المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع - الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك

[عبد القادر بن حبيب الله السندي]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة الناشر

- ‌ خلاصة الرسالة

- ‌الإِهداء

- ‌شكر وتقدير

- ‌المقدمة

- ‌رجال الاسناد:

- ‌منهج البحث

- ‌العقبات التى واجهت البحث

- ‌قصة مشكلة غريبة

- ‌مخطط السير فى منهج البحث

- ‌فوائد التخرج

- ‌ثمرة الرسالة

- ‌رموز الرسالة

- ‌الإِعتذار

- ‌الفصل الأول فى وجه تسمية الغزوة باسم تبوك

- ‌الفصل الثانى فى وجه تسمية الغزوة بالعسرة

- ‌الفصل الثالث فى سبب وقوع غزوة تبوك

- ‌الفصل الرابع فى السنة التى وقعت فيها غزوة تبوك

- ‌الفصل الخامس فى بعوث الرسول صلى الله عليه وسلم الى القبائل قبل غزوة تبوك

- ‌الفصل السادس فى استنفار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه الى تبوك

- ‌الفصل السابع فى تخليف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليا على أهله فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثامن فى تخلف كعب بن مالك وأصحابه رضي الله عنهم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل التاسع فيما نزل من القرآن فى التائبين الثلاثة فى غزوة تبوك

- ‌الفصل العاشر فيما نزل من القرآن فى الذين اعترفوا بذنوبهم

- ‌الفصل الحادى عشر فيما نزل من القرآن فى أخذ الصدقة عن الذين اعترفوا بذنوبهم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثانى عشر فيما نزل من القرآن كاشفا المتخلفين فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع

- ‌الفصل الرابع عشر فيما نزل من القرآن فى نوع آخر من المتخلفين فى الغزوة

- ‌الفصل الخامس عشر فيما نزل من القرآن فى معاتبة المتخلفين فى الغزوة

- ‌الفصل السادس عشر فى دليل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الى تبوك

- ‌الفصل السابع عشر فى عدد جيش غزوة تبوك

- ‌الفصل الثامن عشر فى الالوية فى غزوة تبوك

- ‌الفصل التاسع عشر فى نفقة أبى بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه فى غزوة تبوك

- ‌الفصل العشرون فى نفقة عمر بن الخطاب فى غزوة تبوك وغيره من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌الفصل الحادى والعشرون فى نفقة عثمان رضي اللَّه تعالى عنه فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثانى والعشرون فى نفقة عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه تعالى عنه- فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثالث والعشرون فى تصدق علبة بن زيد رضي اللَّه تعالى عنه عرضه فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الرابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى الثناء على الذين أنفقوا أموالهم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الخامس والعشرون فيما نزل من القرآن فى فقراء الصحابة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك لفقرهم وعجزهم

- ‌الفصل السادس والعشرون فى المنافقين فى غزوة تبوك، وما قاموا به من أعمال شنيعة

- ‌الفصل السابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى المستأذنين بعدم حضور غزوة تبوك

- ‌الفصل الثامن والعشرون فيما نزل من القرآن فى أوصاف المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وغيرهم

- ‌الفصل التاسع والعشرون فيما نزل من القرآن فى منافقى الأعراب الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

- ‌الفصل الثلاثون فيما نزل من القرآن فى أعذار المنافقين الواهية

- ‌الفصل الحادى والثلاثون فى قصة أبى خيثمة ولحوقه برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بغزوة تبوك

- ‌الفصل الثانى والثلاثون فى قصة أبى ذر رضي اللَّه تعالى عنه ومقالة الرسول صلى الله عليه وسلم فى حقه بغزوة تبوك، وموته

- ‌الفصل الثالث والثلاثون فى خطبته صلى الله عليه وسلم بتبوك

- ‌الفصل الرابع والثلاثون فيما نزل من القرآن فيمن بنى مسجد الضرار

- ‌الفصل الخامس والثلاثون فيما نزل من القرآن فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل السادس والثلاثون فى خبر خالد وأكيدر بتبوك

- ‌الفصل السابع والثلاثون فى قبوله صلى الله عليه وسلم هدية صاحب أيلة بتبوك

- ‌الفصل الثامن والثلاثون فى قدوم رسول قيصر الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتبوك

- ‌الفصل التاسع والثلاثون فى تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بتبوك بما خصه اللَّه به من خصائص نبوية

- ‌الفصل الاربعون الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر أصحابه عن كنز فارس والروم

- ‌الفصل الحادى والأربعون فى معجزاته صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك وقبول دعائه صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالظهر

- ‌الفصل الثانى والأربعون فى قصة حية كبيرة اعترضت سبيل المسلمين فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثالث والأربعون فى كرامة إضاءة الاصابع لبعض الصحابة فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الرابع والأربعون فى معجزة نزول المطر بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الخامس والاربعون فى قصة الياس صلى الله عليه وسلم لقاءه برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك

- ‌الفصل السادس والأربعون فى معجزة نبع الماء من أصابعه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل السابع والاربعون فى المعجزة ما أخبر بها صلى الله عليه وسلم من اشراط الساعة فى غزوة تبوك ووقوع ذلك

- ‌الفصل الثامن والاربعون فى معجزاته صلى الله عليه وسلم فى زيادة طعام فى غزوة تبوك

- ‌الفصل التاسع والاربعون فى معجزته صلى الله عليه وسلم فى فوران العين فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الخمسون فى تكريمه صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فى غزوة تبوك وهو صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنه

- ‌الفصل الحادى والخمسون فيما أخبر به صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك عن مناديل سعد بن معاذ

- ‌الفصل الثانى والخمسون فى حديثه صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل رضي الله عنه "قوام هذا الأمر الصلاة، ذروة سنامه الجهاد

- ‌الفصل الثالث والخمسون فيما جاء فى صلاته صلى الله عليه وسلم-على معاوية بن معاوية الليثى فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الرابع والخمسون فيما جاء فى وفاة عبد اللَّه ذى البجادين وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم عليه ودفنه إياه فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الخامس والخمسون فى الاحكام الشرعية فيما جاء فى الوضوء مرة مرة فى غزوة تبوك

- ‌الفصل السادس والخمسون فيما جاء فى غزوة تبوك من سترة المصلى

- ‌الفصل السابع والخمسون فيما جاء فى قصة المار بين يدى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو فى صلاته بغزوة تبوك

- ‌الفصل الثامن والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين جمع تأخير فى غزوة تبوك

- ‌الفصل التاسع والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين فى غزوة تبوك جمع تقديم

- ‌الفصل الستون فيما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى شراب النبيذ وهو فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الحادى والستون فيما جاء فى خرص الثمار عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثانى والستون فيما جاء فى البيع والشراء فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الثالث والستون فيما جاء فى أهبة الميتة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الرابع والستون فيما جاء فى اهداره صلى الله عليه وسلم ثنتى العاض وهو فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الخامس والستون فيما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى كراء الدابة على النصف أو السهم وهو فى طريقه الى غزوة تبوك

- ‌الفصل السادس والستون فيما نزل من القرآن فى حثه على الصدق ولزوم الصادقين

- ‌الفصل السابع والستون فى قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} الآية

- ‌الفصل الثامن والستون فيما نزل من القرآن فى البشارة للمقاتلين فى سبيل اللَّه

- ‌الفصل التاسع والستون فيما جاء فى مدة إقامته صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك

- ‌الفصل السبعون فيما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقالته فى فضيلة الشام وهو فى غزوة تبوك

- ‌الفصل الحادى والسبعون فيما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى أخبار ديار ثمود

- ‌الفصل الثانى والسبعون فيما جاء فى استقباله صلى الله عليه وسلم عند عودته من غزوة تبوك

- ‌الفصل الثالث والسبعون فيما جاء فى موت عبد اللَّه بن أبى سلول رأس المنافقين

- ‌جريدة المصادر

- ‌المخطوطات

- ‌(ألف)

- ‌(الباء)

- ‌(التاء)

- ‌(الثاء)

- ‌(الجيم)

- ‌(الحاء)

- ‌(الخاء)

- ‌(الدال)

- ‌(الذال)

- ‌(الراء)

- ‌(الزاء)

- ‌(السين)

- ‌(الشين)

- ‌(الصاد)

- ‌(الضاد)

- ‌(الطاء)

- ‌(الغين)

- ‌(الفاء)

- ‌(الكاف)

- ‌(اللام)

- ‌(الميم)

- ‌(النون)

- ‌(الاستدراك)

- ‌جريدة المصادر المطبوعة

- ‌(الألف)

- ‌(الباء)

- ‌(التاء)

- ‌(الثاء)

- ‌(الجيم)

- ‌(الحاء)

- ‌(الخاء)

- ‌(الدال)

- ‌(الذال)

- ‌(الراء)

- ‌(الزاء)

- ‌(السين)

- ‌(الشين)

- ‌(الضاد)

- ‌(الطاء)

- ‌(العين)

- ‌(الغين)

- ‌(الفاء)

- ‌(القاف)

- ‌(الكاف)

- ‌(اللام)

- ‌(الميم)

- ‌(النون)

- ‌(الهاء)

- ‌(الواو)

- ‌المؤلف فى سطور

الفصل: ‌الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع

‌الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع

قال اللَّه تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} التوبة: 80.

قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: ادع اللَّه لهؤلاء المنافقين الذين وصفت لك صفاتهم فى هذه الآية بالمغفرة، أو لا تدع لهم بها، هذا كلام خرج مخرج الامر، وتأويله الخبر، ومعناه: ان استغفرت لهم يا محمد، أو لم تستغفر لهم، فلن يغفر اللَّه لهم. وقوله:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} يقول: إن تسأل لهم أن تستر عليهم ذنوبهم، بالعفو منه لهم عنها، وترك فضيحتهم بها، فلن يستر اللَّه عليهم، ولن يعفو لهم عنها، ولكنه يفضحهم بها على روؤس الأشهاد يوم القيامة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} يقول جل ثناءه: هذا الفعل من اللَّه بهم، وترك عفوه لهم عن ذنوبهم من أجل أنهم جحدوا توحيد اللَّه ورسالة رسوله {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (1).

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (198 - 199/ 10). =

ص: 148

قال أبو جعفر:

حدثنا ابن كيع (1)، قال: ثنا عبدة بن سليمان (2)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول، قال لاصحابه: لولا أنكم لا تنفقون على محمد وأصحابه، لانفضوا من حوله وهو القائل:

= انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (213 - 214/ 4) فإنه قال رحمه اللَّه تعالى: يخبر اللَّه تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلًا للاستغفار، وإنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر اللَّه لهم الخ. . . وقال القرطبى تحت هذه الآية الكريمة (215 - 218/ 8): روى أن هذه الآية نزلت فى شأن عبد اللَّه بن أبى بن سلول وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت فى الصحيحين وغيرهما وتظافرت الروايات بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وأن الآية نزلت بعد ذلك. انظر التفسير الكبير للفخر الرازى (146 - 148/ 16) وأسباب النزول للواحدى ص 173. ولباب النقول للسيوطى ص 122 انظر كتاب الاعتبار للحازمى ص 192 - 193. انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3). انظر تفسير القاسمى (3213 - 3216/ 8). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2) وزاد المسير لإبن الجوزى (477/ 3). والكشاف للزمخشرى (563/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (36/ 5). وفتح القدير للشوكانى (369 - 371/ 2).

(1)

أما ابن وكيع فهو سفيان بن وكيع بن الجراح أبو محمد الرؤاسى الكوفى كان صدوقا الا أنه ابتلى بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه من العاشرة /ت ق. انظر التقريب (312/ 1).

(2)

اما عبدة بن سليمان فهو عبدة بن سليمان الكلابى، أبو محمد الكوفى، يقال اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين وقيل بعدها/ ع انظر تقربب التهذيب (530/ 1).

ص: 149

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (199/ 10).

قلت: إن هذا الحديث بهذا الاسناد لم يصح لأن فيه سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسى الذى هو ساقط الحديث كما مر بكم فى ترجمته.

وأما المتن فإنه روى عن عدة طرق ومنها طريق عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه فقد أخرج البخارى فى الصحيح والإمام أحمد فى مسنده والترمذى فى السنن والنسائى أيضا وابن أبى حاتم والنحاس وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم فى حلية الأولياء عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول لما توفى عبد اللَّه بن أبيّ دعى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم ذكر النص انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3). وفتح البارى (110/ 3) و (251/ 8) انظر النووى على مسلم (121/ 17). أخرجه البخارى فى عدة مواضع من جامعه فى كتاب الجنائز. إذ قال رحمه اللَّه تعالى باب الكفن فى القميص الذى يكف أو لا يكف الخ. . والموضع الثاني من كتاب التفسير، والموضع الثالث فى كتاب الجهاد تحت باب الكسوة للاسارى انظر تخريج الحديث فى فتح البارى (370/ 8) والموضع الرابع. فقد أخرجه فى كتاب اللباس والموضع الخامس: فقد أخرجه فى كتاب الجنائز تحت باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة. أما المواضع التى أخرجه مسلم فمنها فى كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ومنها فى كتاب الفضائل تحت باب من فضائل عمر رضي اللَّه تعالى عنه ثم ساق الاسناد وأما المواضع التى أخرجه فيها الإمام أحمد فى مسنده فمنها فى مسند عبد اللَّه بن عمر انظر المسند (18/ 2) و (371/ 1)، (268 و 339/ 1)، (348/ 2)

ص: 150

قال أبو جعفر:

حدثنا ابن حميد (1) وابن وكيع (2)، قالا: ثنا جرير (3)، عن مغيرة (4) عن شباك (5) عن الشعبى (6)، قال: دعا عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبى سلول النبي صلى الله عليه وسلم الى جنازة أبيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: حباب بن عبد اللَّه بن أبيّ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنت عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول أن الحباب هو الشيطان، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: انه قد قيل لى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، ان

(1) ابن حميد هو محمد بن حميد بن حيان الرازى حافظ ضعيف وكان ابن معين حسن الرأى فيه (/ د - ت - ق). انظر تقريب التهذيب (156/ 2).

(2)

ابن وكيع هو سفيان بن وكيع بن الجراح وقد مر بكم أنه ساقط الحديث.

(3)

وجرير، هو جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبى أبو عبد اللَّه الرازى نزيل الرأى ثقة صحيح الكتاب/ ع انظر تقريب التهذيب (127/ 1).

(4)

مغيرة، هو المغيرة بن مقسم بكسر الميم، الضبى مولاهم، أبو هشام الكوفى الاعمى ثقة متقن، الا أنه كان يدلس ولا سيما عن ابراهيم النخعى انظر التقريب (270/ 2)، وطبقات المدلسين للحافظ ابن حجر ص 16 فإنه ذكره فى الطبقة الثالثة.

(5)

شباك، هو شباك: بكسر أوله ثم موحدة خفيفة ثم كاف، الضبى الكوفى الاعمى ثقة وكان يدلس من السادسة/ م د س ق. انظر تقريب التهذيب (345/ 1) ولم يذكره الحافظ فى طبقات المدلسين.

(6)

الشعبى، هو عامر بن شراحيل الشعبى بفتح المعجمة، أبو عمرو ثقة مشهور فقيه فاضل من الثالثة/ ع انظر تقريب التهذيب (387/ 1).

ص: 151

تستغفر لهم، سبعين مرة فلن يغفر اللَّه لهم، فأنا أستغفر لهم سبعين وسبعين وسبعين وألبسه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه وهو عرق (1).

قال اللَّه تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} التوبة: 81.

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فرح المخلفون عن الغزو مع رسوله والمؤمنين به، وجهاد أعدائه {بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} يقول: بجلوسهم فى منازلهم خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقول على الخلاف لرسول اللَّه فى جلوسه ومقعده، وذلك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالنفر الى جهاد أعداء اللَّه، فخالفوا أمره وجلسوا فى منازلهم، وقوله (خلاف) مصدر من قول القائل: خالف فلان فلانا، فهو يخالفه خلافا، فذلك جاء مصدره

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (199/ 10).

قلت انفرد ابن جرير الطبرى باخراج هذا الاثر فى تفسيره فيما أظن ومن المعلوم أن هذا الاثر ليس بصحيح بهذا الاسناد لان فيه محمد بن حميد بن حيان الرازى وهو ضعيف وسفيان ابن وكيع وهو ساقط الحديث. وأما تسمية حباب بن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول بعبد اللَّه فقد ذكره ابن سعد فى الطبقات (540 - 542/ 3) باسانيد مختلفة وبعضها صحيحة واللَّه تعالى أعلم.

ص: 152

على تقدير فعال كما يقال: قاتله، فهو يقاتله، قتالا، ولو كان مصدره من خلفه لكانت القراءة بمقعدهم خلف رسول اللَّه لأن مصدر خلفه خلف، لا خلاف، ولكنه على ما بينت من أنه مصدر خالف، فقرئ خلاف رسول اللَّه، وهي القراءة التى عليها قراءة الأمصار، وهى الصواب عندنا ثم ذكر أبو جعفر بقية التفسير (1).

قال ابن جرير الطبرى:

حدثنا محمد بن عبد الاعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر،

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (200 - 201/ 10).

قال القرطبى فى تفسيره تحت هذه الآية: (216/ 8) المخلف المتروك، أى خلفهم اللَّه وثبطهم أو خلفهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون لما علموا تثاقلهم عن الجهاد وكان هذا فى غزوة تبوك.

وقال ابن كثير فى تفسيره: يقول اللَّه تعالى ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك. ثم ذكر الآثار. انظر التفسير المذكور مع البغوى (214/ 4) وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (478/ 3): بأن قعدوا لمخالفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاله الزجاج. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، والأعمش، وابن أبى عبلة خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعناها أنهم تأخروا عن الجهاد. انظر البحر المحيط لأبي حيان (5/ 78) انظر الدر المنثور للسيوطى (3/ 265). انظر الكشاف للزمخشرى (1/ 563) انظر لباب النقول فى أسباب النزول للسيوطى ص 121. . . انظر كتاب الاعتبار للحازمى 192 وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2). والتفسير الكبير للرازى (148 - 149/ 16) وفتح البيان لصديق حسن خان (170 - 171/ 4). وفتح القدير للشوكانى (369 - 371/ 2) أحكام القرآن للامام الشافعى (20 - 21/ 2).

ص: 153

عن قتادة فى قوله {بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} قال: عن غزوة تبوك (1).

قال أبو جعفر:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر قول بعضهم لبعض، حين أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالجهاد وأجمع السير

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (201/ 10).

قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات وليس بينهم انقطاع. والاثر مقطوع -كما علمت- من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى.

انظر: الدر المنثور للسيوطى (265/ 3) فإنه نسب اخراج هذا الاثر الى ابن أبى حاتم وأبى الشيخ ولم يذكر ابن جرير الطبرى.

= زاد المسير لابن الجوزى (478/ 3).

= تفسير ابن كثير مع البغوى (214 - 215/ 4).

= تفسير القرطبى (216 - 217/ 8).

= فتح القدير للشوكانى (369/ 2).

= كتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2).

ولم أر تحت هذه الآية عند ابن جرير الطبرى الا هذا الاثر المقطوع وأما بقية الآثار الاخرى فإنها ضعيفة جدا وهى مقطوعة أيضا ولذا لم أذكرها.

وانظر: فتح البيان للسيد صديق حسن خان (170 - 171/ 4). والتفسير الكبير للرازى (148 - 149/ 16). تفسير روح المعانى اللألوسى (150 - 152/ 10).

ص: 154

الى تبوك على شدة الحر، وجدب البلاد، يقول اللَّه جلّ ثناءه {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} (1).

قال اللَّه تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} التوبة: 82.

قال أبو جعفر:

يقول اللَّه تعالى ذكره: فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فليضحكوا فرحين قليلا فى هذه الدنيا الفانية، بمقعدهم خلاف رسول اللَّه، ولهوهم عن طاعة ربهم، فإنهم سيبكون طويلا فى جهنم مكان ضحكهم القليل فى الدنيا جزاء يقول: ثوابا منا لهم على معصيتهم بتركهم النفر إذا استنفروا الى عدوهم وقعودهم فى منازلهم خلاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} يقول: بما كانوا يتحرجون من الذنوب (2).

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (201/ 10).

قلت: إن هذا الاثر ضعيف مع أنه معضل بهذا الاسناد انظر سيره ابن هشام (2/ 517) ومن المعلوم أن المتن قد روى من طرق أخرى صحيحة فلا اعتبار لهذا الاسناد.

انظر: الدر المنثور للسيوطى (365/ 3). وتفسير القرطبى (8/ 216). وفتح القدير للشوكانى (371/ 2). وتفسير ابن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (404/ 14) وانظر أثر رقم 17036 و 17012.

(2)

تفسير ابن جرير الطبرى (202/ 10).=

ص: 155

قال أبو جعفر:

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن (فليضحكوا قليلا) قال: ليضحكوا قليلا فى الدنيا (وليبكوا كثيرا) فى الآخرة فى نار جهنم (جزاءا بما كانوا يكسبون)(1).

= انظر تفسير زاد المسير لابن الجوزى (478/ 3) وتفسير الرازى (148 - 149/ 16)(قال القرطبى فى تفسيره (216/ 8): (فليضحكوا قليلا) أمر، معناه معنى التهديد وليس أمرًا بالضحك. والأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها. قال الحسن:"فليضحكوا قليلا" فى الدنيا "وليبكوا كثيرا" فى جهنم. وقيل: هو أمر بمعنى الخبر. قال ابن كثير فى تفسيره (216/ 4) مع البغوى: قال ابن أبى طلحة عن ابن عباس: الدنيا قليله، فليضحكوا فيها ما شاءوا فإذا انقطعت الدنيا، وصاروا الى اللَّه عز وجل استأنفوا بكاءا لا ينقطع ابدا.

وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (102/ 10) وإنه لضحك فى هذه الارض وأيامها المعدودة، وإنه بكاء فى أيام الآخرة الطويلة. وان يوما عند دلك كألف سنة مما تعدون {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فهو الجزاء من جنس العمل. وهو الجزاء العادل الدقيق.

قلت: ولا منافاة بين هذه الأقوال المختلفة بل أنها كلها تشير الى معنى واحد.

(1)

تفسير ابن جرير الطبرى (202/ 10).

قلت: إن هذا الاثر صحيح مقطوع، من كلام حسن البصرى رحمه اللَّه تعالى. وقد أخرج ابن جرير الطبرى فى تفسيره: اثرا آخر مقطوعا صحيحا من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى انظر التفسير المذكور فى نفس الصفحة المذكورة.

وقال السيوطى: فى الدر المنثور (265/ 3) أخرج البخارى، والترمذي، وابن مردويه، عن أبى هريرة، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا".

ص: 156

قال أبو جعفر:

حدثنا علي بن داود (1)، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} قال: هم المنافقون والكفار الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا، يقول اللَّه تبارك وتعالى {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} فى الدنيا {وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} فى النار (2).

(1) علي بن داود، هو علي بن داود بن يزيد القنطرى، بفتح القاف وسكون النون، الآدمي، صدوق، من الحادية عشرة، / ق انظر التقريب (36/ 2).

(2)

تفسير ابن جرير الطبرى (203/ 10).

قلت: فى هذا الاثر انقطاع بين علي بن أبى طلحة وابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه إلا أنه ورد مقطوعا من عدة طرق الى قتادة ومجاهد وحسن البصرى رحمهم اللَّه تعالى. انه أثر صحيح محتج به عن المحدثين والمفسرين.

قال الامام ابن كثير فى تفسيره (4/ 216) مع البغوى -بعد اشارته الى هذه الرواية التى أخرجها ابن جرير الطبرى-: وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا عبد اللَّه بن عبد الصمد بن أبى خداش، حدثنا محمد بن جبير عن ابن المبارك، عن عمران بن زيد حدثنا يزيد الرقاشى، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم فى وجوههم، كأنها جداول، حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء، فتقرح العيون.

قلت: يزيد الرقاش هذا، هو يزيد بن أبان الرقاشى، يتخفيف القاف ثم معجمة، أبو عمرو

البصرى، القاص بتشديد المهملة زاهد، ضعيف من الخامسة مات قبل العشرة ومائة / بخ ت - ق انظر التقريب (361/ 2).=

ص: 157

قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} التوبة: 83.

قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فإن ردك اللَّه يا محمد الى طائفة من هؤلاء المنافقين: من غزوتك هذه، فاستأذنوك للخروج معك فى أخرى غيرها. (فقل) لهم "لن تخرجوا معى أبدا، ولن تقاتلوا معى عدوا، إنكم ضيغ بالقعود أول مرة) وذلك عند خروج النبي صلى الله عليه وسلم اللَّه الى تبوك. {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} يقول: فاقعدوا مع الذين قعدوا من المنافقين خلاف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لأنكم منهم فاقتدوا بهديهم، واعملوا مثل الذى عملوا من معصية اللَّه، فإن إلهكم قد سخط عليكم (1).

= قلت: إن هذه الرواية ضعيفة أيضا الا أن لها شاهدا قويا أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبى الدنيا فى كتاب الرقة والبكاء، انظر تفسير البغوى (216/ 4). باسناد ضعيف آخر عن يزيد ابن رفيع انظر ميزان الاعتدال (103/ 2) وان هذين الاثرين يتقويان بعضهما بالبعض الآخر واللَّه تعالى أعلم. وللحديث شواهد أخرى عن أبى هريرة أخرجها البخارى والترمذى وابن مردويه انظر الدر المنثور (265/ 3).

(1)

تفسير ابن جرير الطبرى (203/ 10).

قلت: قال ابن الجوزى فى تفسيره (479/ 3): (فإن رجعك اللَّه) أى: ردك من غزوة تبوك الى المدينة (الى طائفة) من المنافقين الذين تخلفوا بغير عذر، وإنما قال:(الى طائفة) لأنه ليس كل=

ص: 158

قال أبو جعفر:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} . . . الى قوله {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} أى مع النساء ذكر لنا أنهم كانوا اثنى عشر رجلا من المنافقين، فقيل فيهم ما قيل (1).

= من تخلف عن تبوك كان منافقا. {فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ} معك الى الغزو، انظر اعجاز القرآن للباقلانى ص 73.

قال القرطبى فى تفسيره: (217/ 8): وإنما قال (والى طائفة) لأن جميع من أقام بالمدينة ما كانوا منافقين، بل كان فيهم معذورون ومن لا عذر له ثم عفا عنهم وتاب عليهم كالثلاثة الذين خلفوا. ثم قال القرطبى: وإن قوله تعالى {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} كقوله تعالى فى سورة الفتح: {فقل لن تتبعونا} .

انظر: تفسير ابن كثير مع البغوى (217/ 4). وروح المعانى للالوسى (152 - 153/ 10) والبحر المحيط لابى حيان (80 - 81/ 5) والتفسير الكبير لفخر الرازى (150 - 151/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى 2/ 82.

وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (102 - 103/ 10) ان الدعوات فى حاجة الى طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصححة تصمد فى الكفاح الطويل الشاق. والصف الذى يتخلله الضعاف المسترخون لا يصمد فإنه يخذل فى ساعة الشدة والعسرة. الخ قلت: الامر كذلك لأنه ينتج من ذلك الخذلان والاندحار فى بقية الجيش.

(1)

تفسير ابن جرير الطبرى (204/ 10).=

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد مع أنه مقطوع من كلام قتادة وأما ما ذكر قتادة رحمه اللَّه تعالى، من معنى الخالفين أى النساء. تعقبه ابن جرير الطبرى فى تفسيره إذ قال رحمه اللَّه تعالى: فقول لا معنى له، لأن العرب لا تجمع النساء إذا لم يكن معهن رجال بالياء والنون، ولا بالواو والنون، ولو كان معنيا بذلك النساء إذا لم يكن معهن رجال بالياء والنون، ولا بالواو والنون، ولو كان معنيا بذلك النساء، لقيل: فاقعدوا مع الخوالف، أو مع الخالفات ولكن معناه مما قلنا من أنه أريد به: فاقعدوا مع مرضى الرجال وأهل زمانتهم والضعفاء ومنهم النساء، وإذا اجتمع الرجال والنساء فى الخبر فإن العرب تغلب الذكور على الإناث، ولذلك قيل (فاقعدوا مع الخالفين).

قلت: تعقيب ابن جرير الطبرى على قتادة فى تفسيره: قد يكون وجيها نظرًا لما ذكره. إلا أن تخلف النساء فى الغزوات كان كثيرا جدا بالنسبة للرجال الذين كانوا يتخلفون، ومن هنا يجوز لنا أن نقول إنما ذكره قتادة بن دعامة السدوسى فهو المراد إن شاء اللَّه تعالى واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال ابن كثير فى تفسيره: (217/ 4) مع البغوى قال ابن عباس: أى الرجال الذين تخلفوا عن الغزاة. وقال قتادة: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} أى مع النساء قال ابن جرير: وهذا لا يستقيم لأن جمع النساء لا يكون بالياء والنون. . . الخ ثم رجح قول ابن عباس رضي الله عنهما.

قلت: إن اسناد الاثر الذى روى عن طريقه قول ابن عباس اثر ضعيف جدا وواه وهو مروى عن طريق مسلسل الضعفاء الذى يقال له: تفسير العوفى. وقال القرطبى فى تفسيره: (218/ 8) وقال الحسن: مع النساء والضعفاء من الرجال فغلب المذكر. وقيل فاقعدوا مع الفاسدين، من قولهم فلان خالفه أهل بيته إذا كان فاسدا فيهم. من خلوف فم الصائم. ومن قولك خلف اللبن، أى فسد بطول المكث فى السقاء. ثم قال القرطبى: وهذا يدل على أن استصحاب المخذل فى الغزوات لا يجوز اهـ. انظر زاد المسير لابن الجوزى (480/ 3).

ص: 160

قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} التوبة: 84.

قال أبو جعفر:

يقول اللَّه تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تصل يا محمد على أحد مات من هؤلاء المنافقين، الذين تخلفوا عن الخروج معك أبدا، {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} يقول: ولا تتول دفنه وتقبره، من قول القائل: قام فلان بأمر فلان: إذا ثولى أمره {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} يقول: إنهم جحدوا توحيد اللَّه ورسالة رسوله، وماتوا وهم خارجون عن الإِسلام، مفارقون أمر اللَّه ونهيه، وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد اللَّه بن أبيّ (1).

(1) تفسير ابن جرير الطبرى (204/ 10).

قلت: انظر أسباب النزول للواحدى 173 - 174 فإنه ذكر بسنده من عدة طرق صحيحة ما يدل على أن هذه الآية نزلت فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول. انظر زاد المسير لابن الجوزى (406/ 14) وفتح الباري (110/ 3) والنووى على مسلم (121/ 17) وأورده السيوطى فى الدر المنثور (266/ 3)، وزاد نسبته لابن أبى حاتم، وابن المنذر، وأبى الشيخ، وابن مردويه، والبيهقى، فى الدلائل. وانظر تفسير ابن كثير مع البغوى (217 - 221/ 4) فإنه استوفى على حد كبير جمبع الروايات التى تحدد سبب نزول هذه الآية فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول عليه من اللَّه ما يستحق.

وانظر فتح البارى (268/ 8). والحاوى للفتاوى للسيوطى (21/ 1).

ص: 161