر بن يساف فهو عامر بن عبد اللَّه بن يساف وثقه ابن معين وغيره وقال ابن عدى منكر الحديث، انظر الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (329/ 1/ 3) ولسان الميزان (224/ 3).
(2)
اما يحيى بن أبى كثير فهو امام ثقة عابد من رواة الكتب الستة. انظر الانساب ص 602.
(3)
تفسير ابن جرير الطبرى (197/ 10).
قال العبد الفقير: انفرد ابن جرير الطبرى بهذا الاسناد مع ان المتن روى من طرق اخرى كثيرة منها ما هي مرسلة ومنها ما هي حسنة واللَّه تعالى أعلم بالصواب انظر تفسير ابن جرير الطبرى (194 - 198/ 10) وشرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور للسيوطى ص 32.
قال أبو جعفر:
حدثنى محمد بن سعد (1) قال: ثنى أبى (2)، قال: ثنى عمى (3) قال ثنى أبى (4)، عن أبيه (5) عن ابن عباس، قوله:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج الى الناس يوما فنادى فيهم: ان اجمعوا صدقاتكم فجمع الناس صدقاتهم، ثم جاء رجل من أحوجهم بمن من تمر، فقال: يا رسول اللَّه هذا صاع من تمر بت ليلتى أجر بالجرير والماء، حتى نلت صاعين من تمر، فأمسكت أحدهما، وأتيت بالآخر، فأمره
(1) محمد بن سعد العوفي لين الحديث انظر ترجمته فى تاريخ بغداد (322 - 323/ 5) ولسان الميزان للحافظ (174/ 5).
(2)
أبوه: سعد بن محمد بن الحسن العوفى ضعيف جدا، انظر تاريخ بغداد للخطيب (126 - 127/ 9) ولسان الميزان (18 - 19/ 3).
(3)
عن عمه -وهو الحسين بن الحسن بن عطية العوفي كان ضعيفا فى الحديث والقضاء انظر تاريخ بغداد (29/ 32/ 8).
(4)
عن أبيه: وهو الحسن بن عطية بن سعد العوفي ضعيف الحديث انظر التاريخ الكبير للبخاري (1/ 2/ 299) وتهذيب التهذيب (294/ 2).
(5)
عن جده: هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي ايضا انظر ابن سعد (212 - 213/ 1) والمجروحين لابن حبان (1/ 228) والتاريخ الكبير للبخارى (4/ 1/ 8 - 9) والصغير 126 وابن أبى حاتم (3/ 1/ 382 - 383) والتهذيب (224 - 226/ 7).
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن ينثره فى الصدقات، فسخر منه رجال وقالوا: واللَّه إن اللَّه ورسوله لغنيان عن هذا، وما يصنعان بصاعك من شيء. ثم أن عبد الرحمن بن عوف: رجل من قريش من بنى زهرة، قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل بقى من أحد من أهل هذه الصدقات؟ فقال: لا، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن عندى مئة أوقية من ذهب فى الصدقات، فقال له عمر بن الخطاب أمجنون أنت؟ فقال: ليس بى جنون، فقال: أتعلم ما قلت؟ فقال: نعم، مالي ثمانية آلاف: أما أربعة آلاف فاقرضها ربى، وأما أربعة آلاف فلي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بارك اللَّه لك فيما أعطيت وفيما أمسكت، وكره المنافقون فقالوا: واللَّه ما أعطى عبد الرحمن عطيته الا رياء، وهم كاذبون، انما كان به متطوعا، فأنزل اللَّه عذره، وعذر صاحبه المسكين الذى جاء بالصاع من التمر قال اللَّه فى كتابه:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الآية (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى- (194 - 195/ 10).
قلت: ان هذا الاسناد من أكثر الاسانيد دورانا فى تفسير الطبرى وهو اسناد مسلسل بالضعفاء من اسرة واحدة، وهو معروف عند أهل التفسير بتفسر العوفي.
انظر الدر المنثور للسيوطى (263/ 3). وفتح القدير للشوكانى (368/ 2). وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (146/ 4).
ولا يحتج به عند المحدثين مطلقا واللَّه أعلم. وأما المعنى فقد روى من عدة طرق صحيحة.
* * *
قال أبو جعفر:
حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو اسامة (1)، عن شبل (2)، عن ابن أبى ما نجيح عن مجاهد {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بصدقة ماله أربعة آلاف، فلمزه المنافقون، وقالوا: مرائي {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} قال: رجل من الانصار، آجر نفسه بصاع من تمر لم يكن له غيره، فجاء به، فلمزوه، وقالوا: كان اللَّه غنيا عن صاع هذا (3).
(1) أما أبو أسامة فهو حماد بن اسامة ثقة ثبت ع انظر التقريب/ (195/ 1)، قال الحافظ ربما دلس. ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثانية ص 9 قلت: إن تدليسه ليس بضار.
(2)
اما شبل، فهو شبل بن عباد المكى القارى ثقة رمى بالقدر خ د س ق انظر التقريب (246/ 1).
(3)
تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10).
انظر الدر المنثور للسيوطى (263/ 3).
قلت: إن هذه الرواية بهذا الاسناد مقطوعة من كلام مجاهد بن جبر المكى ولم تصح لانها وردت عن طريق سفيان بن وكيع وقد مر بكم بانه ساقط الحديث. وثانيا عبد اللَّه بن أبى نجيح وإن كان ثقة إلا أنه مدلس وقد ذكره الحافظ ابن حجر فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثالثة. انظر الطبقات ص 13 ومن المعلوم لدى أهل العلم بهذا الشأن ان الطبقة الثالثة وما بعدها لم تصح الرواية عنها إلا بعد التصريح بالسماع. واللَّه تعالى أعلم وأما الأثر فقد صح من عدة طرق صحيحة، وحسنة
* * *
قال أبو جعفر:
حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: ثنا سعيد (1)، عن قتادة قوله {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. . . الآية قال: أقبل عبد الرحمن بن عوف بنصف ماله، فتقرب به الى اللَّه، فلمزه المنافقون فقالوا: ما أعطى ذلك إلا رياء وسمعة، فأقبل رجل من فقراء المسلمين يقال له: حبحاب أو عقيل، فقال: يا نبى اللَّه بت أجر الجرير على صاعين من تمر: أما صاع فامسكته لاهلى، واما صاع فها هو ذا فقال المنافقون: واللَّه ان اللَّه ورسوله لغنيان عن هذا، فأنزل اللَّه فى ذلك القرآن {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} (2) الآية.
قال أبو جعفر:
حدثنا محمد بن الاعلى (3)، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر،
(1) سعيد بن أبى عروبة امام ثبت ثقة الا أنه قال الحافظ فى طبقات المدلسين ص 9 وهو ممن اختلط وقد ذكره الحافظ فى الطبقة الثانية. انظر ترجمته فى التقريب (302/ 1).
قلت: ان هذا الاسناد من أحسن الاسانيد الى قتادة. انظر الدر المنثور (263/ 3) فانه نسب اخراج هذه الرواية الى أبى نعيم فى معرفة الصحابة فقط.
(2)
تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10).
والحديث ورد عن طرق اخرى كثيرة، بعضها مرسلة بعضها موقوفة، وبذلك صالح للحجة واللَّه تعالى أعلم.
(3)
اما محمد بن عبد الاعلى فهو محمد بن عبد الاعلى الصنعانى البصرى ثقة من العاشرة انظر التقريب (182/ 2).
عن قتادة {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله وكان ماله ثمانية آلاف دينار، فتصدف بأربعة آلاف دينار فقال ناس من المنافقين: ان عبد الرحمن بن عوف لعظيم الرياء، فقال اللَّه:{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} وكان لرجل صاعان من تمر، فجاء بأحدهما، فقال ناس من المنافقين: ان كان اللَّه عن صاع هذا لغنيا فكان المنافقون يطعنون عليهم ويسخرون بهم فقال اللَّه {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10).
إن هذه الرواية صحيحة الاسناد الى قتادة، وقد تكون من أحسن الطرق الى قتادة لان رجال الاسناد كلهم ثقات من رجال الجماعة الا محمد بن عبد الاعلى الصنعانى فان البخارى لم يخرج له فى الجامع الصحيح.
انظر الدر المنثور للسيوطى (262/ 3) إذ أنه نسب اخراج هذه الرواية الى عبد الرزاق فى مصنفه وابن عساكر فى تاريخه. وانظر تاريخ دمشق (414/ 1).
* * *