الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الحادى عشر فيما نزل من القرآن فى أخذ الصدقة عن الذين اعترفوا بذنوبهم فى غزوة تبوك
قال اللَّه تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة: 103.
قال أبو جعفر:
يقول اللَّه تعالى ذكره: لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا محمد خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم، فتابوا منها، صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم، وتزكيهم بها، يقول: وتنميهم وترفعهم من جنس منازل أهل النفاق بها، الى منازل أهل الاخلاص {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: ادع لهم بالمغفرة لذنوبهم، واستغفر لهم منها {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ} يقول: ان دعائك واستغفارك طمأنينة لهم بأن اللَّه قد عفا عنهم، وقبل توبتهم {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. يقول: واللَّه سميع لدعائك إذا دعوت لهم، ولغير ذلك من كلام خلقه، عليم بما تطلب لهم بدعائك ربك لهم، وبغير ذلك من أمور عباده (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (16/ 11). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير (495 - 496/ 3): قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قال المفسرون: لما تاب اللَّه عز وجل على أبى لبابة وأصحابه، قالوا: يا رسول اللَّه، هذه أموالنا فتصدق بها عنا، فقال: ما أمرت أن آخذ أموالكم شيئا "فنزلت الآية".
قال القرطبى فى تفسيره (244 - 250/ 8): اختلف فى هذه الصدقة المأمور بها فقيل: هي صدقة الفرض، قال جويبر عن ابن عباس قلت: جويبر تصغير جابر، يقال اسمه جابر، وجويبر لقب، ابن سعيد الازدى، أبو القاسم البلقمى، نزيل الكرفة، راوى التفسير، ضعيف جدا، من الخامسة مات بعد الاربعين/ قد ق - انظر التقريب (136/ 1) ثم قال القرطبى: وهو قول عكرمة فيما ذكره القشيرى. وقيل هو مخصوص عمن نزلت فيه. فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منهم ثلث أموالهم، وليس هذا من الزكاة المفروضة فى شئ. ولهذا قال مالك: إذا تصدق الرجل بجميع ماله أجزاه اخراج الثلث. متمسكا بحديث أبى لبابة. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (191 - 193/ 4). وكتاب التسهيل للكلبى (84/ 2). والتفسير الكبير للرازى (174 - 184/ 16). وفتح القدير للشوكانى (379 - 383/ 2). والبحر المحيط لابى حيان (95 - 96/ 5) وتفسير ابن كثير مع البغوى (234 - 235/ 4). والكشاف للزمخشرى (567/ 1) وروح المعانى للالوسى (14 - 15/ 11).
قال أبو جعفر:
حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: جاءوا بأموالهم، يعنى أبا لبابة وأصحابه حين اطلقوا، فقالوا: يا رسول اللَّه هذه أموالنا، فتصدق بها عنا، واستغفر لنا، قال ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا، فأنزل اللَّه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} يعنى بالزكاة: طاعة للَّه والاخلاص {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: استغفر لهم (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (16/ 11).
قلت: إن هذه الرواية منقطعة وفيها ضعف لان أبا صالح عبد اللَّه بن صالح كاتب ليث بن سعد المصرى صدوق يخطئ كثيرا كما مرّ بكم مرارا.
قال البغوى فى تفسير (234/ 4): تحت هذه الآية تطهرهم بها من ذنوبهم، وتزكيهم بها ترفعهم من منازل المنافقين، الى منازل المخلصين، وقيل: تنمى أموالهم {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أى ادع لهم واستغفر لهم. وقال ابن كثير فى نفس هذه الصفحة: روى مسلم فى صحيحه عن عبد اللَّه ابن أبى أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم، صلى عليهم فأتاه أبى بصدقة فقال: اللهم صل على آل أبى أوفى. قلت: أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة والبخارى ومسلم وأبو داود والنسائي وقال الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2): اخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضى اللَّه تعالى عنهما ثم ذكر النص الذى أخرجه ابن جرير الطبرى فى تفسيره.
انظر الدر المنثور للسيوطى (275/ 3): انظر روح المعانى للالوسى (14 - 15/ 11) قال أبو حيان فى البحر المحيط (95/ 5) قال أبو عبد اللَّه الرازى: انما كانت صلاته سكنا لهم لأن =
قال أبو جعفر:
حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه عن ابن عباس، قال: لما أطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا لبابة وصاحبيه، انطلق أبو لبابة وصاحباه بأموالهم، فأتوا بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خذ من أموالنا، فتصدق بها عنا، وصل علينا، يقولون: استغفر لنا، وطهرنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا آخذ منها شيئا حتى أؤمر، فأنزل اللَّه تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} يقول: استغفر لهم من ذنوبهم التى كانوا أصابوا، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جزءا من أموالهم، فتصدق بها عنهم (1).
= روح النبي صلى الله عليه وسلم كانت روحا قوية مشرقة صافية، فإذا دعا لهم، وذكرهم بالخير ثارت آثار من قوته الروحانية، على أرواحهم، فأشرقت بهذا السبب أرواحهم، وصفت سرائرهم وانقلبوا من الظلمة الى النور ومن الجسمانية الى الروحانية
قلت: قد يكون هذا غير واقع أو فلسفة المتفلسف ماذا يجيب عن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبى طالب الذى نزل فيه قول اللَّه تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} .
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11).
قلت: هذا من أوهى الاسناد الى تنسب الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما. ولا تقوم به الحجه أبدا.
انظر زاد المسير لابن الجوزى فإنه أشار الى هذه الرواية فى تفسيره باشارة خفيفة (596/ 3)، =
قال أبو جعفر:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن زيد بن أسلم، قال: لما أطلق النبي صلى الله عليه وسلم أبا لبابة، والذين ربطوا أنفسهم بالسوارى، قالوا: يا رسول اللَّه خذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها، فأنزل اللَّه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية. . . (1).
= والسيوطى فى الدر المنثور (270/ 3). انظر التفسير الكبير للرازى (176 - 184/ 16) فذكر فى تفسير هذه الآية جملة من المسائل الفقهية وغيرها ونكت بلاغية وبعض الاحاديث. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن (193/ 4). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (84 - 85/ 2).
قلت: لم أجد هذه الرواية فى بقية التفاسير، لعل ابن جرير الطبرى أنفرد بها، واللَّه تعالى أعلم وليست صالحة أن تكون سببا للنزول.
(1)
تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11).
قلت: هذا الاثر مقطوع ضعيف من كلام زيد بن أسلم العدوى وهو من الطبقة الثالثة: وزد على ذلك أن يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى، أبو الحسن القمى لم يلق زيد بن أسلم وهو يروى عن آخر ساقط فى هذا الاسناد. وهو من الطبقة الثامنة وفاته سنة 174 هـ. وأما زيد بن أسلم العدوى فهو ان كان توفى سنة 126 هـ الا أن المزى لم يذكر فى ترجمته أنه روى عنه يعقوب القمى انظر تهذيب الكمال (452/ 2). انظر تفسير الآية فى القرطبى (244 - 250/ 8) والقاسمى فى تفسيره (3251 - 3255/ 8) وفتح القدير للشوكانى (383/ 2) وابن الجوزى فى زاد المسير (496/ 3). وتفسير ابن كثير مع البغوى (234 - 235/ 4) وتفسير البحر المحيط لابى حيان (96 - 97/ 5) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (193/ 4). قال السيد قطب فى ظلال القرآن (16/ 11). فأخذ الصدقة منهم =
قال أبو جعفر:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير (1)، عن يعقوب (2)، عن جعفر (3) عن سعيد بن جبير (4)، قال: قال الذين ربطوا أنفسهم بالسوارى حين
= يشعر بانهم لا يزالون أعضاء فى الجماعة المؤمنة، يشاركون فى واجباتها وينهضون باعبائها، لم ينبذوا منها، ولم ينبثوا عنها، وفى تطوعهم بهذه الاموال تطهير وتزكية، وتقوية للروابط، بينهم وبين الجماعة، وفى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لهم طمأنينة وسكن، وراحة من القلق والحيرة، والعذاب {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} لجميع الدعاء، ويعلم ما فى القلوب.
قال العبد الفقير: الصدقة: لها ميزة خاصة فى تطهير النفس والمال. وتربية الضمير والروح والقلب لكى يتوجه صاحبها الى معانى رفيعة سامية ولذلك يُرْوَى فى الحديث أن الصدقة تطفئ غضب الرب. أخرجه الترمذى فى السنن فى فضل الصدقة ص 86/ 2 وذلك من طريق الحسن البصرى عن أنس بن مالك مرفوعا وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(1)
جرير هو جرير بن عبد الحميد بن قرط -بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة- الضبى الكوفى، نزيل الرى، وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب قيل: كان فى آخر عمره يهم فى حفظه، مات سنة (188 وله احدى وسبعون سنة / ع انظر التقريب (127/ 1)
(2)
. . أما يعقوب فهو يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى صدوق يهم من الثامنة مات (174/ خت عم انظر التقريب (376/ 2).
(3)
أما جعفر فهو جعفر بن أبى مغيره الخزاعى القمى بضم القاف، قيل: اسم أبى المغيرة، دينار، صدوق يهم من الخامسة / بخ د - ت س فق انظر التقريب (133/ 1) والتهذيب (108/ 2).
(4)
اما سعيد بن جبير -فهو امام كبير- الاسدى مولاهم، الكوفى ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشه وأبى موسى ونحوها مرسلة، قتل بين يدى الحجاج سنة خمس وتسعين، ولم يكمل الخمسين انظر التقريب (292/ 1).=
عفا اللَّه عنهم: يا نبي اللَّه طهر أموالنا، فأنزل اللَّه:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ، وكان الثلانة إذا اشتكى أحدهم اشتكى الآخران مثله وكان عمي منهم اثنان، فلم يزل الآخر يدعو حتى عمي (1).
قال أبو جعفر:
حدثنى يونس (2)، قال: أخبرنى ابن وهب، قال: قال ابن زيد، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} قال: هؤلاء ناس من المنافقين ممن كان تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، اعترفوا بالنفاق وقالوا: يا رسول اللَّه، قد أرتبنا ونافقنا وشككنا، ولكن توبة جديدة، وصدقة تخرجها من أموالنا، فقال اللَّه لنبيه عليه الصلاة والسلام:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11).
قلت: بحثت عن بعض تلك الروايات التى تشير الى أن الحجاج قتله غرة فلم تصح على طريقة معتبرة فاللَّه تعالى أعلم بالصواب.
وقال أبو جعفر فى تفسيره (17/ 11). حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: الاربعة جد بن قيس، أبو لبابة، وحرام، وأوس وهم الذين قيل فيهم:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} قال: اى وقار لهم، وكانوا وعدوا من أنفسهم أن ينفقوا -ويجاهدوا- ويتصدقوا قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد ورجاله كلهم ثقات. الا انه مقطوع من كلام قتادة.
(2)
يونس، هو يونس بن عبد الاعلى بن ميسرة الصدفى، أبو موسى المصرى، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة 264 وله ست وتسعون سنة/ م س ق. انظر التقريب (385/ 2).
بعد ما قال {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (1).
قال أبو جعفر:
حدثنا القاسم (2)، قال: ثنا الحسين (3)، قال: ثنى حجاج (4) عن
(1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (17 - 18/ 11).
قلت: لم يشر السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3) الى هذا الاثر. ولا الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2) ولا الامام ابن كثير فى تفسيره تحت هذه الآية (385/ 2).
قلت: ابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى ضعيف ذكره الحافظ فى التقريب (480/ 1) وقال: ضعيف انظر الضعفاء للنسائي ص 19.
قال ابن كثير فى تفسيره (386/ 2): قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا أبو العميس، عن أبى بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا دعا لرجل اصابته، وأصابت ولده وولد ولده، ثم رواه عن أبى نعيم، عن مسعر، عن أبى بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه، قال مسعر: وقد ذكره مرة عن حذيفة، ان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، لتدرك الرجل، وولده وولد ولده.
(2)
القاسم بن الحسن ثقة ذكره الخطيب فى تاريخه (432 - 433/ 12).
(3)
الحسين: هو سنيد بنون ثم دال، مصغرا، ابن داود المصيصى، المحتسب واسمه حسين، ضعيف مع امامته ومعرفته من العاشرة/ ت انظر التقريب (335/ 1).
(4)
اما حجاج فهو حجاج بن محمد المصيصى الاعور، أبر محمد الترمذى الاصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت، لكنه اختلط فى آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206/ ع انظر التقريب (154/ 1).
ابن جريج (1)، قال: قال ابن عباس، قوله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قال: أبو لبابة وأصحابه {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: استغفر لذنونهم التى كانوا عليها (2).
قال اللَّه تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة: 104.
قال أبو جعفر:
وهذا خبر من اللَّه تعالى ذكره، أخبر المؤمنين به، أن قبول التوبة، ممن تاب من المنافقين وأخذ الصدقة من أموالهم إذا أعطوها، ليسا الى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين أبى،
(1) اما ابن جريج فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموى مولاهم، المكى، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، ويرسل من السادسة مات سنة خمسين ومائة أو بعدها، وقد جاوز السبعين، قيل جاوز المائة، ولم يثبت/ ع انظر التقريب (520/ 1).
قلت: ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى ص 13 فى الطبقة الثالثة. وقال الحافظ: قال الدارقطنى: شر التدليس، تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس الا فيما سمعه من مجروح. قلت إنه لم يسمع من ابن عباس والاسناد هذا مع ضعفه منقطع. واللَّه تعالي أعلم.
قال السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3): أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس فى قوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} قال: استغفر لهم. . انظر فتح القدير (383/ 2).
(2)
تفسير ابن جرير (19/ 11).
أن يطلق من ربط نفسه بالسوارى من المتخلفين عند الغزو معه، وحين ترك قبول صدقتهم بعد أن أطلق اللَّه عنهم، حين أذن له فى ذلك، انما فعل من أجل أن ذلك لم يكن اليه صلى الله عليه وسلم، وان ذلك الى اللَّه جل وعلا، وان محمدا انما يفعل ما يفعل من ترك، واطلاق، وأخذ صدقة وغير ذلك من أفعاله صلى الله عليه وسلم بأمر اللَّه تعالى، ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد مع المؤمنين الموثقوا أنفسهم بالسوارى القائلون ولا نطلق أنفسنا حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذى يطلقنا السائلو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ صدقة أموالهم. ان ذلك ليس الى محمد وان ذلك الى اللَّه وحده وانه جل وعلا هو الذى يقبل التوبة، ممن تاب اليه من عبادة يردها، ويأخذ صدقة من تصدق عنهم أو يردها عليه، دون محمد فيوجهوا توبتهم وصدقتهم الى اللَّه. ويقصدوا بذلك قصد وجهه دون محمد وغيره ويخلصوا التوبة له ويعلموا أن اللَّه هو التواب الرحيم (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (19/ 11).
قال ابن كثير فى تفسيره (386/ 2): تحت هذه الآية قال الثورى والاعمش: كلاهما عن عبد اللَّه بن السائب، عن عبد اللَّه بن أبى قتادة، قال: قال عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه: ان الصدقة تقع فى يد اللَّه عز وجل قبل أن تقع، فى يد السائل قرأ هذه الآية. قال القرطبى فى تفسيره (251/ 8): روى الترمذى عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ان اللَّه يقبل الصدق ويأخذها بيمينه فيربيها لاحدكم كما يربي أحدكم مهره الخ ثم قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح. انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 3). والكشاف للزمخشرى (567/ 1) والبحر المحيط =
قال أبو جعفر:
حدثنا الحسن بن يحيى (1)، قال: أخبرنا عبد الرزاق (2)، قال: أخبرنا الثورى (3)، عن عبد اللَّه بن السائب (4)، عن عبد اللَّه بن أبى قتادة
= لابى حيان (96/ 5). وروح المعانى (15 - 16/ 11) وكتاب التسهيل للكلبى (84/ 2) والتفسر الكبير للرازى (184 - 186/ 16). وفتح القدير للشوكانى (379 - 383/ 2). والدر المنثور (275/ 3). وفى ظلال القرآن للسيد قطب (16 - 17/ 11). قلت: أخرج الترمذى هذا الحديث الذى أشار إليه ابن كثير من طريق أبى هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أيضا وذلك من فضل الصدقة صفحة (86 - 87/ 2).
(1)
الحسن هو الحسن بن يحيى بن الجعد، أبو على بن الربيع، الجرجانى، نزيل بغداد، صدوق من الحادية عشر، مات سنة (263 هـ وكان مولده ثمانين ومائة أو قبلها: ق انظر التقريب (172/ 1) وتاريخ جرجان 146.
(2)
عبد الرزاق، هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميرى مولاهم، أبو بكر الصنعانى ثقة حافظ مصنف، شهير، عمى فى آخر عمره فتغير، وكان يتشيع من التاسعة، مات سنة احدى عشرة ومائتين وله خمس وثمانون/ ع انظر التقريب (505/ 1)، انظر نكت الهميان 191 - 192.
(3)
الثورى، هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى، أبو عبد اللَّه الكوفى، ثقة حافظ فقيه، عابد، امام حجة، من روؤس الطبقة السابعة، وكان يدلس مات سنة 161 هـ وله اربع وستون/ع انظر التقريب (311/ 1) قلت ذكره الحافظ ابن حجر فى الطبقة الثانية ولا يخفى عليك أن أهل هذه الطبقة لا تضر تدليسها انظر الطبقات ص 10.
(4)
أما عبد اللَّه بن السائب عبد اللَّه بن السائب الكندى، أو الشيبانى، الكوفى، ثقة من السادسة/ م - س انظر التقريب. (418/ 1).
المحاربى (1) عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: ما تصدق رجل بصدقة الا وقعت فى يد اللَّه قبل أن تقع فى يد السائل، وهو يضعها فى يد السائل، ثم قرأ {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} (2).
قال أبو جعفر:
حدثنا أبو كريب (3)، قال: ثنا عباد بن منصور (4) عن القاسم (5) أنه سمع
(1) أما عبد اللَّه بن أبى قتاده، فهو عبد اللَّه بن أبى قتاده الانصارى المدنى، ثقة، من الثانية مات سنة 95 /ع انظر التقريب (441/ 1).
(2)
انظر تفسير بن جرير الطبرى (19/ 11).
قلت: هذا الاثر موقوف على عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وهو صالح للاحتجاج به وهو أثر حسن الاسناد واللَّه أعلم. انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 4). انظر السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3) فإنه نسب اخراج هذا الاثر الى عبد الرزاق فى مصنفه والحكيم الترمذى فى نوادر الاصول، وابن أبى حاتم فى تفسيره، والطبرانى، انظر فتح القدير للشوكانى (381/ 2). وابن جرير الطبرى (19/ 11) فإنه أورد عدة آثار اخرى موقوفة بهذا المعنى، تحت هذه الآية.
(3)
أبو كريب، هو محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، أبو كريب الكوفى، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة /ع انظر التقريب (197/ 2).
(4)
أما عباد بن منصور فهو عباد بن منصور الناجى: بالنون والجيم، أبو سلمة البصرى، القاضى بها، صدوق، رمى بالقدر، وكان يدلس، وتغير آخرة، من السادسة، مات سنة 152/ خت عم انظر التقريب (393/ 1) ولم يذكره الحافظ فى الطبقات أعنى طبقات المدلسين.
(5)
أما القاسم فهو القاسم بن محمد ابن أبى بكر الصديق التيمى، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة 106 هـ على الصحيح /ع انظر التقريب (120/ 2).
أبا هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه، فيربيها لاحدكم، كما يربى أحدكم مهره، حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك فى كتاب اللَّه {أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} ويمحق الربا ويربى الصدقات (1).
قال أبو جعفر:
حدثنا محمد بن عبد الاعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب (2)، عن القاسم بن محمد، عن أبى هريرة، قال: إن اللَّه يقبل الصدقة إذا كانت من طيب، ويأخذها بيمينه، وإن الرجل يتصدق بمثل
(1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (20/ 11).
انظر الدر المنثور للسيوطى (275/ 3) فإنه نسب اخراج هذه الرواية الى ابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبى الشيخ، وابن مردويه، انظر تفسير ابن كثير من البغوى (235/ 4) فإنه ساق هذا الاثر بهذا الاسناد نقلا عن ابن جرير الطبرى. وذكره أيضا البغوى فى تفسيره فى هذه الصفحة. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (193/ 4).
انظر ابن جرير الطبرى (20/ 11) فإنه أخرج هذا المتن باسناد آخر عن أبى هريرة وفيه سليمان ابن عمر بن خالد الاقطع، القرشى العامرى الرقى: ترجمه ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل 131/ 1/ 2 وذكر ان أباه كتب عنه. ولم يذكر فيه جرحا. والحديث حسن بهذا الاسناد إن شاء اللَّه تعالى.
(2)
أيوب، هو أيوب بن أبى تميمة، كيسان السختيانى: بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الالف نون، أبو بكر البصرى ثقة، ثبت، حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة مات سنة 131 وله 65 سنة/ ع انظر التقريب (89/ 1).
اللقمة، فيربيها اللَّه له، كما يربى أحدكم فصيله أو مهره، فتربو فى كف اللَّه، أو قال فى يد اللَّه، حتى تكون مثل الجبل (1).
قال أبو جعفر:
حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، يعنى قوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أموالهم، يعنى من أموال أبى لبابة وصاحبيه، فتصدق بها عنهم، وبقى الثلاثة الذين خالفوا أبا لبابة، وهم لم يوثقوا، ولم يذكروا بشئ، ولم ينزل عذرهم، وضاقت عليهم الارض بما رحبت، وهم الذين قال اللَّه {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
(1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (20/ 11).
قلت: ان هذا الاثر صحيح الاسناد، عن أبى هريره رضي اللَّه تعالى عنه والاثر موقوف كما ترى. انظر الدر المنثور (276/ 3). والبغوى (236/ 4) مع ابن كثير والقاسمى فى تفسيره (3257/ 8) وفتح القدير للشوكانى (283/ 2) والقرطبى فى تفسيره (250 - 252/ 8). ذكر القرطبى فى فضائل الصدقة عدة روايات بعضها صحيحة، وبعضها حسنة انظر التفسير الكبير للرازى (184 - 185/ 16). والبحر المحيط لابى حيان (96/ 5).
قال الزمخشرى فى الكشاف (567/ 1): بعد ذكر رواية أبى هريره رضي اللَّه تعالى عنه: (فان قلت) فما معنى قوله: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} قلت: هو مجاز من قبوله لها ثم ذكر رواية ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه التى ذكرها الإمام أحمد فى مسنده. قلت: هو لا يقبل عن المعتزله صدقاتهم ولا العبادة مطلقا.
حَكِيمٌ} فجعل الناس يقولون: هلكوا إذ لم ينزل لهم عذر. وجعل آخرون يقولون: عسى اللَّه أن يغفر لهم، فصاروا مرجئين لامر اللَّه، حتى نزلت:{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} الذين خرجوا معه الى الشام {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ثم قال: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} يعنى المرجئين لامر اللَّه، نزلت عليهم التوبة، فعموا بها، فقال {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} . . الى قوله {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (1).
(1) تفسير ابن جرير الطبرى (21/ 11).
قلت: خرج السيوطى فى الدر المنثور (276/ 3) تحت هذه الآية أربع روايات ولم يشر الى هذه. وقال ابن كثير فى تفسيره (387/ 2) قال ابن عباس، ومجاهد وعكرمة، والضحاك، ثم أدخل بعض الروايات فى بعضها وأوردها بسياق واحد. مع حذف اسانيدها ولم يذكر الشوكانى فى فتح القدير هذه الرواية (383/ 2). وقال على الواحدى فى أسباب النزول ص 175:{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} قال: نزلت فى كعب بن مالك وصاحبيه وغيرهم.
وأورد الرواية القاسمى فى تفسيره (3260/ 8). انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 3) قلت: ان هذه الرواية التى أخرجها ابن جرير الطبرى لم تصح بهذا الاسناد لأنه اسناد ضعيف جدًا وواه وكأنه كالعدم واللَّه تعالى أعلم. انظر تفسير القرطبى (252/ 8). وحجج القرآن للرازى ص 48.
* * *